تصعيد لم تشهده المنطقة بين حزب الله و"إسرائيل" منذ 2006..هل يتعمق أكثر؟
دوّت صافرات الإن

دوّت صافرات الإنذار منذ صباح أمس الإثنين وحتى صباح اليوم الثلاثاء في مناطق إسرائيلية جديدة لم يستهدفها حزب الله اللبناني منذ بداية الحرب في 8 من أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث دوت صافرات الإنذار في نهاية والعفولة وخليج حيفا وعكا وحيفا وطبريا ومركز الجليل والجليل الأعلى.
وأعلن حزب الله أنه استهدف وللمرة الثالثة، فجر الثلاثاء، مطار مجيدو العسكري غرب العفولة، وقاعدة ومطار "رامات دافيد" بصلية من صواريخ "فادي 2، وكذلك استهداف القاعدة العسكرية "عاموس" بصلية من صواريخ "فادي 1"، وكذلك استهداف مصنع المواد المتفجرة في منطقة "زخرون يعقوب" التي تبعد عن الحدود 60 كلم.
وكان الجيش الإسرائيلي قد بدأ أمس الإثنين بشن غارات على مناطق واسعة من جنوب لبنان وصولا للبقاع حيث ارتقى نحو 500 شهيد وأصيب ما يزيد عن 1600 جريح.
ويُعد هذا التصعيد بالقصف بين "إسرائيل" وحزب الله الأول منذ 20 عاما، حيث استهدف حزب الله مناطق إسرائيلية لم يقصفها منذ عام 2006.
ويقول المحلل السياسي والكاتب أمير مخول للجرمق، "هذا الوضع سيرافقنا ليس ليوم أو يومين وينتهي، واضح بدأنا مرحلة جديدة من المواجهة، سوف تشهد تصعيدا أكثر مما تبدو عليه اليوم، ولكن رغم التصعيد الرهيب، إلا أن الوضع ضمن الضبط ما دام لا يوجد هناك حتى الآن مسعى لاجتياح بري أو احتلال أو تغيير للخارطة السياسية أو الجغرافية أو الاستراتيجية".
ويتابع للجرمق، "لا شك أن كل الوضع هذا هو مقدمة لما هو أصعب وأكثر تصعيدا بالمفهوم الحربي وأكثر إيلاما من كل طرف للآخر، لا أدري كيف سيكون الرد، واضح أن هناك سيطرة على ضبط الرد من كل طرف وهذه اضحة المعالم، كل طرف يحاول أن يؤذي الطرف الآخر بالخاصرة الرخوة، في الأمس شاهدنا مئات المدنيين قتلوا بلبنان وهذا تحول كبير يهدد الدولة اللبنانية ولا يمكن حصر المواجهة على إعادة سكان الشمال كما قال نتنياهو وإنما هذا مسعى لتغيير وجه الشرق الأوسط وهذا التغيير سعي إسرائيلي لتفكيك وحدة الساحات وضرب الساحات كلها ومنع طوق النار الذي تتحدث عنه إسرائيل، وأيضا هذا نوع من تقويض حزب الله، عن طريق التفجيرات والاغتيالات هذا مسعى تقويضي متكامل الأركان".
ويردف للجرمق، "الذي سيأتي في المستقبل، هو نتاج ما يحصل الآن، هل يعود الردع كيفما كان أم ستتغير المعادلة؟ وعندما تتغير ستتغير اتجاهات الحرب، وما الذي ستقوم به إسرائيل حينها وما الذي سيقوم به الحزب؟".
ويتابع، "بتقديري نحن في بداية معركة بعيدة جدا عن الحسم، المميز أنه حين يعلو صوت المدافع بالشمال يخفت صوت غزة وهذا خطير وإسرائيل تحاول إزاحة الأنظار تماما عن غزة، وحزب الله يقول إن البوصلة غزة".
ويردف، "حتى أهالي عائلات المحتجزين في غزة، الأسرى، يقولون إن البوصلة هي غزة، ولكن نتنياهو هو في الوضع الأفضل له سياسيا وعسكريا الآن لأن إسرائيل هي التي تقصف وهي المتفوقة بأدوات تفوقها وهو سلاح الطيران",
ويقول، "ما نشاهده الآن هو فقط إثبات قدرات كي يتم الردع من خلاله، قد تذهب إسرائيل باتجاه صفقة مع غزة لتخفيف حدة التوتر في لبنان في حال رأت أنها غير قادرة تحقق أهدافها، ولكن بدون شك هو مسعى لتغيير مجمل الوضع بالعالم العربي بما فيه لبنان واليمن وسوريا والعراق وأيضا الحدود الفلسطينية الأردنية التي تسيطر عليها إسرائيل".
ويضيف، "هذا كله يأتي ضمن المخطط الكبير، لا ننظر فقط لجزء معين من الخطة ونحلل بمعزل عن باقي المعطيات، يبدو أن الحرب متواصلة، وهذه ليست حرب نتنياهو وإنما حرب الإجماع القومي الصهيوني، الكل يؤيدها، هناك بعض المعارضة بالجمهور ولكن غالبية المجتمع الإسرائيلي تؤيدها حتى من يؤيدون الصفقة يؤيدونها، لذلك الأمور تذهب إلى التعقيد، كما أن قواعد الاشتباك اختلفت، المستهدف هو حزب الله من داخله بكل قياداته، والسؤال ماذا يستطيع أن يُغيّر القصف، هل هل يحقق القصف الجوي ما تريده إسرائيل، وهو دق الأسافين داخل لبنان وتحويل الصراع إلى صراع داخلي في لبنان، هل تعيد السكان الإسرائيليين إلى الشمال؟".
ويتابع، "أعتقد أن هذه معركة طويلة الأمد وصعبة وحتى الآن لا تزال إسرائيل تعيش النشوة ولكن بعد النشوة يأتي القلق وتأتي الأسئلة الصعبة وماذا حققت الحرب، يبدو أنها لا تستطيع أن تحقق أي شيء، إلا أن تعود للمفاوضات والحل الدبلوماسي على أساس صفقة في غزة".
هل يدخل الجيش الإسرائيلي بريا للبنان؟
ويقول مخول للجرمق، "واضح أنه خلال عام من الحرب على غزة هناك استعداد في الذهنية الإسرائيلية للدخول البري، ولكن هذا يقاس بالثمن، في نهاية المطاف هل تستطيع إسرائيل تحقيق أهدافها أم لا، الاجتياح البري هو الخيار الأخير بالنسبة لإسرائيل لأنها تتخوف منه جدا وهو ما يقلقها هذه هي نقطة الضعف لديها ونقطة قوة الطرف الآخر حسب تحليل إسرائيل نفسها".
ويتابع، "الاجتياح البري قد يكون الاجتياح الأخير في حال قدرت إسرائيل أن الوضع يسمح لها بذلك ولكن حاليا لا يزال الاجتياح البري مستبعدا، إلا إذا قررت حكومة نتنياهو المقامرة على هذا الأمر وأنا أستبعد حقيقة أن يكون الحل هو الدخول البري للجنوب، رغم أن الأمور قد تتدرج إليه، قد يقع تطور ميداني معين يدفع بهذا الاتجاه لكن حاليا تبدو الأمور بهذا المستوى".
وفي سياق تصعيد القصف بين "إسرائيل" وحزب الله، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن، "اغتيال إسرائيل لإسماعيل هنية في طهران لن يبقى دون رد وردنا قادم"، فهل ترد إيران على اغتيال هنية خلال جولة التصعيد بين "إسرائيل" وحزب الله؟
ويقول أمير مخول للجرمق، "إيران بشكل واضح وحازم لا تريد حربا إقليمية ولا تريد حربا مع إسرائيل ولا مع الولايات المتحدة وإيران هي دولة عظمى إقليمية تحاول أن تبني قدراتها وسياساتها واقتصادها ولذلك الأمور لا تندرج ضمن تقديرات كما لو كان هناك تنظيم يحارب، الدول تختلف تماما، لبنان لا تريد أن تدخل بحرب رغم انها مستهدفة الآن كلها، وإيران مستهدفة طبعا، والمستهدف الآن مشروع إقليمي كما تقدره إسرائيل، إسرائيل بالنسبة لها لا يوجد شعب فلسطيني ولا حركة تحرر وطني فلسطيني وإنما مشروع إيراني، إذا كان بالضفة هبة شعبية تقول مشروع إيراني، إذا كان هناك تهريب واتجار بالبشر والأسلحة عبر الحدود الأردنية تقول إيران وراءه، هذا مسعى متكامل إسرائيليا لشطب مفهوم العدالة بالقضية الفلسطينية والحق الفلسطيني وجعل الصراع بين الدولتين وكأن إيران معتدية على إسرائيل".
ويردف، "سياسات إيران الخارجية مسالمة تجاه السعودية والإمارات وقامت بخطوات معينة لتخفيف التوترات مع أذربيجان في منطقتها، فهي غير معنية بصراع لأسبابها الداخلية الاستراتيجية هي غير معينة بحرب مع إسرائيل وتقول بشكل صريح ذلك".
أما الرد على اغتيال هنية فيقول مخول للجرمق، "إيران وضعت معيارا في 14 من نيسان الماضي، حول الاعتداء على سيادتها، وأن هذا سيتم الرد عليه ولكن تحولت الأمور بعد ذلك لـ تهديدات من قبل الولايات المتحدة وأصبحت الأوضاع تتأزم وإيران لا تريد أن تدخل بحرب مع الولايات المتحدة، لأن الدول تحسب أكثر، ليس بالمبادئ وإنما بالمصالح وموازين القوى والأهداف الاستراتيجية أولوية".