إسرائيل تتراشق بالاتهامات.. الإنصات واجب

مقالات


  • الأحد 31 ديسمبر ,2023
إسرائيل تتراشق بالاتهامات.. الإنصات واجب
الجيش الإسرائيلي

يشهد قطاع غزة ارتفاعا في عدد الجنود الإسرائيليين القتلى. وفي محاولة لفهم ذلك، انتشر حديث عن أن طيّاري سلاح الجو يمتنعون عن إسناد الجنود الميدانيين بغطاء ناري جوّي. تراجع الغارات الجوية على غزة واضح، وللتعويض عن تراجع الغارات لجأ الاحتلال إلى عمليات التفجير من داخل قطاع غزة، لكن هذا لا يعني كثيرين في إسرائيل، ما يعنيهم أن الجنود يُقتلون، ويعزون ذلك إلى تراجع الغارات. هنا سرّب الجيش، عبر وسائل الإعلام، أن الذخيرة تتراجع وأن عليه الاقتصاد في استخدامها. كثيرون في إسرائيل لم تقنعهم هذه الحجّة، تيار الصهيونية الدينية صوته الأعلى، وهنا مكمن الخطورة.

نسبة كبيرة من القتلى في غزة من مستوطني الضفة الغربية أو من خرّيجي المدارس الدينية، أي من المحسوبين على تيار الصهيونية الدينية الأشكنازي (يمثّله في الحكومة وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش)، وأبرزت صحيفة "ماكور ريشون" (محسوبة على هذا التيار) على صدر عددها الأخير يوم الجمعة خارطة للمدارس الدينية التي درس فيها الجنود القتلى.

وفي عنوان الصحيفة: ٦٦ جنديا من بين ١٦٤ جنديًا قتلوا منذ بداية الاجتياح البري هم من تيار الصهيونية الدينية (أي ٤٠٪).

هذا عن الجنود القتلى في الميدان. أمّا جنود سلاح الجو الإسرائيلي فمعظمهم من اليساريين الأشكناز (بحسب مقالات سابقة للباحث ياغيل ليفي)، الذين رفضوا التعديلات القضائية التي دفع بها اليمين في إسرائيل، وأوقفوا تطوّعهم في قوات الاحتياط في سلاح الجو في حينه، قبل أن تعيدهم الحرب إليها.

في جلسة الحكومة اليوم (الأحد)، سألت الوزيرة أوريت ستروك (من حزب سموتريتش، ومستوطنة متطرفة من وجوه تيار الصهيونية الدينية) ممثّل الجيش الإسرائيلي: "هل حقًا يرفض طيّارو سلاح الجو قصف غزة لأسباب ضميرية؟". رأينا الغارات وقتلها المدنيين في غزة والمجازر التي ارتكبت. أعتقد أنها لا تقصد قتلَ الفلسطينيين، بل تقصد أن طياري سلاح الجو العلمانيين يرفضون مساعدة جنود الميدان المتدّينين، لأسباب أيديولوجية، ومنها سعي تيار الصهيونية الدينية إلى السيطرة على مراكز القوّة في إسرائيل.

لدينا وزيرة الآن في إسرائيل، تتهم جنودًا في سلاح الجو بأنهم يرفضون مساعدة زملائهم وأشقائهم لا لاعتبارات عسكرية (سلاح الجو في حادثة واحدة على الأقلّ قصف مبنى اتضح لاحقًا أن فيه جنودًا إسرائيليين)، بل لأنهم يريدونهم أن يقتلوا، لأنهم يختلفون معهم أيديولوجيًا.

في المقابل، تتعالى اتهامات من العلمانيين في إسرائيل أن الصهيونية الدينية تعتبر يوم السابع من أكتوبر يوم عيد، لأنه سبّب حربًا ستنتهي، عندهم، باحتلال قطاع غزة وإعادة الاستيطان فيه. تيار الصهيونية الدينية أصلا يعتبر الانسحاب من غزة بلاءً بدأ يخطّط بعده لاستيطان مراكز القوة في الجيش والدولة.

الوزيرة ستروك نفسها قالت في آذار/مارس الماضي إنه يجب احتلال غزة من جديد، وإن ذلك سيكون مقرونًا بعدد كبير من القتلى.

وهنا يأتي نقاش اليوم التالي، في إسرائيل أيضًا وليس في غزة. النقاش الذي يتهرّب منه نتنياهو، ويمنعه. لأن تيار الصهيونية الدينية يطالب باحتلال غزة بعد انتهاء هذه الحرب والاستيطان فيها، بينما يرفض العلمانيون من جنود الاحتلال ذلك.

والسؤال إلى أين سيمضي هذا النقاش. وكيف سينتهي هذا التشكيك؟ جندي يتهم جنديًا آخر في جيشه، يطير من فوقه، بالتسبّب في قتله.

. . .
رابط مختصر



اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة *

مشاركة الخبر