رجل من اللجون المهجرة يروي للجرمق تفاصيل فقدان والدته له يوم تهجيرهم من منزلهم

اللجون


  • الاثنين 15 مايو ,2023
رجل من اللجون المهجرة يروي للجرمق تفاصيل فقدان والدته له يوم تهجيرهم من منزلهم
زياد محاجنة

"من هول الأحداث، أمي فقدتني".. بهذه الكلمات يستهل زياد محاجنة وهو فلسطيني هجر من اللجون عام النكبة في الـ 48، حديثه ووصفه للأحداث التي وقعت آنذاك، حيث فقدته والدته عندما كان طفل لا يتجاوز عمره الـ 6 أعوام خلال محاولتها والفلسطينيين الفرار من الهجوم الإسرائيلي على اللجون في حينه.

كيف حدث؟

ويقول محاجنة في حديثٍ خاص مع الجرمق إن القصة بدأت عندما خرج والده من المنزل إلى الجبهة لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، مضيفًا، "في تلك الليلة استشهد أحد المقاتلين وكان اسمه أبو جليل، وجاء شخص حينها وأخبر والدي بذلك، وعلى الفور أخذ والدي بندقيته، وخرج".

ويتابع، "حاولت في تلك الأثناء منعه، لكنني كنت صغير، وهو خرج في النهاية، بقيت في المنزل أنا وشقيقي الأصغر مني، كان لدي شقيق آخر توفي في مجيدو، وجرى دفنه في المقبرة الموجودة في اللجون".

ويضيف، "بعد منتصف الليل بدأ صوت الرصاص يقترب من البلد وبدأت أبكي وأقول أنني أريد والدي، وفي تلك اللحظات بدأت العائلات تخرج من منازلها وتحاول الهرب لأن القوات الصهيونية كانت قد بدأت بالدخول إلى البلدة".

ويردف، "الناس خشية أن يحدث لأبنائهم شيء ما، فهربوا على الفور وبدأوا يخرجون، وبدأت أصوات الصياح والبكاء ترتفع، وكان تلك الأصوات مرافقة لصوت الرصاص الذي لا يصمت، الكل يخرج من منزله، وفي تلك الأثناء خرجت والدتي وهي تحمل أخي الصغير بين يديها وأنا أمسك بثوبها".

ويقول محاجنة لـ الجرمق: "لا أعلم ما حدث، ولكن كان الجميع يركض ويحاول أن يهرب، وفي لحظة ما فقدت والدتي بين حشود الناس وفجأة وجدتني جارتنا التي تسكن إلى جانب منزلنا في اللجون، عفيفة حمدان، سمعتني في تلك اللحظات أبكي، ونادتني باسمي وقالت: زياد، ماذا تفعل هنا؟ أين والدتك؟".

ويضيف، "أخذتني جارتنا عفيفة ولحقت بالناس التي كانت تركض وخائفة، حالة من الرعب كانت قد أصابت الجميع، ووصلنا لجنوب البلد حينها والتقيت بوالدتي، الهجوم من القوات الصهيونية كان من الجهة الشرقية والغربية الشمالية للبلد، وتركوا الجهة الشمالية حتى يهرب الناس من الجهة الجنوبية لأن هذا هو هدفهم وهو أن يفرغوا البلاد من سكانها".

"لم يكن هناك خيارات"..

ويؤكد زياد محاجنة في حديثه مع الجرمق على أن الحل الذي كان أمام الفلسطينيين آنذاك هو الهرب ولا حل آخر، مشيرًا إلى أن كل من بقي في منزله في ذلك الوقت، جرى إعدامه، وأن كلمن عاد ليأخذ شيء من بيته جرى إعدامه أيضًا.

ويتابع، "بعض الادعاءات والتي يجادل الناس بها حتى اليوم هو أنه كان هناك إمكانية لنعود لكن نحن رفضنا، وهذا غير صحيح، كان كل أرض وسهل مخطط لإخراج الناس منه وطردهم، أرض اللجون عبارة عن 34 ألف دونم، هذا ادعاء كاذب ويوم مسيرة اللجون تفاجئت أن هناك ناس تقول إن من خرج من أرض عليه لوم، وأنه كان بإمكاننا العودة إلى منازلنا".

ويردف، "بعد أقل من شهرين على اليوم الذي خرجنا به من أراضينا، هناك عائلات عاجت لتأخذ ملابسها أو أغراض لتفترشها واستشهدوا، ومن بينهم نساء منهن كعب الغزال وسيدة من عائلة أبو عودة كلهما استشهدا وهم يحملون أغراض من منازلهم".

ويضيف، "بعد أقل من شهرين كانت البيوت مهدمة فـ إلى أين سنعود، وفي ذلك الوقت كان الحكم العسكري، ولم يكن هناك أي إمكانية للعودة، أو حتى لزيارة تلك الأماكن التي هجر أهلها، دمروا كل شيء".

أين زياد وعائلته اليوم؟

ويقول زياد لـ الجرمق إنه يعيش اليوم في مدينة أم الفحم، وإنه لن ينسى منزله وقريته اللجون مهما حدث، وإنه يشارك في أي تظاهرة أو فعالية تقام على أرض اللجون أو من أجل اللجون.

ويتابع، "اليوم لدي أحفاد، أخبرهم دائمًا ما حدث معي، أحفادي دائمًا يسألون أسئلة غريبة، أحد سألني تخيل لو أنهم أخذوك، ماذا كان سيحدث؟ هل كنت ستصبح يهوديًا مثلهم؟، أعتقد أنهم سمعوا برواي غسان كنفاني عائد إلى حيفا".

أين السيدة عفيفة؟

ويقول زياد في حديثه: "السيدة عفيفة ماتت عزباء حدادًا على شقيقها الذي توفي، عاشت حوالي 75 عامًا، لم تتزوج، وبقيت طوال الوقت تمازحني عندما تراني وتذكرني بالحادثة في يوم تهجيرنا من اللجون".

ويردف، "كانت السيدة عفيفة عندما تلاقيني دائمًا تقول مازحة: أنا لدي فضل عليك وأنقذتك من الموت عندما نسيتم والدتك. والدتي ما تنساني، لا يمكن لأم أن تنسى ابنها، لكن ما حصل يدل على هول ما حدث والمصيبة التي عاشها الناس في ذلك الوقت، لدرجة أن الشخص قد يتجاهل في لحظات معينة قلبه وكأنه يوم القيامة".

"لا بديل لأرضي وبيتي"

ويتابع محاجنة، "دخلنا المحكمة العليا قبل أعوام لأنه خيل لنا أن هناك 2000 دونم في البلد غير مصادرة بالاعتماد على الخارطة الهيكلية كان هناك شكوك بأمر تلك الدونمات، وعندما أحضروا الخارطة تبين أن تلك الدونمات مصادرة منذ عام 1952، وقالوا لنا إنه علينا أن نتوجه إلى المحكمة المركزية في مدينة الناصرة".

ويردف، "عندما توجهنا إلى المحكمة المركزية قالوا لنا إن هناك تعويض لنا، رفضنا التعويض، لا نريد تعويض ويكفي أن أزرع روح الوطنية بأولادي وأحفادي وهذه الأرض لي ولن آخد أي مقابل أو بدل لأرضي".

. . .
رابط مختصر



اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة *

مشاركة الخبر