انتقادات في أراضي48 لمقترح "تفعيل أجهزة التنصت ونشر الكاميرات" لمحاربة الجريمة

اقترح النائب في الكنيست الإسرائيلي منصور عباس عن القائمة العربية الموحدة خلال اجتماع لأعضاء الكنيست مع قائد الشرطة الإسرائيلية العام ومع الوزير المسؤول عن الشرطة الإسرائيلية عدة مقترحات من شأنها محاربة الجريمة والعنف في أراضي48 وفق عباس.
وقال النائب منصور عباس خلال لقاء مع راديو الناس إنه اقترح على قائد الشرطة والوزير المسؤول، أنه يجب، "تفعيل أجهزة تنصّت ومراقبة ضد عصابات الإجرام، وتنفيذ أوامر اعتقال إدارية ضد مجرمين خطيرين، مدّ شبكة كاميرات مراقبة في داخل البلدات العربية".
ولاقت هذه المقترحات عدة انتقادات في أراضي48 من قبل عدد من النشطاء وأيضا من أعضاء "عرب" في الكنيست الإسرائيلي.
ويؤكد الصحافي والناشط السياسي رشاد عمري أن "نصب كاميرات المراقبة في البلدات العربية لم يكن يومًا بهدف محاربة الجريمة، بل يُستخدم كأداة رقابية تستهدف الفلسطينيين في الداخل" مشيراإلى أن عددًا من جرائم القتل ارتُكبت تحت أعين هذه الكاميرات دون أن تتحرك السلطات، مما يثبت، برأيه، أن هذه التقنية ليست الحل لمواجهة العنف المتفشي.
ويقول عمري لـ الجرمق: "لو عَلِم منصور عباس عدد جرائم القتل التي وقعت أمام الكاميرات التي ادُّعي أنها نُصبت لمحاربة الجريمة، لما طالب هو وغيره بتركيب المزيد منها في بلداتنا. فنحن نعلم يقينًا أن محاربة الجريمة تتطلب أولًا أن تتوقف السلطات عن تغذيتها، وإذا كانت حقًا منزعجة من انتشارها، فهي ليست بحاجة إلى كاميرات، بل إلى قرار سياسي وإرادة حقيقية لمحاربة الجريمة".
ويضيف عمري أن "الكاميرات قد تكون أداة فعالة لمحاربة الجريمة في دول تحترم جميع مواطنيها، أو على الأقل في دول لا تعادي جزءًا من سكانها بسبب انتمائهم العرقي، ولكن في دولة ثبت أن نصبها للكاميرات لم يكن لصالح شعبنا، بل لخدمة أجنداتها الأمنية، فإن الوضع مختلف".
ويتابع: "هذه الكاميرات لم تُستخدم لمكافحة الجريمة، بل لملاحقة الناشطين عندما تحتاج السلطات إلى ذلك، أو لتخزين أدلة ضد الجناة تُستخدم فقط عند الحاجة".
جرائم قتل موثقة بالكاميرات دون تحرك السلطات
ويشير عمري إلى أن عدة جرائم قتل وقعت أمام الكاميرات دون أن تتمكن الشرطة من إيقافها أو حلّها، ومنها جريمة قتل الشاب حسام عثمان، الذي قُتل أمام الكاميرات المنصوبة على بعد أمتار قليلة، وجريمة قتل الشاب إبراهيم بلقيس، التي وقعت تحت عدسات المراقبة مباشرة، إضافة إلى حالات مشابهة أخرى في حيفا وبلدات عربية مختلفة.
ويؤكد عمري أن "ما حصل في حيفا من جرائم قتل تحت أعين كاميرات المراقبة الأكثر تطورًا هو خير دليل على أن هذه الكاميرات ليست وسيلة لمحاربة الجريمة، بل يتم استخدامها وفق أجندات خاصة بالسلطات".
قضية أدهم بشير: تجاهل تسجيلات الكاميرات
ويضرب عمري مثالًا آخر على ازدواجية تعامل السلطات مع تسجيلات المراقبة، مشيرًا إلى قضية الشاب أدهم بشير، الذي اعتُقل على خلفية أحداث هبّة الكرامة.
ويقول: "عندما طالب بشير بمراجعة تسجيلات الكاميرا التي كان يقف تحتها لإثبات براءته من تهمة إلقاء الحجارة على مستوطن يهودي في عكا، رفضت الشرطة ذلك، وأدانته المحكمة بالسجن عشر سنوات! وهذا يوضح كيف يتم استغلال الكاميرات لأغراض سياسية وقمعية بدلًا من تحقيق العدالة".
ووجه عمري انتقادات حادة لرئيس القائمة العربية الموحدة، منصور عباس، متهمًا إياه بـ"استغباء الناس"، مضيفًا: "ماذا يريد منصور عباس أكثر من هذه الإثباتات ليكف عن ترويجه للأوهام؟".
ويتابع: "لقد كان شريكًا في حكومة المستوطن نفتالي بينيت، ومع ذلك لم تتوقف جرائم القتل في الداخل، ولم يتوقف العدوان على شعبنا في غزة والقدس والضفة".
الشرطة والشاباك..
وفي سياق آخر، يتطرق عمري إلى الاتفاقيات التي أبرمها أعضاء الكنيست العرب وبعض رؤساء المجالس المحلية مع وزير الشرطة وجهاز الشاباك، والتي تضمنت زيادة أفراد الشرطة وحرس الحدود في البلدات العربية، لكنه يرى أن هذه الإجراءات "انقلبت على الفلسطينيين بدلًا من حمايتهم".
ويقول: "بدلًا من أن تتحمل هذه الأجهزة مسؤولية مكافحة الجريمة، باتت تستهدف الحراكات الوطنية الشعبية وتقمع المظاهرات"، معتبرًا أن بعض السياسيين العرب "يواصلون المقامرة بمستقبل مجتمعنا، في انتهازية واضحة، بينما آخرون يخدمون مشروع الأسرلة، إن لم يكن الصهينة".
ويشدد عمري على أن الحل الحقيقي لمحاربة الجريمة لا يكمن في نشر المزيد من الكاميرات أو تعزيز صلاحيات الشرطة، بل في وجود إرادة سياسية حقيقية لوقف العنف بدلًا من تغذيته، محذرًا من استمرار استغلال الملف الأمني في الداخل الفلسطيني لأغراض سياسية وأمنية تخدم الدولة على حساب المواطنين العرب.
ومن جهته، يقول الناشط السياسي سامي ناشف لـ الجرمق إن رئيس القائمة العربية الموحدة، منصور عباس، "لا يعبر عن صوت المجتمع العربي الفلسطيني، بل يعمل وفق أجندات تملى عليه من الجهات الإسرائيلية". ويرى ناشف أن طرح "قضية توسيع شبكة كاميرات المراقبة في البلدات العربية هو محاولة التفاف على حقيقة أن هذه الإجراءات لا تهدف إلى محاربة الجريمة، بل إلى فرض مزيد من المراقبة والسيطرة".
كاميرات المراقبة موجودة.. لكن الشرطة لا تستخدمها
ويقول ناشف لـ الجرمق: "يحاول منصور عباس إقناعنا بأن الحل لمشكلة الجريمة هو نصب المزيد من كاميرات المراقبة، وكأن هذا المطلب خرج من داخل مجتمعنا العربي. لكن الحقيقة هي أن شوارعنا أصلاً مليئة بالكاميرات، فكل مداخل البلدات العربية مجهزة بها، وإذا فتشت في كل شارع، ستجد أن العديد من المنازل مزودة بكاميرات مراقبة خاصة".
ويضيف: "الشرطة ليست بحاجة إلى مزيد من الكاميرات، بل إلى تغيير نهجها المتقاعس في التعامل مع الجريمة. فهي لا تستخدم هذه الكاميرات إلا في حالات نادرة، وليس لخدمة المواطنين، بل لخدمة الأمن الإسرائيلي".
الشرطة تصادر الكاميرات عندما يخدمها الأمر
ويتابع ناشف: "عندما يتعلق الأمر بحدث أمني، نرى الشرطة تقتحم البيوت وتصادر الكاميرات دون أي إذن، بينما عندما يتعلق الأمر بجريمة قتل أو عنف داخل المجتمع العربي، فإنها لا تكلف نفسها حتى عناء فحص ما إذا كانت هناك كاميرات في المكان".
ويشير ناشف إلى أن "منصور عباس يعلم يقينًا أن هؤلاء المجرمين يعملون لحساب المخابرات الإسرائيلية"، مضيفًا: "هذا ليس مجرد اتهام، بل حقيقة أكدها رئيس أركان الشرطة قبل عدة أعوام، كما يعيد كل من يتولى هذا المنصب تكرار التصريح ذاته".
ويشدد ناشف على أن "المشكلة الحقيقية ليست في نقص الكاميرات، بل في إرادة سياسية واضحة للتغاضي عن الجريمة داخل مجتمعنا العربي، بل وحتى تغذيتها وتوظيفها لأغراض أمنية"، محذرًا من استمرار استغلال قضية العنف لفرض مزيد من المراقبة والقيود على المجتمع العربي الفلسطيني.
كما انتقدت النائب عايدة توما سليمان عن قائمة "الجبهة التغيير" المقترح خلال مقابلة مع راديو الناس، وقالت، "أكّدنا للوزير خلال اللقاء أن هذه اقتراحات شخصية لمنصور عباس ولا نتفق عليها، لأننا نعتقد أن الشرطة لا ينقصها أدوات لمكافحة الجريمة عندما تريد، ولكنها أثبتت عدم تفعيل أدواتها عندما يتعلّق الأمر بالجريمة في المجتمع العربي".
وكان النائب منصور عباس قد اقترح خلال لقاء مع قائد الشرطة الإسرائيلية والوزير المسؤول عدة مقترحات لمحاربة الجريمة خلال مقابلة مع "راديو الناس".
وقال النائب منصور عباس، "كان لي اقتراحات خاصة في 3 قضايا توقف النزيف إذا تم تفعيلها بشكل فوري، الأولى هي تفعيل الأجهزة الإلكترونية للتعقب والتجسس على جماعات الإجرام، وتفعيل آلية الحبس الاحترازي للعناصر المنتمية لجماعات الإجرام في إطار قانوني معين ومضبوط، والأمر الثالث، طالبت باتخاذ قرار بالحكومة بتغطية كاملة للقرى والبلدات العربية بالكاميرات".