هل يدق قانون "المواطنة" المسمار الأول في نعش حكومة "إسرائيل"؟


  • الثلاثاء 22 يونيو ,2021
هل يدق قانون "المواطنة" المسمار الأول في نعش حكومة "إسرائيل"؟

قررت الحكومة "الإسرائيلية" تأجيل التصويت على قانون المواطنة حتى الأسبوع المقبل، في ظل الخشية من عدم تمرير القانون ورفض التوجه لتمديد سريان العمل بمنع لم شمل العائلات الفلسطينية والتي تعاني من تبعات القانون منذ العام 2003.

وبسبب بند في قانون المواطنة "الإسرائيلي" يُمنع لم شمل العائلات التي أحد الزوجين فيها فلسطيني يسكن في أراضي 48 والآخر فلسطيني يسكن في الضفة الغربية أو قطاع غزة، وذلك بمزاعم أمنية، فيما يجري تمديد البند سنويًا منذ العام 2003، على أن ينتهي سريان التمديد الأخير الأسبوع الحالي.

وكانت رئيسة الائتلاف الحكومي عيدن سلمان، عضو الكنيست عن حزب "يمينا"، أعلنت إرجاء التصويت على قانون المواطنة وتمديد سريان منع لم شمل العائلات الفلسطينية، وذلك بعد جلسة لرؤساء أحزاب الائتلاف الحكومي ومساعي لإيجاد توافق بين أحزاب الائتلاف تضمن المصادقة على القانون.

وجاء قرار تأجيل التصويت عقب تخوفات من معارضة نواب عن القائمة العربية الموحدة وأعضاء من حزب "ميرتس" لتمديد سريان منع لم شمل العائلات الفلسطينية بالإضافة لتوجه أحزاب بكتلة المعارضة برئاسة بنيامين نتنياهو للتصويت بالرفض، على الرغم من تصويتها مرارًا لصالح التمديد، في خطوةٍ تعكس تعقيدات المشهد "الإسرائيلي" واحتكام الأحزاب لمصالحها.

وبحسب حديث مركز مساواة للجرمق فإن قانون "منع لم الشمل" يمس بأكثر من 45 ألف عائلة فلسطينية، تتكبد في كل عام خسائر اقتصادية واجتماعية فادحة بسبب تمديد العمل به.

إصرار على القانون 

وسعيًا لمنع الفشل، تطرح أحزاب بالائتلاف الحكومي فكرة تأجيل التصويت على القانون إلى نهاية الأسبوع الأول من تموز/يوليو المقبل، من أجل مواصلة المفاوضات مع القائمة الموحدة وميرتس ما يمكن أن يُسفر عن تعديلات بالقانون، لكن أعضاء الكنيست من أحزاب اليمين في الائتلاف الحكومي يعارضون ذلك، لأنهم يرفضون إجراء تغييرات في القانون.

ويقول الإعلامي توفيق محمد في حديثٍ مع الجرمق، "من الواضح أن هناك إصرار من الائتلاف الحكومي تحديدًا من الأحزاب اليمينية كـ يمينا وتكفاحدشا ويش عتيد وغانتس وليبرمان للإبقاء على القانون بتوليفته الحالية دون الدخول في تعديلات للقانون".

ويتابع، "هناك بعض الأصوات كالقائمة العربية الموحدة وحزب ميرتس وأصوات من حزب العمل تطالب بإدخال تعديلات على القانون كالسماح للفلسطيني الذي يشمله القانون أن يحصل على رخصة سياقة أو التعامل مع العائلات التي تسكن البلاد منذ عقود بشكل مختلف".

وعلى الرغم من أن حزب الليكود مَن سن القانون عام 2003 إلّا أن موقفه اليوم قد يتغير نكايةً بحكومة التغيير، فيقول توفيق محمد للجرمق، "حزب الليكود الذي جاء بالقانون وسنّه يحاول استثمار عدم وجود إجماع على القانون لدى الائتلاف الحكومي ويسعى للتصويت ضده لإحراج الحكومة الحالية".

الموحدة اللاعب الأبرز 

ومجددًا تتجه الأنظار نحو نواب القائمة العربية الموحدة التي تشكل جزءًا من الحكومة "الإسرائيلية" ولولاها ما تشكلت حكومة التغيير، وتزداد أهمية أصوات الموحدة في ظل توقعات بتوجه كتلة المعارضة بقيادة نتنياهو لعدم التصويت لصالح القانون بسبب الخلاف مع حكومة التغيير ومحاولة إحراجها، وبالتالي تكون أصوات الموحدة حاسمة إذا ما حصل هذا السيناريو.

وقال النائب عن الموحدة وليد طه اليوم، الثلاثاء، إن "قانون المواطنة هو قانون عنصري وغير ديمقراطي وهو يتنافى مع أبسط أبجديات حقوق الإنسان"، مؤكدًا أن نواب الموحدة سيصوتون ضده.

ولكن وضوح موقف نواب الموحدة قبيل التصويت يُقابل بتخوفات فلسطينية من قرارهم في الكنيست بسبب ما يُثار إعلاميًا عن تسوية بين رئيس القائمة العربية الموحدة منصور عباس، ووزيرة الداخلية عن حزب "يمينا"، أيليت شاكيد، والتي تفضي لامتناع "الموحدة" عن التصويت على القانون مقابل الإعلان عن النظر في الحالات الإنسانية.

وفي السياق يقول توفيق محمد للجرمق "الموحدة اتفقت اتفاقًا أدبيًا غير معلن مع وزيرة الداخلية اييليت شاكيد يتحدث عن استعدادها للتعامل مع الحالات الإنسانية للعائلات التي تعاني من القانون".

ويضيف، "هذا الاتفاق الأدبي رأيناه مع القائمة العربية الموحدة عندما تم الاتفاق على قانون كامينتس ولكن في أول أيام الحكومة الجديدة ظهرت نتائجه في هدم بيوت فلسطينية في مناطق الـ48".

ويردف، "إسرائيل لا تلتزم بالاتفاقات المكتوبة فكيف باتفاق أدبي غير مكتوب" متابعًا أن الحكومات "الإسرائيلية" المتعاقبة لم تلتزم على مدار سنوات بالاتفاقات.

ويقول محمد إنه في حال اختلاف تصويت نواب الموحدة حول القانون فلا يتوقع أن يؤدي ذلك لتفككها، ويتابع، "عند التصويت على تشكيل الحكومة امتنع النائب سعيد الخرومي عن التصويت، على الرغم من تصويت بعض النوّاب مع الحكومة إلا أنه بقي ضمن صفوف الموحدة".

قانونٌ جدّلي منذ البداية

ويقول المحامي عُمر خمايسي للجرمق إن انقسامًا في المحكمة العليا ظهر حول دستورية قانون منع لم الشمل، ويتابع، "القانون أخذ شرعيته على تصويت قاضي واحد بعد تصويت 5 قضاة ضد دستورية القانون مقابل 6 قضاة رأوا فيه قانونًا شرعيًا دستوريًا".

ويؤكد خمايسي على أن القانون قائم على أساس تفرقة عنصرية إثنية وقومية وبالتالي يصب في صلب التمييز العنصري.

ويتابع، "كان هناك قوانين في أنظمة الأبارتهايد تشرعن التمييز العنصري ولكن رفضها العالم كلّه، إلا أن إسرائيل لا تزال تُمدد هذا القانون القائم على التفرقة".

ويؤكد خمايسي أن هذا القانون يُشتت العائلات الفلسطينية الواحدة ويضعها في سياق غير مقبول، ويسمح بلم شمل المستوطنين فقط.

ويتابع، "يجب أن يتم إعطاء حلول جذرية للعائلات الفلسطينية التي تعاني من القانون وليس فقط تعديلات على أساس الحالات الإنسانية، لان مثل هذه الحالات ضئيلة وغير معروفة، ولا يمكن الاستناد فقط على تعديل يخص فقط 5 أو 10 عائلات فقط".

وحول التصويت على تمديد القانون يقول خمايسي للجرمق، "الخطوات الأخيرة التي رأيناها في التصويت على الحكومة يمكن أن نراها هنا، فيغيب البعض أو يمتنع وهذا يضعنا أمام سيناريوهات تُدار في اللحظة الأخيرة".

مطالبات بإلغاء القانون

ويؤكد مركز مساواة أن مطالبته الأساسية تتمحور حول إلغاء القانون من جذوره، وتقول المديرة التنفيذية لمركز مساواة سهى موسى للجرمق إن سيناريوهات كثيرة تدور حول مستقبل القانون وهذا يتعلق بالتواصل والتعامل بين كل التكتلات المتواجدة داخل الائتلاف الحكومي وعلى رأسهم حزب الليكود وتوجهاته الجديدة.

وتردف، "نحن كأي فلسطيني ضد القانون ونعمل على أن يتم إلغاؤه ولكننا في ظل دولة حتى لو تغيرت حكوماتها فلا تتغير السياسات، فحكومة التغيير الآن ربما تتخذ قرارات أصعب من سابقاتها".

وتتابع موسى أن مستقبل القانون حسب المعطيات باقٍ مع إدخال بعض التعديلات الجديدة والتي وصفتها موسى بأنها غير مفهومة ضمنًا ويجب أن تكون تعديلات جذرية إن تمت.

حكومة هشة

وأعادت المباحثات الحالية بين أحزاء الائتلاف الحكومي حول القانون، إلى الواجهة، السؤال المتكرر حول مدى تماسك هذه الحكومة، حيث قال المحامي يامن زيدان في حوار سابق مع الجرمق قبيل التصويت على حكومة التغيير "إن الغالبية العظمى من الآراء السياسية ترجح أن الحكومة ستتشكل وسيتم التصويت عليها لأنه مُجمعة على قرار إسقاط حكومة نتيناهو ولكن السؤال هو هل ستستمر هذه الحكومة القائمة على مركبات متناقضة من أحزاب اليسار والوسط واليمين؟"

فيما قال الكاتب الصحفي عوض عبدالفتاح في حوار سابق مع الجرمق قبيل التصويت على حكومة التغيير، إن "ما يُجمع عليه المحللون أن الحكومة حتى لو تجاوزت موضوع التصويت في الكنيست فإنها أمام معضلة حقيقة فهي قائمة على التناقضات وتواجه جبهة مفتوحة من الحكومة الحالية برئاسة نتنياهو الذي قد يسارع في انهياراها والذهاب لانتخابات مبكرة".

واتفق الاستاذ الجامعي والباحث الأكاديمي إبراهيم الخطيب، آنذالك، مع زيدان وعبد الفتاح، حيث قال للجرمق إن “هذه الحكومة غير متجانسة ومكونة من أقطاب من اليمين واليسار وحتى إن قالت أنها ستركز على القضايا المدنية والاقتصادية..لكن لا يمكن أن يقصر عملها على ذلك”.

وتابع، “لا يمكن تجاهل القضايا السياسية التي تحيط بالمنطقة والتي تحتاج أن يكون فيها قرار سياسي بالتالي التجانس في الحكومة أمر مهم في هذا السياق”، وأضاف، "ستمر الحكومة الإسرائيلية بعقبات كبيرة يمكن أن تؤدي إلى إسقاطها في القريب العاجل وهو بالإضافة إلى عدم التجانس، هناك معارضة شرسة متمثلة بالليكود ونتنياهو الذي يبدو أنه لن يستسلم بسهولة وهذا ما يضع تحديات أمام الحكومة ويمكن أن تسقط قريبًا".

والآن بعد تمكن أحزاب الائتلاف من الوصول إلى الحكم، يرى متابعون أن الخلافات بينهم بدأت وقانون المواطنة سيكون تحديًا للائتلاف، فهو من جهة بحاجة لأصوات حزب من الوسط الفلسطيني في حال مقاطعة كتلة المعارضة أو تصويتها ضد القانون، ومن ناحية أخرى يعكس الخلافات بين الأحزاب "الإسرائيلية" وتغليبها لمصلحتها الحزبية وهو ما يتضح جليًا بموقف أحزاب بالمعارضة الرافض للتصويت مع القانون رغم تصويتها لـ 18 مرة في السابق لصالح تمديد سريان منع لم شمل العائلات الفلسطينية.

. . .
رابط مختصر



اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة *

مشاركة الخبر