فلسطينيو 48 وتمثيلهم السياسي والمحلي باتوا في خطر محدق

المتابعة


  • الخميس 13 أبريل ,2023
فلسطينيو 48 وتمثيلهم السياسي والمحلي باتوا في خطر محدق
لجنة المتابعة

في الثامن من نيسان/أبريل الجاري نشر الصحفي السياسي يشاي فريدمان تقريرا في صحيفة مكور-ريشون العبرية اليمينية تحت عنوان: “هكذا تحوّل رئيس لجنة المتابعة محمد بركة الى كبير محرِّضي الوسط العربي”، وفيه تعقّب على مدار 23 عاماً لمواقف وتصريحات ودور بركة الموجهة للجماهير العربية في الداخل الفلسطيني.
بتاريخ 24/9/2022 كشفت صحيفة معاريف عن تقرير منظمة “عَري-يسرائيل” (مدن اسرائيل AREI YISRAEL (تحت weewqعنوان: “لجنة المتابعة وأحزاب عربية وقفت وراء الانفلات في المدن المختلطة” والقصد من ذلك هبّة الكرامة في أيار/مايو 2021. توقف التقرير ضمن أمور عديدة عند الإضراب العام الذي دعت له لجنة المتابعة في 18/5/2021 وتحوّل إلى إضراب لكل الشعب الفلسطيني. دعا التقرير في خلاصة تحريضية إلى حظر لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية.
جمعية “عري – يسرائيل” واحدة من عشرات الجمعيات والمنظمات والميليشيات التي أقيمت حصريًا للتصدي للوزن السياسي والجماهيري لفلسطينيي الداخل. وقد تأسست الجمعية في اللد في العام 2022 وحددت أهدافها على الشكل التالي: “تقوم جمعية “عري يسرائيل” على العمل لتعزيز المناعة الجماهيرية والأمن الشخصي والعام في المدن المختلطة وفي كل مكان يتطلب ذلك في أنحاء إسرائيل، سواء في الحياة العادية أم في أوضاع الطوارئ. تقوم الجمعية بتجنيد متطوعين وتنظيمهم وتمتلك المعدات اللازمة وتقوم بالتدريب والتأهيل” وقد حددت مجالات عملها في تل ابيب والمركز والقدس وحيفا والشمال والجنوب والضفة الغربية.
مطروح على جدول أعمال الكنيست مشروع تعديل على قانون أساس، يلغي كون رئيس لجنة الانتخابات المركزية قاضيا في المحكمة العليا الاسرائيلية، واستبداله برئيس يوصي عليه رئيس الكنيست أي تعيين سياسي، ومشروع قانون آخر بتوسيع الباب السابع من قانون الكنيست ليشمل حظر خوض الانتخابات لأي حزب “يؤيد مقاطعة اسرائيل بشكل مجاهر أو بشكل غير مباشر”.
أقرت حكومة اسرائيل توصيات المؤسسة العسكرية بعد ايار 2021 بشأن إدخال كتائب من الجيش الى البلدات العربية في حالات الطوارئ على الحدود، وقامت هذه القوات بإجراء تدريبات ومناورات محاكاة داخل عدد من هذه البلدات وبالأخص أم الفحم.
أدانت لجنة المتابعة حملة التحريض الممنهجة والخطيرة واعتبرتها تعبيراً عن نوايا رسمية مبيّتة ومسعى للنيل من مكانة الجماهير العربية الفلسطينية في الداخل ونزع شرعية وجودها وتنظيمها وشرعية صوتها السياسي، كما تدرس المتابعة خطواتها في مواجهة حملة الاستهداف، وذلك على الأصعدة المحلية والفلسطينية والإسرائيلية والعربية والدولية، لافتة إلى أن فلسطينيي الداخل هم بوضعية جمهور في خطر محدق.
قراءة:
يواجه فلسطينيو48 مخططا إسرائيليًا ممنهجًا لتشتيت قوتهم السياسية وإضعاف إثرهم وإخراجهم من دائرة الشرعية السياسية والبرلمانية. يقود هذا المسار منذ العام 2015 بنيامين نتنياهو الذي رأى في تشكيل القائمة المشتركة لانتخابات الكنيست بمثابة العامل الرئيسي في إفشال استقرار الحكم في إسرائيل وفي إفشاله شخصيا من التمتع بأغلبية برلمانية حاسمة. يعمل هذا المخطط على اعتماد منظومة الجريمة المنظمة وسوق السلاح الواسعة التي تقضّ الشعور بالأمان الفردي والجماعي على السواء، في المقابل الى استخدام آليات دعائية مستدامة ومتطورة تقوم على بث اليأس والإحباط الداخلي بين هذا الجمهور إضافة الى عزوفه عن المشاركة السياسية بما فيه التصويت للكنيست.
يتمتع فلسطينيو الداخل بقوة سياسية ذات أثر على المستويين الشعبي والبرلماني، وكذلك بقوة اقتصادية وشرائية وبمهارات علمية مرموقة، وينعكس هذا بأنه رغم سياسات التمييز البنيوي والإقصاء، فإنهم يحتلون مناصب عالية في العديد من المرافق التي تعتمد على العلوم والمهن الحرة.
نتيجة لوجود شريحة واسعة من الطبقات الوسطى، ونظرا إلى التضييقيات الاسرائيلية على توسيع مسطحات البناء في البلدات العربية مقابل الرفض الصهيوني المطبق في بناء أية بلدة جديدة، فقد هاجرت أوساط واسعة من البلدات العربية الى المدن الاسرائيلية ولا تخلو مدينة اسرائيلية من حضور عربي متزايد، حتى تلك التي أقيمت لأهداف تغيير الطابع الديمغرافي في مناطق معينة وتهويد المكان مثل “نتسيرت عيليت” و”كرمئيل” و”معالوت”. هذا بالاضافة الى أكثر من مائة وعشرين ألف فلسطيني في المدن الساحلية عكا وحيفا، واللد، والرملة، ويافا.
يشكل فلسطينيو ال 48 الجمهور الأكثر تنظيمًا بين قطاعات الشعب الفلسطيني، كما انهم الاكثر تفاعلا مع كل ما يحدث على الساحة الفلسطينية وبالأخص قضايا القدس والمقدسات والعودة والأسرى في السجون والحصار على غزة.
يتم التعامل مع أثر فلسطينيي ال 48 متعدد الاتجاهات باعتباره خطرا على الأمن القومي الاسرائيلي وغير شرعي وبأن مواطنتهم هي مواطنة عدائية للدولة، ولذلك فإن المساعي لدى التيارات الحاكمة هي محاربة هذا النفوذ وهذا الدور وهذا الحضور السكاني لدرجة بناء بنية ميلشياتيه شبه رسمية وبنية رسمية على شاكلة الحرس القومي تكون مهمتها أيضا تنفيذ تطهير عرقي وتهجير سكاني خاصة في مناطق النقب والساحل.
تشكل لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية والتي تأسست قبل 42 عاما، الإطار الكياني الكفاحي المرجعي لمجمل العمل السياسي الوطني وتجمع كل التيارات والأحزاب والحركات على تعدديتها العلمانية والدينية والبرلمانية وغير البرلمانية وتجمع كل السلطات المحلية والبلدية العربية اضافة الى الحركات النقابية والطلابية والحقوقية.
من المتوقع بناء على استطلاعات الرأي العام بأنه لو جرت انتخابات جديدة للكنيست لفشل الائتلاف الحاكم ولشهدنا تراجعا نوعيا كبيرا في وزن الليكود الحاكم ولشعبية نتنياهو. كما يشكل فلسطينيو الداخل قوة نيابية قد تصل الى 16 نائبا او أكثر ومن المتوقع أن ترتفع نسبة التصويت نظرا للقلق من الحكومة الحالية. عليه، سيكون لهم الوزن الانتخابي الحاسم في سد الطريق أمام حكومة جديدة بقيادة نتنياهو والصهيونية الدينية، وهذا ما يخشاه اليمين الفاشي ويعزز تحريضه ومساعيه القانونية والبنيوية لنزع شرعية فلسطيني الداخل، وفي سعيه لاستهداف لجنة المتابعة العليا فإنه يضعف مجمل البنية الكيانية لهذا الجمهور، وقد رأى هذا التوجه أن حظر لجنة المتابعة سوف يؤدي إلى تشتيت الحركة السياسية الناظمة للعمل الوطني.

خلاصة:

قضية فلسطينيي ال 48 هي أبعد من اعتبارها مسألة موضعية أو قضية إسرائيلية داخلية.
لا يمكن النظر إلى تقارير “ماكور ريشون” ضد لجنة المتابعة العليا ورئيسها محمد بركة، والى تقارير “عري يسرائيل” ومخططات الجيش على أنها مسائل هامشية واجتهادات أفراد، بل نرى من ورائها مخططات تستهدف وجود من بقوا من الشعب الفلسطيني في فلسطين 48 بعد النكبة والذين يبلغ عددهم اليوم مليوني نسمة، ويشكلون رافدا حيويا وقويا لمجمل المشروع التحرري للشعب الفلسطيني، ونؤكد أن في قوتهم ومستوى تنظيمهم قوة لمجمل شعب فلسطين. جدير التنويه إلى اتساع نطاق ونفاد القوانين التي تتيح سحب المواطنة التي قد تبدأ فردية ثم تصبح جماعية إذا ما وجدت الارضية مناسبة وحصريا في اوقات الطوارئ.
ما يتعرض له هذا الجمهور على المستوى السياسي هو مسعى لتطهير عرقي سياسي وإقصائهم من التمثيل البرلماني مما يضمن استدامة حكم التيارات الأكثر عقائدية في اليمين الاستيطاني الفاشي، في حين ما يتعرض له هذا الجمهور قوميا هو خطر وجودي على وضعيته ووجوده في وطنه.
من المتوقع أن تقوم لجنة المتابعة العليا بما تراه مناسبا في التصدي لهذه الحملة التي تستهدف وجودها، وذلك ضمن مخططات تضعها في بؤرة الفعل الشعبي والسياسي المحلي الإسرائيلي، والفلسطيني الشامل، والعربي والإقليمي، والدولي.
إن استيعاب فكرة ان الهجمة التصفوية للتمثيل والوجود الفلسطيني في هذا الجزء من الوطن التاريخي مسالة جوهرية، ونرى أن من الأهمية أن تشغل هذه المسألة أيضا القيادة الفلسطينية وكل القوى السياسية بالإضافة الجامعة العربية والمنظمات الدولية على السواء وعليه نقترح:
1. أن تقوم الرئاسة الفلسطينية بقراءة هذه التطورات وتبنّي موقف لجنة المتابعة العليا والسعي لتحديد خطوات في التصدي لاستهداف مجمل الشعب الفلسطيني وقضيته. وكذلك بتفعيل الدبلوماسية الفلسطينية والعربية بهذا الصدد.
2. أن تنظر جامعة الدول العربية في هذه المسألة بالحوار مع الجهات ذات الصلة وتنسيق الخطوات أمام المحافل الدولية بما فيها هيئات الأمم المتحدة ذات الصلة.

 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر