كيف فرضت "إسرائيل" الحكم العسكري على الفلسطينيين بأراضي48 بعد النكبة؟

عانى الفلسطينيون الذين بقوا في أراضيهم بعد النكبة عام 1948 من الحكم العسكري الإسرائيلية، حيث تعاملت السلطات الإسرائيلية مع الفلسطينيين آنذاك على أنهم "طابور خامس"، وبموجب ذلك كانت السلطات الإسرائيلية تفرض قيود على حرية التنقل والحركة والعمل السياسي وغيرها الكثير. وكانت تلك القوانين هي ذاتها قوانين الانتداب البريطاني.
ما هو "الحكم العسكري"..
وفي هذا السياق يشرح القيادي ورئيس لجنة الحريات التابعة للجنة المتابعة العليا للجماهير العربية الشيخ كمال خطيب ذلك بالقول: "أنا تحدثت عن الحكم العسكري مؤخرًا في خطبة الجمعة، وتحدثت عن ذكرى النكبة وامتدادتها على مدى 75 عامًا وقلت ما بدأ به الاحتلال الإسرائيلي عام 1948 بفرض الحكم العسكري على أهلنا حتى عام 1965 هو الآن يمارسه عبر تشكيل عصابات ما تسمى الحرس الوطني التي يقوم عليها بن غفير".
ويتابع في حديثٍ خاص مع الجرمق، "الحكم العسكري سمعت عنه من والدي وكنت حينما عشناه طفل، وواضح أن معاني الحكم العسكري تتجلى بمحاولات خنق أي تحرك عند أبناء شعبنا دون أن يكون للمؤسسة الإسرائيلية أصابع خلف هذا التحرك".
ويضيف موضحًا معنى ذلك، "إسرائيل بدأت خلال فترة الحكم العسكري بالتضييق على الفلسطينيين وسرقة أراضيهم والتضييق حتى على قطعان الماشية، وإذا أراد شخص أن يخرج للعمل لم يكن ليسمح له أن يخرج من قريته للعمل في المدن اليهودية بعد سلبهم مصادر رزقهم، وذلك كان لا يمكن أن يحصل دون موافقة الحاكم العسكري".
ويردف، "الخروج إلى العمل مثلًا من كفركنا إلى طبريا لا يمكن أن يكون إلا بإذن أو ورقة رسمية من الحاكم العسكري، وهنا كان يدخل دور الابتزاز لمشاريع الإسقاط، بمعنى محاولة أن يكون الثمن للخروج إلى العمل لطلب الرزق عبر إذن الحاكم العسكري وهذا كان يشكل عبء على أصحاب النفوس الضعيفة أو الظروف الصعبة".
ويقول خطيب في حديثه مع الجرمق: "الطلاب والتعليم، الخروج إلى التعليم والوصول إلى المدارس التي كانت محدودة للعرب كان منوط بموافقة الحاكم العسكري، أيضًا تعيين المدراء والمعلمين كان لا يمكن أن يتم إلا بموافقة الشاباك، وطبعًا خلفه الحاكم العسكري".
ويؤكد خطيب على أن كل ذلك كان يشكل عبء على أبناء الشعب الفلسطيني بأراضي48، مضيفًا، "كل ذلك كان هدفه تشويه الهوية من خلال طمس الهوية الفلسطينية، زيادة على ذلك مناهج التعليم التي كانت لا يمكن أن تخرج إلا عبر أقلام المستشرفين أو رجال المخابرات الذين يريدون أن يوصلوا رسائل إلى شعبنا عبر تلك المناهج".
ويتابع، "هذا الأمر استمر حتى عام 1965 ولا شك أنه كان يمثل مرحلة صعبة من المراحل التي مر بها شعبنا بسبب أنها المرحلة التي كانت تتشكل فيها بعض مراحل النهضة الوطنية وأُريد لها ألا تستمر كما حدث في حركة الأرض التي تم إخراجها عن القانون الإسرائيلي".
"حكم جائر"..
ويقول الفلسطيني عدنان عبد الهادي وهو فلسطيني عاش فترة النكبة والحكم العسكري في حديثٍ خاص مع الجرمق: "هجرنا من أراضينا في برج بن عامر وقريتنا اللجون، ورحلنا بالقوة إلى أم الفحم، وفي عام 1949 دخلوا أم الفحم، وتم التوقيع على اتفاقية على أساسها لا يمكن منع أي فلسطيني من أم الفحم والمنطقة من الدخول إلى أراضيه، وذلك يعني أن المنطقة لا تخضع للحكم العسكري الإسرائيلي".
ويتابع، "تفاجئنا عام 1949 أنهم دخلوا إلى أم الفحم وجمعوا السلاح الذين كان موجود حينها، وفرضوا الحكم العسكري على المنطقة، ومنعوا الخروج من أم الفحم، ومنعوا التجول بشكل دائم منذ ساعات المغرب وحتى ساعات الفجر أو ما بعد الفجر بقليل".
ويصف عبد الهادي الحكم العسكري على أنه حكم جائر جدًا، مضيفًا، "الحكم العسكري فرض علينا بالقوة، وكانت القيود جائرة وظالمة، حتى من يريد أن يذهب إلى الطبيب، كان لا بد أن يحصل على تصريح بعد ساعات من طلبه، وبصعوبة قد يحصل عليه".
ويردف، "بالنسبة للعمال لم يكن يسمح لهم الخروج من البلد واستمر ذلك حتى عام 1957، حينما أدخلوا مكاتب لإصدار تصاريح من الحاكم العسكري، فكان يتوجه العامل إلى تلك المكاتب وقد يسمح له الحاكم العسكري بالخروج للعمل وقد لا يسمح".
ويضيف، "بالفعل كانت الناس تخشى الخروج للعمل في البلدات اليهودية، في الستينات سمحوا للناس بالخروج عبر تصاريح، للعمل في المدة الإسرائيلية في تل أبيب والمدن القريبة، والناس في بداية الستينيات تركوا أراضيهم للبحث عن لقمة العيش".
ويقول عبد الهادي في حديثه لـ الجرمق: "في السبعينات الناس انتبهت لأراضيها وبدأوا يعودون إلى أراضيهم ويقومون بزراعتها وحرثها والاهتمام بها، الحكم العسكري استمر حتى عام 1966، نحن ناضلنا ضد سياسة الحكم العسكري والكثير من أبناء أم الفحم والوسط العربي دخلوا إلى السجن لأنهم دافعوا عن قضايا شعبهم".