منع رفع العلم الفلسطيني..قانون قديم يعود من جديد..ما تبعاته؟

من المقرر أن تناقش اللجنة الوزارية للتشريع يوم الأحد المقبل مشروع قانون يحظر رفع أعلام دول "معادية" بما في ذلك العلم الفلسطيني في المؤسسات الممولة حكوميا في "إسرائيل" وفق ما أفادت هيئة البث الإسرائيلية "كان"
ويطرح مشروع القانون عضو الكنيست الإسرائيلي نسيم فاتوري من حزب الليكود، حيث بموجبه يمكن "للسلطات تفريق أي تجمع يرفع فيه مثل هذه الأعلام، وفرض عقوبة بالسجن لمدة تصل إلى عام واحد، بالإضافة إلى غرامة لا تقل عن 10,000 شيكل".
ويهدف القانون إلى "منع الطلاب العرب من رفع الأعلام الفلسطينية خلال الاحتجاجات في المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية الممولة من الدولة، في المناسبات الوطنية" بحسب القناة..
ووفقا لـ قناة "كان" فإنه من بين الهيئات التي تمولها "الدولة" في موازنتها، الجامعات الإسرائيلية، التي ينظم فيها الطلبة الفلسطينيون احتجاجات تتضمن رفع العلم الفلسطيني.
العلم لم يسقط تاريخيا
ويقول الكاتب والمحلل السياسي أمير مخول، "كل قانون من الممكن أن يمر في هذه الحكومة، لا يوجد رادع، ولكن هذا القانون مطبق دون قانون فعليا، تحت حجة أن رفعه ’مس بالأمن العام’، والعلم الفلسطيني سمح برفعه بعد اتفاق أوسلو كعلم ليس معادي، وليس كعلم منظمة التحرير وإنما علم فلسطين، كدولة معها علاقات كاتفاق أوسلو، لاحقا كان يُمنع من قبل إسرائيل بحجة المس بالأمن العام وفقا لاعتبارات الشرطة الإسرائيلية والآن يريدون تحويل ذلك لقانون، أي اعتبار السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير منظمات معادية، واعتبار فلسطين ككيان معادي رغم وجود اتفاقية تعاقد، وهذا الجديد بالقانون بأبعاده، كنوع من نسف ما تبقى من اتفاقية أوسلو أو ما تتمسك به إسرائيل".
ويتابع للجرمق، "العلم الفلسطيني لم يسقط يوما، فالعلم يُرفع حتى حين كان يُحظر وبعد أن مُنع وفي كل مظاهرة أن اعتقالات تتم بعد رفع العلم الفلسطيني وبعد قمع التظاهرات، سواء في حيفا وأم الفحم والنقب وفي الناصرة، دون حساب لهذا الموضوع، فهناك تحدي كبير جدا، لا يوجد قانون دولي يمنع رفع علم معين خاصة أنه من المفروض أن تكون هناك دولة فلسطينية، وشرعية إسرائيل دوليا مأخوذة من شرعية حل الدولتين في قرار تقسيم، وهناك حق لرفع العلم الفلسطيني في هذه الحالة، وهو ما يُمنع".
ويضيف، "قد يتم تطبيق القانون، ولكن من الصعب رؤية مواقف التراجع عن رفع العلم، ولكن إذا نُفذ القانون، فسيتم استخدامه في دول أخرى، مثلا في دول أوروبية نرى أن القوانين كالألمانية وغيرها تمنع نقد إسرائيل وتعتبرها لا سامية بمفهومها التشويهي، يمكن أن تتعامل بعض الدول مع العلم الفلسطيني كنوع من نزع شرعية إسرائيل وأن رفعه معاداة للسامية وهذا ممكن عندما يتم استخدامه في الحالة الشعبوبية في العالم".
ويردف، "في نهاية المطاف، لا يمكن إسقاط العلم الفلسطيني فهذا ليس شعار وإنما هذا واقع ومسار طويل من المواجهة في موضوع العلم بسبب رمزيته".
تحدي رفع العلم الفلسطيني تاريخيا
ويقول مخول للجرمق، "العلم الفلسطيني لم يكن يوما علم منظمة التحرير وحده وإنما علم فلسطين، كفلسطين وكدولة وشعب وكيان وبلد، وهو مشتقا من ألوان العلم العربي، وتاريخيا إسرائيل ترى أن قيام دولة فلسطينية أنه شيء معادي، وفي بعض الأحيان كان إسرائيل أشد من أحيان أخرى ولكن بالمجمل لغاية عقد اتفاق أوسلو مُنع رفع العلم الفلسطيني داخل الخط الأخضر وفي أحيان أخرى حاولت الشرطة منعه في القدس، وكل ذلك لم يسرِ فعليا، وكان يُرفع في السبعينيات والثمانينيات يُرفع، وهناك من تحدى ورفعه".
ويتابع، "رغم الحظر قبل اتفاق أوسلو، كان هناك تحدي وكان الفلسطينيون يرفعون العلم الفلسطيني، ولكن الظروف كانت أسهل مما عليه اليوم، فاليوم، المسعى هو أن تتحول الدولة في تعاملها مع الفلسطينيين إلى ميليشيا وكل ضابط شرطة له الصلاحية للدخول إلى أي بيت بحسب القانون ويعتقل ويُفتش لاعتباراته هو وليس لاعتبارات أن يأخذ إذنا من المحكمة وهذا قانون سابق يأتي في سياق سلسلة من القوانين التي تجعل كل الوجود الفلسطيني غير شرعي أو مشكوك به في داخل ’إسرائيل’ ويجعل كل فعل سياسي فلسطيني غير شرعي".
تبعات المصادقة على القانون
ويقول المحلل السياسي أمير مخول، "في حال صودق على القانون من الممكن أن يقولوا في أي لحظة أن هذا الحزب أو ذاك رفع العلم الفلسطيني ولا يحق له خوض انتخابات الكنيست وهذا الإنسان رفع العلم الفلسطيني ولا يمكنه الترشح للمجلس المحلي، والآن هناك سلسلة قوانين إبعاد العائلات والتماهي مع الإرهاب وهذه كلها قوانين إرهابية في نهاية المطاف ’إرهاب دولة’".
ويضيف، "المسألة أبعد من قانون واحد، فهي ذهنية حاكمة وذهنية كل يوم تُطوّر أدوات مماشى مع عقيدتها القمعية، عقيدة الحسم مع الفلسطينيين للتخلص منهم سياسيا ووجوديا كما يحدث في النقب حاليا ناهيك عن غزة والضفة، وأيضا بالمفهوم السياسي، فالقانون قد لا يظهر أثره مباشرة لكنه يعطي أدوات لنزع شرعية أي صوت سياسي فلسطيني برلمانيا وسياسيا"
ويردف للجرمق، "الأمور تذهب بالاتجاه الصدامي مع الشعب الفلسطيني والآن إسرائيل تعد العدة لخطة الضم وإذا نجحت بها، وهذا ليس مفروغا منه، فهي تريد لها كل الأدوات لذلك ولتغيير وضعية الفلسطينيين ككل بما فيه الفلسطينيين في الداخل وتحويلهم إلى مقيميين أقرب منه إلى مواطنين لنزع حقهم في الاشتراك في أي مشاركة سياسية".
العلم الفلسطيني في الجامعات الإسرائيلية
في الجامعات الإسرائيلية، يُحيي الطلبة الفلسطينيون المناسبات الوطنية وتحديدا ذكرى النكبة التي يُرفع بها العلم الفلسطيني.
وفي عام 2022، توترت الأجواء في الجامعات الإسرائيلية وتحديدا جامعتي "تل أبيب" وبئر السبع وذلك بعد اغتيال الصحافية شيرين أبو عاقلة في أيار 2022 أي قبيل أيام فقط من إحياء ذكرى النكبة، حيث رفع الطلبة الفلسطينيون أعلام فلسطين احتجاجات على الاغتيال وإحياء لذكرى النكبة، لتتوالى بعدها مشاريع القوانين التي تُجرم العلم الفلسطيني، فكيف سيواجه الطلبة القانون الجديد؟
ويقول أمير مخول للجرمق، "هذا الوضع منوط بالحركة الطلابية، وهذا يعني قانونيا أن الشرطة ستدخل للجامعات وتقمع الطلاب العرب، ولكن الجامعات تُشكل المساحة الأكثر كثافة للوجود الفلسطيني، أي المساحة الأكثر كثافة إسرائيليا للوجود الفلسطيني، فجامعة حيفا نصف طلابها عرب فلسطينيين، وحوالي 40% من طلبة معهد التخنيون هو عرب، والجامعة العبرية في القدس وجامعة تل أبيب وجامعة بئر السبع، كلها فيها حضور طلابي عربي فلسطيني قوي جدا".
ويتابع، "أعتقد أن هناك نفسية تحدي عند الطلاب لهذه القوانين، فنفسيتهم لا تكترث للقوانين القمعية والحركة الطلابية مستعدة أن تدفع الثمن، قد تحدث مواجهات، وأيضا هذا منوط بإدارة الجامعات فهل ستسدعي الجامعات الشرطة لمنع رفع العلم أم ستقوم الشرطة لاحقا باعتقال من رفع العلم، أم ستكون هناك مواجهات دموية بعد رفعه"
ويردف، "إرادة الطلاب العرب معروفة وهي معطى أنهم لن يتنازلوا عن الفعل الرمزي الهوياتي الأسياسي المهم جدا في حياتهم الطلابية، السؤال كيف ستتعامل الجامعات ومنظمات الطلاب العامة التي في معظمها عنصرية، وأيضا الشرطة الإسرائيلية، كلهم عادة يلتقون في موقف واحد ضد الطلبة العرب، والحملة على الطلاب العرب في الجامعات لم تنتظر العلم الفلسطيني وإنما قاموا بعملية تصيّد للطلاب من خلال مواقع التواصل الاجتماعي لطرهم من الجامعات".
ويختم، "ما يحمي الطلاب العرب هو موقفهم الوحدوي الكفاحي واستغلال وزنهم الكمي والنوعي معا".