طيارون في سلاح الجو الإسرائيلي ينشرون عريضة للمطالبة بإنهاء الحرب..ما تداعيات ذلك؟

وقع المئات من الطيارين الإسرائيليين المتقاعدين وعدد من عناصر الاحتياط في سلاح الجو على عريضة نُشرت صباح اليوم الخميس، تدعو الحكومة الإسرائيلية إلى إبرام صفقة لإعادة جميع المحتجزين الإسرائيليين حتى لو تطلّب ذلك وقفًا فوريًا للحرب.
وقال الموقعون إن "الحرب الحالية تخدم مصالح سياسية وشخصية وليست أمنية"، وفق تعبيرهم.
وبحسب العريضة فإن الموقّعين طالبوا عموم الإسرائيليين بـ"الانخراط في حراك فعّال"، وشددوا على ضرورة التوصل إلى اتفاق يعيد المحتجزين الإسرائيليين إلى منازلهم فورًا، مشيرين إلى أن "الوقت ينفد، وكل يوم تأخير يُعرّض حياتهم للخطر".
وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية فإن، 10% من الموقّعين هم من جنود الاحتياط الفاعلين، معظمهم متطوعون، بينما البقية من الضباط المتقاعدين من بينهم ضباط كبار في سلاح الجو ضمن قوات الاحتياط أو ضباط متقاعدين، بالإضافة إلى رئيس أركان سابق للجيش الإسرائيلي.
وأفادت صحيفة "يديعوت أحرنوت" أنه، من بين الموقعين على العريضة شخصيات عسكرية بارزة في سلاح الجو، بينهم رئيس الأركان الأسبق، دان حالوتس، واللواء المتقاعد نمرود شيفر، إلى جانب عدد من كبار الضباط المتقاعدين مثل العميد آساف أغمون، اللواء غيل ريغيف، العميد راليك شفّير، وأمير هسكيل.
وتُعتبر الغالبية الساحقة من الموقّعين هم ضباط متقاعدون، فيما استخدم خمسة فقط من بين المئات الأحرف الأولى من أسمائهم، ما يُشير إلى أنهم من جنود الاحتياط الفاعلين الذين فضّلوا عدم الكشف عن هويتهم تفاديًا للإقصاء.
أسباب توقيع العريضة ونشرها
ويقول الكاتب والباحث نضال وتد للجرمق إن، “هذا التحرك يبدو أنه متأثر بشكل كبير بمسألة المحكمة الجنائية لجرائم الحرب فأكثر من هم موضوعون كأهداف ومطاردون في الجيش الإسرائيلي من قبل المحكمة هم الطيارين في سلاح الجو، ولذلك ليس صدفة أن الطيارين الذين لا يزالون في الخدمة العسكرية لا يتم نشر صورهم ولا أسمائهم ويشار إليهم بالأحرف الأولى لأن إسرائيل تدرك أن كل نشاطهم في سلاح الجو مرتبط بجرائم حرب وانتهاك القانون الدولي خاصة أن الطائرة لا يمكنها التمييز بين مدني وغير مدني حتى لو افترضنا جدلا أن هناك نوع من التمييز بالأساس لدى القيادة العسكرية".
ويتابع للجرمق، "سبب الخروج بعريضة رسمية هو أولا الخوف على مصيرهم الشخصي عندما يسافرون خارج إسرائيل، ثانيا هي حالة من محاولات الضغط على حكومة نتنياهو للضغط لاستعادة الأسرى الإسرائيليين، حتى لو اضطرت إسرائيل لإنهاء الحرب، وهذا يدل على أن دوافعهم الحقيقية هي ليست بالأساس دوافع إنسانية ضد الحرب والدمار، وإنما الهاجس الأساسي عندهم هو استعادة الأسرى لدى حماس".
ويردف، "في سياقات المسار العسكري الإسرائيلي كان الشعار الذي يُرفع دائما هو سلاح الطيران على اعتبار أنهم دائما بحاجة إلى درجة عالية من الذكاء، ولكن نشير إلى أن غالبية من كانوا في سلاح الطيران في إسرائيل هم من سكان المستوطنات التي تعرف بالقرى التعاونية الزراعية "الكيبوتسات"".
ويقول للجرمق، "هناك ملاحظة أن غالبية من بقي من الأسرى لدى حماس هم من سكان القرى التعاونية الزراعية المحيطة في قطاع غزة وهذا كان أحد أسباب التوتر أن نتنياهو أهملهم وتهرب من الوصول لأحد الكيبوتسات الأكثر تضررا خلال 7 أكتوبر وهو كيبوتس نير عوز المحسوب على اليسار الإسرائيلي الاشتراكي وبالتالي هناك نوع من الشعور أن هناك عدم اهتمام بأمرهم لأنهم أيدولوجيا أعداء لليمين الإسرائيلي".
ويوضح أن، "السياق الرئيسي لهذه المسألة هو محاولة الظهور أنه ’إذا لم تقم الآن ببذل االمزيد من الجهد لاستعادة الأسرى الذين غالبيتهم من الكيبوتسات الزراعية اليسارية فلن نخدم في الجيش الإسرائيلي ونطالب بوقف الحرب إن اضطررنا لذلك’".
ويقول، "وقف الحرب في السياق الإسرائيلي الآن هو وقف مؤقت سواء من أقصى ما تبقى في اليسار في إسرائيل أو في اليمين، والخلاف الوحيد بين من يؤيدون نتنياهو بما في ذلك الصهيونية الدينية الذين يوجد أبناء لهم في الأسر الآن أو قتلوا خلال الحرب أو من يعارض نتنياهو هو ليس على أهداف الحرب وإنما متى سيتم استكمال الحرب، قبل استعادة الأسرى أم مواصلة الضغط العسكري للضغط على حماس واستعادة الأسرى، الخلاف في إسرائيل هو على أي الأمرين أولى وقف الحرب ثم إعادة الأسرى ومواصلة القتال أم الوصول لاستخراج الأسرى مع مواصلة القتال لمراكمة الإنجازات بالمفهوم الإسرائيلي العسكرية والاستراتيجية، لأن استمرار الحرب يعني المزيد من الدمار في غزة ومزيد من السنوات لإعادة الإعمار وهذا كله بنظرهم فرصة زمنية واسعة للاستعداد لأي دورات قتالية قادمة".
إقالة الموقعين على العريضة الرسمية من الطيارين الإسرائيليين
ويقول وتد للجرمق، "خطوة الإقالة متوقعة من قبل القيادة العسكرية في إسرائيل لأننا نتحدث عن طيارين في الخدمة الإلزامية وهذا يختلف عن المجموعة السابقة التي كانت تقوم بالخدمة في الاحتياط التي هددت خلال ما يسمى بالانقلاب الدستوري قبل عملية 7 من أكتوبر أنه إذا استمرت الحكومة بخطها اليميني فإنهم سيوقفون تطوعهم في الجيش الإسرائيلي والحقيقة أن التطوع هو خدمة احتياطية ولكن توصف بالقانون الإسرائيلي أنها تطوعية".
ويتابع، "الآن نتحدث عن طيارين في الخدمة العسكرية الإلزامية أو النظامية وبالتالي في العُرف الإسرائيلي يفترض في ضابط بالخدمة الفعالة ألا يكون له موقف سياسي وألا يعترض على قرارات المستوى السياسي وإنما فقط ينفذ الأوامر العسكرية، وخطوة الإقالة متوقعة من الجيش لأنها مرتبطة بمفهوم الانضباط العسكري وبالتالي لا يجوز للضابط الخدمة العسكرية أو تنفيذ أوامر".
ويوضح أن "رسالة الطيارين هي نوع من التهديد أنه في حال لم توقفوا الحرب فإننا لن نخدم بالتالي لن يبقى للجيش من يخدم وهذا نوع من الابتزاز في سياق اليمين الإسرائيلي المهيمن اليوم".
ويتابع، "حتى لو وقعت مثل هذه الحادثة في حكومات اليسار، والتي حدثت في وقت سابق في حرب لبنان الأولى، عندما كان هناك رسالة واضحة للضباط برفض الخدمة العسكرية في حرب لبنان بعد أن اعتبروها حرب مضللة للجمهور الإسرائيلي، بالتالي خطوة رئيس الآن تعتمد على ما يتيح له قانون الخدمة العسكرية في إسرائيل وكل ما يتعلق بالبروتوكول لضباط الخدمة الفعالة، فالضابط في الخدمة الفعالة ملزم بتنفيذ الأوامر إلا إذا ثبت أن الأوامر غير قانونية".
ويقول وتد، "التداعيات لهذه الخطوة قد تثير ضجة إعلامية فقط وليس أكثر من ذلك، الضباط إذا تلقوا أوامر رسمية للمثول في القواعد العسكرية ورفضوا ذلك والقانون الذي سيتم التعامل معهم فيه هو القانون العسكري ولن يتم فقط إقالتهم من الجيش وإنما سيتطور الأمر لتقديمهم لمحاكمات عسكرية تنتهي لتخفيف الأزمة تخفيض رتبهم العسكرية أو فصلهم نهائيا من سلاح الجو وتجريدهم من كل الامتيازات التي يتمتع بها خريجو سلاح الجو".