"منتدى الجرمق" يناقش ملف الجريمة: من يقتلنا ولماذا؟
منتدى الجرمق

استضاف برنامج "منتدى الجرمق" قيادات ونشطاء في أراضي48 للحديث حول تفشي العنف والجريمة في أراضي48 تحت عنوان "من يقتلنا ولماذا"، بعد اقتراب عدد ضحايا الجريمة من 100 خلال أقل من 6 أشهر في العام الجاري 2023، حيث ناقش الضيوف أسباب انتشار الجريمة وتغلغلها في المجتمع، كما عرضوا طرقًا لمواجهة هذه الظاهرة التي تهدد المجتمع الفلسطيني بأراضي48.
أزمة كبيرة ومتعددة الأسباب
ويقول خيري إسكندر مسؤول منطقة المثلث الجنوبي في لجان إفشاء السلام حول أسباب هذه الظاهرة، "نحن في أزمة كبيرة جدًا، ولكن نستطيع اجتيازها إذا تظافرت الجهود، وإذا كان هناك نشاط مكثف من الأطر السياسية والدينية والوطنية على مستوى الداخل الفلسطيني كله، نستطيع التجاوز ولكن هذا يحتاج وقت، نحن في أزمة آخذة بالازدياد، رغم التحركات العديدة في مجال إحياء القيم ونشر التسامح وإرجاع الأخلاق التي غفلنا عنها، كقياديين في المجتمع العربي غفلنا عن مجتمعنا حتى وصلنا لهذا الأمر".
ويتابع، "نحن غفلنا عن أبنائنا وتربيتهم وزرع القيم فيهم، وهذا تقصير، وحتى إن كان المجتمع على قلب رجل واحد وحتى إن كان كله فيه مثل عليا ولكنه يحتاج لقوة تضبط الأخلاق، وهذه القوة علينا لا لنا، نحن مواطنون في هذه الدولة ولكن يتعاملون معنا كأعداء يحرضون علينا ويقتلوننا ويلهوننا بأمور تمس أمننا حتى لا نتفرغ لأمور عظيمة يجب أن تكون مصدر اهتمامنا الأول".
ويكمل خيري "نحن في أزمة لا تخص عائلات معينة، هذه أزمة في كل بلد وأسرة ومجتمع، نحن نتحدث عن نهج وأسلوب حياة جديد لم نعتد عليه، أي خلاف بين اثنين يتحول إلى شجار كبير قد يؤدي لقتل على أتفه الأمور، وليس هناك قضية واحدة سبب قتل المئات، ولكن هناك عدة قضايا يتم إغراق مجتمعنا فيها، وأيضًا هناك أزمة أخلاق في مجتمعنا".
وبدورها، تقول مركزة ائتلاف نساء ضد السلاح فداء شحادة من اللد "نتحدث عن أعمار صغيرة جدًا، هناك الكثير من الأسباب، وجزء منها، عدم حل ملفات القتل، هناك تصاعد في الجريمة ولكن لا يوجد حل لملفات هذه الجرائم … وحالات الانتقام تنتشر، ذات أسماء العائلات تتكرر في الجرائم".
وتلفت شحادة إلى خطورة تردي الأوضاع الاقتصادي، فتقول: "مجتمعنا 51% تحت خط الفقر، وحسب تقرير مراقب الدولة 30% من الشباب العربي ينهي التعليم المدرسي دون قراءة وكتابة وطموح، وهذا مادة سهلة لجره لعالم الجريمة وهذا يريد مكان للعمل فيه".
وتتابع لـ الجرمق، "الشاب الصغير ربما لا يعلم ما الذي سيجنيه من عالم الإجرام ربما يبدأ كحارس ثم يجد نفسه قاتل، جزء من الشبان في عالم الإجرام ضحايا وليسوا جناة، وضحية للمنظومة التي يقودها الاحتلال ضد مجتمعنا، وجزء منا في المجتمع يرفض أخذ مسؤولية أن يضع شاب تحت غطائه".
وفي ذات السياق، تحدث الناشط والقيادي في الحراك الفحماوي الموحد محمد طاهر جبارين حول أسباب الجريمة بالعودة تاريخيًا إلى الوراء قائلًا، "لا بد لنا أن نعود للانتفاضة الثانية، عندما ارتقى 13 شهيدًا في الداخل الفلسطيني دفاعًا عن الأقصى المبارك، فبعد ارتقائهم وضعت الحكومة الإسرائيلية لجنة أور، ومن مقرراتها تعزيز العلاقة بين المجتمع العربي وبين الشرطة وكان من بينها مقرراتها تكثيف مراكز الشرطة في البلدات العربية، وهناك إحصائيات أن كل بلدة فيها مركز شرطة ترتفع فيها نسبة الجرائم".
ويضيف، "الحراك الفحماوي رفع شعار، الشرطة أصل الورطة، نحن نؤمن بأنه لا تقتلوا البعوض بل جففوا المستنقعات، نعتبر مراكز الشرطة أوكار تجمع البعوض، ووجهنا أصابع الاتهام نحو الشرطة وضابط الشرطة الذي أقيل بعد النشاطات، والذي اتهم أبناء أم الفحم والمجتمع العربي بوجود خلل في التربية لرفع المسؤولية عن نفسه".
ويتابع، "المؤكد نستطيع قوله أن كل شيء منظم نستطيع مواجهته بشكل منظم، نحن يوجد لدينا أدلة وحلول، من الحلول أن نواجه كما واجه شعبنا المؤسسة الإسرائيلية في عام 76 من خلال إضراب منظم كامل متكامل بكافة أماكن العمل… ويجب أن يكون لكل صاحب اختصاص دور، ويجب أن يحدث عصيان مدني، وأن يجتمع جميع أطراف المجتمع ومركباته لإغلاق الشوارع، لإرغام المؤسسة للتحرك لكبح الجريمة، هذا بالنسبة لنا هو حل، نريد من الجميع التكاتف حول الحراك الذي حورب من المؤسسة الإسرائيلية من قيادات آخرين".
ما الذي يمنع أن يعم الأمن؟
ويقول خيري إسكندر في حواره مع "منتدى الجرمق"، "الذي يمنع، أننا نعيش في مؤسسة ونظام ودولة عندها الخطوط الاستراتيجية في التعامل معنا تقتضي ألا يعيش مجتمعنا بأمان، هذه سياسة معتمدة منذ قيام الدولة تحديدًا بعد سنة 2000، وإدراكهم أن المجتمع العربي لا زال يحيي مناسباته الوطنية والدينية ويتمسك بأرضه ومقدساته ومستعد أن يضحي بكل شيء في سبيلها، أدركوا عندها أنهم يجب أن يزيدوا من سياستهم الاستراتيجية التي كانت متبعة سابقًا وأوجدوا بيننا من يقبل أن يطبق أجندتهم، ويكون يدًا على مجتمعه بدلًا من أن يكون يدًا لمجتمعه للخروج من ضائقته".
ويتابع، ""كقياديين غفلنا عن مجتمعنا، وبالتالي خرج من أيدينا قضية التسامح وقيم المحبة وبر الوالدين واحترام المعلم، كل هذه القيم اليوم غير موجودة في مجتمعنا، الذنب يعود لنهجنا وتربينا، وكأننا اطمئننا أن المؤسسة التي نعيش فيها تقوم على تربية أبنائنا من خلال برامج، ونحن أهملنا تربية أبناءنا وتربية الجيل الذي اليوم في مكان الآباء ولكنه لا يحترم أباه ولا أمه، ولا يحترم الكبير والصغير، ونحن أمام أزمة ولكن مع هذه الأزمة المضافة إلى السياسة المتبعة مع المجتمع العربي فكانت الضربة القاضية، لن تجدوا في مجتمعات العالم نسبة قتل كما لدينا"
ويتابع، "هذا يحتاج لمضاعفة الجهود وتربية أسرنا والشارع العربي في كل مكان في مجتمعنا على القيم والأخلاق والمثل العليا، وفي الموازاة نطالب أن يكون هناك رادع لأن المجتمع مهما كان بحاجة لقوة تحميه، إذا كانت هكذا تربيتنا، لا بد للقوة أن تتدخل لمنع الإجرام، ونحن علينا أن نضاعف من عملنا لتخريج أجيال قادمة نظيفة من كل هذه الشوائب".
مجتمع غير عنيف
وترد فداء شحادة على الأصوات التي تدّعي بأن المجتمع الفلسطيني في أراضي48 هو مجتمع عنيف قائلة، "ظاهرة العنف عالمية غير مرتبطة بلغة أو دين أو مجتمع، .. حسب معطيات الحكومة فهناك 98% من مجتمعنا طبيعي، ولكن هناك 2% في عالم الجريمة، وأصبح صوتهم أعلى من صوتنا، ومن أي صوت آخر، بسبب عدم وجود رادع".
وتتابع، "عند العودة لموضوع العنف، فلا دخل له بمجتمعنا، لا أحد يتمنى لنجله أن يكون عنيفًا، هناك ظروف وبيئة وضغط مجتمعي وأدوات أسهل، عندما يتواجد الشبان في الشارع، لا يوجد لغة حوار، هناك شبان لا يستطيعون النقاش، لا يمكن الرد على العنف بلغة القوة، هناك سياسات دخلت علينا منذ عام 2000، ويجب العمل بشكل منظم، ونأخذ المشترك بيننا للتقدم، الحكومة تحاول التفرقة بيننا لخلق خلافات، وهذا ما يجب أن نعمل عليه".
وتضيف، "هيبة المدرسة كُسرت، مهنة التربية والتعليم التي هي أهم مهنة بسبب استهتار الدولة فيها ووضعها بأقل المعاشات، أصبح من يذهب لها من يريدون فقط معاش في نهاية الشهر، ولكن أهم شخص وأهم مهنة بعد العائلة هو المعلم، وهم المفتاح لحل الأزمة، إذا فكرنا بأمر التربية والتعليم سنبدأ بالحل".
وفي رسالة عبر الجرمق تتحدث فداء: "نقول للمجرمين الذين يشكلون 2% وهم أبناء شعبنا عودوا لمجتمعنا".
عودة للمظاهرات
ويجيب الناشط محمد طاهر جبارين عن سؤال حول عودة مظاهرات الحراك الفحماوي الموحد قائلًا، "بالنسبة لمجتمعنا في الداخل، مجتمع فلسطيني لا ينسلخ عن ابن الضفة وابن غزة وعربي لا ينسلخ عن ابن الأردن، يجب أن نفرق بين العنف وبين الجريمة، العنف نتحمل مسؤوليته نحن، ولكن الجرمية تتحمل مسؤوليتها السلطة وصاحب السلطان، فمن أمن العقوبة أساء الأدب، فهؤلاء المجرمين ليس فقط أمنوا العقوبة ولكن لقوا الدعم والتسهيلات من الأجهزة الأمنية لقتل الجيل، هذا الجيل الذي صنع هبة الكرامة وانتفض للقدس مرة أخرى بعد عام 2000، الذي يقبع جزء منهم لأجل القدس والشيخ جراح، ويعاني من أزمة من الأمن والأمان".
ويتابع، "هذا الجيل يعاني من عدة أزمات، فرص عمل وأزمة أمن وأمان ومسكن، هذه تعطي المجال لمن لا يجدون دعم سياسي أو مادي أن يذهبوا إلى عصابات الإجرام التي توفر لهم الربح والمال والسلاح الذي يمكنهم من شراء الأراضي وقهر الفقراء، يجب أن نركز أن الجيل له أزمات مركبة".
ويقول لـ الجرمق، "ذكرت أن الوضع الحالي يجب أن يكون منظم، كانت مظاهرات الحراك تخرج كل أسبوع، في حال عادت المظاهرات فيجب الاستمرار فهي مطلب، وهذه المرة بسبب تفاقم وتضخم أعداد القتلى.. يجب أن يكون الأمر منظم، وتتكاتف اللجان المحلية والحزبية والقطرية في كافة أماكن شعبنا والخروج بشكل مستمر".
ويوضح، "علينا أن نخرج في كل مكان وليس فقط في أم الفحم ويجب عمل حراك قطري موحد وإنشاء نقابات وأن يكون إضراب منظم وليس إضراب صوري، والحراك الفحماوي سيكون له عودة قوية".
طرق مواجهة العنف
وتتحدث فداء شحادة حول طرق مواجهة العنف قائلة، "بدأنا بتنظيم العائلات، والعائلة التي تعاني من قتل ابنها هي أكثر جهة تستطيع التعبير عن الوجع .. نحن نتحدث عن حالات القتل، ولكن نسمع رصاص يوميًا، نحن نحاول تنظيم المتصاوبين بالرصاص، تواصلنا بمقابل كل حالات القتل هناك مصابين، ولحسن حظها تعيش، عندما تدخل 17 رصاصة في أجسامهم، هناك صعوبات للتواصل معهم، لأن الدولة لا تعتبرهم ضحايا ولا يستطيعون تقديم شكوى، هناك محاولة للدخول في مسار قانوني أن يستطيعوا أن يعيشوا، وأن يكون لديهم تأمين على الحياة، وأن يكون لديهم مواقف موحدة ونعمل معهم ليظهروا بالإعلام".
وتضيف، "نحاول أن نتنظم مع المجتمع المدني، لننظم وقفات، وأن نصل للإضراب لعدة أيام، وأن نصل لمكان نستطيع أن ندير أنفسنا دون سلطات محلية، لا يوجد حل غير هذا"
وحول دور لجان إفشاء السلام في مواجهة العنف يقول خيري إسكندر لـ الجرمق، "لجان إفشاء السلام عملها بشكل منظم في آخر عام ونصف، والحديث هنا عن عمل اللجان، وتقوم في عملها على 3 أركان، الوقاية وهو 90% من عملها، ومن ثم العلاج، ومحاولة إيجاد لجنة إصلاح في كل بلد، وتقوية اللجان الموجودة لاستمرار عملها، ولا زلنا نعمل على خلق لجان، والبند الثالث هو الردع وهو يدخل تحته المظاهرات والوقفات المختلفة ودعوة الناس ليكون لهم موقف موحد وجمع الناس على موقف واحد لصنع كل شيء".
ويضيف، "أما نحن في لجان إفشاء السلام، نعمل على الركن الأول، وهو الوقاية ونعتمد على لجان الصلح في الركن الثاني، والثالث نعتمد على مؤسسات مجتمعنا ونعتمد على لجنة المتابعة وإن كانت ضعيفة ولا تستطيع أن تستجيب لطلبات المجتمع والجمهور العربي، ولكن نقول أن وجودها مهم جدًا، أنا أقول أن المتابعة يجب أن تتصلح، وأن يكون لها عهد جديد لكل مركباتها، وأن يكون هناك انتخابات".
ويردف، "هناك من لا يعجبه أن يكون مجتمعنا مجتمع سليم مبني على أسس محبة وإخلاص وقيم، ونتحدث عن كل المجتمع بمسلميه ومسيحييه ودرزييه، مشروعنا لكل الناس وليس لجزء، هناك من لا يعجبه أن نسير في هذا المسار ونتعرض لمضايقات على مستوى كلام وعلى مستوى عنف كلامي وهناك من تعرض لعنف حقيقي وإرهاب حقيقي ويظنون أن من خلاله يثنونا عن هذا المسير".
الشاباك وملف الجريمة
وتقول فداء شحادة لـ الجرمق حول مقترح بنيامين نتنياهو لتدخل الشاباك في ملف الجريمة، "الشاباك موجود بيننا، هناك ملفات حُلّت بيد الشاباك، ولكن الموضوع هذا خرج به نتنياهو كردة فعل، نتنياهو بأزمة ولكن الشاباك لم يوافق، رئيسة الشاباك السابقة تقول لن نتدخل، وسيظل الأمر هكذا حتى ترفض المستشارة القضائية للحكومة، ولكن الحل موجود دون الشاباك هناك خطط حكومية وهناك ميزانيات وإعطاء خطط وإغلاق فجوات، هناك حلول ولكن نتنياهو لا يريده، كأن الشاباك عندما يريد التدخل يأتي ويأخذ رأينا، الشاباك تدخل في بعض الملفات".
وتتابع، "نتنياهو يريد منا أن نغرق بالنقاش، ولكن الشاباك لن يتدخل وعندما يكون هناك حالات معينة يتدخل دون رأينا، لا أعتقد أن الشاباك يريد أن يدخل في هذا الأمر".
وبدوره، يقول خيري إسكندر، "الشاباك لم يخرج من بيننا، ولكن يريدونه بشكل علني، عمل الشاباك واضح وموجود بيننا".