فلسطينيون بأراضي48: سنقف بجانب أخوتنا بالضفة معنويًا وماديًا لتعزيز صمودهم
خاص- الجرمق

تشهد الضفة الغربية أوضاعًا كارثية ومتدهورة على كافة المستويات، في ظل تصعيد إسرائيلي متواصل وغير مسبوق، فالاقتحامات اليومية لمخيمات ومدن وقرى الضفة تحوّل القرى الفلسطينية إلى ثكنات عسكرية مغلقة، تفرض فيها قوات الاحتلال الحصار والإغلاق، وتمنع حركة الأهالي، وتعتقل عشرات الشبان بشكل تعسفي.
وفي جنين وطولكرم، دمّرت قوات الاحتلال البنية التحتية بشكل ممنهج، وجرفت الشوارع وهدمت منازل ومنشآت، ما أدى إلى نزوح جماعي وخسائر فادحة، أما في القرى الفلسطينية، فيشن المستوطنون هجمات منظمة على القرى، تحت حماية جيش الاحتلال، حيث يعيثون فسادًا، ويضرمون النار في الأراضي، ويستولون على أراضٍ زراعية، ضمن حملة واضحة لسلب الأرض وفرض وقائع جديدة على الأرض.
وفي حديث خاص لـ الجرمق، حذّر عضو المكتب السياسي لحركة أبناء البلد، لؤي خطيب، من تفاقم سياسة العزل والتجويع التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي على الضفة الغربية، مشيرًا إلى أن الوضع الحالي ليس عابرًا، بل مخطط متكامل يهدف إلى كسر إرادة الناس وفرض واقع اقتصادي خانق، تحديدًا في مدن كجنين ونابلس.
ويقول خطيب إن السياسات الإسرائيلية التي تمنع فلسطينيي الداخل من دخول الضفة الغربية، خاصة جنين، وتفرض قيودًا مشددة على الحركة عبر المعابر، تستهدف بالأساس محاربة الروابط الاقتصادية بين الطرفين، ومنع أهالي48 من دعم الأسواق الفلسطينية، واستبدالها بالمراكز التجارية الإسرائيلية مثل "رامي ليفي" وغيرها.
ويضيف: "الناس ما كانت تروح على جنين فقط عشان السعر، بل كمان عشان تحس إنها بتدعم ابن شعبها، وبتشتري من حدا بيشبهها وبيحكي لهجتها". وتابع: "هذا الارتباط العاطفي والوطني هو اللي الاحتلال بيحاول يقطعه، عبر فرض حصار اقتصادي وأمني، خاصة على المدن الصامدة مثل جنين".
ويوضح أن جنين كانت مقصدًا لأهالي الشمال من الداخل خلال عطلة نهاية الأسبوع، الأمر الذي أزعج الاحتلال، ما دفعه لمحاولة خنق المدينة اقتصاديًا ومنع الحركة نحوها. وقال: "إحنا منعرف إنه الحصار على جنين مش جديد، لكن بعد 7 أكتوبر صار أكثر قسوة، مع تشديد غير مسبوق على الحواجز، وإغلاق مبكر لها، ما بخلّي الناس تفكر مرتين قبل ما تروح".
ويشير خطيب إلى أن العديد من الفلسطينيين بأراضي48 اضطروا للرجوع بعد ساعات من الانتظار الطويل على الحواجز، وفي بعض الأحيان اضطروا للمبيت في الضفة بسبب إغلاق المعابر، رغم كل ذلك، عادوا وكرروا الزيارة. "في دافع عاطفي ووطني عند الناس، إنهم ما يتركوا جنين ونابلس لحالهم، وإنه أقل ما يمكن نعمله هو الشراء من عندهم".
وفي ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي على الضفة والاقتحامات اليومية، يشدد خطيب على أن "دور الداخل لا يقتصر على التضامن النظري، بل يجب أن يتحول إلى أداة دعم فعلي ومادي لتعزيز صمود الضفة، وخصوصًا في وجه محاولات الاحتلال لعزلها وتجويعها".
ويضيف: "إسرائيل تحاول جر الناس لبدائل إسرائيلية، لكن ما نفعله في كل مرة نذهب فيها إلى السوق الفلسطيني هو كسر لمحاولة العزل، وتثبيت للصمود، وهذا أقل واجب علينا".
ويختم خطيب حديثه بدعوة فلسطينيي48 إلى مقاطعة المؤسسات التجارية الإسرائيلية، خاصة تلك التي تعمل على استغلال الوضع السياسي لصالحها، وإلى مواصلة دعم الأسواق المحلية في الضفة الغربية، رغم القيود والحواجز، قائلًا: "هذه مسؤولية وطنية جماعية، والمطلوب هو دعم صمود الناس المحاصرة، التي تدفع ثمن تمسكها بحقها".
"مقاومة اقتصادية"..
وفي ظل التصعيد الإسرائيلي غير المسبوق في الضفة الغربية، دعا الناشط السياسي والاجتماعي سامي ناشف، في حديث خاص لـ الجرمق، الفلسطينيين بأراضي48 إلى تكثيف التوجه إلى أسواق مدينتي جنين وطولكرم، دعمًا لصمود الأهالي في وجه ما وصفه بـ"الإبادة الاقتصادية" التي تمارسها إسرائيل بحق سكان هذه المدن.
ويقول ناشف: "المطلوب منا اليوم هو أن نتواجد قدر الإمكان في أسواق جنين وطولكرم. إسرائيل تسعى لقطع أوصال الضفة اقتصاديًا، عبر ملاحقات ميدانية ومنع الوصول، ونحن بمقدورنا المساهمة في كسر هذا الحصار حتى لو كان ذلك بيوم واحد في الأسبوع نخصصه للتسوق هناك".
ويشدد على أن زيارات الشراء هذه ليست مجرد مسألة اقتصادية، بل فعل مقاومة حقيقي: "حينما نشتري من أهلنا، فإننا نمنحهم فرصة للبقاء، للصمود، ولتعزيز وجودهم في أراضيهم".
ويرى ناشف أن الوضع الحالي لا يسمح بحملات إغاثة موسعة بسبب التعقيدات الأمنية، لكنه دعا إلى إطلاق حملات منظمة ومنهجية على غرار حملات الإغاثة التي انطلقت سابقًا من الداخل لدعم غزة، قائلًا: "نحن ننتظر اللحظة المناسبة لإطلاق حملة دعم اقتصادية كبيرة، تكون مدروسة وممنهجة، حتى لا تذهب جهود الناس هباءً".
ويشير إلى أن المعيقات المفروضة على الوصول إلى طولكرم باتت خانقة، موضحًا: "أنا من سكان الطيبة، وكنا نصل طولكرم خلال خمس دقائق، اليوم نحتاج إلى أكثر من ساعة. الاحتلال يتعمد إغلاق الطرق الرئيسية والفرعية لقطع التواصل بيننا وبين الضفة".
ويختم ناشف بالقول: "إن بقاء أسواق جنين وطولكرم نابضة بالحياة هو مسؤوليتنا كأبناء شعب واحد، والمطلوب هو استمرار هذا التلاحم الشعبي، حتى في أصعب الظروف".