عقوبات أمريكية على كتيبة في جيش الاحتلال..هل هي خطوة رمزية أم لها تبعاتها؟


  • الثلاثاء 23 أبريل ,2024
عقوبات أمريكية على كتيبة في جيش الاحتلال..هل هي خطوة رمزية أم لها تبعاتها؟
بلينكن&غالانت

يعتزم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الإعلان عن العقوبات على كتيبة "نيتساح يهودا" خلال الأيام المقبلة، وسيتم بموجب هذا القرار اتخاذ خطوات ضد هذه الكتيبة في جيش الاحتلال بسبب أنشطتها في الضفة الغربية.

ويقول محللون سياسيون للجرمق إنه على الرغم من أن خطوة الولايات المتحدة الأمريكية بوضع عقوبات على وحدة في الجيش الإسرائيلي خطوة غير مسبوقة وجديدة سياسيًا إلا أنها تأتي أيضًا في ظل استمرار الدعم الأمريكي العسكري بالميزانيات وغيرها لجيش الاحتلال، مؤكدين على أن هذه الخطوة لن تؤثر بتاتا على العلاقات الأمريكية الإسرائيلية القوية.

خطوة رمزية ولكن لها "أبعادها"

ويقول الكاتب والمحلل السياسي أمير مخول للجرمق، "هذه العقوبات خطوة مهمة ومفاجئة تأتي بها الولايات المتحدة الأمريكية، وبالطبع لها أبعادها ولكن أبعادها ليست بمفهوم أن الوحدة ستُعزل من الجيش الإسرائيلي، فالدولة تستطيع أن تجد لها بدائل من حيث التدريب والتمويل، ولكن أهمية خطوة العقوبات أنه للمرة الأولى تتخذ الولايات المتحدة الأمريكية خطوات ضد منظومة أو هيئة معينة، فهي قد اتخذت سابقا إجراءات ضد مستوطنين ولكن الآن تأخذ خطوات ضد منظومة وهذا جديد سياسيًا وقد يحفز دول أخرى أن تذهب بهذا الاتجاه".

ويتابع مخول للجرمق، "دول أوروبا إجمالًا تفتش عن ضوء أخضر أمريكي لتأخذ خطوات كهذه، فكما حدث مع مستوطنين عاقبتهم الولايات المتحدة الأمريكية، أوروبا عاقبت العشرات منهم".

ويستدرك مخول قائلًا، "هذه العقوبات أقل بكثير من اللازم، فهي جاءت باعتبار أن ما تقوم به هذه الوحدة انتهاك لحقوق الإنسان الفلسطيني، ولكن هل الاحتلال ليس انتهاكًا؟ وهل ممارساته ليست انتهاكا؟ وهل الاستيطان ليس انتهاكًا؟..كل هذه انتهاكات لا تعترف بها الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن مع كل التحفظات إلا أنه لا بأس بعقاب هذه الوحدة من قبل أميركا".

ومن جهته، يقول المحاضر في العلوم السياسية سليم بريك للجرمق، "نحن نتحدث عن وحدة متشددة وقسم من أعمالها هي إعمال إرهابية ضد الفلسطينيين في المناطق المحتلة ولكن الفرق أن هذه الوحدة تابعة للصهيونية الدينية أي لبن غفير وسموتريتش والشيء المهم عمليًا أنها قسم من الجيش الإسرائيلي وليست قسم من منظمات إرهابية وبالتالي يجب أن تكون خاضعة للجيش ولكنها تقوم بأعمال إجرامية  ضد الفلسطينيين وآخرها ما حدث عام 2022 مع مسن فلسطيني قامت هذه الوحدة برميه بجانب الطريق ومات بعد الاعتداء عليه وربطه".

ويتابع بريك، ما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية خطوة غير مسبوقة لأنها ليست ضد جهات معينة متطرفة وإنما ضد وحدة في قلب الجيش وهذا أمر مهم، ولكن السؤال لماذا لم يعالج الجيش ’تجاوزات’ الوحدة".

ويضيف للجرمق، "باعتقادي أن العقوبات ستستمر ضد الوحدة، في إشارة للجيش والحكومة أنه من الآن فصاعدًا نحن ندرس ونراقب ماذا يحدث في الضفة الغربية، ولو كان المقصود قسم من الجيش وليس مجرد أشخاص أو مستوطنين".

ويشير للجرمق إلى أن رسالة الولايات المتحدة الأمريكية لـ "إسرائيل"، "بسيطة وهي رسالة تحذير أننا بدأنا نراقب أعمالكم في الضفة الغربية ونحن مستاؤون من التصعيد في الضفة وحتى إذا كانت هناك عمليات فردية من قبل مستوطنين أو وحدة خاصة في الجيش مبنية من الصهيونية الدينية فنحن سنراقب الأمر وسنعالج الموضوع وعلى الحكومة الإسرائيلية أن تأخذ ذلك بالحسبان، وأنه من الآن فصاعدًا يجب على الجيش مراقبة وحداته وأدائها في الضفة".

كيف يجب استثمار القرار الأمريكي؟

ويقول المحلل السياسي أمير مخول للجرمق، "يمكن أن تشكّل هذه العقوبات مادة مهمة إذا خرجت لحيز التنفيذ عبر استخدامها فلسطينيًا وعربيًا ودوليًا وجنوب إفريقيًا في محكمة العدل الدولية أو محكمة الجنايات الدولية في مساءلة ضباط جيش الاحتلال وهذا ما تخشاه إسرائيل".

ويتابع للجرمق، "أعتقد أن هذه الخطوة مهمة بقدر ما يتم استغلالها عربيًا وفلسطينيًا، ولكن إذا لم تُستغل ستذهب في مهب الريح وإذا استُغِلّت قد يكون لها نتائج مهمة خاصة أنها بينة تقبلها محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية وهذا البُعد مهم".

ويقول للجرمق، "الخطوة مهمة أن تأتي من قبل الإدارة الأمريكية مع أنه في نفس اليوم الذي أعلن فيه عن عقوبات، صادقت الولايات المتحدة الأمريكية على تمرير 26 مليار دولار كمساعدات أمريكية عسكرية لإسرائيل".

ويشير أمير مخول إلى أن، "العقوبات لها شكلين مختلفين، الأول هو أن المساعدات الأمريكية العسكرية لن تشمل هذه الوحدة، ولكن يمكن لإسرائيل أن تلتف على ذلك بعدة طرق كأن تحول ميزانيات السلطات المحلية العربية للوحدة كما يفعل سموتريتش الآن، كما يمكن أن ترفض الولايات المتحدة مشاركة الوحدة في مناورات أو تدريبات عسكرية مشتركة، أو أن تستخدم الوحدة الأسلحة من تمويل أمريكي وهذا بحد ذاته لن يضع الوحدة في وضع صعب ميدانيًا أو يوميًا ولكن إذا تم استغلال العقوبات على مستوى قانوني ودولي، سيكون له أهمية".

ومن جهته، يرى د.سليم بريك أن، "العقوبات ضد وحدة في الجيش الإسرائيلي ستظهر أكثر بشكل رمزي، فمجرد أن نقول عقوبات ضد وحدة يعني أنه سيتم معاقبتها، ولكن في نهاية المطاف لن يكون هناك عقاب مادي وإنما سيكون هامشي، فالولايات المتحدة الأمريكية تعاقب بيد وتعطي ميزانيات باليد الأخرى".

ويقول للجرمق، "من ناحية التأثير الحقيقي على أرض الواقع فلا يوجد تأثير إلا من ناحية رمزية، فالولايات المتحدة الأمريكية تريد أن تقول أنها مستاءة من أداء هذه الوحدة الخاصة التي لا تلتزم بالقوانين العامة".

أثر العقوبات على العلاقة مع الولايات المتحدة

ويشير المحلل السياسي أمير مخول إلى أن، "العقوبات لن تؤثر على العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ولكنها ستحرج إسرائيل وستضعها قيد المساءلة أمريكيًا وقد تتسع الأمور، كما أن هناك ضغوط في الولايات المتحدة وفي الحزب الديمقراطي على بايدن لاتخاذ إجراءات معينة، وهذه الوحدة كان مهم معاقبتها بهذا الشكل، ولكن في ذات الوقت هذه المرة الأولى التي يعاقب فيها جسم عسكري إسرائيلي وجزء من المنظومة العسكرية للجيش فمهما كان العقاب من المهم الإعلان عنه".

وبدوره، يقول د.سليم بريك، "الولايات المتحدة الأمريكية تريد أن ترسل رسالة للحكومة الإسرائيلية بأن الإدارة الأمريكية مستاءة من تركيبة الحكومة في إسرائيل، وأن هذه الوحدات في الجيش التي تقوم بالأعمال الإجرامية تلقى الدعم من بن غفير وسموتريتش ومن أحزابهم، وهناك وزراء في حكومة إسرائيل يؤيدون هذه الأعمال، ولذلك العقوبات رسالة أمريكية للحكومة الإسرائيلية ولقيادة الأركان بالتأكد وملاحقة الوحدات في الجيش ومراقبة عملها".

كيف ستتعامل حكومة "إسرائيل" مع العقوبات؟

ويقول المحلل السياسي أمير مخول للجرمق، "حكومة إسرائيل ليس لديها إمكانية الرد ونتنياهو كعادته توعد أنه سيدافع عن الكتيبة وسيحميها بجسده ولكن في المقابل، اعتمد على غانتس على مبدأ تقاسم الأدوار أن يتحدث الأخير مع بلينكن والإدارة الأمريكية لإلغاء هذه الخطوة ولذلك في نهاية المطاف قد تكون العقوبة لمرة واحدة أو بشكل مؤقت ولكن بداية الدخول بمعاقبة وحدة عسكرية إسرائيلية هذا بحد ذاته شأن مهم وسيُستغل وإذا تم استغلاله سيكون له أثر".

وبدوره، يقول بريك للجرمق، "سمعنا من حكومة إسرائيل ونتنياهو رفض لهذه العقوبات فالحكومة الإسرائيلية متفاجئة منها مع أن الولايات المتحدة تدرسها منذ سنتين، ولكن الآن الحكومة الإسرائيلية ونتنياهو في وضع حرج، فهو يدرك أنه أقام حكومة مركبة من أقسام فاشية ولا يستطيع التغاضي عن ذلك، ولكنه كان يرجو أن تنظر الولايات المتحدة لحكومته بنظرة متسامحة لكل ما تقوم به إسرائيل ضد الفلسطينيين ولكن على ما يبدو أن الأميركان بدأوا يضعون الخطوط الحمراء هنا وهناك حتى وإن كانت هذه الخطوط رمزية وغير كافية لكنها مقلقة في نهاية المطاف لحكومة إسرائيل".

 

 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر