منتدى الجرمق| ما هي حجة المعقولية؟ ولماذا تصاعدت الاحتجاجات في "إسرائيل" بعد إلغائها؟
منتدى الجرمق

صادقت الهيئة العامة للكنيست الإسرائيلية على تمرير قانون إلغاء عدم المعقولية الذي يقلص صلاحيات المحكمة العليا الإسرائيلية بالتدخل في قرارات الحكومة الإسرائيلية، حيث صادق على القانون الائتلاف الحكومي الإسرائيلي في ظل انسحاب المعارضة الإسرائيلية من جلسة الكنيست.
وحاور برنامج "منتدى الجرمق" المحامي خالد زبارقة والباحث في العلوم السياسية د. سليم بريك، اللذان تحدثا عن قانون حجة المعقولية وعن أسباب إلغائه، وعن سبب تصعيد الاحتجاجات بعد تمريره، كما تحدثا عن خطة التعديلات القضائية وعدد قوانينها وأخطرها.
ما هو قانون حجة المعقولية؟
ويقول الباحث والمحاضر في العلوم السياسية د. سليم بريك للجرمق، "في الدول الديموقراطية، حجة المعقولية هي أداة تستعملها المحاكم بشكل مقلّص جدًا، على اعتبار أن المحاكم تبت في الدول الديمقراطية حسب القوانين والضوابط، وإسرائيل لا يوجد فيها دستور أو مبنى ديموقراطي يحمي المبادئ الدستورية، ولكن هناك قوانين أساس ولكن يمكن تغييرها بسهولة وبشكل سهل، بالتصويت عليها من قبل 60 عضو كنيست، وهناك بعض القوانين التي تحتاج لتصويت 80 عضو كنيست مثل تمديد فترة الكنيست".
ويتابع للجرمق، "المشكلة في إسرائيل، قضية فصل السلطات تكاد تكون معدومة، الكنيست محكوم من قبل السلطة التنفيذية، والشيء الوحيد الذي يمكن أن يمنع السلطة التنفيذية من القيام بأمور غير طبيعية أو منطقية، هو التفسير الذي تعطيه المحكمة للمعقولية، والآن مر القانون، ومعناه أن هناك تقليص لقدرة المحكمة على ملاحقة السلطة التنفيذية وضعف كبير سنراه في محاربة الفساد".
لماذا تم تشريع قانون إلغاء عدم المعقولية؟
ويقول سليم بريك، "أرادوا تمرير القانون لعدة أسباب، منها تشجيع الفساد، مثل قانون درعي، وتعيينات وأمور من هذا القبيل، كأن يكون المرشح لوظيفة معينة غير معقول ولكن سيقولون قانون عدم المعقولية غير ساري الآن".
موضوع مركب سياسيًا وقانونيًا
ويردف المحامي زبارقة، "الموضوع مركب سياسيًا وقانونيًا، لو كان لدى المعارضة والمحتجين قدرة لإعادة الانتخابات وتشكيل ائتلاف، كانت الأمور أسهل وبذلك يستطيعون ترتيب القوانين بما يتلاءم مع سياستهم والجهاز القضائي في إسرائيل جهاز يتبع للمجموعة الليبرالية وإن كانت يمينية أو يسارية ولكن يوجد قاضي واحد يتبنى المفاهيم الدينية اليهودية وأرى أنه يمشي مع تيار المحكمة العليا ولا يريد أن يواجه التيار".
ويتابع، "لو كانت الصورة عكسية، ولو كانت الحكومة الحالية تعلم أن الجهاز القضائي الآن بالتعيينات القضائية والقضاة هم ملائمون لسياساتها ويمكن أن يمرروا سياساتها لأبقوا على حجة المعقولية لأنهم بحاجة لها لتفسير كثير من الأمور التي لم يتطرق لها القانون، فالقانون الإنساني لم يصل لمرحلة أن يحيط بكل المشاكل التي تظهر هناك وهناك، وعلة المعقولية وجدت لجهاز المحاكم لردم الثغرات التي تظهر في صيرورة أي بلد بحسب الاعتبارات السليمة دون التطرق لاعتبارات سياسية حزبية ضيقة".
تغيير الحكم
ويقول المحامي والناشط السياسي خالد زبارقة، "نحن أمام مرحلة جديدة وهي تغيير الحكم في إسرائيل، ومن أجل تغيير النظام حسب مفهوم الحكومة الإسرائيلية هناك حاجة لعدة تغييرات التي تؤسس للمرحلة الجديدة، وأحد التغييرات التي بدأوا فيها وإن كانت من حيث المبدأ ليست بالشيء الصعب لتخرج هذه الاحتجاجات من أجلها، ولكن المحتجون الآن يشعرون بمآلات الأمور، والرزمة من القوانين التي تأتي بعد تقليص المعقولية بالتالي تقليص قدرة المحكمة على مراقبة العمل الحكومي والتأثير في القرارات الحكومية، وهذه مرحلة أولى وتؤسس لرزمة قانونية كبيرة تبدأ من تقليص قوة المستشارة القضائية للحكومة التي تملك القوة للجم القرارات الحكومية لمنع إصدار قرارات غير معقولة، وهناك قرارات تتعلق بالمستشارين القانونين للوزارات المختلفة بدلًا أن يتم تعيينهم من قبل جهاز القضاء تريد الحكومة الإسرائيلية أن يتم تعيينهم من قبل الوزراء".
ويتابع، "هذه المرحلة تؤسس لتغيير في لجنة تعيين القضاة، من أجل أن يسيطروا على التعيينات القضائية في الفترة المقبلة في المحكمة العليا ونحن أمام مرحلة تغيير لرئيسة المحكمة العليا والحكومة تريد أن تضمن أن من يعّين رئيسًا للمحكمة أن يكون له ولاء لأيدولوجية الحكومة".
ويضيف، "نحن في مرحلة تأسيسية لتغيير نظام الحكم، وبعدها سنكون أمام مرحلة أخرى، لن نتحدث بمصطلحات الحقوق الأساسية والدستورية وسلطة القانون وفصل السلطات والديموقراطية، سنكون أمام واقع جديد وواقع سيكون نظام ديكتاتوري".
ويتابع، "في الجانب السياسي، يريدون نظام ديكتاتوري بتطلعات فاشية كما يحصل الآن، وهذا ما تسعى له الحكومة في هذه الأيام".
كيف سيتضرر فلسطيني48 و67 من إلغاء حجة المعقولية؟
ويقول المحامي خالد زبارقة، "لن يكون هناك ملجأ للفلسطينيين سواء في الداخل أو الأراضي المحتلة عام 1967 بعد تمرير الغاء حجة المعقولية، ولن تكون المحكمة ملجأ للفلسطينيين للتخفيف نوعًا من من الإجراءات الحكومية، وهذا لا يعني أن الوضع السابق أفضل، فالمحكمة تجاهلت علة المعقولية بكل ما يتعلق بقضايانا سواء في حقوقنا الأساسية في موضوع الأرض والملاحقة والتنظيم السياسي وكثير من المواضيع التي تتعلق بالحقوق الأساسية لحقوق الإنسان".
ويضيف، "المحكمة العليا أعطت الشرعية للإجراءات الحكومية التي لاحقت الشخصيات ورؤساء الأحزاب وأعطت المحكمة شرعية لكثير من إجراءات الفصل العنصري التي قامت بها حكومات إسرائيل على مدار السنوات، ولكن أنا أعتقد أن المرحلة لن تكون مرحلة قوانين ومحاكم وجهاز قضاء، فالذي فشل في هذه المرحلة جهاز المحاكم فلم يستطع أن يقوم بدوره كحامي لحقوق البشر".
ويتابع، "ستزداد استفحال استباحة الحقوق الأساسية للفلسطينيين، والذي يقرأ بين السطور مخططات سموتريتش ومخططه للحسم الذي يسعى بكل قوته لحسم الصراع على مستوى الداخل والقدس والضفة والمقدسات والحدود والوجود والعلاقة بين إسرائيل والفلسطينيين، سنكون أمام مرحلة صعبة إن لم تستطع المحكمة إبطال القانون".
وبدوره، يقول سليم بريك، "المحكمة في إسرائيل لم تكن محكمة إسرائيلية وإنما صهيونية والقضاة التزموا بمبادئ الصهيونية، ولذلك رأينا ملاحقة للعرب في أمور التخطيط والبناء، وكانت دائمًا عقلية إنقاذ الأرض من العرب، ولذلك لا نعوّل على المحكمة العليا، وحتى آهرون باراك عندما كان رئيسًا للمحكمة العليا، احتاج لـ 6 سنوات لكي يقول إن عائلة قعدان تستطيع أن تسكن في حريش، ما يمكن إنهاؤه خلال ساعتين".
ويتابع، "في نهاية المطاف، الصورة لن تكون جيدة في المستقبل، لأننا لا نرى تغيير حقيقي في المفاهيم الديموقراطية في إسرائيل، فهي أكثر دولة عنصرية، والقضية الأخرى، أن كل الأبحاث التي نقوم بها تشير إلى أن الشباب في إسرائيل يؤيدون منع العرب من التصويت للكنيست والمس بحقوقهم، وفي نهاية المطاف، كل الأحزاب مثل ييش عتيد ينظرون إلى كيفية ضم أجزاء من الضفة والقدس، ويقولون مواقف مشينة بكل ما يتعلق أهلنا في النقب".