برنامج "حديث الحرب" يحاور المختص في قضايا الاقتصاد خالد حسن
"حديث الحرب"

أصيبت "إسرائيل" منذ الحرب على قطاع غزة بأزمات اقتصادية متتابعة، بدأت بانخفاض قيمة الشيكل أمام الدولار، ووصلت اليوم إلى تراكم الديون على الحكومة الإسرائيلية بسبب تمويل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، حيث تخسر "إسرائيل" ما قيمته 10 مليار شيكل أسبوعيًا جراء استمرار الحرب على غزة، ويؤكد خبراء بالاقتصاد على أن ذلك سيزيد الأعباء المادية على "إسرائيل" وسيزيد الوضع الاقتصادي الإسرائيلي سوءًا في الأشهر القادمة.
أزمة اقتصادية قبل الحرب..
ويقول مدير تطوير الاقتصاد في المجتمع الفلسطيني بأراضي48 خالد حسن في حلقة ضمن برنامج "حديث الحرب": "العجز لم يبدأ من الحرب، بدأ قبل الحرب، نتيجة الثورة القضائية التي خلقت العديد من الارتباكات، في شهر 9 الذي سبق الحرب، الحكومة سحلت عجز 4.7 مليار شيكل".
ويتابع، "نحن نعلم من يقف وزارة المالية، وما هي تطلعاته ورؤيته وخبرته بالإدارة المالية، لذلك الحرب سرعت وكبرت العجز الذي بدأ نتيجة عدم خبرة تخبطات قضائية واقتراحات لا تخدم مصلحة واقتصاد الدولة، ونحن نعلم أن إسرائيل لم تدخل هذه الحرب أو المعركة للمرة الأولى".
ويردف، "كان هناك انتعاش اقتصادي وهذا ساعد إسرائيل لتقف حتى اليوم، يوجد 400 ألف جندي احتياط بدأوا بالحرب، تركوا أعمالهم، ولا يوجد انتاج لهم ويشكلون عبء على الدولة، والعجز المتوقع سيكون 40 مليار دولار، وإذا طالت الحرب سيصل العجز إلى 100 مليار شيكل".
ويضيف، "أسبوع الحرب يكلف إسرائيل تقريبًا 10 مليار شيكل، الاقتصادي الإسرائيلي يعتمد على الزراعة ولا يوجد زراعة، وعلى البناء، الذي توقف نهائيًا، المصانع والشركات التي حررت عمالها وموظفينها للحرب توقف إنتاجها، كل هذا يؤدي إلى تقليل مدخولات الدولة نتيجة الضرائب، المشغل والناس يدفعون الضرائب، عندما تقل الحركة التجارية تقل مدخولات الدولة وهذا يؤدي للعجز لأن الدولة مضطرة على تمويل الحرب".
كيف يؤثر ذلك على الفلسطيني بأراضي48؟
ويقول حسن لـ الجرمق: "المواطن العربي يتأثر بعدة مناحي، الاقتصاد العام يخص أي مواطن كان من يكن، ويوجد الاقتصاد الخاص للبلدة، والاقتصاد الخاص للفرد والعائلة، المواطن العربي إذا المصنع أو المؤسسة التي يعمل فيها أغلقت بسبب الحرب سينضم لدائرة البطالة، أشياء كثير أيضًا في الاقتصاد تؤثر على العربي، توقف الملاحة في البحر الأحمر تؤثر على أي مواطن وعلى العربي أيضًا، الذي قد ينتظر بضاعته بالباخرة أيضًا".
ويضيف، "الاقتصاد العربي هو أول من يتأثر وهذا نتيجة أننا غير جاهزون للطوارئ، المواطن العربي لا يهتم بإدارة ميزانية بالأيام العادية، يجب إدارة هذه الميزانية حتى يكون جاهز لأي حالة طوارئ، مشكلتنا العرب أننا لا ندير هذه الميزانية وتأتي حالة الطوارئ فجأة ولا نكون مستعدين، لذلك نحن الأكثر تضررًا".
ويتابع، "يجب أن نتعلم، هذه ليست أول حرب ولا الأخيرة، وليست آخر حالة طوارئ، نحن خرجنا من كورونا، علينا أن نكون أكثر وعيًا، لو أردت إدارة ميزانية، قبل مسك الورقة والقلم يجب أن لا نقوم بالخطأ لأنه سيكلف الكثير".
وبردف، "يجب أن نتجنب الأخطاء حتى لو كان خطأ أدى لمخالفة سير، يجب ألا أترك مجال لأي خطأ وأي تكلفة زائدة، عندما أتجنب هذه الأخطاء قد أكون حينها جاهز لأي حالة طوارئ، نحن رأينا أن الناس تدفقت في بداية الحرب لشراء أكثر من الأساسيات، وفي هذه الحالة نجعل البضائع تقل سريعًا ونتسبب بالغلاء".
ويتابع، "نحن يجب أن نحسب مصروفاتنا اليومية، وبالتالي سنجد أنفسنا قد قمنا بحساب مصروفاتنا الشهرية".
ويقول: "يجب أن نصل للوعي الاقتصادي أو الثقافة المالية، التي يجب أن نعززها، وهذا سيؤدي إلى استقرار في الحالات الطبيعية، واستقرار نفسي، وهذا أيضًا إلى عدم انزلاق العائلات للسوق السوداء، أو الانزلاق إلى الدين، نرى أن البعض يستدين من أجل السفر، وهو غير ضروري، عندما يكون هناك وعي وثقافة مالية نتجنب الأعباء الاقتصادية".
ويضيف لـ الجرمق، "غلاء المعيشة موجود، قبل الحرب وخلال الحرب وسيستمر بعد الحرب، الخطير هو أنه سيزداد، لنقول أن إسرائيل تستورد كميات كبيرة من الخارج، الملاحة بالبحر الأحمر توقفت، وهذا سيغلي الملاحة، وإذا غليت الملاحة سترتفع الأسعار".
ويتابع، "من قرر شراء سيارة كهربائية وقاموا بتوصيتها ودفعوا، السيارات لم تصل نتيجة الحرب، الدولة لن تتكفل بهذا الشيء، الضريبة على السيارة الكهربائية كانت 20%، لكن بعد 31-12 ستكون الضريبة 35%، وهذا سيكون عبء على المواطن، غلاء المعيشة لن يؤثر فقط على اقتصاد الدولة، بل سيؤثر على الجميع على التجارة الخارجية، وأي شيء يصلنا من الخارج سيرتفع سعره وسيصل إلى المواطن وهو أكثر غلاء".
ويردف، "الاستيراد من الخارج سيزيد الأسعار، تخيلوا أن يتم استيراد جميع البضاعة من خارج البلاد، المواطن البسيط الذي يرى الغذاء مواد أسياسية لديه سيعاني للحصول على الغذاء، لذلك يجب أن نتعلم بناء بدائل".
ما هي البدائل؟
ويضيف، "أنا أشجع الزراعة في المنزل دائمًا، الاقتصاد يتأثر بسلوكنا، نحن اليوم للأسف الشديد تعودنا على الحياة الحديثة، والراحة القاتلة، نريد أن يصل كل شيء إلينا، اليوم حتى لو كان لدينا شجرة حمضيات لا نذهب لقطفها بل نشتري، هذه الحياة الحديثة سبب لغلاء المعيشة، لذلك إذا بحثت عن بدائل أكثر بساطة سأجهد نفسي، سأزرع وأنتجه بيدي قد نتطور من هذه البدائل، إذا كنت لا أريد أن آخذ على عاتقي أموري الشخصية وأريد الاعتماد على الآخرين، سيزيد الوضع سوء".
ارتفاع الضريبة..
وعن الضريبة، يقول حسن لـ الجرمق: "مدخولات خزينة الدولة هي بالأساس من الضرائب بالدرجة الأولى، وعندما ينقص الدولة أموال تستدين إما بطرح سندات دين بالسوق العالمي والمحلي، أو من المواطن، أو تستقرض من المؤسسات البنكية الخارجية الدولية".
ويردف، "إسرائيل اليوم عليها دين كبير لتمويل الحرب، وعندما وزير المالية يرى أننا في هذه الحالة لن نتمكن من الوقوف بسبب الفوائد العالية، تأتي وترفع نسبة الضريبة المضافة، اليوم هي 17%، ممكن أن ترفعها إلى 18%، وهذا دخل للدولة".
ويتابع، "عندما تفرض الدولة على المواطن، يجب أن يحافظ المواطن مع الحكومة على الدولة، وعليها أن يتحمل أعباء أيضًا، من ناحية مهنية لا نستطيع أن نتكل 100% على السياسيين الذين يقودون اقتصاد الدولة".
اعتبارات "سموتريتش"..
ويقول حسن: "نحن رأينا اعتبارات سموتريتش في القيادة، اعتباراته سياسية بحتة، وليست مالية، نحن نرى أنه يوجه أموال الدولة فقط للمستوطنات، وهذه أموال ليست إنتاجية، هذه اعتبارات سياسية، عندما تكون الاعتبارات غير مهنية سيؤثر ذلك على اقتصاد الدولة".
ويضيف، "عندما تغيب الخطط للدولة، سيؤدي ذلك إلى عجز في الدولة، هذه الخطط لم نراها عند سموتريتش، نحن نرى أنه تم الكشف عن عدم مهنية الوزير، ورأينا أن الحكيم في كل هذا الجهاز هو محافظ بنك إسرائيل، وهو الوحيد الذي كان لديه برامج وأنقذ تدهور الشيكل، الدولار ارتفع وتجاوز الـ 4 وشواكل في بداية الحرب".
ويتابع، "الدولات التي طرحها محافظ بنك إسرائيل لإنقاذ عملة الشيكل كانت سببًا في تحقيق ربح 2 مليار دولار، هذه الدولارات كان قد اشتراها بسعر 3.01، وباع هذه الدولارات بأكثر من 4 شواكل".
ويردف، "غير معروف حتى اللحظة إذا ما كان جنود الاحتياط سيعودون إلى أعمالهم بعد الحرب أو سيغلقونها، لذلك لا يوجد إحصائية لعدد العاملين، أو نسبة البطالة، فجميع الاحتياط يتلقون مخصصات، ويأتيهم الكثير من المساعدات لأصحاب المصالح التجارية الذين يخدمون في هذه الحرب، ولذلك غير معروف حتى الآن أي المصالح ستبقى، وأيها سيغلق بعد الحرب".
ويضيف، "المساعدات للعاطلين عن العمل هي عن طريق التأمين الوطني، وأريد أن أنصح العاطلين عن العمل، حتى لو أخرجوا لإجازة غير متفق عليها أو تقليص أيام العمل، يوجد أماكن عمل بحكم الحرب بحاجة لعمال، فإذا أنا سائق شاحنة وعملي توقف، يمكن أن أبحث عن عمل آخر حتى لو لم يكن سائق شاحنة، لأعيش حتى انتهاء الحرب، وبالتأكيد بعد انتهاء الحرب سيتم فتح أعمال جديدة، وسيكون هناك فرص جديدة".
الاستثمارات الأجنبية..
ويقول: "التوترات السياسية هي الأساس وليس الحرب، خلال الثورة القضائية انسحب مليارات الدولارات من إسرائيل من مستثمرين خارجيين لأنهم رأوا أنه لا يوجد استقرار سياسي، وأن الثورة تشكل خطرًا على أموالهم، لأننا نعلم أن أي مستثمر في العالم يبحث عن استقرار، ويريد أن يسحب أمواله في أي وقت".
ويضيف، "قطاع الهايتك مثلًا يعتمد على الأموال الخارجية، فعندما يسحبون أموالهم رأينا قطاع الهايتك يتراجع ويهدأ، متى يتقدم؟ عندما يكون هناك أموال، لأن هذا القطاع يحتاج للكثير من الأموال خصوصًا في مراحله الأولى".
ويردف، "كان الأمل للدول العربية التي بنت علاقات مع إسرائيل أن يكون الاستثمار يكون دائم وأن يستفيدوا من الاستثمارات في دولهم، لكننا رأينا العكس والمنتفع الوحيد من هذه العلاقات هو إسرائيل، لأن لديها ما تبيعه من تكنولوجيا وصناعات، وأسلحة، فنحن رأينا بالشهر الأول للعلاقات السلام كان هناك صفقات لبيع منتجات تكنولوجية وأسلحة للإمارات بقيمة 2 مليار دولار، نحن لم نرى هذا الحجم من المبيعات من الإمارات لإسرائيل، لأنه لا يوجد منتجات تفيد إسرائيل لدى الإمارات".
ويتابع في حديثه لبرنامج "حديث الحرب"، "إذا سيكون هناك استثمارات تفيد إسرائيل لدى العرب، سيكون في قطاع السياحة والبناء، ونحن نرى أنه في الحرب هذا التبادلات غير موجودة".
ويضيف، "كان هناك تقرير في واشنطن بوست بأن أسهم شركات الأسلحة في الولايات المتحدة صعدت مئات المرات، لذلك من استثمر بالأسلحة ربح في الحرب الحالية على غزة، هنا تأتي المصالح، نحن رأينا أن إسرائيل تأثرت بالحرب الأوكرانية الروسية، بالطاقة والنفط، كثير من الدول تأثرت رغم عدم وجود علاقة مباشرة بالحرب ولكن لها علاقات تجارية، مثلًا مصر تأثرت بالحرب على غزة، لأن قناة سويس لأن الملاحة فيها انخفضت، والسفن تقوم بسفر أطول، حتى لا تتضرر من الحوثيين".
ويردف، "نحن نرى أن الكثير من العائلات التي تشتري من تركيا بسبب التوفير، وبسبب وجود السوق العالمي المفتوح، اليوم أصبحت العائلة العربية تشتري من تركيا ودبي والإمارات، الانفتاح على العالم يخلق تأثير مباشر على الاقتصاد".
ويقول: "واليوم إيلون ماسك مثلًا أي تصريح له يؤثر على أكثر الدول مثل روسيا وأمريكا، فنحن نعود هنا إلى قصة الوعي والثقافة، إذا كنا أكثر وعي بما يحصل حولنا، سنكون قادرين على اجتياز أي تحدي، أو حالة طوارئ".
ويردف، "العالم متغير جدًا، ومنطقتنا خلال 75 الأخيرة لم نرى استقرار، لكن إذا قرأنا الخارطة اليوم، ونقول نريد أن نعطي توقع متفائل بأن الحرب سينتهي، ما مصير غزة والضفة الغربية، وكيف سيكون الوضع الاقتصادي، والعمراني، من سيغطي العجز؟ كل هذه أسئلة مهمة".
العامل الفلسطيني..
ويقول مدير تطوير الاقتصاد في المجتمع الفلسطيني بأراضي48 لـ الجرمق: "إسرائيل تفكر باتجاهين، بالاتجاه التكنولوجي هي تفكر عن الاستغناء عن العامل الفلسطيني، كتطوير التكنولوجيا الصينية، هم يبنون عمار 15 طابق في يوم واحد، والفكرة الثانية استيراد قوى عاملة من الهند مثلًا، لكن هذا صعب التطبيق لأن العامل الفلسطيني أوفر وأكثر ربح لإسرائيل، لأنه يعمل ويعود إلى بيته، إسرائيل غير مضطرة للأخذ بعين الاعتبار مبيته، ومسؤوليته".
ويتابع، "العامل الفلسطيني أكثر ربح لإسرائيل، لو كانوا سيأتون من الهند هؤلاء العمال، سيضطرون لتوفير سكن لمبيت هؤلاء العمال، وإسرائيل تريد الحفاظ على يهودية الدولة، وعلى الجنس اليهودي، وألا يتأثر بجنسيات أخرى، فهذا اعتبار يأخذه المتدينون اليهود بعين الاعتبار".
ويضيف، "الحلول السياسية المقترحة لا تخدم الاقتصاد الإسرائيلي، وإسرائيل يهمها أن يكون الاقتصاد قوي، فاليوم تسريح جنود بكميات كبيرة ليس فقط للحفاظ على حياتهم بل للحفاظ على الاقتصاد أيضًا".
هل إسرائيل قادرة على الاستمرار بالحرب؟
ويقول حسن لـ الجرمق: "تصريح نتنياهو بأنه قادر على خوض الحرب لأشهر إضافية، كرئيس دولة مهزوم داخليًا وخارجيًا، هذه التصريحات عند الخبراء لا تسير، وأيضًا عند الشعب اليهودي، التصريحات هذه لا تشترى عند الخبراء، وهذه التصريحات لتهدئة فئة معينة من الشعب، لكن على أرض الواقع، لا، هو غير قادر دون مساعدات أمريكية وأوروبية".
ويتابع، "إسرائيل مرت بحالات كثيرة، يوجد أيضًا دعم خارجي لإسرائيل، والأكثر من ذلك، اقتصاديًا يوجد مستثمرين كثر يؤمنون بانتعاش إسرائيل في حال وجود استقرار، وسيكون هناك فرص استثمار في إسرائيل لتحقيق الربح".