كيف تُقرأ تصريحات غولان وأولمرت بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة وما وزنها إسرائيليا؟

أدلى زعيم حزب "الديموقراطيين" يائير غولان ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ايهود أولمرت تصريحات أثارت جدلا واسعا في "إسرائيل" بعدما قال غولان إن، "إسرائيل تقتل الأطفال في غزة كهواية"، وبعدما قال أولمرت إن، "إسرائيل تقترب من ارتكاب جرائم حرب في غزة".
وهذه التصريحات ليست الأولى من نوعها في "إسرائيل" فقد كان وزير الجيش الإسرائيلي الأسبق موشيه يعلون قد أدلى بتصريحات مشابهة قبل أشهر تحدث فيها عن ارتكاب "إسرائيل" أعمال إبادة في غزة وحذر من تشكيل هذه الأعمال خطرا على الجنود الإسرائيليين.
ويشير محللون سياسيون إلى أن هذه التصريحات (تصريحات غولان وأولمرت) تختلف عن بعضها من حيث الوزن السياسي، إلا أن لها تأثيرا على الداخل الإسرائيلي وأيضا تدعم موجة الضغط الدولية على "إسرائيل".
ويقول المحلل السياسي والكاتب أمير مخول للجرمق إن، "هناك فرق بين تصريحات غولان وأولمرت من حيث الوزن، غولان اليوم حزب معارضة يحاول أن يقود المعارضة ويسعى لرئاسة الحكومة، أما أولمرت فهو رئيس حكومة سابق فتصريحاته أقل وزنا، وقبل مدة كان هناك تصريحات لموشيه يعلون أن إسرائيل ترتكب إبادة في غزة وحذر من ذلك".
ويتابع، "هناك أصوات جريئة في إسرائيل الآن ضد الحرب، وخاصة تصريح يائير غولان الذي أثار ليس فقط الحكومة، الحكومة لم تثر على الأقل بحدة كما ثارت المعارضة الإسرائيلية بحدة على أقوال غولان، وخُلق نوع من الإجماع القومي الصهيوني من أسباب سياسية وحزبية ودوافع بمفهوم العقيدة الصهيونية أن غولان كما لو أنه خائن لإسرائيل بسبب أقواله في حين كان سابقا نائب قائد الأركان العامة".
ويردف، "الهجمة على غولان في إسرائيل جاءت لأنه هو القائد الوحيد في المعارضة الصهيونية الذي حاول طرح بديلا سياسيا لنتنياهو في قضية فلسطين ومخرج سياسي وحل سياسي مع الفلسطينيين، كل الأخرين بما فيهم غانتس ولابيد وبينيت ولو عاد ليبرمان، كلهم باتجاه مختلف تماما، غانتس ولابيد لا يتحدثان عن مخرج سياسي ولا عن دولة ولا عن حل دولتين ولا عن أي شيء، وإنما لديهم مشروع أسياسي اسمه ’بدون بيبي نتنياهو’".
ويقول، "غولان وضع المرآة للمجتمع الإسرائيلي بشكل مباشر، ومن هنا قوة التحدي التي كانت والهجمة عليه باتهامه بدعم الدول التي تدين إسرائيل الآن أو الدول التي تريد أن تفرض عقوبات أو دعم رواية الإرهاب".
ويضيف، "الهجمة على غولان وتصريحاته تعكس أن إسرائيل تخسر رواية كبيرة جدا ومؤثرة استخدمتها على مدار سنين طويلة في الأخلاقيات والآن يكشفها غولان وكشفها حين كان قائد عسكريا، حيث تحدث أن ما حدث في أوروبا في الثلاثينيات يمكن أن يحدث في إسرائيل أو شبهه بذلك، فكرة صعود النازية".
ويتابع، "هناك الآن هجوم على يائير غولان لأنه أحرج العقيدة الصهيونية والإجماع القومي الصهيوني بشكل كبير جدا وفي رواية اليمين والإجماع القومي بما يخص قضية فلسطين ومحاولة إضفاء الرواية الأخلاقية على سلوك إسرائيل بما فيه الاحتلال".
ويقول، "هناك تأثير لتصريحات غولان تحديدا لأن هناك أثر متداخل من عدة جبهات، هناك العلاقة المتوترة بين حكومة نتنياهو وإدارة بايدن، وهناك موقف الدول الأوروبية والحديث عن بداية اتخاذ إجراءات تجاه إسرائيل وتغيير في اتفاقيات الشراكة، كل ذلك تحولات كبرى وإضافة للجانب الداخلي".
ويوضح أنه، "كان ممكن لهذه المقولة التي أتى بها غولان أن تشكل نوع من حدث مفصلي في الحياة السياسية الإسرائيلية لو كانت هناك معارضة حقيقية يترأسها لابيد وغانتس تناصر غولان وتدعم موقفه وليس أن تقف في وجهه، لأنها قوضت إمكانية تحويل أقوال غولان لرافعة لحراك شعبي وخطاب بديل سياسيا، عمليا فضل كل منهما أن يصب لصالح نتنياهو بدلا من أن يقف بجانب غولان وأيضا هناك نوع من الصراع رئاسة المعارضة ويأخذ كل منهما ذلك بالحسبان".
ويقول مخول للجرمق، "اليوم في استطلاعات الرأي، خسر غولان مقعدا واحدا، وكانت مفاجأة لأن الاعتقاد كان أنه سيخسر الكثير، ولكنه لم يخسر لأنه يطرح عمليا بديلا سياسيا وله مصداقية أكثر في المجتمع الإسرائيلي، بينما حزبي لابيد وغانتس في الحضيض، وكل منهما لديه فقط 6 و7 مقاعد بعدما كان كل منهما يفكر بتشكيل حكومة".
استغلال التصريحات دوليا
ويؤكد مخول على أنه يمكن أن تكون هذه، "التصريحات مفيدة ولكن ليست حاسمة معنويا، ولكنها مهمة لأن الرواية الفلسطينية هنا تأخذ زخما كبيرا والرواية الإسرائيلية تتراجع وتنكفئ بشكل كما لم تكن يوما داخليا وخارجيا، وداخليا يبقى هناك نوع من القبول والإجماع القومي إلى حد معين ولكن على المستوى الخارجي هي تفيد جدا وتفيد الأصوات الدولية التي تدعو لمعاقبة إسرائيل ويمكن استغلال تصريحات غولان، أما داخليا لا يبدو أن التصريحات ستخرج عن طور الحزب الذي يقوده غولان لأن المعارضة كان ممكن أن تحولها لحراك شعبي كبير جدا ولكنها قررت أن تؤدها وهي في مهدها".
وبدوره، يقول الكاتب والباحث أنطوان شلحت للجرمق، "تصريحات غولان وأولمرت مهمة وغير مسبوقة لأنها تأتي من الداخل الإسرائيلي، وتشير ربما إلى احتمال تصعيد الضغط الإسرائيلي من أجل وقف الحرب والجديد في هذه التصريحات أنه حتى الآن معارضة الحرب في الرأي العام الإسرائيلي أن الحرب تهدد حياة المحتجزين في غزة ولكن لم يكن التفات للأضرار الكارثية التي تلحقها الحرب بغزة سواء للأطفال والنساء والسكان".
ويتابع، "هذه التصريحات تركز على ما تتسبب به الحرب من إبادة بحسب من قال هذه التصريحات وتركز على معارضة الحرب من زاوية أخلاقية وليس ارتباطا المصلحة الإسرائيلية والسردية الأمنية الإسرائيلية، هذه نقطة أهميتها".
ويقول، "ممكن أن تشكل التصريحات معينا لكل حملة الضغط التي بدأت الأسرة الدولية خاصة في أوروبا، لأنه لا يممن وقف الحرب إلا إذا مورس على إسرائيل ضغط صارم من قبل دول مؤثرة في طليعتها الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك دول أوروبا، وفي حال اتخاذ العرب موقفا صارما، ويبدو أن هناك إشارات الآن أن مثل هذا الموقف يُمكن أن يُتخذ من جانب دول أوروبية مؤثرة مثل ما حدث قبل أيام في البيان المشترك الذي صدر عن بريطانيا وفرنسا وكندا، وقيام بريطانيا وإلى حد ما فرنسا باتخاذ قدر من العقوبات يمكن أن تؤثر على إسرائيل".
ويردف، "هذا الانسجام بين الضغط الخارجي والضغط الداخلي الذي يستند لدوافع سياسية وأخلاقية وإنسانية يمكن أن يؤثر باتجاه وقف حرب الإبادة في غزة".
ويضيف، "التصريحات تخدم السردية الفلسطينية والاستفادة منها يمكن أن تكون فلسطينية وعربية واستفادة دولية من أجل المزيد من الضغط على إسرائيل، ولكن هل ستؤدي لأن تكف الحكومة عن هذه الحرب، أشك في ذلك".
ويتابع، "يمكن للتصريحات أن تؤثر في الرأي العام الإسرائيلي، الذي كان يعارض الحرب من منطلق الخوف على الأسرى الإسرائيليين ولم يكن يرى الأخطار التي تلحق بالمدنيين الفلسطينيين على مستوى كلي وشمولي".
ويختم، "الآن هذه التصريحات تركز على الأضرار اللاحقة على الفلسطينيين، وتشير لتحول جنيني وقد يكون طفيف ولكن يمكن أن يُعول عليه".