ما هي احتمالات انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان في ظل مواصلة خرقه إسرائيليا؟

حذرت فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية "إسرائيل" من احتمالية انهيار اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان في حال واصل جيش الاحتلال خرق الاتفاق، حيث أعربت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، عن قلقها من انهياره، فيما حذرت فرنسا "إسرائيل" من انهيار الاتفاق بسبب خروقاتها المتواصلة.
ومن أبرز بنود اتفاق وقف إطلاق النار الذي تعمل واشنطن وباريس على ضمان تنفيذه، انسحاب الجيش الإسرائيلي تدريجيا إلى جنوب الخط الأزرق (الفاصل بين الحدود) خلال 60 يوما، وانتشار الجيش والأمن اللبناني على طول الحدود ونقاط العبور والمنطقة الجنوبية.
ويقول الباحث والمحلل السياسي أنطوان شلحت، "هناك خطر يتهدد الاتفاق، مع أن هناك تطمينات من جانب الولايات المتحدة وفرنسا أن الاتفاق لن ينهار وأنهما جادتان بالحفاظ عليه، ولكن معروف أن الساحة السياسية بالشرق الأوسط والاتفاقات دائما تكون واقفة على أرض غير ثابتة، ذلك خطر انهيارها يعادل خطر استكمالها".
ويتابع للجرمق، "علينا أن نشير إلى أن الأوساط القريبة من نتنياهو ما زالت تعرب عن عدم رضاها عن الاتفاق وربما هذا ما يفسر بعض الجوانب المرتبطة بخرق الاتفاق وبالادعاءات الإسرائيلية أن هناك خرق للاتفاق من قبل لبنان ولذلك تقوم بشن هجمات خلافا لما تم الاتفاق عليه في إطار الاتفاق".
ويقول، "هذه الأوساط القريبة من نتنياهو تعتبر أن هذا الاتفاق غير كافي بالنسبة لإسرائيل وأنه يعود إلى الاتفاق الذي تم التوصل له بعد حرب لبنان الثانية عام 2006 والتي أسفرت عن القرار الدولي 1701 التي تعتبره هذه الأوساط مليء بالثغرات وأنها لم تُسد في الوقت الحالي، والأسباب التي تتحدث عنه هذه الأوساط التي دعت إسرائيل لأن تقبل بالاتفاق هي أسباب موضوعية كما تدعي منها أن الجيش الإسرائيلي منهك وأن هناك ضغوطا من الولايات المتحدة الأمريكية وخاصة من الإدارة الحالية التي تقترب من نهاية ولايتها وتهديد إسرائيل بتجميد شحنات أسلحة وبعدم الوقوف في وجه قرارات دولية خصوصا قرارات مجلس الأمن".
ويضيف، "هذا يُفسر لماذا تقوم إسرائيل بخرق الاتفاق وبأعمال يمكن اعتبارها استفزازية لتخريب الاتفاق ومع ذلك حتى الآن المؤشرات تؤكد أنه سيكون هناك التزام بالاتفاق على الأقل من جانب حزب الله في لبنان، والتصريحات الصادرة عنه مؤخرا تؤكد على دور الدولة اللبنانية بحماية الاتفاق وهذا يدل على أن حزب الله ربما منخرط بهذا الاتفاق من خلال توكيل الدولة اللبنانية والجيش اللبناني بالحفاظ على تنفيذه".
وبدوره، يقول المحاضر في العلوم السياسية د.سليم بريك، "هناك احتمال لانهيار الاتفاق لأن هذا يتعلق بمواقف الجانبين، رأينا خروقات، ولكن السؤال هو تصرف الجهات المشرفة على هذا الاتفاق أي فرنسا والولايات المتحدة والجيش اللبناني، من المفترض أن تفحص بشكل مستمر هذه الخروقات وتحذر من هذا الأمر".
ويتابع للجرمق، "الطرفان معنيان بوقف إطلاق النار ولكن أحيانا هناك ديناميكية معينة تحدث على أرض الواقع تؤثر سلبا وقد تؤدي لانهيار الاتفاق، وهذا يتعلق بالموقف الحازم الأمريكي والفرنسي ومنع خرق الاتفاق".
ويضيف، "مشكلة حزب الله حاليا أنه بحاجة للوقت وإعادة بناء قوته ولكن إسرائيل تحاول بكل الطرق أن تمنعه من إعادة بناء القوة وباعتقادي مصلحة حزب الله حاليا كسب الوقت التي ستؤدي لاستعادة قوته، وصرف النظر على هذا الموضوع لأن إسرائيل لديها اهتمامات في أماكن أخرى في الضفة الغربية وغزة، وقضية الوقت عامل مهم جدا، إذا مر شهران أو 3 من غير انهيار الاتفاق، يمكن أن يستعيد حزب الله قسم من قوته، والأهم أن الاتفاق سيكون ثابت ولفترة طويلة".
ويقول، "المشكلة باتفاق وقف إطلاق النار أن الموقف الأمريكي فعلا متاهي مع إسرائيل بشكل كبير وهو موقف غير عادل، دائما في الجانب الإسرائيلي، المطلوب من الجانب الفرنسي أن يرى أكثر الجانب اللبناني، ولا نتحدث فقط عن حزب الله وإنما عن الدولة اللبنانية فإسرائيل تهدد ليس فقط حزب الله وإنما الدولة اللبنانية أيضا، رأينا أنه كان هناك محاولة لقصف بيروت ولكن إسرائيل تراجعت بضغط أمريكي وهذا كان بضغط فرنسي على الولايات المتحدة".
ما موقف حزب الله في حال تواصلت الخروقات؟
ويردف الباحث أنطوان شلحت للجرمق، "سيتغير موقف حزب الله في حال تواصلت الخروقات بشكل مؤكد، حزب الله الآن يؤكد التزامه بالاتفاق ولكن في حال استمرت بهذه الحرب وبتوجيه ضربات إليه، من الممكن أن يتغير موقف الحزب، حتى الآن ربما لا تغيير على الموقف، ولكن المستقبل يبقى غامضا في حال استمرار الخروقات الإسرائيلية واستمرار الغارات واستمرار إسرائيل بالأهداف غير المعلنة بالحرب على لبنان وهي إقامة منطقة أمنية عازلة في جنوب لبنان خالية من السكان حتى حدود الليطاني ومثل هذا الأمر من شأنه أن يغير موقف حزب الله بشكل أكيد".
هل سيكون لفرنسا موقفا صارما تجاه الخروقات؟
ويقول شلحت للجرمق، "فرنسا والولايات المتحدة أعلنتا أنهما سيحاولان أن يطبقا الاتفاق بالحزم المطلوب ومن الممكن أن تكون فرنسا معنية أكثر بمثل هذا الحزم لأن مصالحها مع لبنان مصالح أكثر استراتيجية من مصالح الولايات المتحدة ولذلك يمكن أن يكون موقفها أكثر صرامة، وهذا سيبقى مطروحا على الأيام المقبلة في حال استمرت الخروقات التي تقوم بها إسرائيل لمحاولة تخريب هذا الاتفاق".
ومن جهته، يقول د. سليم بريك، "موقف فرنسا مهم جدا، والسؤال لأي درجة هي مستعدة لمجابهة الولايات المتحدة لمنع المس بالدولة اللبنانية ومصالحها".
تهديد كاتس للدولة اللبنانية
وهدد وزير الجيش الإسرائيلي يسرائيل كاتس الدولة اللبنانية وقال إن "إسرائيل" سترد بقوة في حال حدوث أي خرق للاتفاق ولن تكون الدولة اللبنانية معفية من هذا الرد.
ويقول د. سليم بريك للجرمق، إنه، "سبب تصريحات يسرائيل كاتس بتهديد لبنان كدولة وليس فقط حزب الله، جاءت لتفرض على الدولة اللبنانية أن تحارب بجانب إسرائيل بشكل أو بآخر ضد تقوية حزب الله العسكرية، الادعاءات الإسرائيلية بأن كل عمليات حزب الله التي يقوم بها يجب أن تكون بمسؤولية لبنان وليس بمسؤولية الحزب، وقضية تهريب السلاح عبر الحدود اللبنانية السورية تقع ضمن السيادة اللبنانية ومطلوب من الدولة أن تفرض سيادتها على الحزب".
ويتابع للجرمق، "السؤال هل للدولة اللبنانية كم كافي من الجنود والأسلحة والقوة لتنفذ هذا الموضوع؟ هذا يعود لدول أخرى كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وغيرها التي تعهدت بتقوية الجيش اللبناني ولكن السؤال بأي طريقة وبأي مدى ستقوم هذه الدول بدعم الجيش اللبناني وتقويته".