دلالات تراشق الاتهامات بين الجيش والشاباك ومصلحة السجون بعد إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء

تبادلت القيادة السياسية والأمنية في "إسرائيل" الاتهامات عقب الإفراج عن 50 معتقلًا غزيا ومن بينهم مدير مستشفى الشفاء في غزة د.محمد أبو سلمية حيث تنصلت كل الأطراف من مسؤوليتها عن إطلاق سراحه وذلك بعد أن انهمرت الانتقادات على الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام الشاباك وعلى إدارة مصلحة السجون للإفراج عن أبو سلمية بعد اعتقاله لأشهر.
وتراشق الأطراف الاتهامات، حيث اتهم وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير جهاز الشاباك بمسؤوليته عن إطلاق سراح أبو سلمية بينما تنصل وزير الجيش الإسرائيلي من مسؤوليته وقال إن هذه القضية ليست من صلاحياته بينما أكد جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" أن الإفراج جاء بعد تحذيرات متواصلة من اكتظاظ السجون والمعتقلات الإسرائيلية بسبب الأعداد الكبيرة من الأسرى الفلسطينيين وخاصة الغزيين.
حكومة مشتتة
يقول المحلل السياسي والكاتب فايز عباس للجرمق إن، "قضية الإفراج عن د. أبو سلمية لا تزال تتصدر العناوين في وسائل الإعلام الإسرائيلية والسبب ليس إطلاق سراح أبو سلمية وإنما لأن إسرائيل الآن في وضع التشتت ولا تعرف اليد اليمنى ما تعمل اليد اليسرى، هذه الاتهامات من قبل القيادة السياسية للقيادة الأمنية خاصة الشاباك تشير لعدم الثقة ما بين القيادتين بتاتا".
ويتابع للجرمق، "رئيس الشاباك الذي طالب بعض الوزراء الإسرائيليين بإقالته بعد إطلاق سراح أبو سلمية أنه حذر مرارا خلال الاجتماعات من إمكانية إطلاق سراح أسرى بسبب الاكتظاظ داخل السجون، ووزير الأمن القومي بن غفير هو المسؤول عن إدارة مصلحة السجون ولم يفعل شيء".
ويضيف أن، "نتنياهو قال بأنه لا يعلم شيئا عن قضية إطلاق سراح أبو سلمية ووزير الجيش الإسرائيلي قال إن القضية ليست جزء من مسؤوليته أو صلاحياته".
ويقول للجرمق، "أما عن بن غفير فقد اتهم الشاباك بأنه يريد تحسين ظروف حياة الأسرى وأنه هو المسؤول عن إطلاق سراح أبو سلمية، وهذه الاتهامات المتبادلة، فالجميع يتهم الجميع دليل على أن الحكومة الإسرائيلية تعيش فترة من البلبلة وعدم التنسيق بين الوزارات المختلفة وبين الأجهزة الأمنية وهذا دليل على أن عدم الثقة بين الجهاز الأمني والجهاز السياسي كبير جدًا وغير مسبوق في تاريخ إسرائيل".
ويضيف عباس للجرمق، "من عارض إطلاق سراح أبو سلمية يدعي أنه كان من الممكن استغلاله في عملية تبادل وإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين ولكن نظرا لما حدث باعتقادي أن الحكومة الإسرائيلية الآن قررت أن يتم اتخاذ القرار سياسيا في حال سيتم إطلاق سراح الأسرى من المعتقلين الفلسطينيين خاصة معتقلي قطاع غزة، وهذا دليل على أن الحكومة تريد أن تضع شروطا لإطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين وهذا دليل أيضا على أن الوضع داخل الحكومة غير مستقر وليس هناك من يتحمل المسؤولية الكاملة عن مثل هذه الأحداث التي تعتبر في إسرائيل كارثية وغير مسبوقة في قضية الأسرى الفلسطينيين".
ويقول للجرمق، "نتنياهو أعلن أن القيادة السياسية لم تعلم بهذا القرار والقيادة الأمنية خاصة الشاباك رفض الادعاء مؤكدا على أن الحكومة وبن غفير يعلمون بـ القرار وتم التحذير بكثير من الاجتماعات من مشكلة عدم وجود أماكن داخل المعتقلات والسجون".
ويتابع، "نتنياهو أيضا اتهم قضاة المحكمة العليا بالمسؤولية لأنهم يبحثون الآن بعدة التماسات تتعلق بظروف حياة الأسرى الفلسطينيين خاصة بقضية في قضايا التعذيب والتعامل وإعطائهم الحد الأدنى من المواد الغذائية لكي يعيشوا فقط وهذا يشكل خرقا للقانون من حيث التعامل مع الاسرى خاصة أسرى الحرب والأمر يتعلق ليس فقط بالاسرى في قطاع غزة بعد 7 أكتوبر وإنما في كافة السجون الاسرائيليةلأن سياسة بن غفير هي منع الغذاء عن الأسرى الفلسطينيين وهو يغخفي ذلك، حتى أن الشاباك اتهمه بأن مصلحة السجون تخفي المعلومات الحقيقية حول كيفية التعامل مع الأسرى خاصة بما يتعلق بالطعام، وبن غفير يفتخر بقراراته ويدعي أن الشاباك يريد فقط المس به من خلال هذه القضية".
هل الحكومة الإسرائيلية على وشك التفكك بسبب الخلافات؟
ويقول المحلل السياسي فايز عباس للجرمق، "على الرغم من الخلافات إلا أن الائتلاف الحكومي مستقر، فحتى إن كانت هناك خلافات واضطرابات بين الوزراء في الحكومة إلا أنهم لن يجرؤوا على تحدي نتنياهو وإسقاط الحكومة، فهذه أول حكومة في تاريخ إسرائيل تتشكل من الأحزاب الدينية واليمينية الفاشية الاستيطانية وهم لن يسمحوا بإسقاط الحكومة لأن بن غفير وسموتريتش من الوزراء اليمين الفاشي لم يحلموا بالوصول لهذه المناصب".
ويقول للجرمق، "سيحاول الوزراء بكل ما بوسعهم الحفاظ على الحكومة حتى موعد الانتخابات في أكتوبر 2026 والآن، لا أحد يتحدث عن إسقاط الحكومة سوى المعارضة التي وظيفتها تدعي أنها ستحاول إسقاط الحكومة ولكن كافة المحاولات باءت بالفشل حتى الآن".
ويتابع للجرمق، "لحكومة ستستمر حتى فترتها القانونية في 2026 لأن الائتلاف مستقر ومتكامل وهي حكومة يمين بالكامل ولذلك اعتقد أن هناك أغلبية ساحقة لنتنياهو داخل الكنيست الاسرائيلي ولن يتخلى أحد أطراف الحكومة عنها بسهولة وباعتقادي أن الحكومة ستواصل عملها دون أن تحدث أي محاولات من قبل الائتلاف لإسقاطها وحلها"، مستدركًا، وذلك على الرغم من أن بن غفير يهدد بين الفترة والأخرى باسقاط الحكومة إذا اتخذت قرارات تتعارض مع مواقفه بكل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية والاستيطان".
ويوضح عباس أن، "تهديدات بن غفير تحدث بالتنسيق مع نتنياهو الذي كان يسرب لبن غفير قرارات كابينت الحرب المصغر التي تتعارض مع مواقفه (نتنياهو) الذي كان يبدأ بالتهديد بإسقاط الحكومة، لذلك لا أرى أي إمكانية على الأقل حتى نهاية العام أن تسقط حكومة نتنياهو وستواصل عملها".