أولوية ترميم المصداقية تسبق قوائم المرشحين


  • الأربعاء 6 يوليو ,2022
أولوية ترميم المصداقية تسبق قوائم المرشحين
المرشحين

قبل الولوج في الانتخابات الداخلية للأحزاب فإن التحدي الجوهري والحاسم هو مدى قدرة المشتركة على إصلاح الضرر الذي حصل لمجمل العمل السياسي ولموقع الجماهير العربية الفلسطينية ولأخلاقيات السياسة الوطنية، سواء أكان ضمن مسؤولية المشتركة وفي إطارها أم ما أدى إليه انضمام الموحدة إلى الائتلاف الاسرائيلي الصهيوني الحاكم، والذي تتحمّل الاخيرة كامل المسؤولية عنه، لكنها ليست العنوان لإصلاحه.

استعادة ثقة الناس منوطة باستعادة المشتركة للمصداقية التي تآكلت، وكذلك لمصداقية العمل السياسي التي تراجعت بشكل خطير، صحيح أنّ المؤسسة الصهيونية قامت بدورها في ذلك، لكن هذا هو دورها فلا نتوقع غير ذلك، إلا أنّ مسؤولية إدارة دفّة العمل السياسي وأخلاقياته هي مسؤولية قيادية لدى هيئات المشتركة ومركباتها.

إن فائض القوة الممنوح للتمثيل البرلماني مقابل الأحزاب بعينها وحصريًا على حساب البعد الشعبي ولجنة المتابعة، هو مظهر من مظاهر التردّي وعدم القدرة على التأثير وضبط الايقاع السياسي الوطني.

 كما أنّ حصر التمثيل في أعضاء الاحزاب المركّبة للمشتركة بات أمراً معوّقاً أمام اتساعها ومتطلّبات ملاءمتها لجمهور هدفها، في الأحزاب ومجمل القوى الوطنية المعنية بتطوير العمل، من دورها السعي إلى تشجيع وتقبّل أية اصطفافات وطنية جديدة على شكل حراكات أم حركات أم أحزاب معنية بالانتخابات أو مناهضة لها، بدلًا من الانغلاق والنظرة الى اتساع التعددية كتهديد.

لقد أثبت انضمام الموحدة للائتلاف الصهيوني بأن السلوك البرلماني له إسقاطات على مجمل العمل السياسي وعلى وضعية جماهير شعبنا، ولذلك فالمشتركة مطالبة باعتماد مرجعية سياسية وفي أخلاقيات السياسة ولا تنحصر في مركباتها، بل بكل القوى السياسية الوطنية ومن هنا اهمية تعزيز لجنة المتابعة على أساس انفتاحها لمعظم الاجتهادات في هذا الصدد، وعدم انحصارها بمركباتها الرسمية التي تجاوزتها الحالة.

هناك الكثير مما ينبغي للقيام به، وأعتقد بإمكان الكثيرين الاسهام في هذا الصدد، إلا أنني أكتفي هنا بذكر مسألتين، إذ اعتقد من الجدير مطالبة المشتركة بالالتزام الرسمي مسبقًا باقتطاع حصة ملموسة من ميزانياتها ككتلة وكمركبات وكأعضاء لصالح ما يلي:

1. مساندة أهالي معتقلي ومعتقلات هبة الكرامة وهبّة النقب والإسهام الجدي في تغطية تكاليف المحاكم الجائرة، فلا أولوية تسبق حملة لإطلاق سراح جميع المعتقلين الذين لا يزالوا رهن الاعتقال وإغلاق الملفات. وليس المقصود من باب الحملة الانتخابية فحسب بل كحملة أخلاقية اولاً.

2. تدعيم بنية وعمل لجنة المتابعة، كونها المرجعية السياسية للقوى المعنية بالعمل البرلماني وتلك غير المعنية. وكذلك الالتزام في قضايا جوهرية بعدم الركون على نوابها فحسب، فهذا لا يقلل من الوزن القيادي لأحد بل يزيده مصداقيةً، فالحاجة إلى لجنة سياسات وطنية ضمن لجنة المتابعة لا تنحصر بمركّباتها ولا بأعضائها، باتت ماسّة وأحيانًا مصيرية في القدرة على استشراف مستوى التحديات وبالمقابل حجم الفرص.

الاختلاف بين المشتركة والموحدة هو اختلاف جوهري وليس مسألة سوء تفاهم، بل هنالك نهجان مختلفان جوهريًا، ولا أساس لاستعادة وحدة انتخابية فقط تعمّق عملية تآكل المصداقية.

 كما أن الموحدة ستكون بناءً على نهجها وقناعاتها معنية بالدخول في أي ائتلاف إسرائيلي حاكم، وهذا امر خطير سياسياً مهما كانت مبرراته ونوايا أصحابه.

مهما كانت الخلافات والاختلافات عميقة، وهي حقّاً عميقة وغير قابلة للتجاوز وينبغي أن تُدار، الا أنّ المعركة السياسية الجوهرية كما كل معركة سياسية جوهرية هي مع الدولة ومنظوماتها الصهيونية القمعية العدائية الاحتلالية والاستعمارية العنصرية تجاه كل شعبنا وقضية فلسطين، والتي ازداد أثرها التخريبي المدمر بين جماهير شعبنا وسعيها لتدمير قدرات شعبنا الكفاحية. تقوم الدولة بذلك ومعها المنظومة الاعلامية العنصرية ومعها الأحزاب الصهيونية مجتمعة من "يسارها" وحتى بن غفيرها.

لا تعتمد قوة جماهير الشعب على التمثيل البرلماني فحسب، بل على مجمل نضالاتها ودورها الشعبي والسياسي والثقافي، ولا مفاضلة بين شرعيّة الموقف عند من يقاطع الكنيست مبدئيا كموقف من الدولة، وبين من يعتمد العمل البرلماني كجبهة مواجهة وادارة صراع مع الدولة ومؤسساتها الصهيونية الحاكمة، وحق النقد المتبادل والمواجهة ضروري وشرعي في كل المنصات، بينما لا حاجة الى اللجوء للخطاب القائل بعدم وجود فروقات واختلافات بين القائمتين – المشتركة والموحدة، ففي ذلك الكثير من الغبن للحقيقة أولاً.

إنّ ضعف او تراجع المشتركة لا يمكن أن يصبّ في صالح القوة الشعبية، وهذا التراجع ان حصل فهو من مسؤولية المشتركة والقيمين عليها وليس بسبب الناس والقوى الشعبية، وعليها تدارك ذلك مسبقاً.

 

 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر