الطائفة الدرزية

محاولات تشويه وأسرلة..كيف تواجه الطائفة الدرزية محاولات المؤسسة الإسرائيلية الفتك بهوية أبنائها؟


  • الثلاثاء 17 مايو ,2022
محاولات تشويه وأسرلة..كيف تواجه الطائفة الدرزية محاولات المؤسسة الإسرائيلية الفتك بهوية أبنائها؟

بعد 74 عامًا مرت على النكبة، لا تزال الطائفة العربية الدرزية في أراضي الـ48 تواجه ذات التحديات التي برزت بعد احتلال "إسرائيل" لفلسطين عام 1948 واستمرت حتى هذا اليوم، أبرزها تحدي التجنيد الإجباري الذي يُفرز تحديات جمة اقتصادية وثقافية وفكرية.

وأبرز ما يرّوج له الإعلام الإسرائيلي في وسائله المختلفة هو أن نسبة التجنيد بين الدروز تصل لأكثر من 80%، إضافة إلى أنه يحاول ترويج أسماء ضباط خدموا في الجيش الإسرائيلي وإبراز شخصيتها وهويتها لتضليل الشعب الفلسطيني إلا أن هذه النسب مغلوطة ومضللة بحسب نشطاء.

تحديات تاريخيًا

وتحدث غالب سيف عضو لجنة المبادرة العربية الدرزية عن التحديات التي واجهت الدروز تاريخيًا إبان النكبة، ويقول في حديث للجرمق إن "إسرائيل" فرضت التجنيد الإجباري على الفلسطينيين بعد قيامها بحسب المادة 29 من قانون التجنيد، وهو إلزام كل "مواطن بتأدية الخدمة العسكرية"، حيث فُرض التجنيد على كل الفلسطينيين، ولكن بن غوريون رئيس الوزراء الإسرائيلية آنذاك استثنى الفلسطينيين بعدما رفضوا هذا القانون في كل القرى والمدن الفلسطينية ولكنه أبقى عليه قانونًا إلزاميًا على الفلسطيني الدرزي.

ويتابع أنه أبقى على هذا القانون على الدروز حيث فُرض التجنيد الإجباري عليهم في عام 1956 لترسيخ سياسة فرّق تسد بين الفلسطينيين، ومحاولة نزع عروبة الدرزي وفلسطينيته وتقريبه من الإسرائيلي.

ويضيف أنه بعدما سُن هذا القانون وألزم به الدروز الفلسطينيين، بدأت مرحلة رفض التجنيد الإحباري، حيث وقع في ذلك العام 2400 رب عائلة درزية على عريضة لرفض التجنيد الإجباري في الوقت الذي كان يبلغ عدد الدروز فيها 14 ألف شخص.

ويلفت إلى أن الرفض استمر بهذه الطريقة حتى عام 1972 عندما شُكلت لجنة المبادرة العربية الدرزية من قبل الشيخ فرهود فرهود الذي أصدر منشورًا ووزعه على الطائفة الدرزية خلال زيارة لمقام النبي شعيب في حطين، حيث بدأ حينها الرفض بشكل منظم ومرتب.

ويضيف للجرمق في حديثه أن "المؤسسة الإسرائيلية عندما وجدت أن مقدار الوعي القومي الفلسطيني لدى الشباب الدروز في تصاعد قررت عام 1975 فصل نظام التعليم، وتخصيص نظام ومنهاج تعليمي للدروز منفصل عن باقي الفلسطينيين.

منهاج خاص للدروز

ويقول خالد فراج عضو حراك "ارفض شعبك بيحميك" إن المؤسسة الإسرائيلية حاولت منذ أن فرضت التجنيد الفصل بين الفلسطينيين وتفريقهم عبر عزل الدروز بعد صور، حيث قامت بفصل المجالس المحلية وفصل المحاكم الدينية قبل أن تصل إلى فصل جهاز التعليم، بعدما لم تأت هذه التغييرات بالنتائج التي أرادتها "إسرائيل" وهي تغيير هوية الدرزي الفلسطيني.

ويتابع أنه خلال سنوات السبعينيات، أقامت "إسرائيل" لجنتين وهما لجنة أور ولجنة شيخطرمان، وهما لجنتين حكومية ولجنة برلمانية، كان هدفها، ترسيخ الفصل بين الفلسطينيين الدروز وباقي الفلسطينيين، حيث كانت أهم توصيات اللجان هي فصل المنهاج التعليمي للدروز.

ويردف للجرمق أنه حتى النظام التعليمي للفلسطينيين عليه رقابة عالية ومسيس لصالح الرواية الصهيونية، ولكن منهاج الدروز تم تغييره بشكل كبير وأُدخلت فيه مغالطات تاريخية وأكاذيب مضللة.

ويوضح أن هذا المنهاج لا يُعلّم أي قضية فلسطينية ولا يتطرق للتاريخ العربي للدروز ولا يتحدث عن الرموز الدرزية بالشكل الكافي وعن علاقتهم بالقضية الفلسطينية كسلطان باشا الأطرش وكمال جنبلاط، مؤكدًا على أن جميع هذه المعلومات والقضايا مغيبة بالمنهاج.

ويتابع أنه في الوقت ذاته، يتم تعليم أكاذيب صهيونية تدعي أن هناك وحدة مصير بين الدروز واليهود وأنهم ملاحقين ومكفرين على يد الإسلام، كما تتطرق المنهاج الدراسية لما يسمى "حلف الدم" بين اليهود والدروز والذي ينشر أكاذيب حول أن النبي موسى عليه السلام تزوج من ابنة النبي شعيب عليه السلام الأمر الذي يناقض الإيمان الدرزي أصلًا.

ويلفت للجرمق أن المنهاج المخصص لدروز يروج لأكذوبة أن الدرزي موالي للحاكم ويخدم دولته بغض النظر عن شكل الدول، مشيرًا إلى أن هذا الأمر غير صحيح لأنه بحسب العقيدة الدرزية فإن حماية الأرض والكرامة هي المهمة لدى الدرزي وليست موالاة الحاكم أو الدولة كما تحاول "إسرائيل" الترويج لها.

ويقول، غالب سيف إن أقسى أنواع التحديات لدى الدروز هي فصل نظام التعليم الذي تحول لأداة لغسل دماغ الشبان ومحو انتمائهم العربي الفلسطيني الإسلامي، مشيرًا إلى أن هذا الفصل جاء لتنمية روح الانتماء الطائفي وإلغاء الانتماء القومي.

ويتابع أن الفصل هو لإلغاء التناقض الذي قد يعيشه الشاب عندما يذهب للخدمة العسكرية، بين انتمائه القومي وبين خدمته في الجيش الإسرائيلي، حيث وظفت المؤسسة الإسرائيلية كل المنهاج والطاقات لإقناع الشباب أن مسارهم فقط هو التجنيد.

كما أن المؤسسة الإسرائيلية تمنع اللقاءات بين المدارس الدرزية وباقي مدارس الفلسطينيين، في الوقت الذي تسمح فيه بتنظيم لقاءات بين مدارس درزية ويهودية ما قد يُعزز الفصل والتشويه لدى الطلبة الفلسطينيين الدروز.

ويضيف خالد فراج أن الطريقة الأخرى التي تحاول المؤسسة الإسرائيلية تضليل الفلسطينيين عبرها هي إدخال العسكرة داخل المدارس، وتضليلهم بأن الدروز شجعان ومقاتلين، مشيرًا إلى أن هذا يتزامن مع تعليم مضامين مضللة بالتاريخ للأطفال الدروز، ومحاولة إدخال رموز عسكرية داخل منهاج الرياضيات مثلًا لتشويه وعي الطفل منذ الصغر.

ويردف أنه مع تقدم الصفوف تبدأ المؤسسة بتسيير زيارات من جنود للمدارس للحديث مع الطلاب ولقائهم وتشجيعهم على الانخراط وزيارة القواعد العسكرية وتعليمهم عن الوحدات المختلفة للجيش الإسرائيلي، حيث يستمر هذا الأمر حتى يصل الطالب للصف الحادي عشر ويبدأ بعمل الفحوصات الجسدية والنفسية للالتحاق بالجيش.

مواجهة التضليل

ويؤكد خالد فراج في حديثه للجرمق على أن مسألة مواجهة هذه الماكنة التي تعمل على تشويه وتضليل عقل الفلسطيني الدرزي منذ صغره، مسألة صعبة، خاصة في ظل وجود المجتمع الذي يتعامل مع قضية التجنيد على أنه أمر مسلّم به في ظل المخاوف والتهديدات التي تروجها المؤسسة الإسرائيلية عمن لا يلحتقون بالجيش ويرفضون التجنيد.

ويقول، "هناك خوف من الأهالي دائمًا، حتى الذين يُشككون في أمر التجنيد أن هناك حياة سيئة تنتظر الشاب الرافض للتجنيد..خاصة بعد سماعهم للتهديدات التي تروج لها إسرائيل ومنها أن الشاب يمكن أن يواجه مستقبلًا صعبًا من ناحية تأمين عمل وسكن ودراسة جامعية".

ويؤكد على أن مواجهة هذه الماكنة يتطلب جهد شخصي من العائلات التي تعمل على توعية أبناءها حول أمر التجنيد وأنه ليس أمر واقع وأن هناك إمكانية للرفض دون تدمير حياة الشاب.

ويضيف للجرمق أنه في مرحلة مبكرة، يتطلب من الشاب نفسه أن يحاول البحث عن الحقيقة وأن يحاول فهم الرواية الحقيقة وليس ما تريد المؤسسة الإسرائيلية ترويجها له بأنه سيواجه مستقبلًا صعبًا إن رفض التجنيد.

لقاءات..ورشات

ويتابع فرّاج في حديث عن مواجهة المؤسسة الإسرائيلية وأساليبها بتشويه وعي الفلسطيني الدرزي، حيق يقول إن "حراك ارفض شعبك بيحميك" يسعى من خلال النشر على مواقع التواصل الاجتماعي وتنظيم ورشات العمل والندوات واللقاء إلى عرض الرواية الحقيقية عن الدروز خاصة دحض ما تحاول "إسرائيل" تمريره بمغالطات عبر الكتب المدرسية.

ويردف للجرمق أن الحراك يحاول تمرير المعلومات الصحيحة للشاب الدرزي على أمل أن يجتهد ويبحث ويصل لقناعة أنه حتى التخويف والتهديد غير صحيح، مشيرًا إلى أن الحراك يسعى دائمًا لنشر قصص النجاح عن رافضين للتجنيد واستطاعوا أن يحققوا إنجازات حتى بعد رفضهم للتجنيد وليس كما تروج له "إسرائيل" بأن مستقبلهم قد يضيع.

نسب مضللة

وتحاول المؤسسة الإسرائيلية الترويج إلى أن نسبة المتجندين الدروز في الجيش الإسرائيلي أعلى من نسبة اليهود ذاتهم والتي تنشرها عبرها وسائل الإعلام الإسرائيلية بأن نسبة التجنيد تفوق 80% لدى الدروز.

ويرد خالد فراج للجرمق على هذه المعلومات، قائلًا إنها غير صحيحة ومضللة، وإن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية لا تُفصح عن أرقام وإنما فقط نسب وبالتالي هذه النسب مضللة وغير صحيحة خاصة أنها لا تفرق بين من "أدوا الخدمة العسكرية" ومن "تجندوا" حيث أن هناك فرقًا واضحًا بينهما، فالمؤسسة العسكرية تصنف الدرزي الفلسطيني الرافض للتجنيد بأنه "مجند رفض أمر عسكري"، وبالتالي يتم حسابه في نسبة المجندين.

ويضيف للجرمق أن كذب "إسرائيل" ظهر جليًا عام 2008 في المؤتمر القومي في هرتسليا الذي يعقد سنويًا، حيث تسربت معلومات حينها من الجلسة المغلقة أنها كانت تُعنى بتراجع نسبة التجنيد لدى الدروز والهدف من الجلسة هو إعادة التشجيع عليه.

ويردف للجرمق أنه في ذلك الوقت ذكر المؤتمر أن نسبة التجنيد لدى الدروز 50% فقط، كما أن نسبة أخرى توافقت مع هذه النسبة التي أظهرها الباحث سعيد نفاع في بحثه عندما قام بأخذ عينة من مدرسة ثانوية وفحص عدد الطلبة الذكور الذين سيتخرجون وقارنها مع نسبة المتجندين من تلك المدرسة ذاك العام وظهر له أن النسبة 48% وهي قريبة من نسبة مؤتمر هرتسليا.

ويلفت إلى أن هذه النسب تُظهر مدى كذب المؤسسة العسكرية الإسرائيلية في أرقامها عن التجنيد، مشيرًا إلى أن هناك عدد من الدروز لا يتجندون بسبب التدين أو بسبب وجود أمراض مزمنة لديهم وبالتالي فإن نسبة الرافضين وغير المتجندين قد تصل لـ60% وهو ما يُظهر كذب المؤسسسة العسكرية.

 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر