الطائفة الدرزية..رفض التجنيد الإجباري ومواجهة مشاريع الأسرلة

الطائفة الدرزية


  • الثلاثاء 11 أبريل ,2023
الطائفة الدرزية..رفض التجنيد الإجباري ومواجهة مشاريع الأسرلة
الطائفة الدرزية

تحدّث الناشط خالد فراج  عضو حراك "إرفض شعبك بيحميك" من قرية الرامة بالجليل الأعلى عبر بودكاست "يلا نحكي" الذي يُعرض على منصات الجرمق الإخباري عن أبرز التحديات التي تواجه الطائفة الدرزية ومن بينها التجنيد الإجباري المفروض على أبناء الطائفة، وعن المراحل التي يمرّ بها الشاب الدرزي الرافض للتجنيد الإجباري قبل الحصول على قرار "الإعفاء من الخدمة".

ويقول خالد فراج للجرمق، "التجنيد حسب القانون الإسرائيلي، مفروض على كل من يحمل الجنسية الإسرائيلية، ولكن تم استثناء الفلسطينيين في الـ48 لأسباب سياسية وهي عدم رغبة المؤسسة الإسرائيلية أن يكونوا داخل الجيش، ولكن من المفهوم ضمنًا أن الفلسطينيين أنفسهم يرفضون التجنيد".

ويتابع، "ولكن تم استثناء الدروز من الفلسطينيين في الداخل من الإعفاء من التجنيد، وبالتالي فرض على الشبان من أبناء الطائفة الدرزية في الداخل وعلى الشركس، وهذه الفئات الوحيدة التي فرض التجنيد عليها من غير اليهود، وهناك فئات في المجتمع اليهودي كالحريديم يأخذون إعفاء من الخدمة لأسباب دينية".

ويضيف، "وفي الطائفة الدرزية، فإن الشبان المتدينيين في جيل الـ18 وما قبله، يحصلون على إعفاء من الخدمة العسكرية".

تاريخ رفض التجنيد الإجباري من قبل الدروز

ويقول، "القصة بدأت منذ النكبة، عندما احتلت الميليشيات الصهيونية في عام 1948، قامت بتكوين جيش، وأنشأت كتيبة أقليات، واحتوت على متطوعين متعاونين مع المؤسسة من أبناء الشعب الفلسطيني ’للأسف’، وأغلبهم لم يكونوا من الدروز في تلك الفترة، لأن الدروز كانت أقلية قليلة جدًا ولم يكن لهم تأثير سياسي".

ويتابع، "إسرائيل كدولة احتلال، أحد أهم أدواتها لمجابهة المقاومة الفلسطينية هي سياسية فرق تسد، وتجزئة الشعب جغرافيًا، وطائفيًا، وهذه كانت الخطوة الأولى في هذه السياسية، وبالتالي في عام 1956، فرض التجنيد الإجباري على أبناء الطائفة، وفقط فُرض على الدروز والشركس، واستثنى المسلمين والمسيحين من التجنيد، وفرض على الشبان فقط، لأسباب دينية، وحينها كان من الواضح رفض التجنيد على الفتات بجميع الأحوال، وكان هناك رفض عارم من الجمهور العربي لهذه الخطوة".

ويقول للجرمق، "أحد الحراكات التي انبثقت بشكل مباشر عام 1956، مجموعة الشبان الأحرار، التي كان أحد قادتها الشاعر سميح القاسم وهو من أول الرافضين، وكانت على غرار الضباط الأحرار في مصر، وهذه أولى الحراكات الت انبثقت ضد التجنيد، وجمعت عدة عرائض رافضة للتجنيد من جمع القرى التي تضم دروز، والرفض كان أكثر من 90%، وكان هناك الكثير من الشبان الذين يتعرضون للسجن بسبب الرفض، ونحن نتحدث  عن فترة استمرت حتى عام 1966 أي فترة الحكم العسكري، وكانت التشديدات قاسية، الشبان لم يكن يستطيعون التحرك بين القرى، وكان هناك ضغط على الفلاحين بأنهم لا يستطيعون زراعة أراضيهم إن لم يُسلموا أبناءهم للخدمة العسكرية".

