هل "إسرائيل" في "مأزق دولي" بسبب الحرب على غزة ولبنان؟

وجه الرئيس الفرنسية إيمانويل ماكرون "انتقادا" لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قائلًا، "على نتنياهو ألا ينسى أن بلاده تأسست بقرار أممي، وبالتالي لا يحق له تجاهل قرارات الأمم المتحدة"، داعيا إلى وقف صادرات الأسلحة المستخدمة في قطاع غزة ولبنان، ويأتي ذلك بالتزامن مع تقديم نواب بريطانيين مقترحا لمجلس العموم البريطاني لفرض حظر أسلحة على "إسرائيل"، فهل تُشير هذه التصريحات لوجود أزمة بين فرنسا وبريطانيا من جهة و"إسرائيل" من جهة أخرى؟
ويقول الباحث والمحلل السياسي أنطوان شلحت للجرمق، "مصطلح مأزق يمكن أن يكون مبالغ به، هناك أزمة مع إسرائيل، بسبب استمرار الحرب مدة طويلة أولا، وثانيا بسبب اتساع نطاقها، وثالثا بسبب الممارسات التي تتم في إطارها والتي تندرج في إطار ما تعرّفه الوقائق الدولية إبادة جماعية وتدمير شامل، فهذا يخلق أزمة لإسرائيل، ولكن السؤال إن كانت هذه الأزمة ستتطور إلى درجة ممارسة ضغط حقيقي على إسرائيل لوقف الحرب، أهمية ما يصدر ما يصدر من الدول الغربية هو يصدر من دول إسرائيل تأخذها بعين الاعتبار".
ويتابع للجرمق، "من الواضح أن إسرائيل مستمرة في الحرب لأنها تحظى بدعم من العالم وبدعم الدولة الأقوى وهي الولايات المتحدة، صعب أن نفهم استمرار الحرب وقسوتها ووحشيتها دون أن نفهم أنها تحظى بدعم شبه مطلق من الولايات المتحدة، دون هذا الدعم من غير الممكن أن تستمر الحرب".
ويقول، "هذا الدعم ليس فقط دعم سياسي ودبلوماسي وتقديم غطاء دولي للحرب وإنما هو دعم لوجستي، بالأسلحة والذخيرة، معروف أن تقريبا 70% من الأسلحة التي تمتلكها إسرائيل تزودها بها الولايات المتحدة وتقريبا 28% تزودها بها ألمانية والباقي تزودها بها دول غربية، وبالتالي مواقف هذه الدول إذا ما أبدت تحفظات على السلوك الإسرائيلي تكون مواقف مهمة لأن هذه الدول هي الداعم والسند الرئيسي لإسرائيل".
ويردف، "بالنسبة لفرنسا وبريطانيا، هناك بث على موجات مغايرة من الموجات التي تبث عليها الولايات المتحدة حتى الآن، صحيح أنها أحيانا تبدي تحفظات على بعض الممارسات الإسرائيلية ولكن بموازاة ذلك تؤكد مرارا أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، من ناحية تتحفظ على بعض الممارسات ولكن من ناحية أخرى تعلن بصريح العبارة أنها ما زالت تمنح الضوء الأخضر لإسرائيل للاستمرار بحربها".
ويضيف، "أعتقد أن وجود مثل هذه المواقف في دول مثل فرنسا وبريطانيا أن يصير إلى اتساع خصوصا في الدولة الأوروبية خصوصا، في حال اتساع اتساع الحركات والمواقف السياسي من الممكن أن يؤثر على إسرائيل، ولكن ما هو صحيح حتى الآن هو أنه بالرغم من هذه الأزمات وهي توصف ببعض التحليلات الإسرائيلية أنها أزمة غير مسبوقة، وإسرائيل تقريبا تعاني من عزلة دولية بسبب حربها وبالرغم من ذلك هي لا تؤدي لوقف الحرب لأن إسرائيل ما تهتم به بشكل رئيسي الموقف الأمريكي والولايات المتحدة لا تزال مؤيدة للحرب لأسبابها الخاصة".
ويوضح أن "الموقف الفرنسي مغاير لما كان عليه حتى الآن، ويجب أن نقرأ ذلك أن إسرائيل تخوض حربا ضد لبنان وفرنسا تعنيها لبنان مثل ما تعنيها نفسها، وتعتبر لبنان دولة تحت رعايتها ولذلك هذا التشديد وهذا التغيير الحاصل بالموقف الفرنسي مرتبط بالحرب الإسرائيلية التي تخوضها ضد لبنان سواء من خلال القصف الجوي أو من خلال عملية التوغل البرية".
مهاجمة الأمم المتحدة
ولا يقتصر الانتقاد لـ "إسرائيل" على دول مثل فرنسا وبريطانيا، حيث ينتقد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرتش نتنياهو عبر تصريحات له وذلك بعدما دعا الأخير غوتيرتش إلى سحب قوات حفظ السلام المؤقتة من جنوب لبنان، مدعيا أن رفضه القيام بذلك يجعلهم ر"هائن" بيد حزب الله بهدف لتوفير درع بشري" لمقاتلي الحزب.
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، من أن أي هجمات على قوات حفظ السلام الدولية (يونيفيل) "قد تشكل جريمة حرب"، وذلك بعد أن اقتحمت دبابتان إسرائيليتان بوابات قاعدة لقوات حفظ السلام جنوب لبنان.
ويقول شلحت للجرمق، "إسرائيل تهاجم كل الوقت الأمم المتحدة، ومعروفة الجملة التي ترددها إسرائيل أن الأمم المتحدة صفر حافظ منزلة وهكذا تعتقد إسرائيل وتتكرر هذه الجملة على لسان العديد من المسؤولين الإسرائيليين بما في ذلك، مندوب إسرائيل الدائم في الأمم المتحدة، والمندوب السابق طالب أنه بعد انتهاء الحرب يجب أن تقفل هذه المنظمة الدولية أبوابها، ويجب الاستغناء عنها".
ويردف، "السردية الإسرائيلية بما يتعلق بجنوب لبنان تنظر لقوات حفظ السلام في الأمم المتحدة المؤقتة الموجودة في جنوب لبنان بناء على قرار مجلس الأمن 1701 تعتبرها كنز لحزب الله، ولذلك كان هناك طلب من إسرائيل لقوات الأمم المتحدة للتراجع إلى ما بعد الليطاني، وهي تتعرض للأذى بنيران إسرائيلية".
ويقول للجرمق، "إسرائيل تشعر الآن بفائض من القوة بحربها ضد لبنان خصوصا أنها تحقق فيها بعض الإنجازات التكتيكية وهذا ما يفسر هذا الهجوم من الحكومة الإسرائيلية ومن نتنياهو شخصيا على كل العالم وعلى هذه المنظمة الدولية خصوصا أن الواقع السياسي القائم حاليا ربما الضغط الوحيد الذي يمارس حاليا هو من جانب الأمم المتحدة ومؤسساتها كالمحاكم الدولية مثل العدل والجنائية الدولية، وهذا ما يفسر الهجوم غير المسبوق على الأمم المتحدة وهذا يستند لتاريخ طويل من الهجوم الإسرائيلي على الأمم المتحدة".