ما هو قانون ذريعة "عدم المعقولية" الذي اشتعلت البلاد بعد المصادقة على تقليصه بالقراءة الأولى؟

صادقت الهيئة العامة للكنيست الإسرائيلي ليلة الإثنين-الثلاثاء بالقراءة الأولى على مشروع قانون يقلص ذريعة "عدم المعقولية" الذي يهدف للحد من صلاحيات المحكمة العليا الإسرائيلية ويمنعها من التدخل في قرارات الحكومة الإسرائيلية، حيث يعد هذا القانون جزءًا من التعديلات القضائية التي تقودها حكومة بنيامين نتنياهو.
وذريعة عدم المعقولية تلجأ المحكمة العليا الإسرائيلية لاستخدامها لإبطال قرارات تتخذها الحكومة الإسرائيلية بذريعة عدم معقوليتها قانونيًا ودستوريًا.
ما هي "ذريعة عدم المعقولية"؟
ويقول المحلل السياسي أليف صباغ في حديثٍ خاص مع الجرمق: "مبدأ عدم المعقولية تستخدمه المحكمة العليا عندما يقوم الكنيست بسن قوانين تتنافى مع أسس الديمقراطية أو تتنافى مع قانون من قوانين الأساس، وتستخدمة المحكمة العليا أيضًا عندما يقوم وزير أو موظف كبير أو حتى موظف صغير بتفسير القانون بما لا يتلاءم مع المعقولية ومع تفسير المحكمة العليا للقانون، وتستخدمه أيضًا ضد أي رئيس سلطة محلية يقوم بتفسير القوانين على هواه عندها يقدم المواطن التماسًا بحجة أن هذا التفسير غير معقول".
ويتابع، "إذا سن قانون قبل 30 عامًا مثلًا ولم يعد هذا القانون يتلاءم مع التغيرات الحاصلة ومع القوانين الأخرى تأتي المحكمة العليا وتقول إن التفسير الجاف للقانون الذي سن قبل 30 عامًا ليس معقولًا في الوقت الحاضر لذلك لا بد أن تكون مرن في تفسير القانون والإجراءات الصادرة بخصوصه، هذا المبدأ لا تريده الكنيست اليمينية المتطرفة".
ويردف، "الكنيست يريد أن تكون المحكمة العليا تابعة ولا تفسر القوانين ولا تعطي رأيها في القوانين ولا تعارض القوانين، وصاحب المسؤولية في تشريع القوانين هو الكنيست والمحكمة العليا تقول إن الكنيست يمكن أن يوصل البلد إلى الديكتاتورية عبر سن القوانين اللاديمقراطية، لذلك لا بد من هيئة مراقبة على الهيئة التشريعية".
ويضيف، "في حال منعت المحكمة العليا من استخدام اللامعقولية فإن الكنيست سيسن القوانين اليمينية المتطرفة المعادية للديمقراطية وسيتخذ إجراءات ضد الموظفين الكبار لا تستطيع المحكمة الاعتراض عليها، الحلول الوسط التي وصلت إليها لجنة الدستور تقول إن مبدأ اللامعقولية يطبق على السلطات المحلية ولا يطبق على الحكومة والوزارات".
ويقول صبغ لـ الجرمق: "إذا ما أقر حتى هذا القانون الوسطي الذي عرضته لجنة الدستور والقانون في الكنيست عمليًا سيصبح الكنيست حر في تشريع كل قانون وهذا يعني أن مبدأ آخر سينهار هو مبدأ الغلبة".
ويضيف، "هذا المبدأ الذي يقول لمن الغلبة؟ للكنيست؟ أم للمحكمة العليا؟ سينهار بتحرير الكنيست من مراقبة المحكمة العليا، وعمليًا يستطيع الكنيست أن تشرع كل قانون دون أن تستطيع المحكمة العليا رفضه".
ويتابع، "هنا يأتي مبدأ الغلبة، بمعنى أنه في حال أقر المبدأ الأول، هذا المبدأ سينهار، إقرار قانون تحرير الكنيست من ذريعة اللامعقولية سيكون حجر الأساس أمام انهيار المحكمة العليا أمام الكنيست والحكومة الإسرائيلية".
إلى أي حد قد يتمادى "نتنياهو"؟
ويقول صباغ: "نتنياهو مستعد أن يذهب إلى أبعد حد ومستعد أن يتراجع، لكنه يريد مقابل، المقابل الذي يريده ولا يفصح عنه، هو إلغاء ملفاته في المحاكم الإسرائيلية، إذا ألغيت الملفات سيتراجع، وإذا ألغيت يستطيع في مثل هذه الحالة أن يأخذ غانتس إلى حكومته بدلًا من بن غفير وسموتريتش وهذا أيضًا مطلب، وإذا لم تلغى الملفات سيبقى مع بن غفير وسموتريتش".
ويضيف، "من الصعب أن ينضم بيني غانتس إلى حكومة نتنياهو في الوقت الحالي، وذلك لأن غانتس في الوقت الحالي يكسب شعبية تنافس نتنياهو، وإذا انضم إلى حكومة نتنياهو في حالة الملفات المفتوحة على نتنياهو سيخسر شعبيته، لذلك من الصعب أن ينضم غانتس إلى حكومة نتنياهو".
"انهيار حكومة نتنياهو"..
ويتابع صباغ، "احتمال آخر مفاجئ وهو أن تنهار حكومة نتنياهو وأن يشكل أحد أعضاء الليكود الحكومة عندها قد ينضم غانتس وساعر ولبيد وليبرمان إلى حكومة يمينية متطرفة يمكن أن تصل إلى 80 عضو وهذه حكومة ليست أقل خطرًا من حكومة نتنياهو على الشعب الفلسطيني".
لماذا يرفض الإسرائيليون إلغاء "عدم المعقولية"؟
ويقول المحلل السياسي فايز عباس لـ الجرمق: "هذه الحكومة تحاول منع المحكمة العليا الإسرائيلية من التدخل في قراراتها، مثل تعيين وزير فاسد كما حدث مع درعي المدان في المحكمة التي ألغت تعينه كوزير للداخلية والصحة، هذا يعني أنه في حال إلغاء ذريعة عدم المعقولية المحكمة لن تستطيع التدخل في أي قرارات حكومية حتى لو لم تكن منطقية".
ويضيف، "وبإمكان رئيس الحكومة أو أي وزير تعيين من يريد ومتى يريد حتى لو كان مجرمًا ومدانًا، وهذا يعني أن إلغاء ذريعة عدم المعقولية يعطي الحكومة القدرة على التصرف دون رقابة من المحكمة العليا".
ويتابع، "إلغاء مبدأ عدم المعقولية يعني أن تتصرف الحكومة كما تريد وكما تراه مناسبًا لأنه لن يكون هناك مراقب على عمل هذه الحكومة وهذا يعني أمور كثيرة أخرى في الحياة السياسية والقضائية الإسرائيلية".
ويردف، "حتى الآن يوجد الكثير من ضباط الاحتياط والطيارين ممن يهددون بترك الخدمة في حال إلغاء ذريعة عدم المعقولية، حتى الآن هذه تهديدات، لأنه المشروع لم يمر بعد، هو جرى التصويت عليه فقط في لجنة الدستور والقانون، لكنه لم يقر بعد في الكنيست،غدًا سيتم التصويت عليه، وهم يهددون في حال أقر بالقراءة الأولى سيمتنعون عن الخدمة في الاحتياط وهناك الآلاف ممن وقعوا على وثيقة بعدم الخدمة في الجيش في حال أقرت هذه القوانين".
ويردف، "في حال ترك الجنود الذين يهددون الخدمة العسكرية، إسرائيل ستفقد قوتها الأساسية في حالة حدوث حرب أو في حال حدوث أي توتر أمني على الحدود خاصة مع لبنان".
شل للحركة وإضراب عام..
ويتابع عباس في حديثه مع الجرمق، "أتوقع أن يتم شل حركة إسرائيل وتسكيرها والإعلان عن إضراب عام في حال أقر القانون بالقراءة الأولى، الشرطة الإسرائيلية ستتصرف بعنف معهم خاصة وأن وزير الأمن القومي بن غفير أصدر تعلميات بالضرب بيد من حديد فيما لو أغلقوا الشوارع ورفضوا الانصياع لأوامر الشرطة".
وختم بالقول: "الأزمة ستزداد داخل المجتمع الإسرائيلي وستتحول إلى أزمة عنيفة جدًا بين مؤيد ومعارض لنتنياهو وسياسته الديكتاتورية".