البلدة القديمة في عكا..الشاهد الأول على أحداث هبة الكرامة في المدينة

تمر اليوم الذكرى السنوية الأولى لاندلاع أحداث هبة الكرامة في مدينة عكا والتي أسفرت عن اعتقال ما يزيد عن 250 فلسطيني في المدينة


  • الخميس 12 مايو ,2022
البلدة القديمة في عكا..الشاهد الأول على أحداث هبة الكرامة في المدينة

 

لا تزال البلدة القديمة في مدينة عكا تذكر أحداث هبة الكرامة في أيار 2021، حيث شهدت البلدة القديمة 90% من أحداث الهبة في عكا، والتي كانت تتمحور حول قمع السكان الفلسطينيين واحتجاز المئات منهم داخل أروقتها ومنعهم من الخروج منها لساعات طويلة نفذت فيها القوات الإسرائيلية والمستوطنين اعتداءات على الفلسطينيين داخل البلدة وخارجها.

12 من أيار..ذروة الأحداث

خلال هبة الكرامة خرج الفلسطينيون في القرى والبلدات الفلسطينية في الـ48 لنصرة القدس والأقصى ومن بينهم أهالي مدينة عكا، حيث بدأت التظاهرات في عكا بتاريخ 8.5.2021.

ويقول "أ.ح" أحد الشهود على ما حدث في عكا خلال تلك الأيام، إن أول تظاهرة خرجت في مدينة عكا نصرة للقدس والأقصى كانت بتاريخ 8 أيار، وشارك فيها العشرات من أهالي مدينة عكا لنصرة المسجد الأقصى وأهالي حي الشيخ جراح.

وأكد للجرمق على أن هذه التظاهرة سَلمت من قمع القوات الإسرائيلية، وانتهت التظاهرة دون أن يتم التنكيل بالمشاركين، مشيرًا إلى أن التظاهرة الثانية كانت بتاريخ 12.5.2021 وهو اليوم الذي غيّر مسار حياة مئات العكيين بعد ذلك.

وفي السياق، يقول "م.ح" وهو شخص تواجد في مكان ساحة الأحداث ذلك الحين إن 90% مما حدث في عكا خلال هبة الكرامة كان في يوم 12 من أيار، حيث بدأت أحداث ذلك اليوم بوقفة احتجاجية على التنكيل بأهالي حي الشيخ جراح ونصرة المسجد الأقصى والقدس.

ويتابع في حديثة للجرمق أن الوقفة حشدت في دقائقها الأولى حوالي 100 فلسطيني منهم أطفال وكبار، حيث احتشدوا بالقرب من مدخل البلدة القديمة بجانب دوار غسان كنفاني، مشيرًا إلى أن الشرطة تواجدت في المكان قبل التظاهرة وتجهزت لقمع الفلسطينيين.

ويلفت إلى أن الشرطة بدأت بقمع التظاهرة بعد دقائق من الاحتشاد، وأولو من اعتُدي عليه طفلة تبلغ من العمر 15 عامًا قامت الشرطة الإسرائيلية بسحلها أمام أعين المشاركين جميعًا الأمر الذي أجج الأوضاع آنذاك.

ويضيف أن الشرطة الإسرائيلية حينها بدأت بفض التظاهرة بالقوة وقامت بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع على المشاركين، ثم قامت بملاحقة الشبان حتى دخلوا البلدة القديمة في عكا وقامت بإغلاق مداخلها كاملة وحاصرتهم ومنعتهم من الخروج منها.

ويضيف للجرمق أنه في تلك الأثناء كانت القوات الإسرائيلية تعتدي على المشاركين بالتظاهرة وتلقي قنابل الغاز المسيل للدموع تجاه المنازل في مدينة عكا والذين أصيب عدد كبير منهم بالاختناق جراء الاعتداء.

ويقول، "بعد أن احتجزت القوات الإسرائيلية الشبان داخل البلدة القديمة بدأت بإطلاق قنابل الغاز والرصاص المطاطي، كما انتشرت القناصة قبل منتصف الليل على الأسطح وبدأت بقنص الشبان، ما أدى لإصابة شابين بالرصاص الحي وشاب بالرصاص المطاطي".

ويضيف أن الأمر الذي أدى لتأجيج الأوضاع في عكا ذلك اليوم هو وجود مستوطنين في فندق الأفندي حيث خرجوا من الفندق واعتلوا سطحه وبدأوا بتحريض الشرطة الإسرائيلية على الشبان المحتجزين في البلدة القديمة".

ويقول، "صعدوا إلى سطح الفندق ورفعوا شعاراتهم العنصرية منها الموت للعرب..كان المشهد أشبه بساحة حرب، فالشرطة وباقي الوحدات الإسرائيلية تقمع بالشبان وتطلق الرصاص تجاههم على الأرض والمستوطنين يحرّضون من أعلى سطح الفندق عليهم".

ويتابع للجرمق أن الشبان في البلدة القديمة كانوا يتابعون الأخبار أول بأول ويقرأون ماذا تكتب وسائل الإعلام عمّا يحدث في عكا، مؤكدًا على أن الأخبار بدات تصل للشبان المحتجزين بأن المستوطنين بدأوا بالاعتداء على أهالي عكا الجديدة خارج البلدة القديمة.

ويلفت أن مقاطع فيديو انتشرت وشاهدها الشبان حينها بأن المستوطنين حرقوا مصالح تجارية لفلسطينيين وهددوا بالاعتداء على أهالي عكا، مؤكدًا على أن الشرطة نفذت التهديدات واعتدت على الفلسطينيين في المنازل وكانت تمنع أي شخص من التصوير وتطلق القنابل داخل المناز.

ويردف أنه نتيجة هذه الأخبار قام الشبان داخل البلدة القديمة بالدفاع عن مدينة عكا وأهلها بالرد على جماعات المستوطنين المحرضين، قائلًا، "وهذا الرد تمثل بالحرائق التي كتبت عنها وسائل الإعلام فيما بعد كرد على ما قام به المستوطنون خارج البلدة القديمة.

ويوضح للجرمق أن الاعتداءات على الفلسطينيين ومنازلهم استمرت فيما بعد يوم 12 من أيار ولكن ذروة الأحداث تركزت في هذا اليوم، مؤكدًا على أن جماعات المستوطنين في اليوم التالي خرجوا بمظاهرات تحريضية على الفلسطينيين ورفعوا شعارات عنصرية.

ويُشير إلى أنه بعد الـ12 من أيار بدأت حملة الاعتقالات لشبان عكا، والتي استمرت لأشهر طويلة، حيث اعتقلت القوات الإسرائيلية في الساعات الأولى من 13 من أيار وما بعده حوالي 250 شابًا حيث نفذت اعتقالات بالجملة، منها اعتقالات من داخل المنازل.

البلدة القديمة مُحررة

وفي سياق الحديث عن 12 من أيار، وهو ذروة المواجهة مع القوات الإسرائيلية في عكا، يقول "ح.ع" أحد الشبان الذين تواجدوا في البلدة القديمة خلال المواجهات إن مداخل مدينة عكا القديمة أُغلقت لثلاثة حيث حاصرتها القوات الإسرائيلية ولم تسمح للشبان من الخروج منها وذلك بعد ملاحقتهم واحتجازهم داخل أزقتها عقب مشاركتهم في تظاهرة دوار غسان كنفاني.

ويتابع للجرمق أن القوات الإسرائيلية حاصرت البلدة القديمة من الخارج ولكنها لم تتوغل داخلها إلا بعد 3 أيام، حيث منع الشبان العكيون القوات باقتحام البلدة وكانوا يتناوبون على حراستها، مشيرًا إلى أن الشبان انتشروا فوق أسطح البلدة القديمة وتحديدًا جامع أحمد باشا الجزار.

ويلفت إلى أن القوات الإسرائيلية خلال الـ12 والـ3 والـ14 من أيار قامت بالتنكيل بالشبان المتواجدين داخل البلدة القديمة وقامت بإلقاء قنابل الغاز والصوت عليهم بالطائرات المسيرة كما وكانت القوات تطلق الرصاص الحي والمطاطي تجاههم حتى أصابت 3 شبان منهم.

ويضيف للجرمق أن القوات اقتحمت فيما بعد البلدة القديمة بأعداد كبيرة وبدأت بشن حملة اعتقالات واسعة وبالجملة حيث كانت تعتقل في كل يوم ما يقارب 15 شاب فلسطيني ومنهم من اعتقلوا من داخل المنزل.

مئات الإصابات

تحدّث فريق الجرمق مع مسعف ميداني رفض الكشف عن اسمه عن مجمل الإصابات التي تعامل معها في مدينة عكا، حيث يقول إن الإصابات تراوحت ما بين 100 إلى 150 إصابة ما بين المتوسطة والخفيفة.

ويتابع للجرمق أن غالبية الإصابات كانت بالغاز المسيل للدموع، أو اعتداءات بالضرب من قبل القوات الإسرائيلية، مؤكدًا على أن عدد الإصابات قد يكون ضعف هذا العدد لأن عشرات أو ربما مئات الحالات لم تُبلغ عن إصابة ولم تطلب إسعاف أو علاج سواء من المسعفين الميدانيين أو غيرهم.

ويلفت للجرمق إلى أن هناك 3 إصابات خطيرة سًجلت خلال أحداث هبة الكرامة في عكا، وهي إصابيتن بالرصاص الحي وإصابة بالرصاص المطاطي.

مصابو عكا

قنصت القوات الإسرائيلية في ذروة الأحداث الشاب مصطفى المصري وأصابته بشظية في بطنه، الأمر الذي دفع الطواقم الطبية لاستئصال كليته التي تضررت نتيجة الإصابة، حيث تقول نجود سويدان والدة الشاب مصطفى المصري في حديث سابق للجرمق إن الطواقم الطبية أجرت العملية لمصطفى دون علم عائلته في البداية، وقيدته في السرير ثم أخرجوه من غرفة العناية المركزة بعد 10 أيام من إصابته ولم يسمحوا لوالدته برويته.

وتتابع للجرمق أن السلطات الإسرائيلية قامت بتقييد مصطفى أثناء التحقيق في كرسي لمدة 3 أيام ولم يتكلم معه أحد..ولم يقتربوا منه فقط مقيّد.

وبالحديث عن الإصابات، اعتقلت القوات الإسرائيلية الشاب المصاب محمد عثمان بتاريخ 17 من أيار الماضي خلال أحداث هبة الكرامة، بعد أن أحاط به ما يقارب الـ50 جندي من قوات الشاباك واليسام والشرطة الإسرائيلية ووجهوا البنادق نحوه ومنعوا والده من الاقتراب منه.

ويقول سمير عثمان والد المعتقل في حديثٍ سابق للجرمق، “سمعت صراخ الجيران الذين قالوا لي إن قوة إسرائيلية تحيط بمحمد، فركضتُ نحوه لحمايته لكن عناصر الشاباك منعتني من الاقتراب منه ووجهت البندقية نحوي ثم اقتادوه لسيارة الشرطة”.

ويتابع أن نجله محمد قبل اعتقاله بأسبوع تعرض لإصابة في قدمه بعد أن أصابت قدمه رصاصة من قناص إسرائيلي رصده وأطلق النار عليه لتدخل من جهة وتخرج من الجهة الأخرى ما أدى لنقله للمستشفى لتلقي العلاج، مستدركًا أن القوات الإسرائيلية لم يهمها أمر الإصابة رغم محاولاته إخبارهم أن محمد مصاب ولا يستطيع المشي سوى على عكازة.

معتقلو عكا

لا يزال 32 شابًا فلسطينيًا يقعبون في الاعتقال المنزلي والفعلي حتى الآن من مدينة عكا، حيث يقبع في المعتقلات الإسرائيلية 22 شابًا، فيما يقبع في الحبس المنزلي 10 شبان ويتم التداول بملفاتهم من الخارج.

ومارست السلطات الإسرائيلية أساليب تعذيب نفسية وجسدية بحق الشبان الفلسطينيين المعتقلين من مدينة عكا بعد أحداث هبة الكرامة خلال جولات التحقيق التي استمرت لبعض المعتقلين ما يقارب الـ 30 يومًا داخل العزل الانفرادي، إذ تعرّض جميع المعتقلين لتحقيقات الشاباك.

ويقول المعتقل (أ.ح) الذي أفرج عنه مؤخرًا من السجون الإسرائيلية إن السلطات الإسرائيلية تعمدت ممارسة أساليب تعذيب نفسية وجسدية مرهقة بحقه، ويروي في حديثٍ مع الجرمق جانبًا مما قاساه داخل غرف التحقيق والعزل الإنفرادي.

ويقول إن إدارة المعتقل كانت تتعمد مراقبته أثناء النوم، لمنعه من النوم لمدة ثواني أو دقائق فعندما يحاول النوم يتم ركله أو ركل بوابة الزنازنة حتى يستيقظ.

ويضيف أن أحد أنواع التعذيب التي مورست بحقه هي تشغيل المكيّف على درجة حرارة منخفضة جدًا، دون إحضار أي قطعة للاحتماء بها من البرد، ويصفها قائلًا “كأني في ثلاجة واسعة جدًا ولا غطاء أحتمي به”.

ويضيف الشاب أن السلطات الإسرائيلية استخدمت أثناء التحقيق أسلوب الاستفزاز معه، إذ أحضر المحقق الطعام والسجائر في محاولة لإغرائه وعليه إما الاعتراف والحصول على الطعام والتدخين أو حرمانه من الطعام الجيد.

ويتابع للجرمق أن أحد المحققين قام بالتدخين أمامه ونفث الدخان في وجهه كخطوة استفزازية لإثارة غضبه.

ويروي الشاب أن المحققين تعمدوا التلفظ بألفاظ نابية والشتائم بحقه، وتهديده بإحضار أمه والتحقيق معها أمامه داخل الزنزانة.

في حين يقول الشاب (ع،ز) إن المحقق قام بتهديده بقطع التأمين الوطني عن والدته، ويضيف، “أمي تعتاش من التأمين الوطني، هددوني بقطعه عنها، وقالوا لي سنرى كيف ستستطيع مساعدتها وأنت داخل الزنزانة”.

 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر