فلنحذر من هذه التحذيرات


  • الأحد 19 سبتمبر ,2021
فلنحذر من هذه التحذيرات

في الآونة الأخيرة، لا يكاد يمر أسبوع تقريبًا دون أن تتنبأ وتتكهن التقديرات الإسرائيلية بتجدد اندلاع المواجهات في مدن وبلدات الداخل الفلسطيني ولا سيّما فيما يسمى “المدن المختلطة” على غرار تلك التي اندلعت خلال الهبة الشعبية (هبة الكرامة) يوم 28 من شهر رمضان- 10 أيار/مايو الماضي. لا بل حتى أن هذه التقديرات الإسرائيلية باتت تتوقع أن تكون الموجة القادمة أكثر عنفًا من سابقاتها وما هي إلا مسالة وقت.

الكاتب المُحرض الإسرائيلي في صحيفة “يسرائيل هيوم” نداف شرغاي الذي لا تكاد تخلو مقالاته الأسبوعية من التحريض على المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني وقيادته عمومًا وعلى قيادة الحركة الإسلامية (المحظورة) خصوصًا، ليس هو الأول الذي أطلق في مقاله الأخير بعنوان (الانتفاضة في المجتمع العربي: ليست “الاحتمالية المنخفضة”) تحذيراته من توفر العديد من العلامات والإشارات المقلقة لاندلاع انتفاضة مجددًا بين فلسطينيي الداخل والقوات الإسرائيلية، خاصة وأن هذا الشهر (شهر الأعياد اليهودية) يشهد العديد من الحوادث الأمنية “السيئة”، لأنه لسنوات عديدة تم منح “احتمال ضعيف” لسيناريو ينضم فيه فلسطينيو48 أو بعضهم إلى أعمال الاحتجاجات إلى جانب إخوتهم الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، حتى اندلعت “انتفاضتهم” في أيار الماضي. على حد تعبيره.

تحذيرات هذا الشرغاي من اندلاع موجة جديدة من المواجهات بمدن وبلدات الداخل الفلسطيني مع القوات الإسرائيلية، قد سبقها بأسبوع تصريحات نقلها موقع “واللا” العبري عن ضابط رفيع في الشرطة الإسرائيلية يحذر فيها من أن موجة المواجهات المقبلة ستكون “الأعنف”، وسيكون من الصعب على الشرطة الإسرائيلية الاستجابة لها واعتبر أنه على الرغم من الوقت الطويل الذي مضى منذ ذلك الحين والدروس المستفادة إلا أن الموجة التالية من الاضطرابات، والتي ستحدث بالتأكيد وستكون أكثر عنفًا، (كما يؤكد الضابط). وبحسبه، فإن موجة أخرى من المواجهات ليست مسألة ما إذا كانت ستحدث، الأمر يتعلق بمسألة الوقت. السؤال: متى ستحدث. لكن هذه المرة، كما يقول، أيضًا سوف يستغرق الأمر ما لا يقل عن 72 ساعة للاستعداد لنشر كبير للقوات والاستجابة للأحداث وستكون قوة الشرطة محدودة للغاية. غير أن الصورة فيما يسمى “المدن المختلطة” التي يسكنها يهود وفلسطينيون، بحسب الضابط الإسرائيلي، كانت أشد صعوبة حيث قاد مستوطنون قدموا من الضفة الغربية هجمات عنيفة كانت دموية أحيانًا، على فلسطينيين في “المدن المختلطة” أبرزها اللد والرملة وحيفا ويافا وعكا.

إلى جانب هذه التحذيرات وغيرها الواردة في مختلف وسائل الإعلام الإسرائيلية في الآونة الأخيرة، فقد نشرت صحيفة “هآرتس” في تاريخ 22/6/2021 تقريرًا تحت عنوان (الشرطة الإسرائيلية تتجهز لحملة تصعيدية ضد الفلسطينيين بالداخل)، بينت فيه أن الشرطة الإسرائيلية تتجهز لحملة تصعيدية كبيرة ضد الفلسطينيين في الداخل، لقمعهم بعد الهبة الفلسطينية الأخيرة خاصة في حال كانت مرتبطة باعتداءاتها في القدس المحتلة، من خلال مصادقة وزارة المالية الإسرائيلية على إجراءات سريعة في ميزانية للشرطة بقيمة 13.5 مليون شيكل من أجل شراء أسلحة وقنابل وأعيرة جديدة، بعدما فرغت مخازنها منها إثر استخدامها الواسع خلال المواجهات في المدن الفلسطينية في الداخل، شهر أيار الماضي. غير أن أبرز ما جاء في التقرير، التصريحات التي نقلتها الصحيفة من مصادر في الشرطة الإسرائيلية التي تقول: إن “الهدوء الحالي ظاهري وحسب”، وإن أي تصعيد أمني سيستوجب تعزيز قوات الشرطة في المدن والبلدات في الداخل.

على ضوء ما ذكر، فلا يُستبعد أبدًا أن نرى كيف استغلت السلطات الإسرائيلية حادثة القبض على أربعة أسرى من أصل الستة الفارين من سجن “جلبوع”، لتبدأ باختلاق القصص الوهمية وبثّ الأكاذيب المغرضة بأن عرب فلسطينيين من مدينة الناصرة ومن بلدة الشبلي هم من وشوا على الأسرى وبلغوا عن مكان احتمائهم في منطقة جبل القفزة بالناصرة وقرب جبل الطور، لدس أسافين الفرقة والخلاف بين أبناء الشعب الفلسطيني الواحد وتوظيفها لخدمة سياسات التجزئة والتقسيم التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي، حتى راحت شخصيات إسرائيلية رسمية تشيد بمساعدة ما أسمتهم (عرب إسرائيل) بالقبض على الأسرى الفارين، وراحت أيضا وسائل الإعلام الإسرائيلية الناطقة باللغتين العبرية والعربية تتحدث عن شرخ كبير لا أصل له بين الفلسطينيين في الداخل وبين أبناء شعبهم في الضفة وغزة، وذلك كله من أجل تفتيت وحدتهم ومحاولة منع التحامهم معًا مستقبلًا، كما التحموا سابقًا، في أحداث ومواجهات ستندلع عنوانها القدس والمسجد الأقصى وغزة أيضًا، بحسب تقديراتهم وتنبؤاتهم، هذا من جانب.

ومن جانب أخر، فإن هذه التحذيرات الإسرائيلية بتجدد اندلاع المواجهات في مدن وبلدات الداخل الفلسطيني المبنية على تقديرات احتمال وقوعها أصبح كبيرًا بسبب الأجواء السياسية المتقلبة، يجب أن تدق ناقوس الخطر لتنبيه المجتمع العربي في الداخل عمومًا، ولجنة المتابعة والقيادات والأحزاب والأجسام الفاعلة على المستوى السياسي والاجتماعي وقيادات العمل الشعبي والديني خصوصًا، بالاستفادة من الدروس السابقة والاستعداد والاعداد للطوارئ كما يجب لما هو قادم، وكما يقال: “المكتوب يُعرف من عنوانه”، خاصّة وأن الداخل الفلسطيني دفع ثمن وقفته المشرفة في الهبة الشعبية التي اندلعت في أيار الماضي بنحو 3000 معتقل من أبنائه، وما يزال العشرات منهم قيد الاعتقال حتى هذه الساعة، خاصّة من عكا النازفة واللد الجريحة، يحتاجون إلى المزيد من الدعم والمتابعة والاهتمام في كافة إجراءات وتفصيلات قضايا الاعتقالات حتى لا يتركوا لوحدهم يواجهون مع أهاليهم معاناة الاعتقال وانعكاساتها على حياتهم من جميع النواحي.

. . .
رابط مختصر



اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة *

مشاركة الخبر