ما دلالات نشر هآرتس عن الشهداء الأطفال في غزة؟


  • السبت 29 مايو ,2021
ما دلالات نشر هآرتس عن الشهداء الأطفال في غزة؟

نشرت صحيفة هآرتس العبرية على صفحتها الأولى صورًا وأسماء وقصص 67 طفلًا استشهدوا بعد قصف "إسرائيل" لمناطق مختلفة من قطاع غزة خلال العدوان الأخير عليه.

وعنونت الصحيفة هذا الخبر بـ "67 طفلًا قتلوا في غزة: هذا ثمن الحرب"، ونقلت صحيفة هآرتس هذا الخبر عن نيويورك تايمز، بعد حصول الأخيرة على معلومات من الأهل، ومنظمات حقوقية وفلسطينية أو عن مواقع التواصل الاجتماعي.

وأثار خبر صحيفة هآرتس المنقول عن نيويورك تايمز جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي بين أكاديميين وصحفيين ونشطاء كونها صحيفة عبرية تنشر عن شهداء فلسطينيين ارتقوا بقصف للقوات "الإسرائيلية".

جريمة وليست ثمن الناشط عمر الغباري يعارض وصف هآرتس بأن الأطفال الشهداء ثمن الحرب، ويقول "هؤلاء الأطفال يا صحيفة هآرتس ليسوا "ثمن الحرب"، إنهم ضحايا جريمة حرب، جريمة "إسرائيلية"،بأيادٍ "إسرائيلية"، بأسلحة "إسرائيلية".
ويضيف في تعقيبٍ له على خبر هآرتس، "قتلهم أبناؤكم/نّ وإخوانكم/نّ وأصدقاؤكم/نّ وآباؤكم/نّ وجيرانكم/نّ وأزواجكنّ بصواريخهم الفتاكة المصوّبة من علٍ نحو غرف نومهم وأسرّتهم، نحو المطبخ والحمّام، فجّروا أجسادهم وهم يعلمون أنهم هناك، لم يكن موتهم صدفة أو خطأً، لقد كان قتلًا معلومًا".
ويرى الغباري أن الصورة التي نشرتها هآرتس فعلًا قويّة ومعبّرة، ولكن العنوان "الضبابيّ" الذي اختارته الصحيفة "67 طفلًا قتلوا في غزة. هذا ثمن الحرب"، يحيّد القتل عن سياقه السياسيّ ويتغاضى عن منفّذ الجريمة، حسب قوله.
ويؤكد الغباري أن "العنوان الذي لا يشير إلى المجرم الذي اقترف إبادة عائلات بأكملها، مشبوه"، ويرى بأن عدم تحديد القتلة في الخبر والاكتفاء بالقول إنهم ضحية الحرب فهذا يعني لغة زئبقيّة ومُفرغة من المضمون الحقيقي للحدث، وما هي إلا مَفلَت للمجرم، من جهة، وإراحة لضمير شركائه ومرسليه، من جهة أخرى.
ويختم بالقول "لم يطلب هؤلاء الشهداء يومًا تعاطفكم، طلبوا الوطن والحريّة والحقّ، لا نرجو تعاطفكم بعد قتلنا، نريد عودتنا.. لا نطلب تضامنكم في حصارنا، نسعى لحريتنا.. لا نريد أموالكم، أعيدوا ثروتنا".
تبييض الصورة بحذر 
ويقول رئيس دائرة الفلسفة والدراسات الثقافية في جامعة بيرزيت عبدالرحيم الشيخ، إن القاعدة العامة التي أسس لها بن غوريون هي: "إن وجود إسرائيل أهم من صورتها"، ولكن ذلك لا يمنع "إسرائيل" من محاولة تبييض صورتها دون أن تخل بالتوازن المطلوب بين ضخ: "المعلومات" لجبهتها الداخلية، و"الهسباراه" للعالم الخارجي، وسموم "الحرب النفسية" للعدو الذي في المنتصف.
وحول خبر الأطفال الشهداء، يضيف الشيخ "تحاول نيويورك تايمز، ومن بعدها هآرتس، عبر هذا النشر، أنسنة الأطفال الفلسطينيين مقابل تطبيع فعل القتل خلال الحرب، وذلك بإخفاء المظلومية التاريخية لهؤلاء الأطفال، وجعل غيابهم عن الحياة في غزة بداية حياتهم الفعلية على صفحات نيويورك تايمز وهآرتس.
ويستدل الشيخ على رأيه بعدة ملاحظات منها أن "الريبورتاج لا يشتمل على أية خلفية للصراع الفلسطيني الصهيوني أبدًا، ولا لحصار غزة، ولا لحروب إسرائيل عليها وعلى عموم فلسطين، إلا كما يمكن الفهم من السياق العام، بأن تصاعد العنف أدَّى إلى الحرب، والعمليات الحربية أدَّت إلى "مقتل" الأطفال، أي تصوير الحرب بوصفها "كارثة طبيعية"، وليست قرارًا سياسيًا من قبل دولة استعمار استيطاني ضد شعب مستعمَر في أكبر سجن في التاريخ".
ويتبع الشيخ خلال مقالٍ له سرد الملاحظات للتدليل على صوابية رأيه فيقول "هناك محاولة للموازاة بين "طرفين"، ولوم الضحايا من "الطرف" الأضعف، إذ "الطرف" الأقوى الآخر يملك ترسانة عسكرية أقوى، وملاجئ لحماية المدنيين من مواطنيه (ومن ضمنهم الأطفال)، فيما "الطرف" الأضعف، والمسؤول كما يبدو عن ضحايا غزة (وهو الله وأبناؤه الأقل، أي مقاومة غزة) قصَّر في حماية مدنييه (ومن ضمنهم الأطفال).
صورة ملطخة بالدماء

وفي جانبٍ آخر يكتب أستاذ الإعلام والدراسات الثقافية معز كراجة أن "هآرتس كصحيفة "يسارية" لا تهدف من وراء ذلك الى تبيان همجية الاحتلال وعدوانيته، بقدر اهتمامها بتحسين صورة "اسرائيل" بعد هذا العدوان، خاصة أن هنالك تضامن دولي مع الفلسطينيين ملفت للانتباه".

ويشير كراجة إلى أن صحيفة هآرتس تريد أن تقول للعالم أن "إسرائيل" كأي دولة طبيعية فيها اليمين الذي يدعو للتطرف والقتل وفي المقابل هناك مجتمع طبيعي يرفض القتل، ويتابع، باختصار، تريد أن تقول إن "اسرائيل ليست شرا مطلقا".

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر