هل الدعوة التي قدمتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل سيتمخض عنها نتائج على الأرض أم أنها فقط خطوة معنوية؟


  • الاثنين 15 يناير ,2024
هل الدعوة التي قدمتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل سيتمخض عنها نتائج على الأرض أم أنها فقط خطوة معنوية؟
توضيحية

يشير محللون سياسيون وحقوقيون إلى أن الدعوة التي قدمتها دولة جنوب إفريقيا ضد "إسرائيل" لمحكمة العدل الدولية في لاهاي بتهمة ارتكاب جرائم "الإبادة الجماعية" في قطاع غزة لها ما بعدها من تبعات قانونية وسياسية حتى لو لم يتم الاستجابة لمطالب جنوب إفريقيا بوقف إطلاق النار الفوري في قطاع غزة.

خطوة لها ما بعدها

ويقول المحامي عمر خمايسي مدير مؤسسة ميزان لحقوق الإنسان، إنه، "بقراءة قانونية مهنية بحتة، فإن الدعوة التي قدمتها جنوب أفريقيا لا يمكن الاستهانة بها، فمثل هذه الخطوة تحدث لأول مرة، بأن تقوم دولة بتقديم دعوة ضد إسرائيل بشبهات تتعلق بـ ’الإبادة الجماعية’، وفالأمر واضح أنه أحدث أضرار لإسرائيل على الساحة الدولية وأيضًا للدول الداعمة لها كالولايات المتحدة الأمريكية".

ويتابع خمايسي للجرمق، "لا أوافق الذين يصفون هذه الخطوة بأنها رمزية ومعنوية فقط لأن لها ما بعدها ولها تبعاتها، وقد يكون للمحكمة قرارات على أساس طلب إصدار أوامر احترازية طالبت بها جنوب أفريقيا أقصاها وقف الحرب الفوري على غزة".

ويضيف، "قد لا يكون هناك استجابة لمطلب جنوب أفريقيا بوقف إطلاق النار ولكن مجرد البحث بهذا القرار أمر جيد، فهناك عدة قضاة تؤخذ آراؤهم بالأغلبية وربما هناك قضاة يرون أن هناك حاجة لوقف القتل والإبادة في غزة وبالتالي تبدأ الدعوة تأخذ أبعادًا مختلفة حيث أن جنوب أفريقيا طالبت بأمور لها بعد إنساني بما يتعلق بالغذاء والأدوية والتهجير القسري الذي يتعرض له أهالي قطاع غزة والكثير من المطالبات".

ويردف حول جدوى هذه الدعوة في ظل وجود رئيسة أمريكية للمحكمة وقضاة آخرين من فرنسا وبريطانيا وألمانيا (وهي دول أعلنت دعمها لإسرائيل)، "ربما سيكون لهذه القرارات أثر على أرض الواقع، فالمحكمة لديها 15 قاضيًا ورئيستها (الأمريكية) لا تقرر عن القضاة جميعًا وكل قاضٍ له رأيه ونظرته القانونية وتحليله بحسب البينات والأدلة وليس بهذه السهولة يمكن أن نأتي ونقول إن القضاة سيذهبون كما تريد حكوماتهم، فهناك بعد سياسي ومصالح دولية ومن الممكن أن يكون هناك ضغط من قبل الحكومات ولكن القضاة لديهم استقلالية تامة ولا يخضعون لدولهم بما يتعلق بقراراتهم".

ويضيف، "هناك دول كالصين وروسيا وهناك ممثل للبنان والمغرب وهناك قضاة لا تتماشى مواقف دولهم مع المصالح الأمريكية بالنسبة للموقف من قطاع غزة ولكن كما يقال عن القاضية الأمريكية أو القضاة الفرنسيين والألمان والبريطانيين لماذا لا يقال عن القضاة من الدول المعارضة للولايات المتحدة؟".

ويوضح للجرمق، أن، "هناك بعد ونظرة قضائية وهناك بعد سياسي، وإذا كنا نريد أن نحلل سياسيًا فهناك الكثير من وجهات النظر السياسية، ولكن إن كنا نريد أن ننظر للبعد القانوني وجد أن الفريق القانوني لجنوب إفريقيا قدم أدلة وبينات دامغة تضع إسرائيل بموقف محرج وإسرائيل لم تستهين بهذه الدعوة واختارت أفضل فريق قانوني لديها".

ويتابع، "كما أن المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية أصدرت بيانات تتكلم فيها عن موقفها من تصريحات أصدرها قياديون إسرائيليون من رئيس الحكومة حتى أعضاء الكنيست واستعملها الفريق القانوني لجنوب أفريقيا للتدليل على أن هناك نية أو قصد للإبادة الجماعية في غزة حيث قالت المستشارة القضائية إنها ستحقق بهذا الموضوع بهدف توضيح أن هذه التصريحات تُفحص ولا تمثل الحكومة كسياسية وإنما هي تصريحات شخصية".

ويقول، "القضايا لدى المحكمة الدولية لا يُنظر لها كما يريد هذا القاضي أو ذاك، فإسرائيل لها قاضي في المحكمة وجنوب أفريقيا لها ممثل أيضًا وكل هؤلاء القضاة لهم موقف قانوني وكلٌ منهم يريد تعزيز موقفه".

ويتابع للجرمق، "هناك مكانة عالمية في البعد القانوني الدولي يتمتع بها كل قاضي وقاضية وهم يريدون تعزيز سيادة القانوني الدولي وأنه لا دولة فوق القانون وأعتقد أنهم حتى لو لم يحكموا بما طالبته جنوب أفريقيا فإنهم سيقومون بتعزيز مواقفهم بأبعاد قانوني وهذا خاضع لنقاش قانوني بين القضاة ومثل هذه الدعوة أعتقد أنها ستُدرس في القانون الدولي الإنساني وكل ما يتعلق بالإبادة الجماعية".

متى ستصدر المحكمة قرارها؟

ويقول المحامي عمر خمايسي، "بالنسبة لجنوب أفريقيا فقد طالبت بإصدار أوامر احترازية في الدعوة والهدف من هذا الطلب هو أن تصدر القرارات سريعا فمن المتوقع أن تصدر المحكمة أوامر احترازية خلال أسابيع قليلة ربما أسبوعين أو ثلاثة".

ويضيف للجرمق، "أما بخصوص الدعوة الأساسية فستطول وستخضع لإجراءات وبينات وشهادات شهود وقد يأخذ الملف لسنوات".

خطوة لها تداعيات ميدانية وسياسية

وبدوره، يقول الباحث في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت للجرمق، "لا شك أن الدعوة مهمة جدًا وسيترتب عليها تداعيات كثيرة بما يتعلق بكبح جماح السياسة الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني مثلما انعكس على نحو آخاذ بالحرب العدوانية التي تُشن على قطاع غزة".

ويضيف، "أنا أترقب هذه الدعوة على خلفية تداعياتها السياسية والميدانية لأن هناك مطالبة من جنوب أفريقيا بإصدار أمر وقف إطلاق نار مؤقت ومثل هذا الأمر قد يكون مؤثرًا لأن هذه المحكمة تتبع للأمم المتحدة ومجلس الأمن وقراراتها لها ثقل وازن وفي حال صدور مثل هذا القرار أعتقد أنه سيكون مهم على مستوى استقطاب المزيد من الضغط العالمي على إسرائيل لتوقف عدوانها على قطاع غزة".

ويردف، "مثل هذا الأمر سيصدر خلال الأيام المقبلة أما النتيجة النهائية ستستغرق سنوات طويلة ولكن مجرد طرحها أمام هذه الهيئة الدولية خطوة مهمة لأنها أثارت تعاطف الرأي العام العالمي مع الشعب الفلسطينية والقضية".

ويقول، "ثانيًا لأنها أيضًا تسببت بإحراج للحكومة الإسرائيلية ولإسرائيل عمومًا بكل ما يتعلق بسياستها تجاه غزة والقضية الفلسطينية، كما أن هذه الدعوة بالإضافة لكل ما يجري في غزة فقد كانت سببًا لإعادة القضية الفلسطينية لصدارة الاهتمام العالمي بعد أن تهيّأ للبعض أن القضية هُمشّت بالكامل ويمكن أن تُهمش أكثر فأكثر".

ويوضح، "من الصعب تقدير نتيجة أو قرار المحكمة لأن تركيبة القضاة متعددة من 15 قاضيًا وقاضية حتى لو كانت رئيسة المحكمة أمريكية ولكن من الصعب تقدير القرار الذي ستصدره المحكمة".

ويؤكد شلحت على أن، "هناك جدوى كبيرة من هذه الدعوة بغض النظر عن النتيجة النهائية فسواء أصدرت المحكمة قرارًا بوقف إطلاق النار أم لم يصدر وسواء قبلت المحكمة الدعوة أم لم تقبلها بعد أعوام، هناكجدوى معنوية للشعب الفلسطيني من هذه الدعوة وستؤدي لإحداث تحوّل على الصعيد الدولي أنه لأول مرة هناك دعوة ضد إسرائيل بمحكمة دولية وهناك انقسام بين مؤيد ومعارض للدعوة فهذا يشكل ورقة ضاغطة على إسرائيل وورقة داعمة فلسطين".

 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر