استياء في أراضي48 بعد إجراء تغيير على المناهج التعليمية كمنهاج المدنيات..وطرح طرق للمواجهة

 


  • الاثنين 12 ديسمبر ,2022
استياء في أراضي48 بعد إجراء تغيير على المناهج التعليمية كمنهاج المدنيات..وطرح طرق للمواجهة
مدارس أراضي48

 

تسيطر حالة من الاستياء على الفلسطينيين في أراضي48 بينهم مربّون ونشطاء في أعقاب مصادقة وزيرة التربية والتعليم الإسرائيلية المنتهية ولايتها يفعات شاشا بيطون قبل نحو شهر على المنهاج الجديد لمادة المدنيات للصف التاسع، مؤكدين أن هذا التغيير يولي أهمية كبيرة لتعزيز الفوقية اليهودية على حساب مواضيع كحقوق الانسان والديموقراطية.

ويرى مربّون وأعضاء في مؤسسات التعليم العربية أن المنهاج الجديد لمادة المدنيات سيؤثر سلبًا على وعي الطالب الفلسطيني وسيعمق الفجوة بينه وبين محيطه وسيزيد من حالة الاغتراب التي يعيشها الطالب الفلسطيني في أراضي48.

كي وعي الطالب وتعميق حالة الاغتراب

وتقول المربية والناشطة نيفين أبو رحمون في حديث للجرمق، "منهاج المدنيات بالأساس فيه تضييق على الطالب الفلسطيني وفيه تغييب للرواية الفلسطينية بشكل واضح جدًا وبقرار سياسي، وبالتالي مادة المدنيات عليها جدل كبير قبل التعديل، والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة كانت تصب جل اهتمامها على التعليم وتستخدمه كأداة للسيطرة على المجتمع الفلسطيني، وهذا ينعكس بشكل واضح على حصر مادة المدنيات والتعامل مع الطالب الفلسطيني".

وتتابع للجرمق، "على مدار سنوات طويلة، كان المنهاج بعيد عن هوية الطالب وتاريخه وقضيته، ومؤخرًا تم تعزيز الفوقية اليهودية ويهودية الدولة في المنهاج بشكل كبير ليس فقط في مادة الصف التاسع وإنما في جميع الصفوف، على حساب الحيز الديمقراطي الذي يتحدث عن حقوق الانسان والديموقراطية واللغات والتعددية، وهذا أيضًا انعكاس لقرارات سياسية".

وتضيف أبو رحمون للجرمق، "هذا الاستهداف للتعليم العربي يشكل أزمة ويؤثر على جودة التعليم في مدارسنا، ونحن نرى أن هذه الاستهداف هو جزء من السياسات العامة التي تستهدف الفلسطيني على كافة الأصعدة".

وتردف، "إسرائيل تتبع سياسة التجهيل والتضليل وكي وعي الطالب الفلسطيني ومحاولة عزله عن محيطه وكل ما يخص شعبه وقضاياه، وتمنع محاولة خلق بدائل له".

وتوضح أبو رحمون عبر الجرمق أن، "أحد المواضيع التي تم التركيز عليها مؤخرًا في مادة المدنيات للصف التاسع، هي قانون القومية وتبعاته وبنوده، وانعكاسه على المواطنة"، قائلة، "كأن إسرائيل من خلال هذا المنهاج تريد أن تقول لنا بأن قانون القومية يلخص النظام الإسرائيلي وتعامله مع المؤسسات والمواطن بشكل عام، حيث أن القانون بدوره يعزز الفوقية اليهودية وكأن أرض إسرائيل أرض كاملة تتجاوز حتى حدود الدولة، وهذا يعيدنا للنقطة الأولى التي نرفضها تمامًا وهي أحقية الشعب اليهودي بالأرض".

وتتابع أنه في مقابل تولية قانون القومية أهمية كبيرة في المنهاج الجديد، تم تقليص وتغييب كل المواضيع المتعلقة بحقوق الإنسان وكرامته التي كانت على مدار سنوات طويلة جزء أساسي من المدنيات".

وتقول للجرمق، "هنا نستطيع رؤية الصورة كاملة، تم تغييب حرية الإنسان وكرامته كقيمة إنسانية مهمة مقابل توسيع الحيز الذي يتحدث عن الفوقية اليهودية وتحديدًا قانون القومية الذي نقلنا من سياسة  ممنهجة عامة في إسرائيل تجاه المجتمع الفلسطيني إلى قوننة هذه السياسات ووضعها في دستور يوضح كيفية التعامل مع غير اليهودي أي الفلسطيني ومع الدولة كطبيعة".

وتؤكد على أن هذه التغييرات يرافقها مؤخرًا نقاش سياسي جدلي حول هوية الدولة ومكانتها وأي نوع من الأنظمة تريد أن تستخدم وأيّهم يمثلها.

وتتابع نيفين أبو رحمون للجرمق، "هذا النقاش والجدل ينعكس على شكل المناهج التي هي فعليًا لم تُقرّ عبثًا وإنما يتم تغييرها بقرار سياسي لتحديد ماذا يتعلم الطالب الفلسطيني وعلى أي القيم سينمو".

ومن جهته، يقول شرف حسّان رئيس "لجنة قضايا متابعة التعليم العربي" للجرمق، "التغيير في منهاج المدنيات في المدارس الإعدادية جوهري بمقارنة بالمنهاج التعليمي السابق لنفس المرحلة والذي تغيّر آخر مرة في عام 1990".

ويتابع، "كان المنهاج الذي وضع في 1990 يركز على مبادئ حقوق الإنسان وكانت هذه مادته الأساسية، ووُضع المنهاج حينها لمواجهة العنصرية في الوسط اليهودي، ولكن الآن المنهاج الذي أقر عكس ما كان في عام 1990 تمامًا، وقلص إلى حد كبير من المواد المتعلقة بحقوق الإنسان والديموقراطية، أما عن القليل المتبقي من هذه المواضيع في المنهاج فتم ربطه بمؤسسات الدولة وبنظام المواطنة في إسرائيل وركز على يهودية الدولة".

ويقول للجرمق، "هذا التغيير في مناهج الإعدادية يأتي استمرارًا لعملية تغيير مناهج المدنيات في المرحلة الثانوية والتي تمت قبل حوالي 5 سنوات، حيث تأتي هذه التغييرات لبناء منهاج تعليمي في الإعدادية يتماشى مع التوجه المهيمن في إسرائيل الذي يراد منه تعميق هيمنة اليمين وفكرة الدولة اليهودية بروح قانون القومية".

ويضيف شرف حسان للجرمق، "يؤثر هذا التغيير على المجتمع في إسرائيل على مستويين، الأول هو على المجتمع الإسرائيلي، حيث سيدّرس المنهاج في المدارس العربية واليهودية، وتقليص الديموقراطية وحقوق الإنسان يعطي مجال لنشر فكر عنصري بين الطلبة اليهود وبطبيعة الحال هذا يؤثر على العرب لأنهم أول المتضررين منه".

ويتابع، "عدا عن ذلك العرب ليسوا موجودين بالمنهاج بتاتًا، وبذلك هم لا يتعلمون عن المجتمع في إسرائيل بكافة تنوعاته، ولا يتعلمون عن الاحتلال والقدس وغزة، وبالتالي المنهاج يمهد لوضع سياسي جديد تسعى فيه إسرائيل إلى ضم الأرض التي احتلتها عام 1967".

أثر تغيير المنهاج على الطلبة

وتقول المربية والناشطة نيفين أبو رحمون، "المدرسة صرح تعليمي ثقافي، تُمرر فيه قيم إنسانية ووطنية للطالب الفلسطينية وفي نهاية المطاف تُصقل شخصيته عليها، وبذلك المنهاج يعزل الطالب الفلسطيني، ويحسسه بغربة عندما يرى الاختلاف فيما يتعلمه داخل المدرسة عن الواقع الذي يعيشه خاصة بوجود وسائل التواصل الاجتماعي التي ينكشف الطالب من خلالها على السياسات الفعلية والحقيقة لإسرائيل من ملاحقة واعتقال ومصادرة..".

وتتابع، "المنهاج الجديد للمدنيات أخرج الطالب أيضًا من دائرة المقاربات النقدية التي تجعله يرى الصورة بشكل صحيح، ولذلك ينتج عن هذا التغيير تحصيل علمي متدني للطالب في هذه المادة، التي من المفترض أن يتلقى فيها الطالب قيم تربوية وثقافية".

وتقول للجرمق، "إسرائيل تطلب من الطالب الفلسطيني الولاء في المقابل تقوم بتغييب روايته، وتعمق الفجوة بينه وبين محيطه، وأيضًا بين المنهاج والقيم التي يدرّسها".

وبدوره، يقول شرف حسّان للجرمق، "تغيير المنهاج يؤثر على طلابنا، فهم لا يتعلمون القيم الانسانية والديموقراطية، وهذا ينعكس على المجتمع الذي يعيشون فيه، الذي يواجه العنف وفيه مشاكل اجتماعية جمة وعدم تعرّض الطلبة لجسم معرفي متطور في مجال حقوق الإنسان فيه آثار سلبية على وعيهم ومدى معرفتهم بحقوقهم".

ويتابع، "للمنهاج الجديد أثر سلبي حيث أنه لا يعطي مساحة كافية للنقد أو للتفكير في نماذج أو بدائل للوضع القائم، ويعمق حالة الاغتراب بالمدارس لدى المعلمين والطلبة" .

كيف يواجه فلسطينيو48 هذا المنهاج؟

ويقول رئيس "لجنة متابعة قضايا التعليم العربي" شرف حسّان إن اللجنة بدأت بالتصدي للمضامين التي يقدمها هذا المنهاج وللتراجع الحاصل فيه، حيث بدأت بتنظيم المعلمين ورفع الوعي لديهم حول المشاكل الموجودة بالمنهاج، مضيفًا، "إذا كان المعلم واعي ومهني وملتزم يستطيع التعامل حتى مع نصوص سيئة وبإمكانه تحويلها لفرصة تربوية جيدة لطرح قضايانا ولنقد النصوص الموجودة بين يديه".

ويقول، "سعينا إلى تنظيم رفع الوعي وأقمنا منتديات للمعلمين في مواضيع المدنيات والتاريخ لأن علينا مواجهة المضامين الموجودة في المناهج بشكل جماعي، فهذه المشاكل ليست فردية، وتأطير المعلمين يساعدهم على الشعور بالقوة ويخلق أرضية لهم لتطوير أدوات متطورة للمواجهة التربوية وللنضال التربوي".

ويردف للجرمق، "من خلال تجربتنا في المنتديات، لاحظنا انتقال المعلمين من ردة الفعل إلى حالة الإنتاج المعرفي وإنتاج الموارد التربوية البديلة، فالمعلمون أساسًا لا يستعملون كتب التدريس المعتمدة ويطورون مواد تربوية تجهز الطلبة للامتحانات وتعطيهم النظرة النقدية التي نريدها كمجتمع عربي فلسطيني".

ودعا حسّان إلى ضرورة تعميق دور السلطات المحلية في البلدات الفلسطينية في الـ48 للتعامل مع قضايا مناهج التعليم، وتعزيز دور لجان الأهالي والعائلة في تربية الأطفال في البيت حيث لها الدور الأساسي في توعيتهم لما هو موجود في مناهج التعليم.

وفي ذات السياق، تؤكد المربية نيفين أبو رحمون أن للمعلم دور كبير وعليه مسؤولية في هذا المجال، إذ عليه خلق بدائل تربوية يمرر من خلالها قيم لتعزيز دور الطالب النقدي.

وتضيف للجرمق، "هناك دور واضح للأهل وللجان أولياء الأمور، حيث بإمكانها تعزيز وتقوية المناخ التربوي الداعم للقيم الوطنية ومواجهة تغييب هذه القيم"، مضيفة، "يجب تحويل قضية التعليم إلى قضية وطنية وجعلها جزء من النضال الفلسطيني العام، لأن المعلم يحتاج للسند أولًا، وثانيًا لأن النضال معركة يومية أمام إسرائيل في المدارس، فمواجهة استهداف المدارس ليس بالأمر السهل، لأن إسرائيل تحاول عزل المدارس عن محيطها وواقعها".

وتقول للجرمق، "هذا الجيل مرتبط بشعبه وقضاياه، ولكننا نريد أن يكون هذا الارتباط نابع من المنهاج وجزء منه"، مضيفة، "هناك دور مهم للتنظيمات السياسية، التي عليها تحويل قضية التعليم إلى أجندتها اليومية، حيث لا يقتصر الأمر في المواجهة على المعلمين فقط".

وتختم، "المعلم أيضًا يواجه صعوبة في تمرير القيم التي تتناقض مع هويته وانتمائه، ولذلك يجب أن تتوزع المسؤوليات، ويجب أن يتم تنظيمنا كمعليمن ومعلمات ويجب أن تحظى القضية بدعم مؤسسات المجتمع المدني والتنظيمات السياسية ويجب تحويلها أيضًا لقضية رأي عام وقضية وطنية، وفي هذه الحالة بإمكاننا إحداث تغيير".

 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر