كاتس يطرح مشروع لتهجير الغزيين بدعم من نتنياهو..ماذا عن الموقف الأمريكي؟

توّعد وزير الجيش الإسرائيلي يسرائيل كاتس أهالي قطاع غزة بأن التهجير قادم وأن "إسرائيل" تعمل على خطة لتهجير الغزيين، "وفق رؤية الرئيس الأميركي، دونالد ترامب".
جاءت هذه التصريحات خلال زيارة ميدانية أجراها كاتس في "محور موراغ" الذي يفصل رفح عن خانيونس جنوبي قطاع غزة قبل عدة أيام برفقة عدد من القادة العسكريين، وذلك بحسب ما جاء في بيان صدر عن وزارة الأمن الإسرائيلية.
وقال كاتس "جئت إلى هنا اليوم لأشدّ على أيدي قادة وجنود الجيش الذين يقاتلون بعزيمة من أجل تحرير الرهائن وضرب قوة حماس"، وأضاف "الجيش يصفي المخربين، ويقوض البنية التحتية لحماس، ويُقطّع أوصال قطاع غزة حتى في مناطق مثل محور موراغ، الذي لم نعمل فيه حتى الآن".
وتابع "سكان غزة يُجبرون على إخلاء مناطق القتال، ومساحات واسعة تُضم إلى مناطق الأمن التابعة لدولة إسرائيل، ما يجعل غزة أصغر حجمًا وأكثر عزلة". وأضاف "إذا واصلت حماس رفضها إطلاق سراح الرهائن قريبًا، فسينتقل الجيش الإسرائيلي إلى قتال أكثر شدة في كافة أنحاء غزة حتى تحرير الرهائن وهزيمة حماس".
وفي إشارة إلى الرؤية التي باتت تتبناها حكومة بنيامين نتنياهو بشأن مستقبل قطاع غزة، قال وزير الجيش الإسرائيلي: "بالتوازي، نعمل على تعزيز خطة للهجرة الطوعية لسكان غزة، وفق رؤية الرئيس الأميركي، ونسعى إلى تحقيقها على أرض الواقع".
وقال كاتس إن الهدف من عمليات الاحتلال في قطاع غزة هو أولاً وقبل كل شيء التوصل إلى صفقة جديدة للإفراج عن الأسرى"، واختتم كاتس تصريحاته برسالة موجهة إلى سكان غزة قال فيها: "تخلصوا من حماس وأعيدوا الرهائن، هذه هي الطريقة الوحيدة لإنهاء الحرب".
وتأتي تصريحات كاتس في ظل حديث ترامب ونتنياهو عن تهجير الغزيين حيث اجتمع الرئيس الأمريكي ورئيس الحكومة الإسرائيلية خلال زيارة الأخير لواشنطن مرتين خلال أقل من 24 ساعة، وعقد اللقاء الأخير في البيت الأبيض أمس بعيدا عن عدسات الكاميرات بينما عقد اللقاء الأول فجر يوم الثلاثاء الماضي.
ومع بداية اللقاء الأول بين نتنياهو وترامب، عقد الاثنان إحاطة إعلامية مشتركة، حيث أحال ترامب سؤال الصحافيين حول ما إذا كانت خطة تهجير الغزيين لا تزال قائمة، إلى نتنياهو الذي أجاب بأن "للرئيس رؤية رائعة أسماها ’الاختيار الحر‘".
وأضاف "إذا أراد الناس البقاء، فليبقوا، وإذا أرادوا المغادرة، يجب أن نمنحهم هذه الإمكانية. غزة لا ينبغي أن تكون سجنًا، بل مكانًا مفتوحًا يضمن حرية الاختيار". وتابع "نعمل بالتنسيق مع الولايات المتحدة للعثور على دول ترغب في إعطاء الفلسطينيين مستقبلًا أفضل".
وزعم "أعتقد أننا نقترب من التوصل إلى تفاهم مع عدد من هذه الدول، وهذا سيوفر مرة أخرى خيار الحرية. يجب أن يتمتع الفلسطينيون بهذا الخيار، وآمل أن نتمكن من ضمانه قريبًا". واختتم ترامب بالقول: "لدينا تعاون ممتاز مع الدول المجاورة لإسرائيل. تعاون رائع من الجميع، وأعتقد أن أمرًا جيدًا سيحدث".
خطة تهجير الغزيين..بين كاتس ونتنياهو وترامب
وتقول الكاتبة والمحللة السياسية نيفين أبو رحمون للجرمق، "المشروع الأمريكي هو مشروع داعم بكل ما يتعلق بالعقيدة الحربية الإسرائيلية وإذا تحدثنا أيضا عن المشروع السياسي التوسعي الاستيطاني، ولكن قد يكون مع وصول ترامب خاصة أنه يحاول أن يصدر للجمهور الأمريكي على المستوى الداخلي أنه يريد تصغير المشكلات وإنهاء الحروب والصراعات ولكن على المستوى السياسي الاستراتيجي، هذا يعتبر دعم لنتنياهو، بمعنى أن تصريحات ترامب تشي بمحاولته صياغة خطة لإنهاء الحرب على غزة هذا لا يعني أنه يريد الحصول على إنجاز على المستوى السياسي الاستراتيجي".
وتتابع، "قضية التهجير، واضح أن نتنياهو لا يريد أن ينهي الحرب بصفر إنجاز خاصة أنه لم يحقق أي من أهدافه التي وضعها منذ بدء حرب الإبادة، وبالتالي لقاء نتنياهو مع ترامب ستجعله متمسك أكثر بالفعل العسكري وليس العكس سيذهب لترامب ويعود لحكومته لتسويق الهدنة لفترة زمنية معينة، على قاعدة أنه يريد للجنود أن يستريحوا بفعل ما أحدثوه بهذه الفترة الزمنية على أكثر من جبهة، ولكنه في ذات الوقت ما يزال متمسك بالفعل العسكري".
وتوضح للجرمق، "هذا الفعل العسكري، واضح أن قضية التهجير قضية جوهرية والعقيدة الإسرائيلية متمسكة تماما بفعل التطهير العرقي للفلسطينيين وهناك قرار سياسي بما يتعلق بغزة والضفة الغربية، وكل التغيرات الجيوسياسية التي تحدث هي تحدث بقرار سياسي، من أجل محاولة الاستيلاء على الأرض الفلسطينية وتهجير الفلسطيني وبسط السيطرة الإسرائيلية وهذا ما يحدث في الضفة وغزة"
وتضيف، "الموقف المصري قد يكون تم تأجيل التهجير على المستوى الجغرافي ولكن واضح أن ما يحدث من الشمال إلى الجنوب أو محاصرة الغزيين في منطقة جغرافية واحدة يؤكد أيضا نية الاحتلال المبيتة بأن هنالك أهداف يريد تنفيذها على المستوى الجغرافي في منطقة معينة بقطاع غزة".
وتقول، "واضح أن الهدف الأساسي للاحتلال في غزة هو التغيير، تغيير القطاع بمكانته السياسية ومحاولة عزل حماس وفرض واقع جغرافي سياسي جديد وأيضا أمني كما تسميه إسرائيل وبالتالي منذ بدء حرب الإبادة هي تحاول ولكن صمود المقاومة حتى الآن والتي لا تزال مشتبكى وتصنع الكمائن لجنود الاحتلال هذا يقول إن إسرائيل حتى الآن لم تستطع القضاء على المقاومة ولكن أيضا لم تستطع قتل صمود السكان".
وتردف، "صمود سكان قطاع غزة كان إجابة قاطعة بالتعاطي مع مسألة التهجير خاصة أنها خط أحمر بالنسبة للشعب الفلسطيني، ولكن واضح أن الإفرط بالفعل العسكري هو ما أدى لتغيير جغرافي بمحاولة محاصرة السكان في مكان واحد".
وتضيف، "الموقف الأمريكي وتصريحات ترامب شعبوية وشعبويته تصّعب علينا كمحللين قراءة النية الصحيحة للتصريحات ولكن إذا تحدثنا سياسيا ترامب يتجه للتقليل من الفعل العسكري والإفراط بالفعل السياسي الاستراتيجي بمعنى ترتيب المنطقة وهذا ينطبق على كل المنطقة العربية، إذا تحدثنا عن إقليميا عن سوريا ولبنلن، فواضح أن الأمريكي يريد أن يستعيد مشروعه السياسي في المنطقة، بفعل تصفير المشكلات وإنهاء الصراع بملامح مختلفة للمنطقة وقد يكون موضوع استعادة اتفاقا أبراهام أو مسار التطبيع يأتي من هذا الباب".
وتقول أبو رحمون، "نتنياهو كيف يخرج على مستوى الائتلاف الحكومي بقضية التهجير أم لا، واضح أنه منذ اللحظة الأولى يقايض سموتريتش وبن غفير وكل المجموعة بالضفة الغربية، بمعنى أن هنالك عقيدة أيدولوجية لدى الصهيونية الدينية بتنفيذ خطة الضم في الضفة وهذا بالنسبة لهم إنجاز كبير".
وتردف، "قد يكون أن نتنياهو وترامب يتجهان باتجاه المقايضة السياسية بين غزة وعدم تحقيق الأهداف المطلقة التي أعلنوا عنها بشكل واضح، وليس غير المعلنة (هناك أهداف غير معلنة"، باتجاه الضفة وهذا حدث خلال حرب الإبادة حيث كان هناك استفراد بالضفة الغربية واستهداف واضح للمخيمات وإعادة ترتيب الضفة وإفراغها من مضمونها وفعلها الكفاحي النضالي المقاوم".
وتتابع للجرمق، "لا يمكن تحليل ما يحدث في غزة بعيدا عن المشهدية الإقليمية، وأيضا عما يحدث في الضفة الغربية، وهذا يتعلق بكيف يتم ترتيب هذا الموضوع على المستوى العام الإقليمي من حيث ترتيب المنطقة والنفوذ السياسي، فكل الحروب التي تخوضها إسرائيل وهذا ما حدث مقابل الإيراني هي من أجل النفوذ ومحاولة زعزعة الفعل المقاوم".
وتقول، "كل ما سبق يعيدني للموقف المصري وهل ما زال متمسك باستيعاب الغزيين، هذا يقول إنه من ورائهم على المستوى المصري، ولكن قد تكون قضية إحداث التغييرات داخل القطاع نفسه ومحاصرة الناس هو تهجير أيضا، ومحاولة إحداث تغييرات جغرافية من أجل ما تسميه إسرائيل تحت ذريعة أمنية لإحكام السيطرة وتمكين الحصار ومحاولة بث الأمن والأمان على المستوطنات في غلاف غزة، بالتالي الصورة متكاملة ولا يمكن الحديث عن التهجير بمعزل عن الأهداف الأخرى المتعلقة بمحاصرة المقاومة وأيضا تصفيتها ومحاولة إحداث تغييرات جيوسياسية على مستوى القطاع والمنطقة".
وتوضح أبو رحمون أن، "مسألة التهجير دائما على الطاولة على المستويين الأمريكي والإسرائيلي ففي نهاية الأمر من أجل إحداث تغيير جيوسياسي وجغرافي وديموغرافي لا يمكن إحداثه إلا من خلال التهجير أو التطهير العرقي، بالتالي هي مسألة قائمة وموجودة على الطاولة بشكل مستمر وهذا ما يحدث في الضفة الغربية أن الإعلان عن مستوطنات جديدة بفعل حرب الإبادة والاستفراد بالضفة كان بضوء أخضر من الجانب الأمريكي وهذا يحصل تحصيل حاصل، نتحدث عن المخاوف والقلق لدى الفلسطيني من تنفيذ الخطة ولكن تحصيل حاصل الخطى يتم تنفيذها".
وتقول، "الإقرار سياسيا بإقامة أكثر من 11 مستوطنة الآن يتم ترتيبها، هذا يقول الكثير وهنا نقف عند مسألة التعاطف الأمريكي مع مسألة إقامة دولة فلسطينية، عن أي دولة فلسطينية نتحدث؟ هناك ضوء أخضر في ضم الأراضي والاستيلاء عليها، ومحاصرة الفلسطيني عندما نتحدث عن مخطط الضم الفلسطيني الزاحف الاستيطاني".
وتضيف للجرمق، "هذا يطعن بالسيادة الفلسطينية ويطعن بالوجود الفلسطيني على الأرض الفلسطينية بالتالي هذا المشروع متكامل، واضح أن ترامب عندما تحدثنا عن ولايته الأولى، هو أول من اعترف بالزيادة الفلسطينية على المناطق والمستوطنات والآن نتحدث عن منطقة ما تسمى بمنطقة ج بفعل تقسيم أوسلو وواضح أن هذا يأتي من هذا الباب أن هناك ضوء أخضر أيضا من الأمريكي، وهذا الضوء ينسحب على كل المنطقة العربية وليس فقط على قطاع غزة، فالمشروع الأمريكي يعتمد بأساس توسعه على المشروع الاستيطاني في المنطقة وعن نفوذ إسرائيل، فعندما نتحدث عن تدخل الأمريكي بالمواجهات العسكرية مع إسرائيل سواء على الجبهة اليمنية أو الجبهة مع إيران، هذا من أجل حماية المشروع السياسي الإسرائيلي ومن أجل مستقبله".
وتردف، "هذا المشروع يقوم على العنصر الاستعماري الاستيطاني التوسعي ولا يمكن أن نقرأه بمعزل عن التطهير العرقي للشعب الفلسطيني أو عن التهجير، ومنذ بدء حرب الإبادة على غزة، إسرائيل أخذت قرار بإبادة الشعب الفلسطيني وهذا أسرع حل بالنسبة لها لإحداث التغيير خاصة في ظل تواطؤ الأنظمة العربية والإسلامية بما يحدث عندها نتحدث عن سلسلة ما يحدث سواء الاقتحامات للأقصى والتواطؤ الإسلامي العربي وإذا تحدثنا عن قطاع غزة وإذا تحدثنا عن الضفة، هي سلسلة متكاملة وإسرائيل تعمل على كل الجبهات بالإفراط بالقوة من أجل تثبيت وجودها في المنطقة".
وتقول، "الحاضنة السياسية الأمريكية تهيئ لها هذه الظروف، فإذا تحدثنا عما يحدث في لبنان وسوريا هذا يصب بمصلحة إسرائيل وتثبيت وجودها بالمنطقة والتمسك بالذرائع التي تصدرها للعالم أنها تفعل ما تفعله من أجل حماية نفسها وأمنها، بالتالي هي مشهدية واحدة".
وتتابع، "يمكن فهم تصريحات ترامب رغم أنها شعبوية ولكنها تمثل عقيدة للمنظومة الأمريكية، التي هي الحاضنة السياسية للمشروع السياسي الإسرائيلي ولكن شعبوية ترامب قد تكون أكثر وضوحا لأنها تفضح هذه النوايا المبيتة حتى عندما تذهب للتفاوض أو ترعى التفاوض كما حدث على الجانب الفلسطيني هي تكون منحازة للإسرائيلي وتطرح إملاءات إسرائيلية على طاولة المفاوضات كما يحدث في لبنان".
وتوضح، "الولايات المتحدة هي الحاضنة السياسية لإسرائيل وقد تكون تصريحات ترامب متغيرة ومتباينة مع نتنياهو في بعض الأحيان ولكن هي تكتيكات، فتصريحات ترامب ونتنياهو طيلة الحرب واضح أن هناك تباين ولكن الموقف الأمريكي كان تحصيل حاصل وكانت الولايات المتحدة شريكة في الإبادة والتسليح والدعم العسكري، فيجب قراءة التباين في التصريحات بحذر كبير لأنه في نهاية الأمر الواقع مختلف عن التصريح ولكن بما يتعلق بمسألة التهجير والخروج من الحرب بأقل خسائر ممكنة، واضح أن ترامب حريص كل الحرص من أجل حسم المعارك بالمنطقة لأن هناك قضايا عالقة له يريد حسمها ليس فقط على مستوى الشرق الأوسط وإنما على المستوى المحلي الأمريكي وأيضا العالمي".
وتختم، "تصريحات ترامب، واضح أن ترامب لا يمثل نفسه، فواضح أن الدولة العميقة الأمريكية تسيطر على ترامب وتصريحاته فهنالك أحيانا نسمع صباحا تصريحات مختلفة عن تصريحات قالها مساءً، وهذا يتعلق بالمنظومة الأمريكية وهو مختلف على مستوى المشروع السياسي ولكنه متمسك بما تطرحه الدولة العميقة وملزم بذلك، لذلك في بعض الأحيان نراه بعمق أكبر على مستوى المقارنة مع نتنياهو ولكن على مستوى المقاربة مع العقيدة الأمريكية واضح أن هذا تحصيل حاصل، الجانب الأمريكي يريد حسم القضايا ولكنه بأقل إفراط بالقوة من أجل الإنجازات الاستراتيجية التي هي ليست أقل خطورة على شعبنا الفلسطيني".