تفاقم أزمة الشاباك في إسرائيل: ماذا تخفي استراتيجية إرباك الرأي العام؟؟


  • الخميس 17 أبريل ,2025
تفاقم أزمة الشاباك في إسرائيل: ماذا تخفي استراتيجية إرباك الرأي العام؟؟
بار&نتنياهو

الملقب أ.، ضابط احتياط في جهاز الأمن الداخلي الاسرائيلي “الشاباك” قام وبشكل منهجي ومتكرر بتسريب وثائق سريّة من حواسيب جهاز الامن الداخلي الى احد الوزراء ولصحفيين. تم التحقيق معه في الجهاز واعتقاله من قبل الشرطة والتحقيق معه في وحدة التحقيق مع رجال الشرطة.
يرى الشاباك ان تسريب الوثائق فيه مس بالأمن، وخيانة الامانة وان بروتوكول الشاباك يفرض في مثل هذه الحالات سجنا لخمس سنوات.
شهد الكشف عن هذه القضية واعتقال الضابط حملة غير مسبوقة من اليمين الاسرائيلي الحاكم تستهدف كلا من رئيس الشاباك رونين بار والمستشارة القانونية للحكومة غالي بهراف ميارا التي صادقت على التحقيق.

قراءة:

لاذ نتنياهو بالصمت ولم يصدر عنه أي تصريح، في حين أتاح لوزرائه من الليكود والصهيونية الدينية والقوة اليهودية وإلى أعضاء الكنيست ورئيسها القيام بأضخم حملة تصريحات متزامنة تمجد بالضابط أ. وتشيطن رئيس الشاباك واتهامه بالتآمر. في حين ألغى نتنياهو اجتماعا أمنيا مقلصا بعد أن هدد سموتريتش بأنه لن يشارك في اي اجتماع يشارك فيه رئيس الشاباك.
تقاطعت ردود فعل وزراء نتنياهو ونواب اليمين ما بين المطلب بالإقصاء الفوري لرئيس الشاباك، واتهامه بتحويل الجهاز إلى “ميليشيا في خدمة الدولة العميقة”، واتهامه بأنه “خطر على الديمقراطية”، وبأنه “يتمترس خلف المحكمة العليا، وبأنه يتصرف كما لو كان يملك جهاز استخبارات خاص به، وأساء استخدام موقعه، وبأن الشابات أصبح مافيا. كما طالب البعض بتعيين الضابط الرفيع أ. رئيسا للشاباك بدلا من بار.

كان لافتاً من بين عناوين الصحف ما ورد في موقع صحيفة يسرائيل هيوم اليمينية والتي تأسست عام 2007 خصيصا لدعم نتنياهو، وتعتبر الأوسع انتشارا في إسرائيل. عنونت الصحيفة تقريرها بما يلي: “ليذهب أمن الدولة إلى الجحيم: بالنسبة لنتنياهو فإن المعركة هي ضد رونين بار”. كما كان لافتا صمت الأحزاب الحريدية الدينية.
تزامنت حملة الائتلاف الحاكم مع اتساع متسارع لنطاق حملة الضباط والجنود في الاحتياط ودعوتهم إلى المضي في صفقة التبادل وإنهاء الحرب على غزة، واتهام نتنياهو بإدارة حرب سياسية شخصية ذات أهداف بعيدة عن الأهداف المعلنة للحرب. سعى رئيس الأركان ايال زمير الى اسكات صوت التمرد السياسي بين ضباط الاحتياط، ففي كل خطوة عقابية قام بها انضمت أوساط تقدر بعشرات الآلاف ويخرج الموضوع عن السيطرة، مما اضطر اركان الجيش الى اعادة النظر في قرارات فصل عدد من الضباط الذين وقعوا على العرائض الاحتجاجية، كما أعلن عن تخفيف عدد الجنود في الخدمة الاحتياطية في العمليات الجارية في غزة.

مساء 15 نيسان بث التلفزيون الاسرائيلي القناة 12 تقريرا عن تراجع نسبة الاستجابة إلى دعوة جنود الاحتياط الى الخدمة القتالية بنسبة 40% منذ بداية العام الحالي، وأكد التقرير على أن نسبة عدم الاستجابة للاستدعاءات تبلغ ما بين 50% و70% مقارنة مع بداية الحرب على غزة عام 2023 حين بلغت في أقصاها 300%، اي المثول للخدمة القتالية حتى من دون استدعاء أو البقاء فيها أكثر من الفترة الاصلية.

كما تزامن مع تزايد الانتقادات في واشنطن للوزير ديرمر الذي عينه نتنياهو رئيسا للوفد المفاوض بصدد الصفقة بعد تخلص نتنياهو من رؤساء الاجهزة الأمنية لرئاستها، واعتبرته الإدارة معوّقا للتقدم، وبخلاف رهان نتنياهو على ديرمر أنه الورقة الرابحة أمام إدارة ترامب فقد انقلبت الامور حاليا.
كما تزامنت الحملة على رئيس الشاباك مع تصاعد حراك عائلات الاسرى والمحتجزين ومع مساعي الوسطاء والتوقعات بالتوصل الى صفقة تبادل وانهاء الحرب.

من اللافت مؤخرا هو أنه مع تزايد الضغوطات الشعبية لصالح الصفقة مسنودة بالدعم الأمريكي، ومع احتمالية تحققها العالية، يتم وبشكل يبدو منهجيا من قبل نتنياهو وحكومته بما يمكن أن نطلق عليه “خربطة الرأي العام” وحرفه عن موضوعه الأساس وهو صفقة التبادل بما فيها إنهاء الحرب. ليغدو إرباك الرأي العام ودفعه إلى التمحور في “الخطر الداخلي” من قبل الدولة العميقة، استراتيجية شعبوية ممنهجة سعيا للحيلولة دون وقف الحرب حتى ولو كان ذلك على حساب الأسرى والمحتجزين.

الخلاصة:

** المعركة الدائرة هي أبعد من حصرها في تحجيم دور رئيس الشاباك ودفعه للاستقالة، بل الى وقف حملة ضباط الاحتياط في الجيش التي تتحول الى حراك فيه ملامح تمرد سياسي غير مسبوق، ونجح في إحداث انزياح واضح لصالح الصفقة وإنهاء الحرب على غزة وذلك من منطلقات أمنية وصهيونية باستعادة الأسرى والمحتجزين.
** يبدو أن نتنياهو وأقصى اليمين قد نجحوا في تسديد ضربة نوعية جديدة الى جهاز الامن العام “الشاباك” سعيا لتغيير هويته وإخضاعه لمبدأ الولاء السياسي وليس للقانون واعتبارات الأمن القومي، وذلك سعيا لحسم المعركة على منظومات الدولة.
** الصراع بين المستوى السياسي الحاكم من اقصى اليمين وبين منظومات الدولة أصبح خارج السيطرة، ويبدو أن السلطة التنفيذية لا تزال تملك مواطن القوة الأكبر.

 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر