هُجِّر سكانها وهُدم آخر مبنى فيها..حكاية قرية أم الحيران منذ البداية


  • الجمعة 15 نوفمبر ,2024
هُجِّر سكانها وهُدم آخر مبنى فيها..حكاية قرية أم الحيران منذ البداية
أم الحيران

هدمت قوات الهدم الإسرائيلية مسجد قرية أم الحيران في 14 من نوفمبر/تشرين ثاني 2024 وهو آخر مبنى في القرية التي أُجبر سكانها على إخلائها بعد هدم منازلهم بأيديهم وذلك لإقامة مستوطنة "درور" على أنقاض القرية الفلسطينية التي تبلغ مساحتها حوالي 5 آلاف دونم.

ويسكن في قرية أم الحيران مسلوبة الاعتراف ما يزيد عن 500 فلسطيني عانوا من مخططات التهجير المستمرة.

هجرة مستمرة منذ النكبة

يعاني أهالي قرية أم الحيران من التهجير المستمر منذ عام 1948، حيث هجروا 4 مرات خلال النكبة، حتى استقروا في نهاية المطاف عام 1956 في منطقة وادي عتير أي المنطقة التي كانوا يعيشون فيها حتى تهجيرهم وهي "أم الحيران".

ويقول رئيس اللجنة المحلية في أم الحيران سليم أبو القيعان في حديث سابق للجرمق، "تهجر سكان أم الحيران 4 مرات، والأخيرة كانت عام 1956 عندما استقرينا هنا، أنا ولدت في هذا المكان وأبي كان يفلح الأرض".

ووفقًا لمركز عدالة الحقوقي، فإن مسلسل الهدم والتهجير ليس جديدًا على أهالي أم الحيران، فقد عاش أهالي هذه القرية قبل النكبة في قرية "خربة زُبالة"، وقد تمّ تهجيرهم من قريتهم إلى اللقية في العام 1948 ومصادرة الأرض لصالح "كيبوتس شوفال"، وبعد تهجيرهم من قريتهم أمر الحاكم العسكريّ في العام 1956 بطردهم من اللقية إلى وادي عتير، حيث عاشوا حتى يومنا هذا.

مخطط الاستيطان منذ 2002

وفي عام 2002 أقرت الحكومة الإسرائيلية إقامة 4 مستوطنات يهودية في النقب، من بينها مستوطنة "حيران" على أنقاض قرية أم الحيران، حيث مرّت أم الحيران منذ عام 2003 حتى هذا اليوم بمحاولات اقتلاع وتهجير عدة من بينها أوامر قضائية بإخلاء القرية وهدم مساكنها وترحيل أهلها وفقًا لمركة عدالة الحقوقي.

وبحسب عدالة، ففي أيلول عام 2003، أصدرت المحكمة الإسرائيلية - دون أن تستمع إلى أصحاب البيوت- أوامر هدم لجميع بيوت القرية، ولم يعلم أهالي البلدة بقرار المحكمة إلا بعد فترة طويلة، حين تواردت أنباء عن نيّة الشرطة شن حملة لتنفيذ الأوامر. 

وتابع عدالة، "في العام 2004، استصدرت الدولة أوامر إخلاء لجميع بيوت القرية، بادعاء أن أهلها هم "ينتهكون حدود أراضي الدولة"، علمًا أن أهالي القرية يقيمون على أرضهم بأمر من الحاكم العسكري الإسرائيلي، والذي نقلهم إلى هذه المنطقة في العام 1956، بعد أن هُجّروا من قريتهم الأصليّة، خربة زُبالة، في العام 1948".

وقال مركز عدالة، "قضية أم الحيران مثالًا واضحًا للتهجير العنصريّ، بحيث أن الهدف الوحيد لتهجير أهلها هو إقامة بلدة لليهود على أنقاض أم الحيران، هذه الحالة تجسد السياسات الإسرائيليّة الاستعمارية بكل ما يخصّ قضايا الأرض والتخطيط، والتي تشابه سياسات الأنظمة الظلاميّة كجنوب افريقيا في حقبة الأبارتهايد، هذه الخطوة، لم تكن ممكنة دون الدعم الكامل من المؤسسة القضائية الإسرائيليّة".

أوامر هدم لـ أم الحيران

في عام 2009، أصدرت أوامر الهدم الأولى لقرية أم الحيران، وفي تاريخ 30.7.2009 أصدرت للمرة الأولى محكمة الصلح في بئر السبع قرار يأمر بإخلاء السكان من بيوتهم في أم الحيران لغرض هدمها.

وحينها، قدم مركز عدالة الحقوقي المتابع لقضية قرية أم الحيران التماسات ضد قرارات إخلاء وهدم القرية، وفي عام 2014، أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية قرارًا برفض الطلب الذي قدّمه مركز عدالة للاستئناف باسم أهالي قرية عتير-أم الحيران على قرار المحكمة المركزيّة في بئر السبع هدم جميع بيوت القرية غير المعترف بها في النقب.

وقال عدالة حينها، "بذلك، يكون أهالي القرية قد استنفذوا جميع الإمكانيّات القضائية المتاحة أمامهم لإلغاء أوامر الهدم ضد قريتهم، والتي تعتزم السلطات هدمها بهدف إقامة مستوطنة يهوديّة باسم "حيران" على أنقاضها".

ووفقًا لعدالة، "يوم 5 أيّار 2015، أصدرت المحكمة الإسرائيليّة العليا قرارها النهائيّ في قضيّة عتير أم الحيران غير المعترف بها في النقب، وقد صادقت المحكمة على القرار العنصريّ الذي اتخذته الحكومة الإسرائيليّة في العام 2002: تُهدم عتير أم الحيران، ويُهجّر وتُبنى على أنقاض القرية العربيّة بلدة حيران اليهوديّة ومرعى للمواشي، وفي كانون ثاني من العام 2016، رفضت المحكمة العليا طلب عدالة لإعادة النظر بالقرار، وادّعت أن قضيّة هدم القرية ليست “قضية نادرة أو خاصّة”. 

وتدعي الحكومة الإسرائيلية بأن أهالي قرية أم الحيران يقيمون على أرض قريتهم بشكل غير قانوني.

إلا أن مركز عدالة استطاع بالوثائق الرسميّة إثبات أن الدولة هي التي أمرت في العام 1956 بنقل أهالي القرية إلى هذه الأرض بعد تهجيرهم من قريتهم الأصليّة "خربة زبالة" في العام 1948. 

وحول سلسلة جلسات المحاكم التي خاضها أهالي القرية منذ إعلان إقامة مستوطنة "حيران"، يقول سليم أبو القيعان للجرمق، "نحن منذ عام 2003 حتى عام 2014 خضنا محاكم، وفي كل مرة كنا نخرج مسرورين، ونشعر أن القضاة يصدقون ما نقول، ولكن نتفاجأ في كل مرة أن القرار يأتي على غير ما نتوقع، وهذا إن دل فيدل على أن القرار كان سياسيًا وليس قضائيًا".

وبدوره، يقول حسين رفايعة المنسق الإقليمي للقرى مسلوبة الاعتراف في النقب سابق للجرمق، "هذه القرية تعاني من التهجير منذ النكبة، هجر سكانها من النقب الغربي، وحاولت السلطات الإسرائيلية خلال الخمس سنوات الأخيرة تهجيرهم ونقلهم إلى منطقة حورة لإقامة مستوطنة مكانهم".

ويتابع، "هذه العنصرية بعينها، تهجير سكان عرب لتسكين يهود مكانهم، حصل الكثير من الانتهاكات الإسرائيلية في النقب، ولكن كهذا الانتهاك بحق أهالي أم الحيران لم يحصل، فالمخطط واضح، يريدون تخطيط بلدة يهودية مكانها، واقتلاع سكانها".

2017..مخطط ترحيل لقرية حورة

ويقول حسين رفايعة في حديث خاص للجرمق،  إن آخر مخططات التهجير كان عام 2017 عندما داهمت قوات كبيرة من الشرطة الإسرائيلية قرية أم الحيران، واعتدت على السكان لترحيلهم، واستشهد حينها المربي يعقوب أبو القيعان الذي اتهمته الشرطة الإسرائيلية بأنه تابع لتنظيم "داعش"، ولكن التحقيقات أظهرت عكس ذلك تمامًا".

ووفقًا لمركز عدالة الحقوقي فإن المخطط الذي عادت به السلطات الإسرائيلية عام 2017 كان يهدف إلى تهجير قسري لأهالي أم الحيران إلى مساكن مؤقتة في منطقة واقعة بين منطقة نفوذ حورة ومنطقة نفوذ "ميتار". 

وفي عام 2017 قدم مركز عدالة اعتراضًا للجنة اللوائيّة للتخطيط والبناء في الجنوب، على هذا المخطط.

وجاء في اعتراض عدالة، أن "مخطط تهجير السكّان من أم الحيران إلى سكنٍ مؤقت يواصل الواقع القاسي الذي يعيشه أهالي القرية منذ أكثر من 70 عامًا، نتيجة تهجيرٍ من موقع سكنيّ إلى موقعٍ آخر، فليس من المعقول تهجير العائلات مرةً أخرى بعد أن عاشوا في قريتهم منذ أكثر من 60 عامًا إلى بيوت مؤقتة، علينا أن نتذكر أن هذه الخطوة ستمس بشكلٍ خطير بـ 78 عائلةً فيها الأطفال والعجزة، وأنّها خطوة مدمّرة على الصعيدين الاجتماعيّ والاقتصادي".

ويُشار إلى أنه تم تهجير سكان قرية أم الحيران في النقب إلى قرية حورة دون التحضير المسبق لهم، حيث قال القيادي في النقب يوسف الزيادين للجرمق، "ما حدث في أم الحيران جريمة غير مبررة، لا يجوز أن يهدموا منازل ومساجد ومستقبل شعب كامل بحجة أنهم يطبقون القانون، لا يوجد أي مسؤول حاول أن يتواصل مع البدو لمحاولة إيجاد حلول في النقب، حتى المسؤول الذي تضعه إسرائيل لحل مشاكل البدو يكون عنصري وضد المجتمع البدوي، وبدلا من حل المشاكل، يقوم بزيادتها".

ويتابع للجرمق، "نستنكر هذا العمل هذا عمل غير مبرر وغير أخلاقي ولا يجوز بأي حال من الأحوال، أن تتغول الدولة على المواطنين، بالقوانين العنصرية، وتهدم منازل أو تُجبر الأهالي بهدم منازلهم بأيديهم".

ويضيف، "يجب أن تقف القيادة والشعب والجمهور وقفة واحدة كي نكون ضد هذه السياسة الظالمة، هذه السياسة لا يوقفها إلا وقفة جماهيرية واحدة من كل مواطني عرب النقب وعرب الداخل".

ويردف، "الحل هو الاعتراف بالقرى مسلوبة الاعتراف، لدينا مثلا قرية وادي النعم أكبر قرية غير معترف بها في النقب، حتى المسؤولين الذين كان يتم تعيينهم، لم يحلوا المشاكل ولكن قاموا بزيادتها، السلطات معنية ألا تحل المشاكل في النقب، وتقوم بسياسة المماطلة كي تضع اليأس في قلوب الأهالي ليتركوا أراضيهم، يريدون أرض دون عباد، العرب والبدو موجودين ولا أحد يستطيع إخراجهم منها".

ويقول، "سيذهب أهالي قرية أم الحيران إلى المجهول، ما حدث جريمة، والمواطن العادي لا يستطيع أن يفعل شيئا، طالما الدولة ظالمة وتُجرم بالأهالي، حتى المنظمات الدولية والإنسانية التي كنا نراهن عليها، كاذبة وفاسدة وتصنع الأفلام علينا فقط".

ومن جهته، يقول عطية الأعسم رئيس المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها في النقب للجرمق، "ما حدث في أم الحيران اعتداء غاشم وظالم من قبل السلطات الإسرائيلية بعد إجبار المواطنين في القرية على الإمضاء على الاتفاق رغما عنهم بانتقالهم إلى قرية حورة وهدم بيوتهم بأنفسهم، وبعدما هدموا البيوت جاءت قوات كبيرة من الشرطة وهي عمليات استعراضية يقوم بها الوزير الفاشي بن غفير لملاحقة العرب في النقب بمئات عناصر الشرطة المدججين بالسلاح كأنهم خارجين لساحة حرب في الوقت الذي لم يكن فيه سكان في قرية أم الحيران لكن يريدون أن يستعرضوا عضلاتهم الظالمة على المواطنين العزل".

ويردف، "اليوم قاموا بهدم مسجد القرية وهو آخر مبنى في القرية واعتدوا على حرمته، وهذا أمر فظيع، لم نقرأ مثل هذا الظلم في القرن الماضي".

ويتابع للجرمق، "أهالي قرية أم الحيران سينتقلون لقرية حورة دون التحضير، عندما اتفقوا مع السلطات على الانتقال وبنوا منازل مؤقتة جاءت دائرة إسرائيل التي احتلت منطقة النقب وقامت بمصادرة أراضيها من العرب لليهود وقامت بإلصاق أوامر هدم على هذه البيوت ومن المعروف أن الإنسان لا يستطيع أن يبنى بيت ويُصدر تراخيص خلال شهر أو شهرين، وهم فقط قاموا ببناء بيت مؤقت وجاءت دائرة الأراضي وألصقت أوامر هدم على هذه المنازل، هذه ملاحقة عنصرية للمواطنين العرب وتضييق واضح وظاهر".

ويختم للجرمق، "الآن، هناك ما يقارب 14 قرية مع أم الحيران التي تريد الدولة أن تعمل بهم الدولة ’تبادل سكاني’ أي طرد المواطنين العرب وهدم قراهم وبناء مستوطنات لليهود كقرية أم الحيران، قامت السلطات بطرد السكان وملاحقتهم من أجل إقامة مستوطنة درور لليهود، والسلطات الإسرائيلية بدأت تخطط لبنائها، هذه السياسة أصبحت ظاهرة، وهناك العديد من القرى التي تعمل السلطات على تهجير سكانها العرب الأصليين الموجودين فيها قبل أن تحتل إسرائيل البلاد وسيبنون مستوطنات لليهود مكانها، ونحن لا نملك القوة لوقف الاعتداء الغاشم تجاه المواطنين العرب في النقب".

 

 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر