إلى أي مدى سيتسع رد "حزب الله" على عملية اغتيال العاروري في ضاحية بيروت الجنوبية؟

قال مسؤول أمني إسرائيلي رفيع المستوى بحسب موقع"واللا" العبري إن "إسرائيل" تستعد لـ "رد قوي وشديد" من قبل حزب الله اللبناني على اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري في قصف استهدف مكتبًا للحركة في منطقة المشرفية في ضاحية بيروت الجنوبية.
واستشهد بالأمس صالح العاروري القيادي بحركة حماس إلى جانب 6 شهداء من كوادر الحركة ارتقوا جراء قصف طائرة مسيّرة مكتب الحركة في حي المشرفية بالضاحية الجنوبية في العاصمة اللبنانية بيروت.
ويتوقع محللون سياسيون في أراضي48 أن الرد على عملية اغتيال العاروري سيكون محدودًا ولكن قد تطور الأمور وتتدحرج لتصل لحرب شاملة ولكن يبقى هذا الاحتمال ضعيفًا بحسب ما يقول محللون للجرمق الإخباري.
الاحتمالات مفتوحة
ويقول الكاتب والباحث أنطوان شلحت في حديث للجرمق إن الرد على اغتيال العاروري، "أمر مطروح ووارد، والتهديد به يعني تفكير بأن هذا الاحتمال وارد ولكن نسبة تحقيقه من عدمها غير واضحة وصعب توقعها".
ويتابع، "أي رد من حزب الله سيجره رد أعنف من إسرائيل، وهذا يمكن أن يتسبب بتوسيع الحرب من غزة للجبهة الشمالية فالوضع حساس وحرج، وحتى الآن ما نستطيع أن نستشفه مما يُنشر أن هناك استعداد بأن هناك رد سيكون من حزب الله، وإسرائيل أعلنت جهوزيتها ورفع حالة التأهب لدى قواتها للدرجة القصوى استنادًا إلى تهديد حزب الله قبل شهور".
ويوضح للجرمق أن، "إسرائيل أرادت من خلال عملية الاغتيال أن يتسع نطاق الحرب وأن تتدخل الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب"، مضيفًا، "إسرائيل تتبع في الشمال خطوات من شأنها أن تؤدي لتوسيع الحرب على الجبهة الشمالية على أمل أن تجر الولايات المتحدة الأمريكية لها وهي تعتقد أنها لا تحقق في غزة الأهداف التي وضعتها الحكومة وتظن أن توسيع القتال على الجبهة الشمالية سيزيد من حظوظ الوصول لإنجازات عسكرية وستتضح الصورة خلال الأيام المقبلة".
ويقول للجرمق، إن، التحليلات التي تتحدث عن عملية الاغتيال تعيد للإذهان تصريح حسن نصرالله قبل شهور أن أي عملية اغتيال ستقابل برد عنيف ويؤكدون على هذا بالرد الأولي لحزب الله أي (بيان الحزب) الذي جاء فيه أن عملية الاغتيال خطيرة وتعد انتهاكًا لسيادة لبنان بمعنى أن الحزب يرى بأن الاغتيال انتهك سيادة لبنان ويرى أن من حقه الرد على هذا الأمر بعنف أكبر".
ويضيف للجرمق، "كل الاحتمالات حول الرد على الاغتيال مفتوحة، وواردة، والأمور قد تتدحرج ولكن حتى الآن لا يوجد مؤشرات قوية أن الأمور ستتطور لحرب شاملة ولكن لا أحد يستطيع أن يُقدّر لأن أي ’خطأ’ سيرتكب في سياق عمليات تبادل إطلاق النار على الجبهة الشمالية قد يُحول العمليات لحرب كبيرة".
ومن جهته، يقول الكاتب والمحلل السياسي أمير مخول إن، "عملية الاغنيال ضربة نوعية محكمة بنوع اختيار الشخصية واختيار السياق والموقع، وبهذا المفهوم ترى إسرائيل أن عملية الاغتيال رادعة لحركة حماس حيث تعتبر أن حماس مركبة من أفراد وليست منظومة، وكأن عملية اغتيال شخص قد تؤدي المهمة".
ويتابع للجرمق، "تعتبر إسرائيل أن عملية اغتيال العاروري ستكون رادع لحزب الله لأنها وقعت في لبنان في الضاحية الجنوبية أي في عقر داره، كما أن ستردع المنطقة بحسب تصوّر إسرائيل".
ويضيف، "يبدو أن هناك دوافع سياسية للاغتيال لأن ذلك جاء بالتزامن مع بدء الانسحاب الأمريكي من البحر المتوسط ويبدو أن هناك من يسعى لمنع إنجاز هذه المهمة والإبقاء عليها".
ويردف، "هناك صراع إسرائيلي داخلي حول طبيعة المعركة والأولويات والتحول إلى تشديد الأولوية على الجبهة الشمالية بعد تغيير أسلوب الحرب في غزة، وإسرائيل تعتقد أن حزب الله فقد بعد 7 من أكتوبر على الجبهة الشمالية قوة المباغتة ولذلك فإن إسرائيل بجهوزية أفضل منه بحسب تقديراتها".
ويوضح أن هناك، "مسعى لوزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت بالتصعيد على الجبهة الشمالية ومن سيحصد هذه النتيجة السياسية للعملية هو نتنياهو كونه رئيس الحكومة ويعرف كيف يحصد نتائج هذه العمليات".
ويقول للجرمق، "من الصعب بمكان أن نرى أنه سيكون هناك حربًا شاملة على الحدود اللبنانية ولو قرأنا تصريحات الناطق باسم الجيش الإسرائيلي الذي قال إن إسرائيل تستهدف حماس وفقط حماس وشدد على ذلك"، مشيرًا إلى أن، "الإعلام الإسرائيلي نام على صورة انتصار وأفاق على صورة قلق لأنه لم يحصل أي رد فعل وهذا يعني أن يكون هناك احتمالية لرد فعل قد يرقى للتقديرات الإسرائيلية".
ويضيف، "قد تتدحرج الأمور لتصل لحرب ولكن الاحتمال الأكبر هو عدم تحولها لحرب مفتوحة من حيث طبيعة الحرب الشاملة من حيث المدى والوقت ولكن قد نشهد تصعيدًا نوعيًا في حالة الحرب أكبر مما هي عليها الآن وقد يكون هناك محاولات لإيلام إسرائيل ولكن هذا لن يكون سبب كافي لاندلاع الحرب رغم ما في عملية الاغتيال من صورة انتصار وإنجاز إسرائيلي وتحقيق أهداف، لأن لعاروري كان يجمع في شخصيته عدة مواصفات قلما توجد فيها شخصية فلسطينية كموضوع التحول والبعد الوحدوي فلسطينيًا وعربيًا وإقليميًا وموضوع المصالحة مع كافة المحاور العربية مثل الخليج وقطر ومصر وسوريا ولبنان وحزب الله، وإقليميًا كإيران، وهذه كلها كانت في تصنيف الشخصيات المرشحة للاغتيال مواصفات مستهدفة وهذا ما حدث".
ويختم مخول حديثه للجرمق، "من الممكن أن تؤدي عملية الاغتيال لحرب واسعة ولكن الاحتمال الأكبر بأنه لن تكون هناك حرب شاملة على الحدود الشمالية ولن تتسع الحرب على الجبهة الشمالية أكثر مما هي عليه".
وبدوره، يقول البروفيسور في العلوم السياسية إبراهيم إبو جابر للجرمق، "العديد من القيادات والشخصيات اغتيلت وانطلقت بعدها وعود وتهديدات للرد على عملية الاغتيال ولكن لم ترتق النتائج لمستوى التهديد، وإسرائيل صعدت الموقف وهي دائمًا تحاول أن تبث فكرة الانتقام والتأهب على مستوى الجبهة الداخلية ولكن الرد تتوقعه توقعًا".
ويضيف للجرمق، "اغتيل العديد من القادة والمسؤولين ولم يحصل شيء يصل لمستوى توقعات إسرائيل أو بعض الأطراف العربية وقد تمر عملية الاغتيال هذه كما مرت عمليات اغتيال شخصيات كبرى أخرى غيرها وفي المقابل سيستمر الطرف الإسرائيلي بعمليات الاغتيال كما ذكر نتنياهو".
وردًا على سؤال أن عملية اغتيال العاروري وقعت عبر قصف في بيروت التي تقصف لأول مرة منذ عام 2006، يقول أبو جابر، "لأول مرة تضرب الضاحية الجنوبية في بيروت وهي معقل حزب الله ولكن لاحظنا في الآونة الأخيرة أنه رغم تهديدات حزب الله بتوجيه ضربات إلا أن السفن الأمريكية الموجودة قبالة سواحل فلسطين ولبنان جعلت من مستوى التوقعات منخفض جدًا ولم يحصل ما توقعه البعض فالوجود الأمريكي بكثافة في منطقة الشرق الأوسط والبحر المتوسط والبحر الأحمر سيحد من ردة فعل حزب الله وغيره".
ويردف، "إسرائيل تعيش في ظل الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، وأتوقع أن تستمر العمليات على الجبهة الشمالية كحرب مشاغلة فالرسالة وصلت منذ 7 من أكتوبر لطهران وبيروت وحزب الله بأن لا يتدخلوا وما يحصل الآن على الحدود هو مشاغلة فقط بناء على قواعد الاشتباك وقصف مقابل قصفد ولن يتطور لحرب شاملة وإن تطور يعني أن الضاحية الجنوبية ستقصف وستسوى بالأرض".