تربية الجمال في النقب..مصدر رزق وتراث بدوي فلسطيني يواجه تضييقات إسرائيلية


  • الخميس 24 مارس ,2022
تربية الجمال في النقب..مصدر رزق وتراث بدوي فلسطيني يواجه تضييقات إسرائيلية

لا يقتصر تضييق السلطات الإسرائيلية في النقب على حرمان الفلسطينيين من مساكنهم ومحاولة تهجيرهم من أرضهم، وإنما تسعى أيضًا لتهجير جمالهم وتحديدًا الجمال وإفراغ بيوت البدو في النقب منها عبر فرض عدد كبير من القيود والتضييقات على اقتنائها وتربيتها الأمر الذي أدى إلى انخفاض عددها بشكل كبير.

قيود وشروط

وتفرض السلطات الإسرائيلية قيودًا على اقتناء الجمال، منها إقرار شروط لتربيتها كالترخيص، حيق يقول سلامة أبو عديسان أحد مربي الجمال في النقب إن "الدوريات الخضراء" دائمًا ما تجد حجة لمخالفة وفرض غرامة على مقتني الإبل والجمل، مشيرًا إلى أن السلطات الإسرائيلية تفرض قيود على تربيتها كضرورة ترخيص الجمال والتي تتطلب شروط كبيرة وإجراءات معقدة.

ويتابع في حديثٍ للجرمق أن "الدوريات الخضراء" قد تخالف مربي المواشي على عدم وجود ترخيص أو قيامه برعي الجمال في مناطق عسكرية أو مناطق تابعة لـ "حماية البيئة"، مؤكدًا على أن مربي المواشي إن تصادف في يوم رعي الجمال مع دورية خضراء لن يخرج إلا بمخالفة وغرامة.

ويضيف أنه لا مكان لرعي الجمال خاصة في ظل انتشار مناطق "حماية البيئة" والمناطق العسكرية والتجمعات السكنية، وبالتالي فإن مربي الإبل والجمال يضطرون بسبب التضييقات لبيع جمالهم.

ويؤكد للجرمق على أن الغرامات التي تفرضها السلطات الإسرائيلية على مربي الجمال في بعض الأحيان تفوق سعر الجمل ذاته.

ومن جانبه، يقول سليم الدنفيري رئيس اللجنة المحلية في قرية بئر هداج إن التضييقات لم تقتصر على عدم توفر مساحات للرعي وإنما قامت السلطات الإسرائيلية قبل حوالي 5 سنوات بإجبار المزارعين في النقب على وضع شريحة تحت جلد الجمل.

ويتابع للجرمق أن السلطات الإسرائيلية ادعت أن السبب في ذلك هو لمعرفة مكان الجمل في حال تعرض لحادث ولمعرفة لمن تعود ملكيته، مشيرًا إلى أن  السلطات تغيّر ادعاءاتها وتقول في بعض الأحيان أن الشرائح مفيدة لزيادة حليب الإبل.

ويُشير إلى أن السلطات الإسرائيلية لا تسمح للمزراعين بتربية الجمال والمواشي في المنازل، ولا تسمح بإقامة بركسات لها بحجة أنها غير مرخصة، مؤكدًا على أن المزراعين في النقب يعانون منذ أكثر من 20 عامًا من هذه القيود.

ويلفت إلى أن هذه التضيقات دفعت عدد كبير من المزارعين لبيع الجمال، وبالتالي نجحت المؤسسة الإسرائيلية بالتضييق عليهم في مصدر رزقهم، قائلًا، "من الصعب أن يعيش البدوي دون أن يربي الجمال".

ويُشير إلى أنه قبل عشرات السنوات كانت جميع منازل البدو والمزارعين في النقب تحتوي على جمل إلا أن الأعداد انخفضت بشكل كبير، مضيفًا، "الآن يمكن أن نجد جمل واحد في كل 6 منازل أو أكثر".

مطالب..ولا استجابة

وفي السياق، طالب المزراعون وممثليهم في لجنة المواشي في النقب بتوفير مراع وتخفيف القيود المفروض عليهم من ناحية تربية الجمال أو اقتنائها، حيث يقول محمد أبو فريحة رئيس لجنة مربي المواشي في النقب إن وزارة الزراعة الإسرائيلية رفضت مطلبهم بالاعتراف بتربية الجمال كفرع من فروع الزراعة في النقب، مشيرًا إلى أنها كانت ولا زالت تطارد أصحاب الجمال عندما يخرجون لرعيها وتقوم بنقلها إلى مناطق الشمال لحجزها وتغريم أصحابها آلاف الشواقل.

ويتابع للجرمق أن موافقة اللجنة والمزارعين على وضع شريحة تحت جلد الجمل لمعرفة من صاحبه، جاءت على مضض، مشيرًا إلى أن هذا الأمر غير شرعي وغير قانوني ولكن تقلبه المزراعين على أمل أن يتم السماح لهم بتربية الجمال في بركسات بجانب منازلهم ورعيها في المراعي.

ويؤكد على أن المطلب الأساسي هو الاعتراف بالجمال كفرع من فروع الزراعة في النقب، ومن ثم توفير مراعي، مضيفًا، "سنتوجه للمحاكم لحث وزارة الزراعة على الاعتراف بالجمال..ومن الممكن أن حصل على الموافقة".

انخفاض في عدد الجمال

ويقول أبو فريحة للجرمق إن هذه السياسات أثرت على درجة اقتناء المزراعين والبدو للإبل حيث دفعت الكثيرين منهم لبيعها، قائلًا، "سعر الجمال انخفض إلى النصف لأنها مطاردة وممنوعة".

ويضيف أن حوالي 5000 آلاف جمل فقط في جميع النقب حاليًا، في المقابل كان المزارعين يقتنون الجمال بكثر حيث تجاوز عدد قبل عدة سنوات 10 آلاف جمل.

ويتابع أنه منذ 14 عامًا، يطالب إلى جانب اللجنة بفتح المراعي وإطالة أم الرعي وتوثيق اعتداءات "الدوريات الخضراء على المزراعين وجمالهم بهدف تقديها للمحاكم كدليل على التضييق".

إرث تاريخي ومصدر رزق

وتُشكل الجمال مصدرًا للرزق للمزراعين والبدو في النقب، ولكنها أيضًا تُشكل إرثًا تاريخيًا لا يمكن الاستغناء عنه بحسب أبو فريحة.

وفي السياق، يقول رئيس حركة مواطن في النقب عبد أبو كف للجرمق إن السلطات الإسرائيلية تُدرك أن تمسك أهل البادية بتربية الجمال خصوصًا والمواشي عمومًا هو تمسك بأرضهم وبطبيعتهم.

ويتابع أن تربية الجمال ليست فقط مصدر رزق وثروة حيوانية وإنما أيضًا تشكل نهج حياة للبدوي تدفعه للتمسك بطبيتعه وحياته في الصحراء، وبالتالي تمده هذه الثروة بالعزم والقوة للصمود على أرضه والمحافظة على عاداته وتقاليده ونهجه.

ويلفت في حديثٍ للجرمق إلى أن السلطات الإسرائيلية تزيد في كل عام تضييقها على أصحاب الجمال وتطاردهم، مشيرًا إلى أن أبرز التضييقات تتمثل في منع نقل وترحيل الجمال وفرض إجراءات صعبة جدًا على بيعها وشرائها خاصة في ظل فرض التراخيص عليها.

. . .
رابط مختصر



اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة محددة *

مشاركة الخبر