حكاية إنسانية خلف كلمات الأغنية الشهيرة "لو شربوا البحر"


  • الثلاثاء 10 أغسطس ,2021
حكاية إنسانية خلف كلمات الأغنية الشهيرة "لو شربوا البحر"

عبّر الفنان والكاتب خير فودة في أغنياته، "لو شربوا البحر"، و"واسي واسي عكا على راسي" عن تمسّكه ببيته وبعكا، ووفائه بعهده لعائلته ولبلده بأنه متجذر بها مهما حصل، وظهر هذا في كلمات أغنياته، التي تصف رفضه لترك عكا أو "بيعها" وأنه لو تراكمت هموم الحياة فوق رأسه ستظل عكا "الونيس" ويد الأم الحنونة عليه.

حكاية "لو شربوا البحر"

ويقول الفنان خير فودة في حديثٍ مع الجرمق إن عُمر أغنيته لو شربو البحر أكثر من 20 عامًا، كتبها بعدما استطاع تطويب منزله باسمه، ووفائه بالعهد لوالده أن بيته في عكا القديمة سيبقى له.

وجاءت أغنيته، "لو شربوا البحر" لتعبر عن عهده لبيته وعائلته بأنه حتى لو تحققت هذه المستحيلات بالشرب من ماء البحر وهدم السور وخنق النور أو سرقة الهواء..فإنه لن يتنازل عن عكا وعن بيته، قائلًا، "هذه الأغنية تعبر عن كل عكاوي..وليس عن خير فودة وحده".

ويروي خير فودة قصة الأغنية التي تعود إلى مخاوفه بفقدان منزله بعكا القديمة عندما منعت السلطات الإسرائيلية الفلسطينيين في عكا ترميم منازلهم في الثمانينيات، وبدأت بتهجيرهم إلى قرية المكر لإيجاد بدائل لهم وإغلاق منازلهم في وجوههم بحجة أنها غير صالحة للعيش.

ويتابع أنه رأى عملية تدمير أسقف منازل الفلسطينيين بعينه لطردهم منها عندما عمل بالصدفة مع "مقاول" كان وظيفته تدمير أسقف المنازل وإغلاقها بوجه أهل عكا، ويقول، "الفكرة هزتني..حسيت إني ممكن أخسر بيت أبوي والحارة إلي عشت فيها".

ويضيف أن السلطات الإسرائيلية كانت تضع منازل الفلسطينيين الذين هجرتهم منها في المزادات العلنية، وتعلن عنها في الصحف العبرية التي لا يقرأها الفلسطيني، لتجد مخرجًا قانونيًا بذلك، ثم يأتي مستوطن مدعوم ليشتري المنازل، في الوقت الذي يُمنع فيه الفلسطيني تلقي أي دعم لتصليح منزله.

ويُشير فودة إلى أن الأغنية تعبر عن فقدانه للكثير من الجيران والأصحاب نتيجة سياسات السلطات الإسرائيلية التي هجرّتهم من منازلهم وأغلقتها في وجوههم بحجة أنها غير صالحة للعيش لتُفتح بعد سنوات للمستوطنين.

ويتابع أنه استطاع بعد سنوات تطويب منزله لعائلته، وانتزاعه من قبضة الحكومة الإسرائيلية بعدما كانت تضع يدها على منازل الفلسطينيين بحجج واهية لتهجيرهم، بعد عملٍ شاق لسنوات استطاع خلالها توفير تكاليف تطويب المنزل، لتخرج "لو شربوا البحر..ما ببيعا لعكا".

ويقول خير فودة إن كلمات أغنيته بسيطة وهنا تكمن عظمتها، فكلماتها بسيطة وألحانها من لغة الشارع والميناء وليس بها فلسفة وإنما البساطة.

أغينةٌ أخرى..يفي بها فودة عهده لعكا

ويقول الفنان خير فودة للجرمق إنه كتب أغنية "واسي واسي..عكا على راسي" لتعبر أيضًا عن وعد جديد لعكا، في كلماته عنها، "لو كتروا هموم الدنيا إنتِ إمي البتواسي..واسي واسي عكا على راسي".

ويتابع فودة أن كلمات الأغنية الأصلية على أسلوب العراضة السورية.."واسي واسي..عكا على راسي..وميلي ميلي عكا تسلميلي"، والتي ألهمته لكتابة أغنية جديدة لكن بألحان وكلمات عصرية تخدم ذات المعنى وهو وصف عكا والرفع من مكانتها.

ويُشير إلى أن الأغنية الأصلية تحتوي على مقطع "إسلامي ومسيحية" ليأتي فودة ويضيف في أغنيته الجديد، "كنيسة بحد الجامع"،لإعطاء ذات المعنى.

وأشار أنه لم ينزع الأغنية من أصالتها لإاضاف صوت العود الذي يعترف بأن الأغنية الجديدة مستلهمة من أخرى قديمة، لكنها تعطي ذات المعنى.

ويقول فودة إن أغنيته لو شربوا البحر تعود لأول ألبوم أنتجه مع فرقته "ولعت"، في حين تعود أغنية واسي واسي لـ ألبوم "عندي شو ما بدي" الذي سجلّته الفرقة في أستديو صابرين في القدس.

في حين خرج للنور ألبوم فودة مع فرقته "ولعت" الثالث "على بال مين"، بعد 10 سنوات من العمل عليه والذي أخذ أعوامًا طويلة لقلة الموارد، إلا من مساعدة جزئية من مؤسسة عبدالمحسن القطان بحسب ما يقول فودة.

ويتابع فودة أن له ألبومًا فرديًا خاص به ظهر للنور منذ حوالي سنة، بعنوان "أنا وصحابي" ويحتوي على أغانٍ منها "من عكا لرام الله"، "ولما توقع"،  "والعالم ضيقانة خلاقا" تعبيرًا عن الحالة العامة للناس في فترة تفشي فايروس كورونا.

الفن في عكا بالفطرة

ويقول فودة للجرمق، "عكا حالة فنية عندما تمشي بها تشعر أنك عدت بالتاريخ، وإن أغمضت عينيك ستسمع موسيقى من أحد النوافذ..ستظن أنك عدت للفترة العثمانية".

ويتابع فودة أن الفنانين في عكا لديهم ملكات فنية بالفطرة، ومنهم من ترك الفن لأنه اكتشف أنه لا يستطيع العيش وتحمل ظروف الحياة الاقتصادية الصعبة والإنفاق على عائلته من الفن.

ويلفت أن الفن والكتابة ظاهرة عند الجيل الجديد وجيل الشباب، ويقوم هو بمساعدتهم لتقوية مهاراتهم، لأن الأطفال في عكا يترّبون على الفن البسيط، ويقول إن أهالي عكا بحاجة لمؤسسات تحتضن الفن ومواهب الأطفال والشبان لكن، "عكا مش مرضي عليها".

. . .
رابط مختصر



اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة *

مشاركة الخبر