توتر سياسي قبيل التصويت على حل الكنيست وسط تصعيد الأحزاب الحريدية ضد قانون التجنيد

خاص- الجرمق


  • الخميس 12 يونيو ,2025
توتر سياسي قبيل التصويت على حل الكنيست وسط تصعيد الأحزاب الحريدية ضد قانون التجنيد
الكنيست

تسيطر حالة من التوتر على الحكومة الإسرائيلية خلال الساعات المقبلة، وذلك قبيل ساعات من التوقيت المتوقع لبدء عملية التصويت على حل الكنيست، حيث تستمر التهديدات من الأحزاب الدينية بحل الحكومة الإسرائيلية على خلفية قانون التجنيد.

وتسعى الأحزاب الدينية من خلال طرح مقترح حل الحكومة للتصويت في الكنيست لدفع إسرائيل نحو انتخابات عامة مبكرة، حيث أعلنت ثلاثة من أحزاب المعارضة، هي "يش عتيد"، و"الديمقراطيون"، و"معسكر الدولة"، أنها ستتقدم بالمشروع، على أن تُدرج كل أسبوع كتلة معارضة مختلفة اقتراحًا مشابهًا على جدول الأعمال.

وبحسب القانون الأساسي للكنيست، يتطلب تمرير القانون أغلبية بسيطة فقط، أي أن يفوق عدد المصوّتين المؤيدين عدد المعارضين، ثم يُحال المشروع للجنة برلمانية قبل أن يمرّ بقراءتين إضافيتين.

ما هو أصل أزمة تجنيد الحريديم؟

تُعد أزمة قانون تجنيد الحريديم إحدى أبرز التحديات التي تواجه الائتلاف الحكومي في إسرائيل، حيث ترفض الأحزاب الدينية الإسرائيلية، وخاصة "شاس" و"يهودوت هتوراه"، دعم أي تشريع يُلزم طلاب المعاهد الدينية بالخدمة العسكرية.

وتُصرّ هذه الأحزاب على الإعفاء الكامل للطلاب الحريديم من التجنيد، ما يضعها في مواجهة مباشرة مع المحكمة العليا التي ألزمت الحكومة بصياغة قانون تجنيد جديد يضمن المساواة في تحمّل العبء. هذا التوتر بات يهدد استقرار الحكومة، خصوصًا في ظل ضغوط المعارضة والشارع، ومع تصاعد الحديث عن حل الكنيست والذهاب لانتخابات مبكرة.

ويقول الخبير بالشأن السياسي فايز عباس، في حديث مع الجرمق إنه من المتوقع أن يُجرى التصويت على حل الكنيست الليلة، بعد وصول المفاوضات بين رئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو والأحزاب الدينية إلى طريق مسدود، حتى لحظة إعداد هذا التقرير.

ويضيف عباس أن التوتر داخل الائتلاف الحاكم تصاعد بشكل ملحوظ خلال الساعات الأخيرة، خصوصًا بعد أن رفض نتنياهو الكشف للأحزاب الدينية عن معلومات أمنية قد تكون حاسمة في اتخاذهم قرارًا بشأن دعم استمرار الحكومة أو الانسحاب منها.

ويردف أن رؤساء الأحزاب الدينية طالبوا بالاطلاع على تلك المعلومات الحساسة، وهو ما يشير، بحسب عباس، إلى "فقدان ثقة متبادل بين تلك الأحزاب ورئيس الحكومة نتنياهو".

ماذا يعني انسحاب الأحزاب الدينية؟

ويشدد عباس على أن "انسحاب الأحزاب الدينية من الائتلاف سيعني عمليًا سقوط الحكومة، وذلك في حال التصويت على حجب الثقة عنها"، مضيفًا أن هذه الأحزاب ما زالت ترفض بشدة دعم أي قانون يُلزم طلاب المعاهد الدينية بالخدمة العسكرية، وهو محور الخلاف الأساسي الذي فجّر الأزمة.

ويشير الخبير السياسي إلى أن نتنياهو، رغم حدة الأزمة وتزايد الانتقادات المحلية والدولية، لا يُظهر أي استعداد للتراجع أو التنازل، كما أنه لم يتأثر بالعقوبات التي فرضها المجتمع الدولي، خاصة تجاه وزرائه المتشددين، وعلى رأسهم إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.

ويتابع عباس أن الليلة قد تكون حاسمة في مصير الحكومة الإسرائيلية الحالية، إذ أن تصويت الأحزاب الدينية ضد الائتلاف سيعني بدء العد التنازلي لانتخابات جديدة، في ظل حالة من الغموض والانقسامات الداخلية التي تشهدها الساحة السياسية الإسرائيلية حاليًا.

الخبير صالح لطفي للجرمق: إسقاط الحكومة الإسرائيلية من الحريديم احتمال وارد جدًا

ويقول الباحث في الشأن السياسي صالح لطفي: "من الوارد جدًا أن تُسقط الأحزاب الحريدية الحكومة الإسرائيلية"، مشيرًا إلى أن الأزمة الحالية تتجاوز مجرد خلاف سياسي عابر، وتمسّ جوهر العلاقة التاريخية بين الطائفة الحريدية ومؤسسات الدولة.

ويُوضح لطفي أن العلاقة بين الحريديم والدولة لم تكن دائمًا طبيعية، بل قامت على "اتفاق صامت" منذ عهد دافيد بن غوريون، مؤسس الدولة، الذي سعى إلى احتواء معارضة الطائفة الحريدية للاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية.

ويتابع، "في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، كانت الفتاوى الدينية ترى في الصهيونية حركة علمانية كافرة، ما اعتبره بن غوريون تهديدًا وجوديًا لمستقبل الدولة، ودفعه للتفاوض مع قادة الطائفة".

وبحسب لطفي، تم التوصل في حينه إلى تفاهم غير معلن يقضي باعتراف الحريديم بإسرائيل، مقابل إعفائهم من الخدمة العسكرية، إذ رأوا في التجنيد أحد أشكال الاعتراف بالدولة ومؤسساتها. واليوم، ومع تصاعد النقاش حول قانون التجنيد، يرى لطفي أن هذا التفاهم التاريخي بات مهددًا، مما تسبب بوضع مستقبل الحكومة على المحك، وجعل خيار إسقاطها من داخل الائتلاف، لا من المعارضة، احتمالًا جديًا اليوم.

السيناريوهات المتوقعة..

وفي هذا السياق، يقول الباحث في الشأن السياسي إبراهيم أبو جابر في حديثٍ سابق مع الجرمق، إن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وحكومته يملكون وسائل عديدة لإقناع الأحزاب الحريدية بعدم التصويت لصالح حل الكنيست، من بينها رفع الميزانيات وقضايا التوظيف، وهو ما ألمح إليه رئيس حركة شاس، أريه درعي.

ويشير أبو جابر إلى أن أحد السيناريوهات المطروحة هو تأجيل طرح قانون إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية مقابل التزامهم بعدم التصويت على حل الكنيست. ويضيف أن هذا التصويت لا يعني بالضرورة حل الحكومة مباشرة، فهناك إجراءات متعددة ومعقدة يجب أن تمر قبل الوصول إلى ذلك.

ويشرح أبو جابر أنه في حال تم غدًا التصويت على مشروع قانون حل الكنيست ورفض، فلن تتمكن المعارضة من طرح مشروع مماثل لمدة 6 أشهر، إلا إذا نجحت في جمع 61 توقيعًا من أعضاء الكنيست لعرضه من جديد.

ويتابع أبو جابر أن القانون في حال مر بالقراءة التمهيدية، يُنقل إلى لجنة خاصة في الكنيست، حيث تمتلك الحكومة الأغلبية، ما يعني أن اللجنة قد تُسقط القانون قبل عرضه للقراءة الأولى.

ويؤكد أن السيناريو الأرجح هو أن يحاول الائتلاف منع تمرير قانون حل الكنيست عبر تقديم عدد كبير من مشاريع القوانين للتصويت عليها غدًا، ما قد يؤدي إلى إضاعة الفرصة على المعارضة لعرض قانون الحل.

ويضيف أن بعض الأحزاب الحريدية قد تنسحب من جلسة الكنيست غدًا، ما قد يتيح للمعارضة تمرير القانون إذا بقيت وحدها في القاعة العامة، كنوع من الضغط على الحكومة.

ويختتم أبو جابر بالتأكيد أن الائتلاف لا يزال يمتلك السيطرة الإجرائية والسياسية لمنع حل الكنيست، إلا أن مفاجآت اللحظة الأخيرة قد تُغيّر السيناريوهات.

. . .
رابط مختصر



اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة *

مشاركة الخبر