ويتابع، "هناك قصص لرافضين للتجنيد خلال تلك الفترة، قضوا سنوات طويلة في السجن، وعندما وجدت إسرائيل أنها لم تنجح بفرض التجنيد على الدروز، بدأت تبحث عن وسائل أخرى لفصل الدروز عن مجتمعهم العربي، وهنا اخترعوا فكرة الهوية الدرزية الإسرائيلية، بمعنى أن الدروز ليسوا عرب، وأصبحت هوية الدروز الوطنية، تسمى دروز، بينما باقي أبناء الشعب الفلسطيني يُسمون عرب".

ويقول للجرمق، "الدروز حتى اليوم بأغلبيهم الساحقة، لا يتنصلون لعروبتهم باستثناء جزء متصهين، ولكن هذه السياسات تراكمت على مدار سنين في محاولة لفصل الدروز عن محيطهم ومجتمعهم".

ويردف، "المرحلة الثانية للفصل، كانت خلال الستينيات، عندما حدث فصل بين المجالس المحلية العربية والمجالس المحلية الدرزية، كما أن المؤسسة حينها فصلت المحاكم الشرعية الدرزية عن المحاكم الشرعية الإسلامية، وكل هذه السياسات بهدف الفصل والإبعاد، ولكن السياسة الأساسية التي خرجت بها المؤسسة بنتيجة، هي فصل المناهج التعليمية في بداية السبعينيات".

ويضيف للجرمق، "خلال انتخابات الكنيست عام 1972، صوّت أغلب الدروز للحزب الشيوعي وحينها كان الحزب الفلسطيني الوحيد الذي خاض الانتخابات في تلك الفترة، وهذا كان مؤشر للمؤسسة الإسرائيلية بأنها لم تنجح في فصل الدروز عن العرب، فأقاموا لجنتين، حكومية وبرلمانية، كان هدفهما وضع توصيات لفصل الدروز عن العرب، وهنا أوصت إحدى اللجنتين بفصل المناهج التعليمية للدروز عن العرب، وبالتالي تم إنشاء المنهاج الدرزي، الذي يُعلم الدروز تاريخ مغّب، لا يبث أي معلومة عن فلسطين، ولا عن تاريخهم المقاوم للاستعمار، بينما يُعلمهم أكاذيب كقصة حلف الدم بن اليهود والدروز، وأن الدرزي دائمًا موالي للحاكم بغض النظر من هو".

ويقول، "المنهاج الذي تم فرضه حينها، موجود حتى اليوم، وتم إدخال العسكرة للمدارس، حيث يتم غسل دماغ الشاب خلال مرحلة الدراسة، حتى يصل لسن 18 وهو جاهز للتأدية الخدمة العسكرية".

ويردف فراج للجرمق، "هدف كل هذه المسيرة، أن لا يفكر بفكرة رفض التجنيد، الهدف للمؤسسة الإسرائيلية أن يراه كشيء طبيعي، وأنها هي الخطوة الطبيعية القادمة بعد انتهاء التعليم المدرسي، وهذا هو الهدف موجود لجميع المجندين، أيضًا اليهود، وكأن التجنيد هو الشهادة التي تسمح لهم بالدخول للمجتمع الإسرائيلي".

ويقول فراج، "غسل الدماغ، يتعلق بالتعليم المدرسي والمرحلة الدراسية، وتخصيص منهاج درزي للدروز، حتى المنهاج للمدارس غير الدرزي، أي العربية، هي مغيبة وعليها رقابة كبيرة والتاريخ فها مغلوط ولا يتم تعليم مواضيع عن فلسطين والقضية".

ويردف للجرمق، "المنهاج الدرزي فيه تغييب أكبر للهوية الفلسطينية والتاريخ الفلسطيني، وبالتالي عملية غسيل الدماغ في المراحل التعليمية تبدأ من الجيل الصغير، حيث يتم إدخال المضامين العسكرية فعندما يتعلم الدرزي التاريخ، يتعلمون عن الحروب الإسرائيلية، واستقلال إسرائيل، وعن المحرقة التي كانت السبب لقدوم اليهود هنا بحسب روايتهم، ولكن لا يتعلمون عن تاريخ الدروز، وعن السلطان باشا الأطرش وكيف بدأ الثورة ضد الاستعمار الفرنسي، ولا يتعلمون عن كمال جنبلاط من أبرز الشخصيات الدرزية التي ساعدت الفلسطينيين في لبنان خلال الحرب، والعسكرة أيضًا تدخل موضوع المدنيات التي تعلم عن القانون الإسرائيلي وعن المجتمع الإسرائيلي والسياسية الإسرائيلية، وأيضًا التراث الدرزي، الذي يتعلمه الطالب الدرزي الذي يروج لكذبة حلف الدم بين الدروز واليهود وغيرها".

ويقول للجرمق، "عندما يصل الشاب لمرحلة الثانوية، يسمع هذه الأكاذيب ولا يلتقي بطلبة عرب، ولا معلمين غير دروز، وتبدأ في مرحلة الثانوية الزيارات العسكرية للمدرسة، يأتي جنود لتعريف الطلبة عن الجيش، وإذا كانت مدرسة مختلطة وفيها طلبة من غير الدروز، يتم فصلهم عن باقي الطلبة، وفي آخر سنة بالتعليم تبدأ أوامر الامتثال بالوصول للطلبة الدروز، والأمر الأول هو أمر الفحوصات الطبية، حيث يتم إرسال الطالب الدرزي لوكالة تجنيد، في مدينة قريبة للشاب، وعندما ينتهي الطالب من التعليم، يصله أمر التجنيد الإجباري".

ويردف فراج، "نسب التجنيد غير واضحة، والأرقام غير واضحة وصعب الحصول عليها بسبب عدم مشاركتها من المؤسسة العسكرية، التي لا تريد فضح أرقام التجنيد، الادعاء أن نسبة التجنيد لدى الدروز فوق 80% ولكن في أبحاثنا ومن معرفتنا نعلم أن نسبة التجنيد لا تتعدى 50% ممن يؤدوا الخدمة وليس لمن يُطلب للخدمة".

ويتابع للجرمق، "دائمًا الرافض الواضح من يعيش في عائلة وبيئة رافضة للتجنيد مسبقًا، وحافظت على الرفض وهويتها العربية الفلسطينية، وهناك عيل في كل قرية هذا نهجها، وهناك بعض العائلات فيها أفراد يتجندون وآخرون لا يتجندون، ولكن إذا الشاب عاش في بيئة تعلّم فيها عن هويته الفلسطينية خارج إطار المدرسة، فالرفض خطوة طبيعية".

ويقول للجرمق، "أيضًا الأصدقاء يؤثرون، فإذا كان الأصدقاء من بيئات رافضة، فبالتالي الشاب سيرفض كأصدقائه، والمجتمع أيضًا متنوع، هناك أشخاص يتجندون، وآخرون لا يتجندون، السياسة تفرض علينا هذا الواقع، ولكن اليوم المجتمع منقسم لعدة آراء سياسية، وهناك بعض المرات، إذا قرر الشاب رفض التجنيد، وكانت البيئة غير حاضنة له، قد يواجه الكثير من المشكلات التي قد تؤثر على قراره".

الرفض..تجربة شخصية

يقول خالد فراج للجرمق، "التجربة تمثّل كثير من الشبان، أنا رفضت التجنيد عام 1999، عندما كنت عائدًا من خارج البلاد، وكان أمر التجنيد بانتظاري في المطار، وفي البداية، عندما عدت، كان لدي إمكانية تأجيل التجنيد لأغراض التعليم، وجلبت قبول من الجامعة، وتم تأجيل تجنيدي لسنة وبعد هذا العام، كان عليّ أمر للحصول على التدريب العسكري، ولكن كان واضحًا بالنسبة لي أنني لن أتجند لأني تربيت في منزل حافظ على هويته الوطنية، والشاعر سميح القاسم من أقاربي، ونحن تربينا على نهجه، وبالنسبة لي، عندما رفضت التجنيد، بعد عام تم محاكمتي لمدة شهرين بالسجن العسكري، وبعدها دخلت في لجان طبية لأنني ادعيت بأنني غير ملائم للتجنيد لأسباب نفسية، وأغلب الشبان الدروز يدعون بأن لديهم مشاكل نفسية للحصول على إعفاء من التجنيد، وهذه الطريقة الوحيدة التي يستطيع الشاب عبرها رفض التجنيد".

ويتابع للجرمق، الرفض السياسي العلني ليس سهلًا، ويحدث عادة لدى الشبان الذي ينتمون للحزب الشيوعي، وعرف تاريخيًا أن آباءهم رفضوا".

حراك ارفض شعبك بيحميك

حراك يساعد الشبان على سلك مسار رفض التجنيد، فيقول فراج، "دائمًا كنت أبحث عن شبان رافضين للتجنيد، ويحبون الاستمرار بهذا المجال، في عام 2013 كان هناك مجموعة تعمل في هذا المجال، وبذلك العام فكرنا بالحراك، بأن لا يكون حراك حزبي، وألا يرتبط فقط بالدروز، وإنما أن يكون حراك فلسطيني، وتوضيح فكرة أن هناك جزء من الشعب الفلسطيني تم الاستفراد فيه، وهذا خطأ تارخي بأن الشعب الفلسطيني لم يتصدى لهذه السياسية، ولهذا قررنا أن يكون الحراك فلسطيني يضم شبان وشابات فلسطينيين، ولا ينحصر فقط كصراع طائفي داخل الطائفة الدرزية".

ويتابع، "أطلقنا الحراك عام 2014، يعمل على هدفين أساسيات، وهما إعادة الدروز لحضن شعبهم الفلسطيني، وأن يكون الشعب الفلسطيني مستقبل ويحتوي الشاب الدرزي الرافض، ويشجعه ويكون له سندًا في مسيرة الرفض".

ويضيف، "يعمل الحراك على رفع الوعي للشبان الدروز لتاريخهم، والمؤامرة التي أدت لفرض التجنيد عليهم وإمكانية رفضهم والخيارات المطروحة للرفض، وتوضيح أن هناك خيار للرفض، والحراك يقدم مرافقة من خلال فريق الدعم، من خلال أخصائيين قانونيين ونفسيين، والشاب دائمًا يكون بحاجة لدعم وعائلته أيضًا".

ويتابع للجرمق، "نعمل أيضًا، بشكل علني، لأن هذا يؤثر على الشبان، وأيضًا نقوم بتنظيم مخيمات لجمع الدروز بشبان عرب آخرين، ونقوم بنشر فيديوهات توعوية".

ويضيف، "نعمل على كسر الصورة النمطية التي نشأت عن الدروز، وهي الصورة الطبيعية لأن أبناء الشعب الفلسطيني يواجهون الدرزي فقط عندما يكون على الحاجز أو بغرف التحقيق كسجانين وبطبيعة الحال، هذا ما هدفت له السياسية الإسرائيلية أن يكون الدرزي بموضع احتكاك مع الفلسطينيين".

ويقول، "الدرزي ضحية، تتعمد إسرائيل أن تضعه في نقاط الاحتكاك مع باقي أبناء الشعب الفلسطيني أو في غرف التحقيق، وهذا متعمد لتشجيع الصورة النمطية التي نشأت عن الدرزي أنه خائن ومرتزقة، ولكن أنا أنظر أن الشاب الدرزي ضحية مؤامرة وضحية غسيل دماغ".

ويتابع، "في بداية فرض التجنيد، كان هناك رفض عارم ولكن بعد تغيير المنهاج التعليمي ارتفعت نسب التجنيد، ولكنها لم تتعدى حسب أبحاثنا 50%، عكس ما تدعي المؤسسة الإسرائيلية، ولكن هذا النجاح مرفوض، ونحن نعمل ضده، ولكن للأسف هناك فصل بين أجزاء من المجتمع الدرزي والمجتمع الفلسطيني".

ويقول، "في السنوات الأخيرة، وبعد قيام الحراك، وفي عهد الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي، هناك نهوض ضد التجنيد، وهناك تواصل بين الدروز وبين أبناء الشعب الفلسطيني، وهناك العديد من الدروز الذين انتقلوا للدراسة إلى مدارس مختلطة وليست فقط للدروز، وهناك اجتهادات لناشطين استطاعوا أن يؤثروا على الرأي العام".


 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر