الملاحقة السّياسيّة للنائب أيمن عودة: تحليل معمّق لإشارات الفاشيّة المؤسّسيّة

إن ما يتعرّض له النائب أيمن عودة في الكنيست الإسرائيلي يتجاوز كونه خلافاً سياسيًّا عاديًّا ليصبح حالة تُسلّط الضوء على تطوّر خطير في المشهد السّياسي الإسرائيلي. هذه الملاحقة ليست مجرّد تضييق على فرد بل هي عمليّك منهجيّة تستهدف جوهر الفعل البرلماني للمعارضة وتؤسّس لمرحلة جديدة من الفاشيّة المتأصّلة في المؤسّسات.
الملاحقة كأداة لإعادة تعريف "الشرعية"
الملاحقة السّياسيّة للنائب عودة ليست مجرّد رد فعل على تصريحاته بل هي محاولة مدروسة لإعادة تعريف مفهوم "الشرعيّة" في الفضاء السّياسي الإسرائيلي. وبالتالي يتم استخدام أدوات قانونيّة وبرلمانيةّ مثل "قانون الإقصاء" أو لجان الأخلاقيات لا لتطبيق القانون بل لـتجريد النائب العربي من شرعيته السّياسيّة. تُحوّل هذه الأدوات البرلمانيّة نفسها إلى سلاح تُشهر به الأغلبية السياسية في وجه الأقلية مما يُفسد وظيفة البرلمان كمساحة للتعددية والاختلاف.
استهداف "الحيّز الرمادي" في الخطاب السياسي
يُستخدم مصطلح "التحريض" كذريعة فضفاضة لتجريم أي خطاب سياسي يتطرق إلى قضايا حساسة مثل الاحتلال أو التضامن مع الفلسطينيين أبناء شعبنا في الضفة الغربية وقطاع غزة أو حتى انتقاد ممارسات الجيش والشرطة.
هذه التأويلات المغرضة ليست مجرّد سوء فهم بل هي جزء من استراتيجيّة لتضخيم الخطاب وتجريمه بهدف إظهار النائب كخطر على "أمن الدولة" بدلاً من كونه ممثلاً سياسيًّا. هذا التلاعب بالمفاهيم اللغوية يخدم أجندة إقصائيّة ويُستخدم لتقليص "مساحة الحريّة" المتاحة للنواب العرب.
هذه الملاحقة ليست نتاج قرار عشوائي بل هي تعبير عن فاشيّة متأصّلة في المؤسسات الإسرائيلية. هذه الفاشية لا تقتصر على خطابات سياسية متطرفة بل هي موجودة في القوانين: مثل "قانون القومية" الذي يُكرّس إسرائيل كدولة اليهود والخطاب العام الذي يُقدم العربي كـ"تهديد ديموغرافي" أو "خطر أمني". عدا عن الأجهزة التنفيذية التي تُستخدم لمراقبة وتجريم النشاط السياسي .
إن الملاحقة والإقصاء للنائب أيمن عودة هي بمثابة جرس إنذار. هي ليست قضيّة شخصيّة أو حزبيّة بل هي معركة على تعريف طبيعة العمل البرلماني والسّياسي بالمجمل. القادم من الأيّام سيكون صعبًا على طبيعة النّضال في الداخل على كل الأصعدة ومن يقرأ المشهد الإسرائيلي في خضم حرب الإبادة كان ذلك تحصيل حاصل. إسرائيل هي هي في وجهها الحقيقي.