ما الذي تغير بفلسطينيي48 بين هبة الكرامة وأحداث الـ 7 من أكتوبر؟
أراضي48

يؤكد نشطاء وقيادات بأراضي48 على أن حالة الترهيب والتخويف التي مارستها السلطات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين بأراضي48 عقب أحداث هبة الكرامة وببداية أحداث الـ 7 من أكتوبر خلقت سبات بين بأراضي48.
ويشددون على أن الفلسطيني بأراضي48 يعيش حالة من التناقض، فبينما لا يخرج بسبب حالة الترهيب الإسرائيلية، يهب بالتبرع بآلاف الشواكل وإغلاق المحال التجارية لوضع المساعدات التي ستذهب لغزة، نصرةً للفلسطينيين هناك.
حالة من الردع والخوف..
ويقول عضو المكتب السياسي لحركة أبناء البلد لؤي خطيب في حديثٍ خاص مع الجرمق: "جاءت هذه الحرب بشكل مفاجئ، طبيعة الحدث كانت مفاجأة لكل فلسطيني، وحتى للمجتمع الإسرائيلي، وبثت الأمل في داخل كل فلسطيني حتى في الـ 48 بأن نشاهد الشبان في مستوطنات الغلاف، قسم بعد ذلك شعر أنه يحلم والحدث غير واقعي، واحتاج تأكيدات بأنه ليس فيلم، في كل أماكن تواجدنا".
ويتابع، "هذا الحدث بكل تداعياته حتى بالنسبة للأجهزة الأمنية الإسرائيلية أخرجها عن صوابها، ووضع على الفور خطة لقمع الفلسطينيين في الـ48، حتى منعتهم من قول كلمة لا إله إلا الله وأي كلمة دينية، تم تفعيل نظام فاشي أمني في الداخل".
ويردف، "أنا منذ نعومة أظافري لم أشهد هذه الفاشية في الداخل، تم اقتحام بيوت الفلسطينيين في الداخل بسبب كلمات دينية، أو تعليق، وتم الاعتداء على بعضهم أمام أطفال وزوجات، اعتقل شبان وكل من قام بالتعبير أو التضامن، شاهدت بعضها، هؤلاء الشبان يتواجدون حتى هذه اللحظة داخل السجون، بينهم شبان وأطفال ويافعين، وهذه الاعتقالات طالت كل من علق أو تضامن، أو حتى فرح".
ويضيف، "لم يسبق وأن قامت أكثر الأنظمة حول العالم فاشية بذلك، مما خلق حالة ردع في الداخل، في بدياة الحدث كان هناك محاولة لتنظيم مظاهرة عند مدخل أم الفحم، وعليه تم اعتقال قسم من رفاق أبناء البلد، وحتى اليوم يحاكمون، وقسم منهم داخل الاعتقالات المنزلية، أو داخل السجون، بسبب محاولة تنظيم مظاهرة بعد المذبحة التي قامت بها إسرائيل في مستشفى المعمداني".
التناقض بأراضي48..
ويقول خطيب لـ الجرمق: "كان هناك أيضًا تحضير لتمزيق نسيج الفلسطينيين بأراضي48 عبر الجريمة المنظمة، وعلى ما يبدو نجحت إسرائيل في ذلك، بعد فترة 4- 5 أشهر، رأينا العديد يتصرفون بشكل لا يتناسب مع الانتماء لشعبهم، وكان هناك أفراح وأعراس وكأن ما يحدث في غزة لا يعنيهم، لكن الذهاب إلى الذات كان يخفي وراءه برأيي نفسية خائفة ومرعوبة من المؤسسة الإسرائيلية".
ويتابع، "رأينا رغم ذلك الخوف مئات الشاحنات التي خرجت وجمعت بأقل من أسبوع وهذا بالفعل يحتاج لجهد دول، هذا التناقض بين الأعراس وبين عطاء منقطع النظير، والاندفاع نحو العطاء، تم تفريغ مستودعات من أجل وضع المساعدات لغزة، كل البلدان تقف وتنضم لهذه الحملات حتى داخل المجتمعات البدوية، وهناك حالة تضامن، وحالة قوية من المشاعر تجاه غزة، وبالفعل نحتاج لمحللين نفسيين واجتماعيين لنفهم عمق هذا العطاء وفي نفس الوقت قضية الالتهاء بالأعراس مثلًا، لكن هذه الهوية الممزقة بالداخل، بين محاولة أخذها لذاتها، وبين الانتماء العميق لفلسطين".
ويضيف، "استطاعت إسرائيل أن تقوم بترهيب فلسطينيي الداخل، الاعتقالات التي تمت ببداية الأحداث استطاعت أن تخيفهم بها، أيضًا ما حدث في هبة الكرامة، هناك العديد من الشبان الذين يحاكمون حتى اليوم، منهم من حوكم بالسجن لـ 9 سنوات وأكثر بتهمة رمي حجر، هناك بيوت تم هدمها بسبب اعتقال الأب أو الأخ".
وردف، في النهاية لا توجد أحزاب راعية، أو أي جهة ترعى شؤننا، وحتى لو كنا لا نملك أحزاب لدعم المعتقلين ماديًا، لكن كنا نستطيع أن نقوم بتوفير الدعم المعنوي ولكن لم نقم بذلك أيضًا".
ويقول خطيب: "هذا التقصير خلق حالة خوف ونفور من العمل الوطني والنضالي، ذلك إلى جانب ازدياد حجم الجريمة، التي جعلت أكبر هم للناس أن يعودوا للبيت سالمين دون أن يقعوا بيد المجرمين، هموم الفلسطيني في الداخل لا تشبه هموم الفلسطيني في الضفة، وفلسطينيي غزة".
ويتابع، "غزة فضحت الجميع في النهاية، لو قمنا بمقارنة فلسطينيي الداخل، وفلسطينيي رام الله أو الخليل، غالبية الفلسطينيين في الضفة والداخل قصروا، قلة قليلة لا تعد على أصابع اليد قامت بالدفاع عن غزة، لا يوجد حالة تضامنية مع غزة، وهذا يحتاج لأدوات تحليل وأدوات أخرى لنفهم لماذا هذا التقصير النضالي مع غزة، لكن ما حدث معيب بحق كل فلسطيني في الداخل والضفة".
ويردف، "نحن تركنا غزة وحدها، تركناها تنزف وحدها، نحن نقوم بالحد الأدنى أمام ما يحدث في غزة، أنا أشعر بقمة النذالة عندما أمارس حياتي العادية، وهناك طفل يبحث عن عائلته، أصبح دون سقف ودون عائلة، ودون كل شيء، وأقصى ما نفعله هو التضامن وكأننا لسنا أبناء شعب واحد".
هبة الكرامة..
ويقول: "كان هناك حالة تصاعد نضالي في الداخل، وإسرائيل بعد تلك الأحداث فهمت حالة الداخل، وعملت على أن تقوم ببداية أي حرب قادمة بمنع تحرك فلسطيني الداخل، وكان ذلك واضحًا في بداية هذه الحرب، وتولي بن غفير جهاز الأمن سهل هذه الحالة".
ويتابع، "بدو النقب من الناس الذين اعتبروا إسرائيل دولتهم، لكن إسرائيل اليوم تهدم بيوتهم وأملاكهم وتصادر أراضيهم، وحتى الآن هناك أوامر هدم بقسم من منازل الطائفة الدرزية".
الأحزاب السياسية بأراضي48..
ويضيف خطيب في حديثه مع الجرمق، "على الأحزاب أن تراجع ذاتها ولجنة المتابعة يجب أن تراجع نفسها، وتسأل نفسها، هل لا زالت تستطيع متابعة شؤون الفلسطينيين في الداخل أو أنه يجب استحداث شيء آخر!".
يردف، "من هنا أوجه نداء للأحزاب، على الأحزاب أن تجتمع لصياغة ميثاق وطني لفلسطينيي الداخل، وما يحدث وصمة عار على جبين الأحزاب، ما معنى وجود الأحزاب على مدار 70 عامًا وفي اللحظة التي يقوم بها جيش الاحتلال بإبادة شعبنا لا تستطيع الدفاع عن برامجها ولا عن شعبها؟".
هذا ما فعله الشباب حتى الآن..
من جهتها تقول الناشطة السياسية الاجتماعية هزار حسين في حديث خاص مع الجرمق: "في هبة الكرامة الفزعة كانت مفاجئة جدًا، لم يكن شيء مخطط له، ولم يكن من أي توجيه، كان وليد الشارع على خلفية تراكمات والضغط منذ سنوات طويلة".
وتتابع، "في هبة أيار كان الفلسطينيين في الريادة وإنشاء التفاعل والمبادرة، والآن هم في تيه مطلق، وهذا ليس سلوك متردي بسبب أنهم لم يعودوا مهتمين أو أنهم فقدوا الشجاعة، لكن كان هناك محاولات ترهيب من الكيان، وغياب إطار توجيهي من القيادات".
وتردف، "هناك العديد من الشبان الذين لا زالوا يحاكمون بالقضاء، ولم يجدوا أي مساندة من أي شخص، لذلك أي تحرك جعل أي شخص يفكر ويحسب الأمر مرتين قبل أن يخرج، للأسف دورنا صفر، حتى توعويًا لم نقم بأي شيء".
وتقول هزار لـ الجرمق: "توجهنا للقيادات بكتب واتصالات ومبادرات ومحاولات، الجهات المؤطرة المسؤولية مستلمة بشكل كبير لموضوع السقف النضالي والمساحة المتاحة وهذا مسموح هذا ممنوع، ولا تفتح أبواب أمام الشباب".
وتتابع لـ الجرمق، "الشبان الذين خرجوا سابقًا أصبحت ترى أن هذه المغامرة لا تستحق مقابل كل ما يحدث إلا إذا كان هناك من يوجهها لهدف معين بمعنى أن الشباب تحاول الذهاب للمؤسسات بمبادرات، لكن المؤسسات تلجمنا وتعيدنا لهذا بنفع وهذا بنفع وطفسونا بالآخر".
وتختم بالقول: "كيف يمكن أن نتحرك؟ لازم نضل ننادي على بعض ونعزز لبعض، حتى نشعر أننا كثيرون ونشعر أن هناك فزعة، ونخرج إلى الشارع، لكن حتى الآن لا يوجد أي شيء يساعدنا ولا أي نوع لوجستيات".