رئيس الموساد في الدوحة: استنفاذ الحل العسكري

مقالات


  • السبت 26 أبريل ,2025
رئيس الموساد في الدوحة: استنفاذ الحل العسكري
رئيس الموساد

تقدير موقف:

تقديم: توقف الاعلام الاسرائيلي عند زيارة رئيس الموساد دافيد برنياع الى العاصمة القطرية الدوحة. اعتبرت صحيفة يسرائيل أن المسعى الحالي هو التوصل الى صفقة تقوم على الافراج عن كل المحتجزين مقابل وقف إطلاق النار.  التقديرات الاسرائيلية تقول وعلى لسان مصدر رفيع، إن الزيارة "على غاية من الأهمية، نظراً للتحول في موقف قطر لصالح نزع سلاح حماس في اليوم التالي" وبات الموقفان المصري والقطري "منسجمان" في أعقاب زيارة الرئيس السيسي للدوحة. كما يعترف المصدر الاسرائيلي الرفيع بأن "فرص الصفقة قد تحسنت، فيما لا تزال محاولات حماس لكسب الوقت، وهو ما يتطلب المزيد من محاولات الإقناع" ومواصلة الضغط العسكري الإسرائيلي وتكثيفه. 

تحليل:

تقدر الاوساط الامنية الاسرائيلية ان استراتيجية حماس تقوم على قاعدة كسب الوقت، لاعتقاد قيادتها بأن اسرائيل ونتيجة لانقسامها الداخلي، مرشحة للانكسار بما فيه ترجيح تراجع وتيرة الحرب الفتاكة "إلى الدرجة التي تستطيع حماس تحملها وأن دخول المؤن إلى غزة سيتجدد". تُبنى هذه التقديرات أيضا على قراءة حماس لحراك عائلات الأسرى والمحتجزين والعرائض داخل الجيش "التي تطالب بوقف الحرب ودونما تفكيك قدرات حماس". 

من اللافت أن نتنياهو انتدب رئيس الموساد لهذه المهمة الحساسة في الدوحة وذلك بعد اسابيع من اقصاء الوفد الأمني الرفيع برئاسة رئيس الموساد وكل من رئيس الأركان السابق هليفي ورئيس الشاباك رونين بار. يأتي هذا بالتزامن مع الانتقادات الحادة لترؤس الوزير ديرمر الموالي لنتنياهو للمفاوضات بحيث اعتبرته الادارة الامريكية معوّقا للتقدم، وطالبته عائلات الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين بالتنحي مؤكدين ثقتهم بالوفد الأمني الذي استبعده نتنياهو حين سعى الى التنصل من استحقاقات المرحلة الثانية من الصفقة وعاد الى الحرب الفتاكة على غزة. 

تجاهر حكومة نتنياهو يرفض الانتقال الى المرحلة الثانية من الصفقة، على الرغم من قناعة المجتمع الدولي وكذلك الأوساط الواسعة من الرأي العام الاسرائيلي وداخل الجيش،  واتهام نتنياهو وحكومته بالعودة الى حرب بدوافع سياسية وعقائدية وشخصية، فإن الموقف الرسمي الاسرائيلي يلقي مسؤولية ذلك على حماس، ويرى بالتصعيد الحربي الفتاك من طرف واحد، "وسيلة اقناع" لحماس كي تذعن للشروط الاسرائيلية، وكي لا تؤدي أية مفاوضات الى انهاء الحرب ومنع التهجير والانسحاب من القطاع واعادة اعماره وضمه إلى الكيانية الفلسطينية الواحدة. 

في مسعى الى إفشال مسبق للجنة الاسناد المجتمعي لغزة، قرر الكابينيت الاسرائيلي يوم 25/4 المصادقة على مبدأ إدخال المساعدات لغزة؛ وذلك وفق المحدد الذي يتوافق عليه المستويين السياسي والعسكري وهو أن يتم توزيع المساعدات الانسانية ليس من قبل الجيش ولا المنظمات الدولية ولا لجنة الإسناد، بل من خلال شركات خاصة معتمدة من الأمن الاسرائيلي ومن المرجح أن تكون امريكية وربما اسرائيلية. أناط الكابنيت برئيس الوزراء تحديد موعد البدء بإدخال المساعدات إلى غزة.

زيارة رئيس الموساد إلى الدوحة ليست مؤشرا لقناعة اسرائيلية بضرورة إتمام الصفقة ووقف الحرب، بقدر ما هي تعبير عن قلق نتنياهو من مخرجات محتملة من زيارة ترامب الى السعودية وقطر والإمارات وقد تشمل تركيا. كما أنها تأكيد على ان القرار الاسرائيلي بوقف الحرب تتخذه واشنطن أولا، وإلا ستجد حكومة نتنياهو نفسها بعيدة عن وتيرة الأحداث والتحولات في المنطقة ودوليا، التي بدورها قد تفرض على اسرائيل أمرا واقعا جديدا بغير ما تشتهيه.

التقدير بأنه كلما اقترب موعد زيارة ترامب باتت القيادة الاسرائيلية في سباق مع الوقت، ومن المتوقع أن ينعكس ذلك في تصاعد العدوان الابادي على غزة مقابل تكثيف وتيرة المفاوضات. فيما التقديرات بأن نهاية الحرب تقترب بقرار أمريكي يأخذ بالحسبان مصالحه والموقف العربي.

يساور الحكومة الاسرائيلية حالة من القلق مما قد تحمله زيارة ترامب للخليج وفي مختلف الملفات؛ الايراني؛ والسعودي؛ والسوري والفلسطيني. كما باتت التصريحات الإسرائيلية تستبعد احتمالية التطبيع مع السعودية إذ إن المسار السعودي الامريكي لا يتوقف عند مشيئة نتنياهو، بل يتجاوزه. في حين أن اية احتمالية تطبيع تكون مرهونة بوقف مسبق للحرب وبقرار أمريكي، وكذلك بمدى التقدم في مسألة اقامة الدولة الفلسطينية وهو ما ينسف مشروع الضم الزاحف  وينسف أحد أهم أسس حكومة نتنياهو، ألا وهو منع قيام دولة فلسطينية. التحدي الأصعب أمام نتنياهو هو فقدانه القدرة على التأثير الحصري على الإدارة الأمريكية.

الخلاصة:

** في حال فقد نتنياهو القدرة على التأثير على الموقف الأمريكي بوقف الحرب على غزة، فلن يكون أمامه من خيار سوى الاذعان لموقف واشنطن، وقد أنجز وفقا له، توافقا مع الإدارة بصدد نزع سلاح حماس وبإلغاء سلطتها، وإذا لم يتحقق له ذلك سيكون لديه ذريعة مستقبلية للعودة إلى الحرب بمسوغات مختلفة. كما أنه يسعى لكسب الشعبية من صفقة شاملة مقابل احتمال الإعلان عن انتخابات مبكرة.

** انتداب رئيس الموساد إلى الدوحة قد يكون مؤشرا لاعتراف نتنياهو بإخفاق المسار الذي أراده من تعيين الوزير ديرمر مسؤولا عن مفاوضات الصفقة، حيث كان يأمل أن ينجح في التأثير على موقف ادارة ترامب . كما يقدر في اسرائيل، أن انتداب رئيس الموساد هو مؤشر لاحتمال التقدم نحو الصفقة الشاملة، وبما يتماشى مع جدول الأعمال الأمريكي وزيارة ترامب للخليج.

**الخيارات الاسرائيلية تتراجع، وهناك مؤشرات للاعتراف بأن الضوء الاخضر الامريكي لمواصلة الحرب على غزة ربما يصل نحو نهايته، ولا خيار امام حكومة نتنياهو سوى ملاءمة توقعاتها للموقف الامريكي. والى حين ذلك من المحتمل ان تصعد اسرائيل عملياتها في غزة. ومن المتوقع أن تشهد الفترة المتبقية الى حين زيارة ترامب الخليجية قد تصعيدا  عدوانيا اضافيا هو الاقسى والاكثر فتكا في غزة.

** قرار الكابنيت بصدد اعتماد شركات خاصة لتوزيع المساعدات التي لم تبدأ بعد، فهو محاولة للوصول لتوافق داخلي، ومسعى للتهرب من المسؤولية عن سياسة التجويع والتعطيش ومنع العلاج في غزة، فيما تبقي في يدها مفاتيح التحكم والسيطرة.

. . .
رابط مختصر



اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة *

مشاركة الخبر