37 عامًا خلف القضبان.. من هو الأسير وليد دقة الذي أُعلن عن إصابته بالسرطان؟


  • الخميس 8 ديسمبر ,2022
37 عامًا خلف القضبان.. من هو الأسير وليد دقة الذي أُعلن عن إصابته بالسرطان؟
الأسير وليد دقة وعائلته

بعد 37 عامًا قضاها الأسير وليد دقة من مدينة باقة الغربية في أراضي 48 في الأسر، شخّص الأطباء في مستشفى "برزلاي" الإسرائيلي إصابته بمرض سرطان الدم "اللوكيميا" بعد تدهور طرأ على صحته ونقل على إثرها من سجن "عسقلان" إلى المشفى.

اعتقال دقة والحكم عليه

واعتقل الأسير دقة، في 25 من آذار/ مارس 1986 إلى جانب مجموعة من الأسرى في أراضي48، بتهمة انتمائه إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وانتسابه لخلية اختطفت جنديًا إسرائيليًا وقتلته.

ووجهت المحكمة الإسرائيلية للأسير دقة عدة تهم، وهي حيازة أسلحة ومتفجرات بطريقة غير قانونيّة (حسب التصنيف الإسرائيلي) واتهمته بالقيام بعمليات داخل الأراضي الفلسطينية عام 1948.

وحُكم على الأسير وليد دقة بالسجن المؤبد والذي جرى تحديده لاحقًا بـ(37) عامًا، وأضيف عليه عام 2018 حكمًا بالسجن لمدة عامين ليصبح (39) عامًا.

وفي عام 2018، أصدرت المحكمة المركزية الإسرائيلية في بئر السبع قرارًا يقضي بإضافة عامين إضافيين على حكم الأسير وليد دقة، بحجة إدخاله هواتف نقالة للأسرى الأمنيين، حيث سينهي الأسير دقة محكوميته بموجب هذا القرار في عام 2025 بدلًا من عام 2023.

ولم تستأنف عائلة الأسير دقة على قرار المحكمة الإسرائيلية الذي صدر عام 2018 بسبب عدم ثقتهم بجهاز القضاء الإسرائيلي بحسب العائلة.

في باقة الغربية، تربّى ونشأ

ولد الأسير وليد دقة في الثامن عشر من تموز/يوليو عام 1961 في عائلة فلسطينية بمدينة باقة الغربية بأراضي48، والمكونة من 3 شقيقات و6 أشقاء، ويعتبر أحد أبرز الأسرى في السجون الإسرائيلية.

ودرس وليد دقة في مدارس المدينة، وأنهى دراسته الثانوية في باقة الغربية، ولكن لم يحالفه الحظ في إكمال تعليمه والالتحاق بالجامعة، ولذلك انتقل إلى العمل في إحدى محطات تسويق المحروقات.

وعانى الأسير وليد دقة خلال أسره من التعذيب النفسي والجسدي، وتنقل خلال سنوات اعتقاله إلى سجون متعددة، حيث تدهورت حالته الصحية في السجن وعانى من بعض الأمراض في الدم والتي شًخصت أخيرًا بـ"اللوكيميا".

ويصف الأسير وليد دقة السجن في إحدى كتاباته بأنه "مكان سيء وهو أحقر اختراع صنعته الإنسانية لمعاقبة الإنسان، والسجن، كمؤسسة شمولية، لا يستهدف السجين بصورة عامة، وإنما الإنسان الفرد، كتفاصيل حياة ومعالم ومميزات شخصية".

تعليمه الجامعي..وإنتاجاته الأدبية

ورغم حقارة السجن، برز وليد دقة كسياسي ومثقف وواحد من أبرز من كتبوا داخل السجون حول الحالة الفلسطينية، ومن أبرز ما أصدره الأسير دقة في السجن، "الزمن الموازي"، "ويوميات المقاومة في مخيم جنين"، "وصهر الوعي"، و"حكاية سرّ الزيت"، و"حكاية سرّ السيف".

وتعرض الأسير دقة لجملة من السياسات التنكيلية على خلفية إنتاجاته المعرفية بشكل خاص، وسعت إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية مرارًا لمصادرة كتاباته وكتبه الخاصة، كما وواجه العزل الإنفرادي، والنقل التعسفي.

ولم يتوقف نشاط دقة على القراءة والكتابة، وإنما شارك في كافة أشكال المواجهة مع السجان الإسرائيلي بما فيها الإضرابات المفتوحة عن الطعام، ونتيجة لدوره اللافت وتأثيره على الأسرى أقدمت مصلحة السجون على عزله مرات عديدة في زنزانة انفرادية.

وواصل وليد دقة تعليمه فأنهى دراسته الجامعية في السّجن، وحصل على درجة الماجستير في الديمقراطية السياسية، من خلال الانتساب عن بعد إلى الجامعة العبرية المفتوحة.

زواج الأسير دقة

ارتبط الأسير وليد دقة عام 1999 بزوجته سناء سلامة، واحتفلا داخل أروقة سجن "عسقلان" بحضور عائلتيمها بحفل زفاف نقلته وروته أشهر الصحف والقنوات الفلسطينية، وامتد لـ 3 ساعات، من الساعة 11 صباحًا حتى 2 ظهرًا.

وبحسب سلامة، فقد صرحت في مقابلات صحفية سابقة أنها عرفت وليد دقة قبل زواجهما بـ 3 أعوام عندما كانت تكتب في صحيفة "الصبّار" التي تصدر في يافا، كتابات معظمها تتناول أوضاع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، حيث قامت بزيارة وليد في الأسر لتستقي منه المعلومات حول أحواله هو والأسرى الآخرين عن قُرب أكثر.

وقالت في تصريح سابق، "فوجئت من مدى ثقافته ومتابعته الأخبار بالخارج عن كثب، وأعجبت جدًا بشخصه وفكره، وبعد زيارتي الأولى له بأعوام أخبرني أنه في تلك الزيارة كان قد عرف وقرّر أنني الإنسانة التي يريدها أن تشاركه حياته".

ومنذ ذلك الحين، فكّر الزوجان بالإنجاب، وبقيا اثنا عشر عامًا يحاربان في أروقة المحاكم الإسرائيلية لنيل قرار يسمح لهم بالإنجاب، ولكن السلطات الإسرائيلية كانت ترفض هذا الطلب لأسباب أمنية.

وبسبب تعنت السلطات الإسرائيلية، قرر الزوجان إنجاب طفل عبر النطف المهربة من السجن، حيث هُربت نطفة من الأسير وليد دقة وزرعت في رحم زوجته سناء سلامة بتاريخ 27/5/2019 لتولد بعد تسعة أشهر بتاريخ 3/2/2020 ميلاد وليد دقة.

وبحسب سلامة في مقابلة صحفية سابقة، فإن ولادة ميلاد كانت أشبه بثورة شعبية، ورغم قرارها ووليد بألا يظهر خبر حملها للإعلام حتى يتم الإنجاب، إلا أن السلطات الإسرائيلية أجبرتهما  على أن ينتشر الخبر دون قصد منهما، حيث كان هناك نوع من التفاهم الشفهي بين وليد دقة وإدارة السجن بأن يبقى على تواصل مع زوجته عبر الهاتف إلى أن تضع مولودتها ليطمئن على أوضاعهما، ولكنهم قاموا بنقله إلى عزل سجن مجدو قبل موعد الولادة بأسبوع، الأمر الذي اضطر سناء سلامة لإخبار تلفزيون فلسطين، لتغطية الحدث عبر شاشتها الفضائية، ليصل الخبر إلى وليد في عزله.

وانتقمت "إسرائيل" من وليد دقة بعد معرفتها بحمل زوجته، حيث بدأت السلطات الإسرائيلية بالانتقام منذ لحظة إعلان حمل سناء، إذ مُنعت سلامة من زيارة زوجها وليد دقة ومن التواصل كي لا يطمئن وليد على صحتها وصحة جنينها في حينه، حتى وصلت إجراءات مصلحة السجون إلى منع وليد من رؤية صور طفلته ميلاد لوقت طويل بعد ولادتها، وكان السجانون يسعون لسحب الصور منه دائمًا.

كما منعت السلطات الإسرائيلية وليد دقة من رؤية ابنته ميلاد لفترة طويلة ورؤيتها وجهًا لوجه بعد ولادتها، ورفضت تسجيلها على اسمه "ميلاد وليد دقة".

فيلم أميرة وعلاقته بأطفال النطف المهربة

في نهاية عام 2021، عاد اسم ميلاد وليد دقة ليطفو على السطح إلى جانب أسماء أطفال أسرى آخرين ولدوا عبر النطف المهربة من السجون الإسرائيلية مع عرض فيلم أردني اسمه "أميرة" والذي دارت أحداثه عن  عن قصة أحد النطف التي هُرّبت من السجن لتزرع برحم زوجة أسير، وفيما بعد كبرت الفتاة التي ولدت من النطفة المهربة معتقدة أنها ابنة أسير لتكتشف فيما بعد أنها ابنة ضابط إسرائيلي قام بتغيير العينة أثناء تهريبها.

واعتبرت عائلات الأسرى ممن قاموا بالتجربة وأنجبوا أطفالًا عبر النطف المهربة أن هذا الفيلم أساء لزوجات الأسرى ولأبنائهم.

وقالت سناء سلامة حينها في حديث للجرمق، "ابتسامة بنتي ميلاد النطفة المحررة، تُعادل كل القائمين على فيلم أميرة وكل دولة الاحتلال"، متابعة أن فيلم أميرة يشوه ويُسيء للأسرى وزوجاتهم.

وأضافت، "لا يكفي أن الأفلام الأمريكية والأوروبية تشوه فينا كعرب وفلسطينيين، كيف نسمح بأن يتم تشويه قضيتنا من قبل ممثلين فلسطينيين وأردنيين؟".

ولفتت إلى أن الفيلم يستحيل أن يعكس الواقع، ولم ولن يحدث شيء كهذا أبدًا، مشيرة إلى أن عملية تحرير النطف تتم عبر خطوات شفافة ومهنية ودقيقة.

وأكدت للجرمق على أن الشعب الفلسطيني أول شعب يقوم بخلق حياة من العدم، لافتة إلى أن "إسرائيل" تحكم بالمؤبدات على الأسرى لكي تدفنهم وهم أحياء لكنهم يؤكدون كل مرة أنهم يستطيعون فتح بيوت وتأسيس عائلات وحياة وأطفال ومستقبل.

 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر