"بمعدل 5 شبان شهريًا".. كيف تتم معركة رفض التجنيد بالجيش الإسرائيلي؟


  • السبت 23 أكتوبر ,2021
"بمعدل 5 شبان شهريًا".. كيف تتم معركة رفض التجنيد بالجيش الإسرائيلي؟
  أعلن حراك "ارفض شعبك بيحميك" عن متابعته حاليًا لسبعة شبان يتجهون لرفض التجنيد الإجباري في الجيش الإسرائيلي، من قرى ساجور، وعسفيا، ودالية الكرمل، وبيت جن، ويركا ضمن مساعي الحراك لمساندة الشبان الرافضين للتجنيد الإجباري من الدروز، والفلسطينيين المتجندين طوعًا من غير الدروز وقرروا رفض إكمال خدمة التجنيد بعد أشهر أو سنوات من البدء الفعلي بها. ويُعرّف الحراك نفسه على أنه حراك فلسطيني نسوي، تأسس عام 2014، وأقام المؤسسون والمؤسِسات عبره شبكة دعم للرافضين والممتنعين عن التجنيد، ويتكون من مجموعة متخصصة من المحامين والمحاميات والمختصين النفسيين الذين قرروا مرافقة الشاب الرافض للتجنيد، إذ تبدأ المرافقة عندما يتوجه الشاب إلى الشبكة عن طريق خط الدعم الخاص بها، أو عن طريق صفحة "الفيسبوك" أو معرفته الشخصية بأحد النشطاء في الحراك.

كيف يُرافق الحراك رافضي التجنيد؟

يُرافق الحراك الرافضين للتجنيد على مستويين قانوني ومعنوي يبدأ من مرحلة رفض التجنيد وقد يستمر إلى ما بعد حصول الشاب على الإعفاء إن كان بحاجةٍ للمتابعة. وتقول المحامية المتطوعة هدية كيّوف إحدى مؤسسي حراك ارفض ومركزة شبكة دعم الرافضين والممتنعين عن التجنيد الإجباري في الحراك إن الحراك يُعطي على المستوى الأول استشارات قانونية حول مسارات الرفض التي تتيحها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، والمستوى الثاني يتمحور حول مرافقة معنوية لأن رفض التجنيد يترتب عليه ضغوطات نفسية مشددة، من العائلة أو المجتمع المصغر أو على المستوى الشخصي أمام المؤسسة العسكرية إذ يمر الشاب بإجراءات طويلة ذات بيروقراطية كبيرة حتى يصل للإعفاء. وتتابع كيوّف في حديثٍ للجرمق عن رفض التجنيد، مؤكدة على أن المتابعة تكون لمن يرفض التجنيد الإجباري من الدروز منذ البداية أو حتى من يريد العدول عن قراره وترك التجنيد بعد مدة. وتضيف أن الحراك أيضًا يتابع من يريد ترك المؤسسة العسكرية بعد دخوله للجيش الإسرائيلي طوعًا من غير الدروز، لأن من يتطوع في الجيش لا يستطيع الخروج من هذه المؤسسة بسهولة.

المسارات القانونية لرفض التجنيد

وتلفت إلى أن هناك مسارات للرفض تتيحها المؤسسة العسكرية، يتوجه لها الشبان في مراحل مختلفة من التجنيد، إذ قد يرفض الشاب التجنيد الإجباري والتفاعل مع المؤسسة العسكرية منذ البداية أي بعمر 18 عامًا، أو قد يتوجه لرفض إكمال الخدمة العسكرية (التجنيد) بعد أن بدأ بها بمدة زمنية يمكن أن تكون أشهر أو سنة..، أو متابعة لمن لا يريد التجنيد في خدمة الاحتياط الذي قد يصل للشاب بسن الثلاثين بعد إنهائه  الخدمة الإجبارية. وتتابع كيوّف للجرمق أن هناك 4 مسارات قانونية تتيحها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية لرفض التجنيد، وأولها المسار الطبي الذي يأخذ به الشاب إعفاء طبي نتيجة إصابته لأمراض جسدية كالسرطان مثلًا أو غيره، أو إصابته باضطرابات نفسية حادة تؤثر على حياته اليومية، ويتم عن طريق تقديم الشاب طلب للجنة طبية، ويمر في صيرورة فحص على يدي أخصائيين تابعين للجيش الإسرائيلي، وعند اقتناعهم أن مرضه يؤثر على خدمته في الجيش يتم إعطاءه الإعفاء من التجنيد، وهذا المسار يسري على كافة مراحل التجنيد، سواء من يريد رفضه منذ البداية أو حتى بعد مدة زمنية من تجنيده، وهو المسار الأكثر انتشارًا وهذا لا يعني سهولته بحسب كيّوف. وتضيف أن المسار الثاني لرفض التجنيد يعتمد على لجنة ضميرية تقوم المؤسسة الإسرائيلية بتشكيلها، كون "إسرائيل" وقعت على اتفاقيات دولية تُجبرها أن تتيح هذا المسار الضميري أي رفض الخدمة العسكرية لأسباب ضميرية لكنه حبر على ورق بحسب كيّوف. وتتابع أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية فسرت المسار الضميري وكلمة ضميرية بشكل آخر، فمثلًا لا تقبل أن يتقدم شاب بطلب إعفاء من التجنيد بسبب وجود "الاحتلال" لأنها تعتبر أن هذا السبب ليس ضميري وإنما سبب سياسي. وتتابع أن الحالات التي يتم إعطاء إعفاء فيها عن طريق هذا المسار هي حالات يتم التأكد من أن الشاب "سلمي" وغير مستعد لاستخدام "العنف" حتى حين يتعرض هو أو أحد أفراد عائلته للاعتداء. وتضيف أن على الشاب الذي يريد الإعفاء تحت بند الإعفاء الضميري أن يتقدم بطلب رسمي ويقدم مستند مفصل يشرح فيه الأسباب التي تجعل المؤسسة العسكرية أن تقبل طلبه ويوضح فيه سبب ملائمته لهذا المسار، ويتم عرض الشاب على لجنة ضميرية، مضيفة أنه قد تحتوي اللجنة على متخصص في الفلسفة كي يشرح للشاب الفرق بين الضميري والسياسي، على أن تقوم اللجنة بتوجيه الأسئلة نحو الشاب لبحث ملفه التي قد تصل في بعض الأحيان إلى سؤاله مثلًا، هل تأكل اللحوم أو لا، للتأكد من أنه قد يقبل بقتل حيوان ليأكل! وتؤكد أن الإعفاء لأسباب ضميرية يتم في مرحلة ما قبل التجنيد، مع أن هذا الشرط غير منصوص في القانون، لافتة إلى أن من يريد الانسحاب بعد التجنيد يكون من الصعب عليه اختيار هذا المسار لأن المؤسسة العسكرية سترفض إعطاءه الإعفاء، مفترضة أنه وافق منذ البداية على التجنيد فكيف سيرفض لأسباب ضميرية فيما بعد؟ وتلفت في حديث للجرمق إلى أن المسار الثالث، هو رفض التجنيد بسبب التدين، فيستطيع الشاب الدرزي رفض التجنيد الإجباري لأنه متدين وملتزم دينيًا، وهذا لا يسمح له أن ينضم للمؤسسة العسكرية، مشيرة إلى أن المؤسسة العسكرية كانت تعطي إعفاءات بشكل سريع عبر هذا المسار لكنها غيرت سياستها فيما بعد وأصبحت تُجبر الشاب على الالتزام بالفرائض والقيود الدينية لمدة 5 سنوات، وعليه يتجه الشاب الدرزي الرافض للتجنيد الإجباري إلى إمام مكان العبادة لدى الدروز ويسمى "سايس الخلوة" ليوقع على مستندات من الجيش الإسرائيلي بأنه ملتزم دينيًا ويجب أن يوقع عليها أيضًا الشيخ موفق طريف الرئيس الروحي للطائفة الدرزية ويتم تقديم هذه المستندات كل سنة للجيش الإسرائيلي، حتى يحصل على الإعفاء بعد خمس سنوات، وتشمل هذه المرحلة الشبان الرافضين للتجنيد منذ البداية أي في جيل 18 عامًا ولا تشمل من يريد الانسحاب من الخدمة. وتتابع أن المسار الرابع خاص فقط بالمتجند الذي يريد الانسحاب من الجيش، ويتم عن طريق تشكيل لجنة تُسمى بـ "لجنة عدم ملائمة"، ويتم إعطاء الإعفاء تحت هذا البند بحالتين وهما أن الجندي يفتعل المشاكل داخل المؤسسة العسكرية، وقضى أكثر من 90 يومًا في السجن العسكري، أو يقوم بمخالفات ولا يرضخ لأوامر المسؤولين فيتم إعفاءه مع إعطائه ورقة مكتوب عليها، "إعفاء بسبب تصرفات سيئة". وتلفت كيوّف للجرمق أن معدل من يتوجهون للحراك لرفض الخدمة العسكرية يصل إلى 5 شبان كل شهر، ويتابع معهم الحراك رفضهم عبر أحد المسارات الأربعة للوصول لمرحلة الإعفاء ويمكن الاستمرار فيما بعدها إن كان الشاب بحاجة لذلك. وتتابع أن التوجهات للحراك لرفض الخدمة العسكرية موجودة في كافة الأوقات، مشيرة إلى أن الحالة السياسية قد تؤثر على ذلك، ولكن ليس دائمًا.

العوامل المؤثرة على "الإعفاء"

وتؤكد كيوف في حديث للجرمق أن عوامل كثيرة تؤثر على إمكانية حصول الشاب الرافض للتجنيد أو الذي يريد الانسحاب، أهمها المرحلة التي توجه بها الشاب للحراك لمرافقته في مسارات الحصول على الإعفاء، فكلما كانت المرحلة مبكرة يكون من السهل الحصول على إعفاء، مشيرة إلى أن أصعب الحالات هي من بدأ بالتجنيد الفعلي، ولكن لم ينهِ الفترة المنصوص عليها في القانون ولم يتم تسريحه، وقرر الهروب من التجنيد لفترات طويلة أو ما تسمى "التملص" في اللغة العبرية. وتتابع أن العامل الآخر هو مدى التزام الشاب وتفاعله مع الاستشارة التي يقدمها الحراك، خاصة أن مسار الحصول على الإعفاء من التجنيد في الجيش الإسرائيلي مسار طويل وصيرورته صعبة وذات بيروقراطية عالية. وتُشير إلى أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تقوم بتقديم إغراءات للشاب الرافض أو الذي يريد الانسحاب من الخدمة وإعطائه تسهيلات بدل الإعفاء. أهداف "ارفض" وتؤكد كيّوف للجرمق أن هدف الحراك الأول هو رفع الوعي بأن الدروز هم جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، وكسر الصورة النمطية الموجودة عند فئات مختلفة من المجتمع الفلسطيني تجاه الدروز. وتلفت إلى أن الحراك وطني سياسي يهدف إلى إبعاد وإخراج الشبان الفلسطينيين الدروز (المجبرين على التجنيد) أو الفلسطيني المتجند طوعًا ويريد الانسحاب من التجنيد عن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.
. . .
رابط مختصر



اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة *

مشاركة الخبر