هل تحاول حكومة نتنياهو حرف الأنظار عن قضية المحتجزين عبر إشغال الإسرائيليين بقضايا أخرى؟
اعتبر محللون سيا

اعتبر محللون سياسيون في أراضي 48 أن صياغة قرار عدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل الحكومة الإسرائيلية، والإعلان عن تقييد وصول المصلين للمسجد الأقصى المبارك خلال شهر رمضان المبارك هي خطوات من قبل حكومة نتنياهو لحرف الأنظار عن صفقة تبادل الأسرى وقضية المحتجزين.
وكان زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد قد أعلن أن مساعي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لحشد إجماع إسرائيلي معارض لمشروع الدولة الفلسطينية، محاولة منه لحرف النظر عن قضية المحتجزين الإسرائيليين وصفقة تبادل الأسرى.
وأمس، صادقت الحكومة الإسرائيلية على قرار رسمي صاغه نتنياهو إلى جانب عضو "كابينت الحرب" بيني غانتس بشأن معارضة الحكومة الإسرائيلية الاملاءات الدولية فيما يتعلق بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، والقرار هو، "ترفض إسرائيل جملة وتفصيلا الإملاءات الدولية في ما يتعلق بالتسوية الدائمة مع الفلسطينيين".
ويؤكد القرار أنه "لن يتم التوصل إلى مثل هذا الترتيب إلا من خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين، دون شروط مسبقة". وأضاف "ستواصل إسرائيل معارضتها للاعتراف الأحادي بالدولة الفلسطينية".
وعبّر الشريك في حكومة الطوارئ وكابينيت الحرب، رئيس معسكر الدولة، بيني غانتس، عن الموقف ذاته، خلال مشاركته في افتتاح المؤتمر السنوي "لرؤساء المنظمات اليهودية في أميركا" في القدس، أو ما يعرف بـ"مؤتمر الرؤساء"، وقال "بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر، لم تعد الإجراءات الأحادية مثل الاعتراف بالدولة الفلسطينية هي السبيل إلى الاستقرار الإقليمي والتسويات السياسية".
ويقول الكاتب والمحلل السياسي أمير مخول، "هناك مسعى من هذا النوع لحرف الأنظار، فحكومة نتنياهو غير معنية أن يتصدر موضوع الصفقة والرهائن جدول الأعمال الإسرائيلي التي لا تريدها أصلًا، إضافة إلى وجود موقف من الصفقة بالأساس، والحكومة اليوم واضح أنها أغلقت الباب على الأقل أمام التطورات السريعة لصفقة سريعة التطبيق".
ويتابع للجرمق، "نتنياهو منشغل بالحفاظ على الائتلاف الحكومي الإسرائيلي اليميني، مهما حصل، ولذلك يسعى إلى إلغاء قضية العائلات والمحتجزين، ومنع أن تكون هذه القضية أولوية، وحتى أن غانتس بدأ يتحدث بلهجة نتنياهو في لقائه مع العائلات أنه، ’سنذهب للقاهرة عندما تسمح الظروف، وهو أيضًا بذلك دخل خطاب المماطلة وهو عملية تسليم في الأمر الواقع، وهي أن قضية الأسرى ليست أولوية في حكومة إسرائيل كما السابق".
ويضيف للجرمق، "كانت قضية المحتجزين قبل نحو شهرين أو 3 أشهر أقوى والحديث عنها كان أكثر ولكنها الآن ليست أولوية فالآن يتحدثون عن اجتياح رفح مع أنها ليست ذات طابع استراتيجي بالنسبة لإسرائيل".
ويتابع، "أما حركة الاحتجاج فقد كانت قبل أشهر أقوى ونتنياهو كان محاصرًا أكثر، أما اليوم فهو محرر أكثر، من الضغوطات الدولية والضغط الأمريكي، ويقول ما يريد ولكن الأمر تتراجع بالنسبة لعائلات المحتجزين، فهم باتوا في خانة اليك وليس في حالة أمل أن أبنائهم سيتحررون قريبًا".
ويضيف مخول حول قرارات نتنياهو بما يتعلق بالصلاة في المسجد الأقصى المبارك خلال رمضان، "أعتقد أن قضية تقييد عدد المصلين في المسجد الأقصى هو استغلال للوضع القائمة، ففي الماضي كانت إسرائيل تأخذ بالحسبان أنه في حال تم التصعيد في الضفة والقدس والسجون، فإن احتمالية أن تشتعل جبهة غزة قائمة، ولكن الآن جبهة غزة في ذروة اشتعالها وإسرائيل في معركة حرب دمار شامل فيها، فأعتقد أن المسعى الإسرائيلي الآن أبعد من تقييد عدد المصلين وإنما هو محاولة لتغيير ما يسمى بالوضع القائمة في الأقصى، وإلغاء ما كان متبعًا مع الأوقاف الأردنية والفلسطينية بما يسمى الوضع القائم في المسجد الأقصى، وهناك مسعى للتغيير دون شك".
ويتابع، "بالنسبة للدولة الفلسطينية، فإن هناك إجماعا قوميًا وحكومة نتنياهو عبرت عنه في مساعيها لحرف الأنظار، فلا أحد ينوي إقامة دولة فلسطينية، لا الإدارة الأمريكية ولا الدول الكبرى، والإدارة الأمريكية لم تتحدث عن إقامة دولة فلسطينية فعليًا وإنما تحدثت عن اعتراف معين، وإسرائيل دولة احتلال تمنع الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير مصيره وتمنع القرارات الدولية، ونحن نتحدث عن إملاءات دولية وهذا غير وارد فإسرائيل تلعب دائًما دور الضحية، ولكنها هي من تملي على الفلسطينيين وتمنعهم من إقامة دولة وتُبقي على الاستيطان والتهويد والتهجير وكله دون ردع".
ويردف، "المشكلة الأكثر بأسًا ليست في مواقف نتنياهو، وإنما في مواقف من يطرحون أنفسهم كبدائل لنتنياهو وهم غانتس وأيزنكوت، الذين يطرحا نفسيهما كبديل ولكنهما يسيران في مسار نتنياهو ونتنياهو يسير في مسار يحفره بن غفير له".
ويقول للجرمق، "لذلك المشكلة أيضًا في البدائل لأنها تجعل الأمور دون أي مخرج سياسي إسرائيلي وتغلق الأفق أكثر وتشعل الصراعات على كل الجبهات".
ومن جهته، يقول المحلل السياسي فايز عباس، "قضية حرف الأنظار صحيحة، فنتنياهو أيضًا ألغى اجتماع بينه وبين عائلات المحتجزين بادعاء أنه منشغل في أمور أخرى ولكنه عمليًا لا يريد أن يلتقي مع عائلات المحتجزين لأن ذلك يشكل عليه ضغطًا فنتنياهو يرفض حتى الآن أي صفقة تقدم أو تطرح لإسرائيل، ولذلك أعتقد أن نتنياهو سيحاول جاهدًا إفشال كافة المحاولات لإتمام صفقة إلا بشروطه ولكنه حتى الآن يعمل على عدم الذهاب لصفقة، لأنه يريد أن ينهي الحرب بالانتصار الذي يدعيه".
ويتابع للجرمق، "إذا ما تم فعلًا الاتفاق على صفقة ووقف إطلاق النار لفترة طويلة زمنيًا فإن ذلك من شأنه أن يمس بنتنياهو لذا يحاول جاهدًا أن يطيل أمد الحرب من أجل بقائه في السلطة".
ويقول للجرمق، "قضية عائلات المحتجزين تؤثر على نتنياهو من الناحية العسكرية والمدنية ولذلك هو غير جدي في التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح المحتجزين وهذا الأمر أثار غضب العائلات خاصة عندما أرسل نتنياهو وفدًا إلى القاهرة للاجتماع مع الوسطاء، أمرهم بألا يقدموا مقترحات وإنما يستمعون فقط، ورفض ورفض السماح لهم بالعودة للقاهرة وهذا دليل أن نتنياهو غير معني بصفقة في هذه المرحلة من الحرب على غزة".
ويقول عباس للجرمق، "قرار نتنياهو بعدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية بشكل أحادي الجانب هو رد على الولايات المتحدة الأمريكية التي قالت إنها تدرس إمكانية الاعتراف بدولة فلسطينية إلى جانب بعض الدول الغربية وهذا رد نتنياهو على إدارة بايدن أن ما ستفعلونه غير مقبول على إسرائيل".
ويتابع، "كان من المتوقع أن يكون هناك إجماع داخل الائتلاف الحكومي الإسرائيلية حول هذه القضية لأن الأغلبية الساحقة في الحكومة من اليمين واليمين الفاشي المتعصب، والقرار غير مفاجئ ولكن لا معنى له سوى أنه شعبوي فقط حتى أن نتنياهو في قراره لم يغلق الطريق أمام المفاضوات لحل الدولتين ولكن اشترط أن يكون ذلك بموافقة إسرائيل والمفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين".
ويتابع للجرمق، "نتنياهو الآن أسير بيد بن غفير وسموتريتش ولن يجرؤ على اتخاذ أي قرار من شأنه أن يغضب بن غفير الذي يعتبر هو من يدير الحكومة في هذه الظروف والأحوال ولذلك لا أعتقد أن لهذا القرار أهمية سياسية وإنما قرار شعبوي".
ويضيف للجرمق، "هذا يدل على أن نتنياهو رغم المساعدات الرهيبة التي تقدمها إدارة بايدن لاسرائيل من سلاح وذخيرة ودعم سياسي ودعم دبلوماسي إلا أن سياسة الحكومة الاسرائيلية هي رفض أي طلب من الإدارة الأمريكية لتنفيذ أي طلب وهي ترفض كافة الطلبات التي تقدم لها من الإدارة الأمريكية".