إنطلاقة شعبية.. نحو الالتحام الدائم


  • الأحد 13 يونيو ,2021
إنطلاقة شعبية.. نحو الالتحام الدائم
مع بداية الهبة الشعبية الفلسطينية في جميع أماكن تواجدنا ومن ضمنها الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، بدأت تعلو ملامح المفاجأة على أوجه الأوساط الحزبية العربية (وتشمل العربية اليهودية)، واستمرت الملامح لتصل إلى بعض حالات الصرع المحلية هنا وهناك، ليس ضد المؤسسة الاستعمارية "فقط"، بل من الخطاب الفلسطيني الواضح الملتحم مع كله الفلسطيني.
منذ المظاهرات الأولى، وقد ارتفع الخطاب الوطني الفلسطيني الذي لا يتنازل عن شبرٍ من ترابه "تكتيكًا" أم عقيدةً، بل الخطاب الذي يؤمن بأن فلسطين هي 27 الف كلم مربع وشحطة، والشحطة قبل الباقي، هذه الفلسطين غير القابلة للتجزئة أو التقسيم أو التقاسم، هذا الخطاب الجارف الذي هو صلب فطرتنا الفلسطينية، كان نقطة صدمة عند بعض الأحزاب التي "تكافح" من أجل حدود ال 67، وبعد أعوام ستكافح أكثر من أجل حدود ال 2018 (مثلًا)، هذا الخطاب الذي وَحَّد الكل الفلسطيني بجميع أماكن تواجدنا، خطاب يرى بالكيان المحتل، كيان استعماري وجب قلعه عاجلًا ام آجلًا.
هبَّ إلى الشوارع جيل الشباب من مواليد الانتفاضة الثانية، هذا الجيل الذي ترعرع وكبر بعيدًا عن منظومات الأحزاب التي هجرت الشارع منذ سنوات طويلة، جيل يكفر بما يسمى باليسار الإسرائيلي، فهو يعي تمامًا بوصلته، ويعي تمامًا أنه لا يسار ولا يمين بأي نظام استعماري، فهنالك الفرز يكون وفقًا للمستعمِر والمستعمَر، والمنظومة الاستعمارية هي بطبيعتها أمنية تفتيتية، تسعى دائمًا إلى تفتيت الشعب القابع تحت الاستعمار لمحاولة محو تاريخه ووحدته الشعبية. هذا الجيل يعرف هذا جيدًا وهذا ما لامسناه بين الشباب والصبايا.
انتفض الشباب والصبايا، وحاولت الأحزاب اللحاق بهم، وحاولت بأحد الأيام الدعوة بمظاهرة بترتيب وتنسيق "الجبهة والتجمع"، ولكن، لعظمة التحامهم مع هموم الناس والشارع، فقد كانت الدعوة باسم "القوى الوطنية في الناصرة"، بانتهازيتهم المعهودة، وباستعلائهم المقزز، متجاهلين جماهير الشباب والصبايا، من ال التعريف خاصّتهم، الذي هبوا ولبوا نداء الشيخ جرّاح والقدس من توقيعهم البائس، هذا الشباب هو قوة، وأثبتت الأسابيع الماضية أنه "القوة"، محاولين احتواء هذا النهر الغاضب، ولكن النهر لقّنهم درسًا آخر في الانتماء، فهتف مجددًا ضد سلطة أوسلو الخيانيّة، وضد الاستعمار، ومع تحرير على كامل التراب الفلسطيني، محاولات الاحتواء فشلت، لأن هذه السواعد لا قيادة لها إلا هي.
في إحدى المظاهرات، حاول أحد قيادات الأحزاب بالهمس لأحد مسيري المظاهرات بالسير نحو "المسكوبية"، فتجاهله الثاني، ولكنه حاول ثانية وثالثة، واستمر التجاهل، فأي إصرار هذا يحمله هذا القيادي الثوري؟، ألم يكن الأجدر به أن يمارس صبيانيته الجبانة هذه في مظاهرات حزبه؟ أم أنه هنالك غاية في نفس يعقوب، ستصب في النهاية "بمجزرة"، وليرموا السهام إلى الشباب؟
واستمرت هذه الأحزاب بلعب دورها الانهزامي الطوعي، فعند ارتفاع الهتاف ضد ميرتس والصهيونية في إحدى المظاهرات احتجاجًا على سير عضو الكنيست الصهيوني العربية عن حزب ميرتس في المظاهرة، جاء بعض جحافل الأحزاب محاولين إسكات الشباب، لأن حزب ميرتس شريكهم اللطيف، حزب ميرتس الذي دعم العدوان، لا علينا، فهذا طبيعي عند أبناء التيار الواحد واليسار الزائف، ولكن هذه الأحزاب أصرّت بتكليل نضالها بدعوة الشباب والصبايا بالانضمام للأحزاب القائمة وتغيير الأحزاب من الداخل، نعم، ببساطة هذه الدعوة كانت لمئات الشباب والصبايا، وأصيب الجمع بحالة من القهقهة المتفاجئة.
هذه الهبة، جاءت لتنهي عهد الأحزاب ومؤسساتها، ولتنهي عهد القيادات الزائفة، هبة شعبية شبابية صافية منطلقة من آلام هذا الجيل والشعب ومندفعة نحو تنظيم انفسها وقيادة المرحلة القادمة، هذا الجيل الذي يعي تمامًا كيف يقود المرحلة حتى يومنا هذا، لديه الطاقة والوعي بقيادة المرحلة القادمة، فرجاءً من الأحزاب والمؤسسات التنحي جانبًا، ولا تحاولوا التسلق والتملق للحراكات والصبايا والشباب، لإنهم ببساطة كفروا بكم وبنهجكم.
بقلم منهل حايك
. . .
رابط مختصر



اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة *

مشاركة الخبر