تداعيات الصفقة: احتمالات استبدال نتنياهو لشركائه في الحكم


  • الأربعاء 29 يناير ,2025
تداعيات الصفقة: احتمالات استبدال نتنياهو لشركائه في الحكم
غانتس&نتنياهو

في ضوء المضي في المرحلة الأولى من صفقة تبادل الاسرى والمحتجزين، وانعكاسات مشهدية صورة التبادل في اسرائيل، وتداعيات ذلك سياسيا وامنيا. تبدو خارطة التحالف الحكومي في حالة انزياح وتبدل، سيكون من الصعوبة بمكان ان يسيطر نتنياهو على المشهد ويحافظ على حكمه. في هذه الورقة، نحاول اختصار الوضع ومالاته:

– تتناقل وسائل الاعلام الاسرائيلية احتمالية عودة غانتس الى الائتلاف الحاكم برئاسة نتنياهو، وتعزو الامر الى سعي نتنياهو للإبقاء على حكمه في حال انصياعه لاستحقاقات الصفقة وللموقف الامريكي وللضغوطات الشعبية الاسرائيلية والتحول في الراي العام بما فيه اليميني لصالح الصفقة، وتراجع تقبل المجتمع الإسرائيلي للعودة الى الحرب المكثفة على غزة. كما تعزو التحليلات توجه نتنياهو المذكور الى ملاءمة سياساته لأولويات ترامب في المنطقة والتي تأتي ضمن اولويات سياسته العالمية.
– في المقابل تتبلور حملة في حركة الاحتجاج الاسرائيلية لإسقاط حكومة نتنياهو، والتي ترى من الضروري استبدال غانتس رئيس حزب المعسكر الرسمي بشريكه غادي ايزنكوت، الذي يحظى وفقا لتقديراتهم بشعبية اوسع، ومقبول أكثر حتى على اوساط يمينية. الا ان ما يخشاه نتنياهو وفقا لمعظم الاستطلاعات في الاشهر الاخيرة هو انقسام كتلة اليمين الكبرى، وانزياح جمهور كبير منها لصالح نفتالي بنيت في حال خاض الانتخابات، ما من شأنه نهاية حكم نتنياهو.
– في المقابل يكرر لبيد رئيس المعارضة تأكيداته لنتنياهو وبشكل غير مباشر لادارة ترامب، باستعداده والمعارضة، لتوفير شبكة امان مضمونة لنتنياهو لتمرير الصفقة بكل مراحلها في حال نفذ سموتريتش تهديده ب”اسقاط الحكومة” كي لا تتم الصفقة وتعود الحرب على غزة والضفة بكثافة اكبر باعتبارها حربا وجودية طويلة الامد والتي يتوافق في تعريفها مع نتنياهو. الا ان نتنياهو غير معني بتاتا بشبكة أمان كهذه وكما يصفها المحلل في هآرتس عاموس هرئيل فان شبكة الامان تحوي ثقوبا أكبر منها في اشارة الى كون نتنياهو يتعامل معها بوصفها مصيدة لإسقاط حكمه بعد انجاز الصفقة.
– تبدو مستبعدة احتمالات عدم اتمام الصفقة اسرائيلياً، فمثل هذه الخطوة ستكون لها اثمان استراتيجية مباشرة داخليا وخارجيا لا يستطيع نتنياهو تبريرها بذريعة الابقاء على حكومة اقصى اليمين، وقد تدخل اسرائيل في قلاقل داخلية جدية وحتى غير مسبوقة، ناهيك عن اسقاطات ذلك على العلاقة مع الولايات المتحدة وتلاشي ما يسعى نتنياهو لترميمه إقليميا، وحصريا المسعى الامريكي لتطبيع العلاقة مع المملكة العربية السعودية بكل استحقاقات ذلك، والتي لا توجد اية احتمالية لها ما دام الائتلاف الحالي حاكما. أحد مؤشرات جدية هذا المسار هو المساعي الحثيثة التي يقوم بها بعيدا عن الاضواء الوزير رون دريمر المسؤول عن العلاقة مع الادارة الامريكية وسياساتها الاقليمية.
– بات شبه اجماع في التحليلات الاسرائيلية بأن امام نتنياهو أحد خيارين؛ ملاءمة سياساته لأولويات ترامب وتوثيق العلاقة مع ادارته ووفقا لسياساتها الموالية لإسرائيل، لكن ليس بالضرورة لنتنياهو؛ وإما الابقاء على ائتلافه الحاكم مع سموتريتش وبن غفير وستروك الساعين الى الضم وإشعال الحروب في المنطقة وحصريا في الضفة والغربية وغزة والقدس وحتى ضد فلسطينيي48 مواطني إسرائيل.
– في حديثه للقنال 12 الاسرائيلية أكد الجنرال المتقاعد يسرائيل زيف (24/1) بأن اسرائيل قد دخلت في “نقطة اللا عودة” فيما يتعلق بصفقة التبادل ووقف إطلاق النار، وأضاف بأن خطاب “العودة للقتال بعد الصفقة” غير وارد لأنه يعني حربا جديدة وليس عودة الى ما مواصلة ما كان، اذ ان اسرائيل ستكون في وضع استراتيجي خطير تتحدى فيه العالم بما فيه ادارة ترامب.
– ليست مفروغا منها احتمالية انضمام غانتس مجددا الى حكومة نتنياهو بعد ان استقال وحزيه من كابنيت الحرب، الا انها ليست مستبعدة ايضا. التسويغ للانضمام هو ضمان اولوية الصفقة وانجازها بالكامل وهو أمر مستبعد مع سموتريتش وبن غفير، وهذا الاخير استقال من الحكومة لكن لا يقدم على اسقاطها، لدرجة ان نتنياهو يتعامل مع الوزارات التي يشغلها حزب عوتسما يهوديت باعتبارها وديعة لدى احد وزرائه الموثوقين ؛ كما يخدمه ليلوّح فيه الى غانتس بأن بن غفير سيعود للحكومة في حال عدم استكمال الصفقة وتجددت الحرب على غزة، وهو النقيض لمسعى غانتس في اتمام الضفقة.
– بُعد اخر للمسعى مرتبط بالأحزاب الحريدية الدينية المتواجدة في حالة صراع صدامي مع حزبي الصهيونية الدينية، ويبدو ان ارييه درعي في جهوده لتغيير تركيبة الائتلاف الحاكم يمثل موقف الحرديم بحزبيهم شاس ويهود التوراة. وفقا لتقديرات درعي فإن تجنيد الشباب المتدينين الحرديم للجيش لن يتم قريبا وقد يتم استبعاده في المرحلة الراهنة وارجائه الى امد غير مسمى، وبالإمكان وفقا له التوصل لتفاهمات مع غانتس بصدد اولوية الصفقة الكاملة والتي يؤيدها الطرفان بقوة. ثم ان درعي يشكل مصدر استقرار للحكومة وموثوق لدى نتنياهو ولدى اوساط امريكية مؤثرة. وللتذكير فإن درعي كان اول من دعا غانتس الى الانضمام للحكومة بعد السابع من اكتوبر 2023 ولإقامة كابنيت الحرب الذي كان شريكا فيه رغما عن انه ليس وزيرا. في المقابل هناك إدراك لدى الحرديم وقد يكون لدى نتنياهو قائم على استبعاد البقاء في ائتلاف واحد مع بن غفير وسموتريتش.

للخلاصة:

** احتمالية انضمام غانتس وحزب المعسكر الرسمي الى حكومة نتنياهو ضعيفة حاليا لكنها قد تكون ممكنة في المرحلة القادمة وقريبا حين يبدأ الحديث عن المراحل المتقدمة من الصفقة. وفي حال تحقق ذلك سيكون من الصعب على حركة الاحتجاج والمعارضة الدفع نحو استبدال غانتس بشريكه ايزنكوت.
** في حال حصول هذا الانضمام فأنه يعني رغبة الإدارة الامريكية برئاسة ترامب، وبأن المسعى الامريكي للتطبيع السعودي مع اسرائيل او دول عربية اخرى يتطلب تغييرا حادا في السياسة الاسرائيلية نحو القبول بدولة فلسطينية، وليس من الواضح بعد هل سيدفع مثل هذا المسار بنتنياهو الى الانقلاب على سياساته العلنية، ام سينهي حياته السياسية ويدعو الى انتخابات مبكرة يتصارع فيها اليمين مع ذاته. كما انه من غير المستبعد ايضا ظهور صراعات علنية داخل حزب الليكود حول القيادة.

 

 

 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر