حظر نشاط حركة طلابية في جامعة حيفا..النجاح الفردي مقابل دور الأكاديميين في الـ48 في تعزيز السردية الفلسطينية

أثار قرار نائبة رئيس جامعة حيفا منى مارون حظر نشاطات حركة طلابية مناهضة للحرب في جامعة حيفا انتقادا واسعا في أراضي48 بدءا من الطلبة خصوصا ووصولا لشريحة واسعة من المجتمع الفلسطيني في أراضي48.
وقررت عميدة جامعة حيفا تعليق نشاطات حركة "نقف معا" وهي حركة "عربية يهودية" مشتركة بعدما نظمت الحركة نشاطا احتجاجيا في الجامعة ضد استمرار الحرب ورفعت صور ضحايا أطفال من قطاع غزة استشهدوا خلال الحرب.
وعبّر نشطاء في أراضي48 عن انتقادهم لخطوة مارون بحظر الحركة التي نظمت نشاطا احتجاجيا مناهضا للحرب لافتين إلى أن المسألة لا تتعلق بحظر نشاطات حركة معينة فقط (وتحديدا أن الحركة التي حُظرت هي مشتركة وتتعرض أساسا لانتقادات واسعة) وإنما يصل الأمر لمحاولة تبني بعض الأكاديميين سردية الآخر والتماهي معها إلى حد قمع شعبهم وأبناء مجتمعهم بحسب النشطاء.
وكتب سليم سلامة على حسابه في فيسبوك، "مرة أخرى، علّ أمّة البَجَم تتعلّم!، عميدتكم، بروفيسورتكم، "فخر مجتمعكم وشعبكم"، توقّع على أمر بحظر نشاطات الخلية الطلابية التابعة لحركة "عومديم بياحَد"/ "نقف معًا" في الجامعة، لأنها "رفعت صور أطفال استشهدوا في قطاع غزة"!!!، (وهذا، بغض النظر عن موقفي من هاي الحركة)".
وتابع، "كلمة إخص ما عادت تكفي.... وكل حدا/ حداية يتطلع في مرايتو ويراجع كم مرة هنّأ/ت بـ "دمت ذخرًا وفخرًا لمجتمعك وشعبك"!!!".
ويقول مركز الحركة الطلابية في التجمع الوطني الديمقراطي يوسف طه للجرمق، إن، "القرار خطير وهذه ليست المرة الأولى التي يصدر بها في المؤسسات الأكاديمية في ’إسرائيل’، وليست المرة الأولى التي يكون فيها قرارات هدفها ملاحقة أي صوت مناصر للقضية الفلسطينية ويرفض الإبادة على غزة وهذا نواجهه منذ بداية الحرب حتى اليوم، والأسوأ هذه المرة صدر القرار بتوقيع شخصية صاحبة مكانة علمية مرموقة في جامعة حيفا وهي شخصية عربية وقعت على هذا المكتوب الذي يخرج حركة طلابية عن العمل لمدة أشهر، هذه سابقة خطيرة وتكشف دور تواطؤ بعض الأكاديميين العرب في ظل الظروف التي نعيشها، الحديث عن تواطؤ مع المؤسسة للحفاظ على المكانة في العمل".
ويتابع، "هذه الممارسات لا علاقة لها بحياد أكاديمي أو مهنية، وإنما هو تواطؤ مع المؤسسة الإسرائيلية من منطلقات غير مفهومة، ومن المهم لنا أن نتحدث عن سياق الداخل أن قصص النجاح الفردي التي يتم تصويرها باستمرار أنها نجاحات كأول عربية وصلت لمنصب معين أو أول قاضي في منصب معين، هذا كله لا يهم في حال لم يكن الشخص متلاحم مع قضايا شعبه ولديه موقف مناصر لهذه القضايا ولديه حدود والتزام أخلاقي وإنساني".
ويقول، "النجاحات الفردية كلها مع وقف التنفيذ في حال لم تكن ملتزمة بقضايا شعبنا".
ويضيف طه للجرمق، "ولكن في المقابل، الفلسطينيون في الداخل يمتلكون آلاف الألقاب المتقدمة سواء ألقاب ثانية أو دكتوراه، وسواء في الجامعات الإسرائيلية أو جامعات عالمية، الغالبية العظمى من هذه الألقاب، ملتحمين مع قضايا شعبهم واختاروا ألا يقبلوا المساومة بين العلو في السلم الأكاديمي اتخاذ موقف متخاذل، وما حدث في جامعة حيفا لا يمثل الأكاديميين الفلسطينيين".
ويقول، "على مدار عقود، المجتمع الفلسطيني في الداخل أنتج إنتاجات علمية وفكرية وشعرية وأدبية وكلها كانت داعمة لقضايا الشعب الفلسطيني ومتماهية معه وأصبحت مرجع للعالم العربي وللعالم بأسره، فمساهمتنا في تطوير حقول نظرية وأكاديمية لم تكن محدودة ولم تكن متواطئة مع المؤسسة الإسرائيلية إلا فئة قليلة، ما حدث في جامعة حيفا ليس هو وجه مجتمعنا".
ويردف، "تحديدا في الأكاديميا، هذه الفئة الأكثر وعيا وتسييسا، هذه هي الفئة الملتزمة بشكل كبير بقضايا شعبنا، ونحن نعلم عن أسماء كبيرة منها في قيادة الحراك الطلابي ومنها في قيادة الإنتاج العلمي والأكايمي، بالتالي نحن في الداخل لدينا أمثلة أفضل بكثير من هذا المثل الذي يتم الحديث عن في جامعة حيفا".
كيف يتم التعامل مع فئة الأكاديميين المتواطئين مع المؤسسة الإسرائيلية؟
ويتابع طه، "في البداية، علينا أن نتوقف في الداخل أن نتباهى بسرد قصص فردية عن نجاح شخص وآخر بتحقيق نجاحات، هذه النجاحات يجب وضعها في سياقها، والتفكير كيف يمكن أن تؤثر النجاحات على مجتمع بأكمله، إذا النجاح لا يتكامل مع وعي جماعي لمجتمع وقضية وشعب، لا فائدة من التعامل معها كنجاحات، الشخص عندما يريد شخص تحقيق نجاح فردي يجب على المجتمع ألا يتعامل مع هذا النجاح، إذا لم يكن نجاح الشخص يخدم المجتمع فهو لا يمت لنا بصلة".
ويقول، "يجب أن نحاسب كل الشخصيات الأكاديمية التي تتعامل مع نجاحاتها كأنها نجاح مجتمع، فإنه يجب أن يتكامل مع المجتمع وإلا يجب عدم اعتباره نجاح، ويمكن أن يصل للتواطؤ ويخدم الدعاية الإسرائيلية وحرب الإبادة على شعبنا".
ويردف، "نحن نعيش في الداخل بظرف مركب ولا يمكننا مقاطعة المؤسسات التعليمية ولكن يجب أن يكون هناك حدود، هناك فرق بين أن نكون موجودين في الأكاديميا وبين أن ننصهر معها ونخدم أجنداتها، وفي بعض المرات يمكن أن نتنازل عن ترقيات أو بعثات معينة ولكن ممنوع علينا أن نكون شهداء زور على إبادة شعبنا".
ومن جهته، يتحدث المحامي رضا جابر عن ضرورة مواجهة ظاهرة "الفردانية" وعن ضرورة تبني الفلسطيني في الـ48 لسردية مجتمعه ومحاولة تحصيل حقوقهم عند وصوله لمناصب عليا في المؤسسات التعليمية الإسرائيلية وغيرها.
ويقول للجرمق، "بعض المثقفين والأكاديميين والمهنيين ومن تقدموا بالمناصب بمرحلة معينة يتبنون خطاب المؤسسة التي يعملون بها وبالتالي يتحولون من خدمة مجتمعهم إلى الاهتمام بالنجاح الفردي، ولا نريد التعميم على الجميع، ولكن قسم من هذه الفئة ينتقلون إلى المجتمع الآخر ويتبنى سرديته وتفكيره".
ويتابع، "مجتمعنا يتوقع أن كل فرد منه عندما ينجح ويتقدم في السلم الوظيفي في كل مؤسسة أن يكون جزء يعود بخير معين للمجتمع، وإذا لم يعود بالنفع على المجتمع، وأن يتعامل مع الأمور بشكل موضوعي، إذا كان دائما نقول إن تمثيلنا داخل المؤسسات يؤثر على وضعيتنا فيها، لا نُعطى حقوقنا ولا يتم التعامل معنا بشكل متساوي ولا نُعطى البعد الهوياتي داخل المؤسسات ولا يتم ترجمته فعليا داخل المؤسسات، من المتوقع من هؤلاء الأشخاص كمنى مارون أن يسدوا الفجوة ويتعاملوا مع المجتمع بشكل موضوعي ويعطوه حقوقه وأن يساعدوا بموضوع المساواة".
ويردف، "الذي يحدث في بعض الأحيان، ولا نريد التعميم، في بعض الأحيان هذه الفئة التي وصلت لمناصب عالية، بدلا من أن يعطوا مجتمعهم حقوقه وأن يتعاملوا معه بشكل عادل حتى في الأمور الرمزية، يتبنون سردية المؤسسة التي يعملون بها، ويبدأون بالتعامل مع مجتمع بشكل سلبي أكثر من المؤسسة التي يعملون بها، وعندما يفعلون ذلك يؤثر هذا على ثقة المجتمع نفسه بمن تقدموا بالسلم الوظيفي".
ويضيف، "هذه الفئة القليلة يؤثرون على الأشخاص الآخرين الذين يريدون التقدم بالسلم الوظيفي، فهؤلاء يفقدون ثقة مجتمعهم بهم".
ويقول، "يجب على كل شخص يتقدم بالسلم الوظيفي أن يفحص تصرفاته لأن هناك مراقبة مجتمعية على الأشخاص، المجتمع لديه قدرة على النقد وتوضيح الحدود المفروض أن تكون موجودة أيضا لهؤلاء الذين يريدون أن يتقدموا بالسلم الوظيفي وأن يعلموا أن المجتمع يعرف ما يحدث ولا يعيش في فراغ ولهم صوتهم".
ويتابع، "نحن ندعم من يريد أن يتطور بالسلم الوظيفي ولا نريد أن نحجز على الأشخاص أن يتقدموا ولكن يجب أن يكون في ذهنهم أن هناك مجتمع ولهم مسؤولية عليه، وأن عليهم التزام المهنية الحقيقية الصرفة ويجب أن يتبنوا نظرة مجتمعهم وليس نظرة المجتمع الآخر".
ويختم، "نحن لا نعيش في فراغ وإنما نعيش في ظروف معينة ونعلم أن هناك توترات ومُحددات والتزامات داخل المؤسسات، ولكن أيضا هناك خط فاصل نريد تحديده ألا ينتقل الشخص منا إلى المجتمع الآخر ويتحدث بسرديتهم، ويجب أن يكون الحد واضح لأبناء شعبنا وللمؤسسات أن من ينخرط لا يفقد هويته وحسّه بالعدالة وإحقاق الحق لمجتمعه".