الجيش الإسرائيلي يحقق المكاسب وإسرائيل تخسر الحرب


  • الثلاثاء 26 نوفمبر ,2024
الجيش الإسرائيلي يحقق المكاسب وإسرائيل تخسر الحرب
آثار القصف من لبنان على "تل أبيب"

تقديم: سربت وسائل الإعلام الإسرائيلية مساء يوم 24/11 نقلا عن مصادر حكومية بأن اسرائيل اعطت "الضوء الاخضر" لعاموس هوكستاين للدفع نحو انجاز وقف إطلاق النار على الجبهة اللبنانية. في صباح اليوم التالي نفت المصادر الاسرائيلية وجود قرار حكومي في هذا الصدد.

عادة، لا يجري تسريب اي خبر للإعلام اذا قررت الحكومة وحصريا مكتب نتنياهو غير ذلك. وحين يتم تسريب توجهات ايجابية نحو صفقة في لبنان كما حدث في غزة خلال العام الماضي، فإن الغاية تكون خلق الانطباع بأن حكومة نتنياهو جادة والعقبة لدى الطرف اللبناني، وتطلب من ادارة بايدن المزيد من الضغط على لبنان. في المقابل تكون الغاية حث أنصار الائتلاف الحاكم وأطراف في الحكومة لإفشال المساعي والتهديد بحلّها، بذريعة ان الاتفاق حاليا في المعطيات القائمة يشكل هزيمة وعلى الحكومة مواصلة الحرب "حتى الانتصار الساحق".

- يمكن اعتبار 24/11 يوما مفصليا في احداث الحرب الجارية وحصريا في سياق المساعي لتغيير معايير التفاوض غير المباشر لوقف الحرب، وذلك باعتراف اسرائيلي واسع بأن الحرب قد تطال كل مكان. اذ ان استهداف العمق الاسرائيلي وحصريا استهداف متكرر أربع مرات لتل ابيب خلال ساعة واحدة، وحيفا والشمال وإثبات قدرات ببلوغ كافة المدن الاسرائيلية وحقيقة دخول نحو اربعة ملايين الى الملاجيء الاسرائيلية، خلق حالة من الاحتقان والغضب الشعبي الموجّه الى الحكومة والناتج عن الفجوة المتعمقة بين خطابات النصر الحكومية وبين الواقع الأمني.

- يعود هذا التقدير الى المعادلة الاسرائيلية القائلة بالمفاوضات تحت النار، والى التصريحات بأن الحسم العسكري هو ما يحدد الإطار التفاوضي. جاءت هذه المعادلة معتمدة على تقديرات امنية سياسية بأن المعركة قريبة من الحسم لصالح اسرائيل. بينما تشير تقديرات من شخصيات عسكرية وامنية سابقة بأنه في حال لم تسارع اسرائيل الى التوصل الى إطار حل مع لبنان وحزب الله، فإنها سوف تتورط فيما تطلق عليه منذ سنوات الثمانين "الوحل اللبناني"، ومما يعني حرب استنزاف قاسية طويلة الامد ومفتوحة. وبخلاف موقف المعارضة وحصريا غانتس الذي ومن باب الكسب السياسي يدعو الى تصعيد الحرب على لبنان واستهداف الدولة اللبنانية بمجملها في إطار عقيدة "تدفيع الثمن" كي تضغط بدورها على حزب الله كي يذعن للشروط الاسرائيلية التي تنال من سيادة لبنان، وحتى لو ادى ذلك للاقتتال اللبناني الداخلي. 

- أجملَ تامير باردو رئيس الموساد السابق الأزمة الاسرائيلية بقوله للقنال 12 (24/11) بإن "الجيش ينتصر في كل المعارك الميدانية بينما تخسر دولة اسرائيل الحرب"، وقد ألقى باردو كامل المسؤولية على نتنياهو بأنه اسير عقيدته القائمة على بقاء حكومته، وعليه، وفقا لباردو، فهو غير معني باستعادة الاسرى والمحتجزين.

-  في المقابل اكد يسرائيل حسون نائب رئيس جهاز الامن الداخلي "الشاباك" سابقا وجود خطر حقيقي داهم خلال اشهر قليلة ان لم يكن اسابيع على كل طبيعة الحكم في اسرائيل وهو اكثر خطرا من ايران وحزب الله وحماس، ويقصد تفكيك نتنياهو وحكومته لكل منظومات الدولة مشيرا الى خطاب نتنياهو الذي بثه من خلال شريط فيديو يوم 23/11 في اعقاب اتساع نطاق الصخب حول تسريب الوثائق المتعلقة بالأسرى، وفيه تحريض مباشر ونزع شرعية كل من رئيس الشاباك وقائد الاركان والنيابة العامة ويتهم قادة المؤسسة الامنية بالخيانة وبأنها تسعى لإقصائه. كما يقدّر حسون وباردو بأن رئيس الحكومة مصمم على تفكيك منظومة الدولة بكاملها لصالح بقائه في الحكم.

- تعود مسألة الصراعات الاسرائيلية الداخلية الى الواجهة من جديد، فهي لم تغب طوال الحرب، الا انها حاليا تنتقل بدورها الى خطة الحسم السياسي. وهي تشمل المساعي الحكومية لإحداث الانقلاب الكامل في هوية الجيش وقيادته وفي هوية قيادة الشاباك وفي الجهاز القضائي وتغيير بنيوي جوهري للرقابة القضائية على نشاط الحكومة والكنيست. يضاف ذلك الى امكانية شطب الاحزاب العربية في الداخل ومنعها جميعها او جزء منها من المشاركة في انتخابات الكنيست، مما يضمن كتلة متسيّدة من أقصى اليمين، والتي تراهن على ادارة ترامب القادمة والمتغيرات المتوقعة في السياسة الامريكية.

-  اعتمدت استراتيجية نتنياهو خاصة بعد التغييرات في وزارتي الحرب والخارجية على استمرارية الحرب وعلى شحن الجانب المعنوي للجنود باعتبارها حربا وجودية وبأن الانتصار الحاسم بات في متناول اليد، فإن هذه الاستراتيجية لا تتماشى مع نزع شرعية قادة الاجهزة الامنية من قبل نتنياهو ولدرجة التخوين.، مما قد يدفع نحو التذمر في الجيش وبروز ظواهر رفض الخدمة العسكرية في الحرب التي تعتبرها اوساط واسعة بأنها سياسية وليست وجودية.

- من الواضح في هذه المرحلة من الحرب الاشارة الى أن فك الارتباط بين الجبهتين في لبنان وغزة بات واقعا، وذلك باعتبار الحرب في لبنان هي الساحة الاولى، بينما باتت غزة ثانوية، والتركيز في مفاوضات وقف إطلاق النار على الجبهة الشمالية.

الخلاصة:

** احتمالية الاتفاق في لبنان واردة، لكن لا شيء مؤكد، ولا تبدو الحالة السياسية الاسرائيلية الداخلية ناضجة للقيام بأية خطوة جوهرية في هذا الصدد. والتلويح الامريكي الاعلامي باحتمالية اتخاذ قرار ملزم في مجلس الامن يبدو مستبعدا وفقا لسلوك ادارة بايدن التي لا تزال متورطة في الحرب في غزة ولبنان على السواء، إضافة لتقدير يقول ، ان الإدارة الديمقراطية ليس في مصلحتها تسهيل مهمة إدارة ترامب القادمة.

** ثمة عامل ينبغي ان يؤخذ بالاعتبار وهو، أن المتغيرات الميدانية الاخيرة تلقي بظلها على المفاوضات لوقف اطلاق النار في لبنان، وليس في صالح الصيغة الاسرائيلية والامريكية.

**في حال عدم التوصل لاتفاق من المتوقع التصعيد والتكثيف ميدانيا، مما يشمل استهداف الدولة اللبنانية وفي المقابل استهداف كل العمق الإسرائيلي، الامر الذي قد يفتح الباب لاتساع رقعة الحرب إقليميا .

**الصراعات الاسرائيلية الداخلية تحتدم واثرها جوهري، بل ويبدو حاسما على مواصلة الحرب.

**تغييب الوضع في غزة عن جدول الاعمال الدولي هو الفرصة الأمثل لحكومة نتنياهو سعيا لتطبيق مخططاتها تجاه الفلسطينيين.

 

 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر