حرب إسرائيل على إيران ليست فقط بسبب السلاح النووي

مقالات


  • السبت 28 يونيو ,2025
حرب إسرائيل على إيران ليست فقط بسبب السلاح النووي
الحرب الإيرانية الإسرائيلية

يخطئ من يظن أن حرب إسرائيل على إيران تعود فقط لرغبتها أو سعيها لامتلاك سلاح نووي، من خلال بنائها محطات عديدة في أماكن متفرقة تصب في هذا الاتجاه. هناك سبب آخر أيضًا، وهو الدعم اللامحدود الذي تقدمه إيران لتنظيمات فلسطينية مثل الجهاد وحماس، ولأحزاب عربية أخرى مثل حزب الله في لبنان وأنصار الله (الحوثيين) في اليمن.

في البداية، كانت إيران تعتمد على وكلائها في المنطقة لخوض حروب بالوكالة، ولا سيما حزب الله اللبناني، الذي كان يتلقى الدعم المادي واللوجستي عبر نظام الأسد في سوريا.

الآن، تغيرت قواعد اللعبة بعد الضربة شبه القاضية التي تلقاها حزب الله، جراء الضربات المؤلمة واغتيال قادة سياسيين وعسكريين كبار مثل زعيم الحزب حسن نصر الله وأهم القادة العسكريين والأمنيين فيه، وبعد سقوط النظام السوري. ولم يبق لإيران سوى (الحوثي) تعتمد عليه. لكن هذا الحوثي يدفع هو الآخر ثمنًا باهظًا لإطلاقه صواريخ باتجاه إسرائيل، من خلال القصف الإسرائيلي المستمر لموانئ يمنية ومطار العاصمة صنعاء ومدن أخرى.

العراق تم تدميره، ليس بسبب احتلاله (كم يوم) للكويت، بل بسبب تقدمه في العلم النووي ودعمه العلني، قولًا وفعلًا، للقضية الفلسطينية. وكانت البداية تدمير مفاعله النووي عام 1980، ثم احتلاله أمريكيًا، ليصل إلى الوضع الذي هو عليه في الوقت الحالي.

يخطئ من يظن أن انتهاء الحرب بين إسرائيل وإيران يعني عودة الاستقرار والهدوء إلى المنطقة، وتصريحات مسؤولين في إسرائيل تصب في هذا الاتجاه. إسرائيل، وكما عرفناها منذ زرعها في المنطقة، لا يمكن أن تعيش بدون حروب. فمنذ تأسيسها عام 1948، خاضت 7 حروب ضد العرب، والآن تخوض الحرب ضد إيران.

في السادس والعشرين من أكتوبر عام 2023، صرّح الوزير الإسرائيلي السابق في المجلس الوزاري المصغر للحرب (كابنيت الحرب)، بني غانتس، رئيس حزب “هماحانيه همملختي” (المعسكر الرسمي)، بأن “دولة إسرائيل تتعامل مع تحديات لم تشهد مثلها منذ إقامتها”، وأن الحرب في غزة ستمر بمراحل قد تمتد لسنوات. وبالفعل، لا تزال الحرب على غزة مستمرة منذ أكثر من عشرين شهرًا. فإذا كانت إسرائيل، بجيشها القوي، لم تتمكن من تحقيق أهدافها في حرب مع تنظيم فلسطيني، رغم قول قادتها إن الحرب قد تستمر أيامًا أو أسابيع.

دانيال بي. شابيرو، الذي أشرف على شؤون الشرق الأوسط في البنتاغون حتى كانون الثاني، وبات باحثًا في المجلس الأطلسي- المجموعة البحثية في واشنطن، يقول عن حرب إسرائيل مع إيران: “ستواصل إسرائيل القتال حتى تتأكد، بطريقة أو بأخرى، من أن إيران لم تعد تمتلك قدرة على التخصيب. من الواضح الآن أنه إذا تركت إسرائيل هذا الأمر دون معالجة، فستكون حملتها قد فشلت”.

يقول مثل عربي شعبي: “دخول الحمّام مش مثل الخروج منه”، والذهاب لمسافة أكثر من ألفي كيلومتر لضرب أهداف في إيران ليست نزهة عسكرية، إذ تترتب عليه أمور عديدة، خصوصًا أن إيران ليست دولة حدودية جغرافيًا، وإن كانت من الناحية العملية “حدودية سياسيًا”.

كما يظهر الآن بعد العمليات العسكرية الإسرائيلية، فإنه وبالأدوات المستخدمة، لا يكفي للتدمير الشامل، لأن موقع التخصيب المحوري موجود تحت الأرض على عمق بين ثمانين إلى مئة متر، وإيران ترفض (حتى الآن) إنهاء التخصيب طوعًا، وهي عملية أساسية لبناء القنبلة النووية.

في هذه الحالة، فإن إسرائيل بحاجة إلى دعم أمريكي، أي إلى قنابل خارقة للتحصينات في مواقع جبلية عميقة، مثل موقع فوردو شمالي إيران، وهذا ما حصل بالفعل. لكن إسرائيل، وحسب المعطيات المتوفرة، نجحت في تحقيق أهداف أخرى، مثل اغتيال الصف الأول من قيادات الحرس الثوري والأجهزة الأمنية وعدد كبير من علماء الذرة، وضرب قطاع الطاقة الإيراني.

إيران لم تقف مكتوفة الأيدي رغم الخسارة. فقد وصلت صواريخها الباليستية والفرط صوتية والطائرات المسيّرة إلى معظم أنحاء إسرائيل، وحققت دمارًا واسعًا، حيث اختبأ الملايين في الملاجئ، وسقطت بنايات على ساكنيها، حتى أن الصواريخ وصلت إلى بيت نتنياهو وقواعد عسكرية ومراكز بحثية مثل معهد وايزمان للأبحاث.

بعد سقوط الشيوعية في أوروبا وانتهاء الحرب الباردة، أصبح الإسلام (أينما وجد) العدو التالي للغرب. وهذا ما تنبهت له الدولة الإسلامية (النووية) باكستان، المناصرة للقضية الفلسطينية.

في السادس عشر من الشهر الجاري، طالب وزير الدفاع الباكستاني خواجة عاصف العالم الإسلامي بالاتحاد في مواجهة إسرائيل على خلفية حربها ضد إيران. وقال: “إن إسرائيل استهدفت إيران واليمن وفلسطين، وإذا لم تتحد الدول الإسلامية الآن، فإنها جميعًا ستواجه نفس المصير”. كما حثّ عاصف الدول الإسلامية التي تربطها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل على قطعها فورًا، داعيًا منظمة التعاون الإسلامي إلى عقد اجتماع طارئ لوضع استراتيجية مشتركة لمواجهة إسرائيل. فهل هناك من يسمع كلام الوزير الباكستاني؟

. . .
رابط مختصر


أحمد حازم

الكاتب والإعلامي أحمد حازم


اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة *

مشاركة الخبر