أبعد من فكرة انتصار البروبوغاندا الفلسطينية

لو كان السنوار حياً لقلنا أنه وراء إخراج هذه المشاهد التي تحمل رمزية ورسائل من جهة وتفرض واقع على اسرائيل من الجهة الثانية، لكن هذا الاتقان الإخراج والتنفيذ يشي بأن مدرسة الرجل في التوجيه وإدارة المشهد وقراءة العمق الاسرائيلي وتوجيه النقاش السياسي داخل اسرائيل، مستمرة داخل كتائب القسام.
🔶 شعارات فرقة غزة وشعار الاستخبارات العسكرية وشعار الشاباك الى جانب شعارات تعود لوحدات قتالية اسرائيلية تلقت ضربات موجعة في الحرب، تكمن اهمية استعراضها على المنصة التي تصدرتها جملة الصهيونية لن تنتصر، في أن الصورة التي سيتم تصديرها تحمل شعارات من خذل هؤلاء المجندات، وأن الحفلة الأخيرة لن تمر دون التذكير بفشل كل من هذه الوحدات للفلسطيني أولا وما يعنيه ذلك من صناعة وعي ما بعد الطوفان في عقله، وللإسرائيلي ثانيا وما يعنيه كيُّ الوعي الفلسطيني تحديدا في تذكيره أن جيشكم الذي تفخرون به حاضر في وحدات نخبته التي لم تحسم المعركة على الأرض، واليوم نذكركم في أنها لم تحسم معركة البروبوغاندا أيضا ..
نعم تم إلباس المجندات الزي العسكري مقابل استخدام مصطلح " المراقبات" في الاعلام العبري واستبعاد كلمة مجندات، اللباس مكوي ونظيف، المجندات بأحسن حال تم الباسهن أساور وحُلي تحمل علم فلسطين، في إشارة ورسالة مباشرة حول مسألة الإهتمام بهن كنساء أيضا لكن على الطريقة القسامية، مقابل مشهد الاسيرات الفلسطينيات، والاهم في هذين المشهدين هو ان اسرائيل لا تملك ان تقلد القسام ولو رغبت بذلك.
🔶 تم وضعهن أمام شعار ( طوفان الأقصى) حتى يتم تصدير الصورة في أعتى صور الغرب لتقول، ان من حررهن هم رجال الطوفان وليس الجيش الاسرائيلي، وهذا المشهد هو أول ظهور لهن، يعني شاهده نتنياهو وكل اسرائيلي يتابع الحدث وعليه يطغى على كل ما سيأتي بعده من مشاهد، تحديدا لحظة استلامهن من قبل الجيش الاسرائيلي من الصليب الاحمر، يعني الإصرار على الغاء أي إنجاز للجيش الاسرائيلي في مشهد التسليم، يعني تثبيت فكرة ان اطلاق سراح الأسرى تتم بقرار وبطريقة القسام وليس بالطريقة التي اتخذها نتنياهو شعارا طيلة حرب الإبادة وهي " أن الضغط العسكري فقط ما سيعيد الأسرى".. وبالمناسبة المشهد يقول، الطوفان من ورائكم وعلم فلسطين من أمامكم وبهذا رمزية الرمزيات، بأن القرار والمكان والزمان والشكل والتنفيذ كله فلسطيني.
سلاح " التاڤور" المصنع اسرائيليا في أيدي رجال المقاومة لحظة التسليم، والأصعب في هذه الجزئية ان السلاح الاسرائيلي والامريكي الذي تم اعادة تصنيعه من قبل المقاومة واستخدامه في عمليات أزت لمقتل جنود اسرائيليين يستخدم الان للاستعراض امام الكوكب، يعني بسلاحكم تقتلكم المقاومة وبسلاحكم تستعرض المقاومة عملية التسليم، يعني يتم استخدام سلاحكم حسب رغبة المقاومة.
🔶 الاعلام الاسرائيلي الذي تجاهل غزة وحماس وخطابها قدر المستطاع طيلة الحرب، كان اليوم ينقل لحظةً بلحظة كل تصريح ونفسٍ يخرج من غزة، لأن خطاب صاحب السيطرة على اللحظة هو من سينقله ويترجمه الجميع لكل اللغات، لا إحاطة صحافية لهغاري ولا توجيه مكتب رئيس وزراء كان باستطاعته منع الاعلام العبري من نقل المشهد الذي حسب القسام حسابات تصديره واستقراره في الذاكرة جيدا. اعلامكم الذي تجاهل غزة وإبادة اهلها ( الا للتفاخر) طيلة الحرب، ينقل المشهد الأخير اليوم عن الجزيرة.
🔶 اجبار الصليب الأحمر ان يكون جزءًا من مشهد الاستعراض ليس عبثيا، وليس للقول أن المقاومة تقرر فقط، الفكرة هو ود اعتبار للشعب الفلسطيني الغزاوي من هذه المؤسسة، التي كان الغزيون يتواصلون معها لإنقاذهم واجلائهم من مناطق محددة طيلة الحرب وكانوا يواجهون بالتجاهل، وعند تسليم الدفعة الأولى من الاسرى ظهر اعضاء الصليب الاحمر بغاية اللطف والتعاطف مع الاسرى الاسرائيليين.
🔶 التواجد في ساحة فلسطين، وسط شكل من اشكال الاحتفال الشعبي المفتوح للناس هو ترميم للنفوس المتعبة المكلومة والمظلومة التي قدمت وضحت وذاقت الويلات.
لا شك ان هذه المشاهد تثير نقاشا حادا داخل المجتمع الاسرائيلي، احدى المخرجات الشهيرات تغنت بالمشهد ووصفته ب " هكذا يتم إخراج مشهد الانتصار المطلق" وأحد المعقبين تساءل: "من اين يوجد لحماس مطبعة لطباعة اللافتات على المنصة، ألم يدمر الجيش كل شيء؟! "
وهذا يجعلنا نطرح السؤال حول كيفية إخراج حماس سياسيا ورمزيا مشهد اطلاق سراح الجنود الاسرائيليين ذي الرتب العالية، او مشهد التوابيت للأسرى الاسرائيليين الأموات؟
لا نعلم لكنها لن تتردد في اثارة النقاش وزيادة انقسام الخطاب الداخلي الاسرائيلي والمساهمة بتكثيف الاتهام رسميا وشعبيا لحكومة نتنياهو التي ساهمت بموت هؤلاء الاسرى من خلال خوضها حربا سياسية ضد مواطنيها أيضا ..