الجرمق تكشف كيف استغلت إسرائيل فزاعة "داعش" لاستهداف النشطاء في أراضي48


  • الاثنين 4 أبريل ,2022
الجرمق تكشف كيف استغلت إسرائيل فزاعة "داعش" لاستهداف النشطاء في أراضي48
شنت السلطات الإسرائيلية خلال الأيام  الأخيرة حملة استدعاءات واعتقالات واسعة طالت عشرات الفلسطينيين في أراضي48 بحجة تماهيهم مع تنظيم "داعش" وذلك في أعقاب عمليتي الخضيرة وبئر السبع التي قتل فيها 6 إسرائيليين وأصيب آخرين. وزعمت القوات الإسرائيلية أنها اعتقلت ما يزيد 43 فلسطينيًا بتهمة تأييد تنظيم الدولة "داعش"، بينهم 36 فلسطينيًا من الناصرة ووادي عارة وسخنين والطيبة. ولكن في التقرير التالي، وبعد متابعة حالات عدة لفلسطينيين جرى اعتقالهم واستدعاؤهم في أراضي الـ48 في الآونة الأخيرة، يتبين أن حملة السلطات الإسرائيلية ليست كما روجت لها بأن جميع المعتقلين يتبعون أو يؤيدون فكريًا تنظيم "داعش"، حيث يظهر أن عدد كبير من المعتقلين لا يؤيدون التنظيم ويعارضونه بشكل علني ويحذرون منه باستمرار، كما أن حملة الاستدعاءات والاعتقالات لم تبدأ فجأة بعد العمليتين وإنما شهدت أراضي الـ48 طوال الأسابيع الماضية حملة استدعاءات واعتقالات طالت العشرات من الفلسطينيين.

النقب المستهدف

وعقب تنفيذ عملية بئر السبع، شنت القوات الإسرائيلية حملة تحقيقات واستدعاءات واسعة لعشرات الشبان والفتيات من النقب، حيث أكد نشطاء على أن السلطات الإسرائيلية تحاول استغلال الأوضاع الأمنية الأخيرة لاستدعاء نشطاء وناشطات والتنكيل بهم. ووصل عدد الذين حققت معهم المخابرات الإسرائيلية في النقب حوالي 20 فلسطينيًا، بينهم فتيات، وتمحورت الأسئلة حول  رأيهم في عملية بئر السبع وماذا يتوقعون أن يحدث خلال الأيام القادمة. وقال أحد النشطاء الذين استدعوا للاستجواب في حديث سابق للجرمق  إن هذه الاستدعاءات لترهيب وتخويف أهالي النقب، مؤكدًا على أن المخابرات الإسرائيلية استدعت عدد كبير جدًا من النشطاء والشبان في النقب لاستجوابهم خلال الأيام الماضية. وأكدت مصادر محلية للجرمق على أن الاستدعاءات ليست مقتصرة على منطقة أو قرية محددة في النقب وإنما الاستدعاءات طالت جميع المناطق. ولفتت إلى أن مدة التحقيقات طويلة جدًا قد تصل إلى 6 ساعات، حيث أن المخابرات تبدأ التحقيق مع الشخص حوالي الساعة 9 صباحًا وتستمر حتى ساعات العصر.

الاستدعاءات ليست جديدة

وحملة الاعتقالات والاستدعاءات للنشطاء مستمرة منذ أشهر طويلة، وليس كما تدعي السلطات الإسرائيلية أن الاعتقالات جديدة، حيث طالت الاعتقالات والاستدعاءات للنشطاء قرابة 40 فلسطينيًا منذ بداية عام 2022 في الجليل والمثلث والنقب، إذ استدعت القوات الإسرائيلية خلال الأشهر الماضية 10 نشطاء من مدينة حيفا للتحقيق معهم.

حيفا ويافا

وحقق جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" مع إحدى الناشطات وهي الطالبة في معهد التخنيون سمية فلاح من حيفا خلال فبراير الماضي حيث حولها الشاباك  للاعتقال المنزلي بتهمة الاتصال مع "عميل أجنبي" على حد زعمهم، حيث حققت المخابرات والشرطة الإسرائيلية معها لأكثر من 10 ساعات ومددت اعتقالها عدة أيام. ومن بين الناشطات الحيفاويات اللواتي حققت المخابرات الإسرائيلية معهن، الفنانة الفلسطينية (ر، ب) التي أكدت على أن المخابرات الإسرائيلية اتبعت معها أسلوب التحذير المبطن "التهديد" خلال التحقيق. وفي ذات الفترة، استدعت المخابرات الإسرائيلية الشابة يارا غرابلي من مدينة يافا في يناير الماضي على إثر تنظيمها تظاهرة إسنادية للنقب وذلك عقب اندلاع مواجهات في قرية سعوة الأطرش مسلوبة الاعتراف في النقب خلال يناير الماضي. وقالت يارا غرابلي في حديث سابق للجرمق إن عناصر المخابرات الإسرائيلية استدعتها بطريقة مريبة عبر ملاحقتها ليلًا، وتقديم الاستدعاء لها عبر ورقة غير مختومة، ولذلك فإن الاستدعاء لم يكن رسمي. وأكدت للجرمق على أن الطريقة التي استُدعيت فيها للتحقيق هي فقط لشن حرب نفسية ضدها، قائلة، “حاولوا استغلال نقطي ضعفي وتمت ملاحقتي ليلًا وأنا لوحدي وهما رجلان ويرتديان الأسود”. وتابعت حينها أن التحقيق دار حول تنظيم التظاهرات غير القانونية، مؤكدة على أنها بحسب القوانين الإسرائيلية لم تخالف أي شرط من شروط تنظيم التظاهرات. وتابعت أن جوّ التحقيق كان مخيفًا حيث أنها فور دخولها شاهدت على أحد الجدران بندقية كبيرة جدًا معلقة على الحائط، مشيرة إلى أنها كانت مرعبة للغاية خاصة أنها بجانب شهادات التقدير التي تعود للمحقق. وقالت للجرمق إن التحقيق كان لمحاولة لإخافتها حيث أن المُحقق تعمد بأن يقول لها إنه راقبها أثناء التظاهرة وكان أحد الحاضرين على دوار الساعة اي مكان الوقفة، لافتة إلى أنه سألها أسئلة شخصية وحاول ترهيبها عبر تهديدها بعائلتها. وأردفت للجرمق أن المُحقق قام بتهديدها إن تواجدت في أي مظاهرة في المستقبل، مضيفة، “هناك تصرف قام به يُمكن أن يندرج تحت إطار التحرش حيث قال لي المُحقق إنه خرج من مكتبه عندما قاموا بإعلامه عن وصولي لينظر لي عند دخولي لغرفة التحقيق”.

أم الفحم والناصرة والطيبة

كما استدعت الإسرائيلية مؤخرًا ناشطة من مدينة أم الفحم مرتان خلال أشهر، حيث اقتحمت المخابرات الإسرائيلية منزلها، وحققت معها ليلًا، ومنعتها من لقاء محامي أو الاتصال مع العائلة. وقالت الناشطة في حديثٍ سابق للجرمق “أجبروني على الرد على الرسائل التي تصلني على هاتفي، وأخذوا يراقبون ماذا أكتب ويتابعون الرسائل التي تصلني بمنتهى الدقة”. ولفتت إلى أن الأسئلة تمحورت حول أنشطتها والحراكات التي تشارك بها والتي تضم أنشطة وطنية، مشيرة إلى أن الأسئلة أيضًا دارت حول شخصيات معينة تتواصل معها الناشطة. كما اعتقلت القوات الإسرائيلية خلال الأيام الأخيرة شابين من مدينة أم الفحم، أحدهم لا يزال رهن الاعتقال حتى الآن وهو الشاب سعيد جبارين، إذ اعتقل من منزله ومنعته من لقاء المحامي، إضافة إلى اعتقال الشابين يزن وباسل عباهرة من مدينة عرابة في القدس. كما اعتقلت سابقًا الناشط في الحراك الفحماوي الموحد محمد طاهر جبارين من قرية لفتا المهجرة أثناء القيام بفعالية في القرية وأداء الصلاة فيها. واعتقلت القوات الإسرائيلية بداية العام الحالي حتى الآن، 3 نشطاء من مدينة الناصرة، حيث اعتقلت الناشط منهل حايك وحولته للحبس المنزلي في يناير الماض. وقال حايك في حديث سابق للجرمق إن المحقق سأله عن المظاهرات المساندة للنقب، ووجه له تهمًا تهديد أمن المواطن والأمن العام. ولفت إلى أن الشرطة الإسرائيلية أبعدته عن الناصرة مع الحبس المنزلي لمدة خمسة أيام، كما تم الحجز على هاتفه النقال، وتم منعه من التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي أو الحديث عن قضايا الأسرى والنقب خلال فترة الحبس المنزلي. واعتقلت القوات الإسرائيلية في الوقت ذاته الناشطة هناء ظاهر  في يناير الماضي ومنعتها من التواصل مع الناشط منهل حايك خلال فترة الحبس المنزلي، ووجهت لها تهمًا بتنظيم المظاهرات. ومؤخرًا، اعتقلت القوات الإسرائيلية الناشطة رلى مزاوي من الناصرة، حيث قال المحامي خالد محاجنة في حديثٍ سابق مع الجرمق إن الشرطة الإسرائيلية أخذت رلى من منزلها وحققت معها بشبهات “التحريض على العنف ودعم العمليات وخاصة الأخيرة في بني براك التي وصفت فيها الشرطي أمير خوري بالخائن” عبر صفحتها على منصة فيس بوك. وأوضح محاجنة أن الشرطة الإسرائيلية إلى جانب جهاز الأمن العام الإسرائيلي “الشاباك” يحققون مع مزاوي، مضيفًا، “أنا استغربت من اعتقالها لم أتوقع أن يتم اعتقالها على هذا الموضوع.. كنت أعتقد أنه سيتم التحقيق معها وإطلاق سراحها”. وأردف لـ الجرمق، “يوجد استهداف لجميع النشطاء كل يوم يعتقلون عشرات الشبان في أم الفحم وغيرها.. اليوم أصبح كل إنسان يعبر عن رأيه معرض للاعتقال.. يريدون منع الإنسان من التعبير عن رأيه.. باتوا يعتبرون المنشور أو الصورة تحريض وهذا وضع خطير”.

استغلال الأحداث

وأكد نشطاء ومحامون على أن السلطات الإسرائيلية تستغل الأحداث الأخيرة خاصة بعد تنفيذ عمليتي الخضيرة وبئر السبع، لملاحقة النشطاء الفلسطينيين والزج بهم في السجون والمعتقلات بتهم التحريض أو ملاحقتهم على منشورات في فيسبوك. وكتب المحامي أحمد خليفة على حسابه في فيسبوك، "في حي الإغبارية تجلس عوائل تحسب الدقائق ساعات وهي بانتظار أخبار أولادها في المعتقلات (دون معرفة السبب الفعلي)، وتعد الدقائق حتى تدفن أبناءها بغض النظر عن رأيهم فيما فعلوه فأيمن وإبراهيم إغبارية لم يطلبوا إذنا من أبناء بيتهم قبل قتل مجندين في الخضيرة". وتابع، "ساهمت الاستنكارات المحلية الكثيرة واللزجة بتقوية أذرع الامن الاسرائيلي علينا كلنا ومحاولة دعشنتنا كلنا.. فأول الاعتقالات كانت بحجة داعش واليوم يعتقل سعيد محمد جبارين وهو الناشط الاجتماعي والاستاذ المدرسي والعامل على قوت بيته ....فما الحجة الآن لغض الطرف وأين الاستنكارات؟!! وأضاف، "نحن على عكس ما يظن البعض لمن نأت من العدم، ولم نصل بلادنا محملين بالسفن من كل أسقاع الأرض، بل لنا جذور نحميها تحت التراب، ولن نترك معتقلا وحده يقارع عتم الزنزانة وبردها". وفي سياق الحديث عن الاعتقالات، قال الصحفي حامد اغبارية في حديث سابق للجرمق، إن هناك نية لتوسيع رقعة الاعتقالات والإدارية منها لتنال من كل ناشط يعبر عن رأيه وموقفه من أي حدث كان. وأضاف أن هذه الملاحقات تهدف إلى تكميم الأفواه ومنع الجمهور الفلسطيني في الـ48 من التعبير عن رأيه في القضايا التي تهمه. ويلفت اغبارية إلى أن الفلسطينين في الـ48 حاليًا بمرحلة شديدة الحساسية والخطورة، مؤكدًا على أن جزء من الإجراءات التي تتبعها السلطات حاليًا كالاعتقالات مخطط لها مسبقًا ومسألة التوقيت تأتي فقط لتبرير هذه الخطوات. ومن جانبه، قال عضو المكتب السياسي لحركة أبناء البلد لؤي خطيب في حديث سابق للجرمق إن القوى الوطنية  والنشطاء في  الـ48 الآن مهددون ومعرّضون لهجمة، مشيرًا إلى أن "إسرائيل" دائمًا تستغل أي فرصة وأي حدث لملاحقة النشطاء ووضعهم تحت القبضة الأمنية حيث أنهم لا ينعمون بنعيم الديموقراطية الزائفة التي صنعتها "إسرائيل" لليهودي فقط. وتابع أن الاعتقالات ليست جديدة، فدائمًا ما تستخدم "إسرائيل" سياسة الاعتقالات لشرعنة المزيد من القمع والحصار وتشديد القبضة الأمنية على النشطاء وعلى فلسطينيي48. ومن الجدير بذكره أن السلطات الإسرائيلية استدعت قرابة 40 فلسطينيًا بينهم نشطاء وناشطات من مناطق الجليل والمثلث والنقب للتحقيق والاعتقال، حيث استهدفت نشطاء في حيفا ويافا والناصرة وأم الفحم ومن مختلف مناطق النقب وحققت معهم حول نشاطهم ومشاركاتهم في التظاهرات والفعاليات الوطنية.  
. . .
رابط مختصر



اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة *

مشاركة الخبر