كيف يُساهم المعلم الفلسطيني في توعية الطلبة حول النكبة الفلسطينية في ظل غيابها عن المناهج الدراسية؟

أراضي48


  • الاثنين 15 مايو ,2023
كيف يُساهم المعلم الفلسطيني في توعية الطلبة حول النكبة الفلسطينية في ظل غيابها عن المناهج الدراسية؟
أراضي48

يبحث المعلم الفلسطيني في أراضي48 عن هامشٍ بسيطٍ داخل الغرفة الصفية للحديث عن النكبة الفلسطينية تحديدًا في ذكرى حلولها عامًا بعد عام في ظل غياب أحداثها عن مناهج التعليم الإسرائيلي، ليجد نفسه أمام العديد من التحديات والعراقيل التي قد تحول بينه وبين الطلبة وتمنعه من تثقيفهم وطنيًا، إلا أن ذلك لا يمنعه من البحث عن طرق عديدة يتبعّها لربط الطالب الفلسطيني بهويته وقضيته الفلسطينية التي تسعى المؤسسة الإسرائيلية لطمسها وإخفائها من ذاكرة الفلسطيني في أراضي48.

ويُجيب شرف حسان رئيس "لجنة قضايا متابعة التعليم العربي" في أراضي48 عن سؤال حول تجاهل المنهاج التعليمي في "إسرائيل" لأحداث النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني عام 1948، ويقول في حديث للجرمق، "منهاج التعليم في إسرائيل يتجاهل كل ما يتعلق بطرح الشعب الفلسطيني وتفسيره وتحليله وروايته بالنسبة للنكبة وما جرى في عام 48، ويطرح وجهة نظر صهيونية بحتة تفسر الأمور، ولكن في ذات الوقت المعلم الفلسطيني لديه المساحة المعينة التي يستطيع استثمارها من أجل طرح التحليل و’الرواية الفلسطينية’".

ويتابع للجرمق، "هناك قيود قانونية، ولكن يستطيع المعلم أن يفرض وجهة نظره داخل الغرفة الصفية، ويأتي بمواد إضافية بما لا يتنافى مع ’القانون’ وبشكل عام عندما يأتي المعلم برواية إضافية فإن ذلك لا يخالف ’القانون’، ولكن المشكلة الأساسية لدينا هي أن قسم من المعلمين يخافون  لأن جهاز التربية والتعليم جزء من الواقع السياسي ومتأثر من السياق الاجتماعي والاقتصادي وعليه سيطرة". ويضيف، "طالما أن جهاز التعليم لا يشجع طرح قضايا معينة، ومنها النكبة، فإن المعلم يخاف على مصدر رزقه وأن تتم مساءلته مع أنه لا يوجد أي قانون يمنع ذلك، ولهذا فإن القضية هنا توعية المعلمين من خلال تأطيرهم في منتديات وجماعات لأن هذا يعطيهم القوة والثقة، كما وتزويدهم بتجارب مختلفة عن المدارس الناجحة".

ويضيف للجرمق، "ما نقوله أن الواقع الحالي الذي فيه منهاج تعليمي تفرض فيه المؤسسة تعليم ’رواية واحدة، وهي الصهيونية’ وبالتالي لا يقوم المعلم بتعليم أي شيء يتعلق بالتاريخ الفلسطيني والهوية، فإن ذلك يعد دمارًا على جهاز التعليم العربي لأنه يُعمق ظاهرة الاغتراف عند المعلمين والطلبة، وبالتالي على المعلمين العرب أن يبادروا ويخرجوا من الحالة المفروضة".

ويقول للجرمق، "هناك قوى أمنية تعبث بجهاز التعليم ولكن ليس بشكل ’قانوني’ كما السابق، فقد استطعنا التخلص من هذه الملاحقات بعد نضالات طويلة والتماسات للمحكمة، فسابقًا كان هناك ضابط ممثل من الأمن في لجان تعيين المعلمين، الآن هناك طرق أخرى للملاحقة لكنها ليست علنية".

ويؤكد حسان للجرمق أن ملاحقة المعلمين والتدخل فيهم هدفها فقط الترهيب والتخويف، وصنع ضجة حول قضية معينة.

ويضيف، "الرقابة أيضُا لا تتم فقط من خلال جهاز الأمن الإسرائيلي، وإنما تتم من قبل منظمات يمينية تراقب ما يجري في شبكات التواصل الاجتماعي وتحاول أن تُحدث ضجة لمعلم هنا وهناك، وهذا حدث مع معلمين من عكا حيث تم خلق زوبعة ولكنها انتهت، ولم يتم معاقبة المعلمين، ولكن أرادت المنظمات إحداث ضجة وتخويفهم".

ويقول للجرمق، "على المعلم أن يكون واعيًا لما يحدث، وأن يدرك أن هذه محاولات لإخافته وأن الضجة الزائدة التي يتم افتعالها هي لتخويفه، ولكن المعلم الذي لا يدرك هذه الأمور قد يخاف، وذلك بسبب غياب السياسة عن تأهيل المعلمين، لذلك نرى بعض ردود الأفعال التي لا تتوافق مع هذا الطرح أحيانًا".

ويردف، "الحل هو التوعية وتثقيف المعلم، ليكون على دراية بكل ما يدور حوله حتى يكون بمقدروه أن يعمل كمعلم ومثقف ومُثقِف".

ويختم حسان حديثه، "دون أن يتطرق المعلم لتاريخنا وهويتنا سيبقى الاغتراب يخيم على جهاز التعليم العربي وسيبقى معلمونا يشعرون بإحساس بالاغتراب لأنه لا معنى حقيقي لعملهم التربوي إذا كان فقط لتمرير مادة وتحضير طلاب للامتحانات".

ومن جهتها، تقول معلمة المدنيات والناشطة السياسية نيفين أبو رحمون للجرمق، "في ظل التضييق على المعلم الفلسطيني في الداخل واستخدام المدارس كآلية للسيطرة على المجتمع الفلسطيني، وفي ظل تغييب ’الرواية الفلسطينية’ عن المناهج الرسمية، فإن ذلك من شأنه أن يعزل الطالب الفلسطيني عن شعبه ومجتمعه، ولكن رغم الملاحقة للمعلمين هناك مساحة شخصية قد تكون ثغرة يمكن استثمارها لإنتاج حيز تربوي بديل من خلال طرح قضايا لها علاقة بالواقع الذي نعيشه، وخصوصًا مواضيع حساسة كالمدنيات والتاريخ واللغة العربية التي يتم تغييبها عن سبق إصرار وترصد".

وتتابع للجرمق، "السياسات الإسرائيلية تُغيب روايتنا بشكل ممنهج، ولكن هناك مسؤولية على المعلمين كرسالة إنسانية أولًا وانتماء تجاه شعبنا وقضيته ثانيًا أن نطرح هذه القضايا على طلبتنا لنحثهم على طرح الأسئلة والمعرفة النقدية تجاه المناهج القائمة، لخلق حيز تربوي بديل، ولإعطاء معرفة بديلة، وذلك لأن المناهج تعزز يهودية الدولة على حساب الهامش الديموقراطي على حساب الشعب الإصلاني الذي له هوية وراية".  

وتتابع للجرمق، "في السنوات الأخيرة تم تنظيمنا كمعلمين، وكا ما نقوم به يتم من خلال مجموعات لتخصصات معينة كالمدنيات والتاريخ حيث ساهمت هذه المنتديات بتشكيل حصانة للمعلم الفلسطيني لأن الملاحقة السياسية للمعلم ليست سهلة، فالمعلم يحتاج لسند حقيقي وحصانة، وذلك يتم عبر تشكيل المنتديات للمعلمين وتجميعهم بلقاءات دورية لتبادل تجارب شخصية لتسليط الضوء على قضايا حقوقية جماعية أو إثارة مناسبات وطنية لنقاشها من خلال فعاليات أو إجراء مناظرات صفية، وهذا يُشكل خطوة للأمام للتعاطي مع قضية النكبة".

وتقول للجرمق، "كما أن انكشاف الطلبة على مواقع التواصل الاجتماعي ساعد في توعيتهم، ودمجهم بقضيتهم الفلسطينية وخاصة أن تبعات النكبة قائمة حتى الآن في الداخل عبر قضية الأرض والمسكن".

وتضيف، "قضية إحكام السيطرة على المدارس العربية بفعل السياسات الممنهجة هو الهدف للتأثير على ارتباط الطالب بقضيته وشعبه ومحاولة لعزله عن هويته الأصلية في خلق معايير جديدة للتعاطي مع واقع إسرائيل المركب، من خلال المنهاج ومن خلال اختراق المدارس بمشاريع الأسرلة".

وتتابع للجرمق حول ملاحقة المعلمين الذين يطرحون قضايا كموضوع النكبة داخل الصف المدرسي، "عندما نتحدث عن ملاحقة فإننا نقصد الملاحقة السياسية بحد ذاتها، إما استدعاء أو جلب للجان طاعة داخل الوزارة، بادعاءات متعددة لمجرد محاولة التأثير على الطلبة وإثارة قضايا سياسية، ونحن نتحدث عن وزارة التربية والتعليم المرتبطة بالاستخبارات ولها سياسات ممنهجة".

وتضيف، "أي معلم أخذ على عاتقه مسؤولية التغيير لخلق معرفة بديلة، قد يدفع الثمن، وهذه معارك خضناها جمعيًا، من خلال الترهيب بفقدان مصدر الرزق، ونحن كمعلمين فلسطينيين لدينا رؤية تربوية مرتبطة بواقعنا الفلسطيني ونطمح لمدارسنا أن تصبح صرح ثقافي تطرح قيم إنسانية ولكن أيضًا وطنية مرتبطة بواقعنا".

وتوضح، أنه، "نضالنا في جهاز التعليم جزء من النضال الفلسطيني العام، ولدينا مسؤولية حتى لو كانت مكلفة، ولهذا فإن أمر تنظيمنا مهم جدًا، وتحويل قضية جهاز التعليم العربي لقضية رأي عام ومجتمعية يجب أن تكون على سلم أولويات النضال الفلسطيني العام لأن ذلك سيحدث تأثيرًا وسيساعد بعدم الاستفراد بالمعلمين، ومع وجود قلق لدى البعض، فإن هناك مجموعة معلمين قادرة على خوض التجربة، ونحن نتحدث هنا عن قانونية الموضوع، بأن يتم حث الطلبة أن يكون لديهم رؤية وهوية شخصية مرتبطة بالهوية الجماعية في التعاطي مع قضايا شعبنا".

وتختتم أبو رحمون حديثها للجرمق، "ما زلنا حتى الآن ندفع ثمن النكبة، ونعيش تبعاتها في كل لحظة، سواء بالأرض والمسكن ومستقبل البلد، وبشكل خاص في التعليم، فيجب تحويل قضية التعليم قضية نضال عام وجمعي وشعبي، وقضية وطنية لا تقتصر على الميزانيات، عمق القضية هي جودة التعليم، فنحن نتحدث عن مناهج خُيّطت لمعايير إسرائيلية بالتالي كل شيء بديل هو الأفضل، وإذا كان مرتبط برواية شعبنا فنحن على قدر المسؤولية بنقل الرواية من خلال مدارسنا".

 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر