ما يخطط له ترامب ونتنياهو: وضع المقاومة الفلسطينية بين فكي كماشة الحرب أو الخطة العربية
مقالات

كما كان متوقعاً، داست المقاومة الفلسطينية عنجهية وعربدة دونالد ترامب حينما رفضت مطلبه بإطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين حتى الساعة الثانية عشرة يوم السبت السابق، لأنها كانت تدرك أن الطرف الإسرائيلي أيضاً غير معني في موقف قد يقيم الدنيا على نتنياهو ولا يقعدها.
إلا أن ترامب أصر على إعادة إسرائيل أمام نفس التحدي، معلناً دعمه لها في كل موقف تتخذه لإعادة جميع الأسرى والقضاء على حماس، بما في ذلك العودة للحرب وفتح أبواب جهنم، على حد تعبيره. جاء هذا التصريح عشية زيارة وزير خارجيته، ماركو روبيو، لكل من إسرائيل والسعودية والإمارات، ومعه منسق المفاوضات، ويتكوف.
تحرك روبيو هذا يميط اللثام عن خلفية إعلان ترامب تهجير أهل غزة قسرياً كوسيلة ضغط تضع حماس بين فكي كماشة، أحدهما عسكري إسرائيلي أمريكي والآخر دبلوماسي عربي.
انسجاماً مع هذا التوجه، صرح نتنياهو بأن لإسرائيل وأمريكا استراتيجية مشتركة تشمل الاتفاق على "متى تفتح أبواب جهنم على غزة، وهي ستفتح إذا لم يتم إطلاق سراح جميع الأسرى." وأضاف: "نعم، سنحول رؤية ترامب، بما تشمل التهجير والقضاء على حماس عسكرياً ومدنياً، إلى واقع." من جهته دعم وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو هذا الموقف بقوله: "ترامب يريد تغيير آلية الاتفاق لضمان إطلاق سراح جميع الرهائن."
يتم هذا مع تصاعد الأصوات لبلورة خطة عربية بديلة بقيادة السعودية والإمارات بالتنسيق مع وزير الخارجية الأمريكي. ولعل ما ذكره سفير الإمارات في واشنطن، يوسف العتيبة، يسلط الضوء على هذا التوجه حيث قال: "إن الولايات المتحدة تتبع نهجاً صعباً بشأن غزة"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنه "لا يوجد خطة عربية بديلة لما تم طرحه بشأن القطاع. ومع ذلك، يمكن إيجاد أرضية مشتركة مع الإدارة الأمريكية."
حسب ما تسرب، ستقترح السعودية والإمارات في الاجتماع الخماسي القادم خطة إعادة إعمار غزة مقابل إنهاء تواجد حماس عسكرياً ومدنياً . بكلمات أخرى، ما عجزت عنه إسرائيل عسكرياً ستقوم به دول عربية دبلوماسياً، وذلك بنفس الطريقة والأسلوب التي أجبرت فيه المقاومة الفلسطينية في حرب لبنان عام 1982 على الانسحاب من بيروت إلى منفى تونس، ومنه إلى كارثة توقيع اتفاق أوسلو وسلطة رام الله، وذلك بعد أن قطعت عنها تلك الدول الخليجية كل الدعم المالي.
وعليه، كما فعل المبعوث الأمريكي فيليب حبيب في حينه، سيحاول اليوم وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو وضع حماس بين فكي كماشة: إما قبول مبادرة عربية تنهي وجودها في غزة أو العودة للحرب وسيناريو الإبادة الجماعية والتهجير القسري. من هذا الباب، يجب فهم تصريح المبعوث الأمريكي ويتكوف بأن المرحلة الثانية من المفاوضات ستبدأ، ولكن يجب أن تشمل "عودة جميع الأسرى الإسرائيليين وإنهاء الحرب بعد القضاء على وجود حماس عسكرياً ومدنياً."
رداً على ذلك، أكد القيادي في حماس، أسامه حمدان، موقف المقاومة الإسلامية بقوله:
"إن حماس لن تتنازل عن غزة ولن تخرج منها تحت أي تفاهمات، ولن تقدم أي تنازلات ثمناً لإعادة الإعمار. نحن انتصرنا ولم نهزم، ولن ندفع ثمن الهزيمة التي مني بها الاحتلال تحت أي ظرف." وبموقف لا يقبل التأويل، لخص حمدان الموقف بقوله:
"من يريد أن يحل محل الاحتلال، سنعامله كالاحتلال. سلاح المقاومة وقادتها أو علاقتها بالداعمين لها غير مطروح للنقاش." وعليه، تبقى المبادرة المصرية لتكوين حكومة تكنوقراطية تدير غزة، وتشمل جميع الأطياف السياسية الفلسطينية بما فيها حماس، هي الأقرب إلى الحل.
خلاصة القول:
في كل الأحوال، ستعمل حكومة إسرائيل وأمريكا على هجرة الفلسطينيين طوعاً براً وبحراً وجواً من إسرائيل وشواطئ غزة نفسها. نقول هذا مع تأكيدنا على أن خيار العودة لحرب الإبادة الجماعية، وبأكثر وحشية بهدف الترانسفير القسري، ما زال خطراً داهماً بدعم أمريكي سافر. وقد كانت رسالته واضحة، حيث وصلت إسرائيل شحنة من القنابل الثقيلة من طراز "إم كيه 84"، تزامناً مع الزيارة الأولى لوزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إلى تل أبيب والمنطقة.
ولعل ما يعزز هذا الاحتمال أن هنالك حالة من الغموض بشأن إطلاق سراح الدفعة السابعة من الأسرى الإسرائيليين حال استمر رفض إسرائيل لإدخال المعدات الثقيلة والكرافانات ووقف استهداف المواطنين في غزة.