ماذا عن الرد الإيراني؟

بدأت "إسرائيل" صبيحة 13 من حزيران/يونيو 2025 عمليتها العسكرية في إيران وأطلقت عليها اسم "الأسد الصاعد" لـ "إزالة التهديد النووي الإيراني" وفق الوصف الإسرائيلي حيث افتتحت "إسرائيل" عمليتها باستهداف قادة في الحرس الثوري الإيراني وعلماء ومنشآت نووية ونفطية في إيران.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف عشرات المواقع الإيرانية بينها مقرات ومواقع عسكرية ومنشآت نووية. وجاء في بيان له، أنه "وبتوجيهات من المستوى السياسي أطلق هجوما استباقيا دقيقا ومتكاملا يستند إلى معلومات استخبارية نوعية، وذلك لضرب البرنامج النووي الإيراني وردا على العدوان المستمر من النظام الإيراني ضد دولة إسرائيل".
وفي أول تعليق له على الهجوم الواسع في إيران، توّعد المرشد الإيراني علي خامنئي عبر حسابه في موقع "إكس" "إسرائيل" بـ "العقاب الشديد" وذلك ردا على استهداف عدد من قادة الحرس الثوري الإيراني وعلماء نوويين في إيران.
وقال حساب خامنئي في موقع "إكس" باللغة العبرية، "يجب على الكيان الصهيوني أن يتوقع عقابًا شديدًا. يد القوة العسكرية للجمهورية الإسلامية القوية لن تتركه. هذا الكيان الإجرامي رسم لنفسه مصيرًا مريرًا ومستقبلًا مليئًا بالعذابات".
حرب على إيران
يقول الكاتب والمحلل السياسي أمير مخول إن، "إيران تلقت ضربة هائلة جدا وفي الصميم تُذّكر كيفية بدء حرب الـ67 عندما قضت إسرائيل على أسلحة الجو العربية وتُذكر بما حدث في لبنان قبل نص عام عندما اغتالت إسرائيل قيادات الأركان في حزب الله وثم أمينها العام وقبل ذلك التفجيرات".
ويتابع للجرمق، "هناك عملية محسوب لها منذ فترة طويلة، ولا يمكن وصفها بالعملية حتى قيادات في الجيش تقول إن هذه بداية حرب ولا تقاس في اليوم، وفي حال نجحت إسرائيل بالقضاء على الدفاعات الجوية الإيرانية وسلاح الجو الإيراني تكون قد انتصرت، وفي حال لم يحدث ذلك سنكون أمام حالة من الكر والفر الصاروخي وعمليا ستكون حرب مفتوحة، ولكن لا أتوقع أن تندلع حرب إقليمية أي انضمام دول أخرى فلا أعتقد أن هناك دول معنية بالانضمام لهكذا حرب أو التواجد فيها ولذلك ستبقى بهذا الشكل وقد تتوسع إذا قررت إيران الرد على القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة وعلى منشآت النفط والتي تؤثر على أسعار النفط العالمية بعد إغلاق مضيق هرمز".
ويضيف، "السؤال الآن، ما رأيناه حتى الآن كان رد ضعيف بالمسيرات وليس بمستوى 200 طائرة إسرائيلية هجومية هائلة القوة والقدرات تقصف منذ ساعات طويلة في إيران بعدما حيدت بحسب القاموس اللغوي العسكري الإسرائيلي الاعتراضات الجوية والدفاعات الجوية الإيرانية، وأيضا بعد استهداف العلماء وقيادات الأركان في الجيش وهذا ليس الذروة بحسب اعتقادي، فالذروة قد تكون بحسب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هي الحرب متعددة الطبقات مع النظام الإيراني تبدأ بالقضاء على حلفائه وقياداته الإقليمية ثم تدمير اقتصاده ثم الوصول لوضع أنه ما دام هذا النظام قائما سوف يكون هناك محاولات لوقف التسلح النووي بالتالي الوصول لوضع يتم فيه هدم النظام وفقا لهذه العقيدة".
ويردف، "المسعى الآن تقويض قدرات إيران العسكرية الصاروخية ووحدة قيادة الأركان وربما زرع الخلافات داخل النظام الإيراني".
ويتابع، "من الواضح أن إيران ستحاول الرد بشكل موجع لإسرائيل إذا استطاعت ذلك، وربما تحاول تدفيع الأمريكان الثمن في حال لم تستطع الرد على إسرائيل بسبب قواعدها المنتشرة في محيط إيران، ولكن هذه قد تجر إيران لما هو أكبر من قدراتها".
ويوضح، أن، "الضربة الإسرائيلية لا تعني نهاية المشروع النووي الإيراني ولا نهاية القدرات الإيرانية الصاروخية، وأعتقد أن الأيام ستبين ما تملك إيران من قدرات، الحرب لا تبين فقط ما يريده كل طرف وإنما ما يقدر عليه".
ويقول للجرمق، "الميزان الآن يميل لصالح إسرائيل حتى لو ضربت إيران صواريخ، فهذا لا يساوي الحرب المباشرة بـ 200 طائرة على الداخل الإيراني على مواقع واسعة جدا في إيران وبـ الاختراق الإسرائيلي متمثلا بالموساد لإيران وكل ذلك له تداعياته على هيبة الدولة وقدراتها، ولذلك قد يكون الرد انتقامي جدا لكن إذا كانت له أدوات أما غير ذلك أعتقد ستكون النتيجة كما تبدو اليوم".
ويردف، "الجانب الآخر هو مسعى الولايات المتحدة بأن ما يحدث هو مفاوضات تحت القوة لفرض معادلة على إيران للتوقيع على الاتفاق النووي بالشروط الأمريكية وهذا احتمال وارد ولكن تبدو حاليا إيران وحيدة بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا وبعد سقوط حزب الله وتفكيك وحدة الساحات، والآن إيران جبهة منعزلة، والجبهة الأخرى المنعزلة وتموت وحدها هي غزة".
ومن جهته، يقول الدكتور في العلوم السياسية سليم بريك للجرمق، "المتوقع في الساعات القادمة هو رد إيراني قاسي ورفعوا البيرق الأحمر الذي يدل على الرغبة بالانتقام، ولكن الحرب ما زالت مستمرة وإسرائيل لا زالت تقصف إيران، ونرى أن سلاح الجو الإيراني لا يعمل نهائيا".
ويتابع، "في هذه الحالة من الصعب جدا أن نتوقع من إيران أن تقوم بعملية سريعة، ولكن قد يأتي الرد بعد مدة وإسرائيل مستعدة له وهذا قد يحدث ولكن الوضع في إيران نفسها ستكون الأولوية الدفاع عن ما تبقى قبل أن تقوم بعملية ضد إسرائيل".
استهداف إيران جاء بعد تهديدات إسرائيلية ولكن هذا لم يمنع سقوط خسائر
ويوضح الدكتور في العلوم السياسية في جامعة حيفا سليم بريك للجرمقأن وجود خسائر في الأرواح وخسائر مادية في إيران بسبب الضربة الإسرائيلية رغم تهديداتها السابقة بتوجيه ضربة لإيران "يدل على أن هناك قدرات استراتيجية كبيرة جدا في إسرائيل غير موجودة لدى إيران، أولا إيران مخترقة وهذا واضح منذ فترة طويلة من قبل الاستخبارات الغربية والأمريكية حتى أن الموساد أقام معسكرات في قلب إيران نفسها".
ويقول، "والقضية الثانية هي القدرات الجوية الإسرائيلية غير الموجودة في إيران، فالولايات المتحدة زودت إسرائيل بطائرات إف 35 وبأكبر الصواريخ والقنابل التي تستطيع أن تخترق جبال وكل هذه القدرات غير موجودة لإيران".
ويردف، "والقضية الثالثة أن إيران محمية من قبل الدولة العربية المحيطة فرأينا كل المسيرات التي أطلقتها إيران أسقطتها الأردن، وبالتالي دول السنتكوم كالسعودية ودول الخليج والأردن، هذه الدول موجودة بجانب إسرائيل أقرب منه إلى جانب إيران بسبب الانكسار الجغرافي بين إسرائيل وإيران الذي يحوّل الدول العربية لقوى استراتيجية ضد إيران".
ويتابع، "إيران دولة كبيرة جدا وتستطيع أن تعوض عن القادة الذين استهدفتهم إسرائيل وهذا يحتاج وقت بطبيعة الحال، إيران سترد وقادرة عليه ولكن إسرائيل استعدت للرد بشكل جيد كما أن إسرائيل ستشغل إيران بعملية عسكرية مستمرة وهذا سيضعف الرد الإيراني وفعاليته".
هل ستنضم جبهات أخرى للرد على "إسرائيل"؟
ويختم بريك للجرمق، "لا أعتقد أن ينضم حزب الله للرد فالحزب قد انتهى والثمن الذي ستدفعه لبنان بسبب رده في حال حدث سيكون باهظ جدا، أما الحوثيون فمن الطبيعي أن ينضموا للرد ولكن ردهم لا يهدد إسرائيل بشكل حقيقي وقد يكون عدة صواريخ فقط ولكن لا ترقى لمستوى تهديد حقيقي لإسرائيل، ولكن في حال قامت إيران برد قوي على إسرائيل فستدخل الولايات المتحدة في الحرب وقد تدخل دول أوروبية كبريطانيا وقد تتحول الحرب لحرب على مستوى المنطقة، ولكن حتى الآن إسرائيل تستطيع أن ترد بنفسها دون دعم أمريكي".